1192313
1192313
مرايا

النجاح قد لا يحتاج إلى عينين - خميس الصلتي: خُلقنا لنختلف فلو تشابهت الحياة لأصبحت يائسة قانطة

20 ديسمبر 2017
20 ديسمبر 2017

حوار- خديجة الحاتمية -

حكي عن حكيم عربي قال: «ليس للحياة قيمة إلا إذا وجدنا فيها شيئاً نناضل من أجله». خميس خرج إلى الحياة بتحديات ملحوظة، ناضل، وضع رسالته، خطط لرؤيته، وصل إلى حالته الجوهرية، وهذا هو تجدونه محلقاً في سماوات الإبداع. خميس الذي لم يرَ النور منذ أن كان في الخامسة من عمره، فما كان منه إلا أن يطرح مشاعره هنا بعيداً عما فقده من نعمة البصر، فاتخذ من بصيرته مسلكاً وطريقاً، وكانت هي النور لظلامه الأبدي. فقد النظر لكنه لم يفقد الروح فالتمس فيها الإحساس النابض بكل ما حوله، ومؤكداً أنه يصور الحياة بصور تفوق وصف المبصر. وما أكثر المبصرين الذين عموا البصائر فضلوا عن السبيل! خميس صاحب الشخصية الإيجابية الذي يردد دائماً على مسامع الجميع» أنا الكفيفُ أُنادي في مسامعكم.. ألكم طموحٌ وإصرارٌ كإصراري؟»

• سطور من السيرة الذاتية يرويها لنا خميس بن سالم الصلتي، موضحا: ولدت في ولاية صور وحالياً من سكان محافظة مسقط، وكنت طفلا فضوليا، وقد فقدت بصري في الخامسة من عمري بسبب حادث منزلي، لكنني بعزيمتي تخرجت بشهادة الدبلوم العام من معهد عمر بن الخطاب للمكفوفين، كما تخرجت بشهادة البكالوريوس من جامعة السلطان قابوس، كلية الآداب والعلوم الاجتماعية، تخصص التاريخ.

• فيم كان يختلف الطفل خميس عن باقي أقرانه في مرحلة استغلاله لوقته؟

تتشابه الأوقات لدى الأغلب ولكن لا أقولها غروراً وإنما مستنداً على القاعدة القرآنية «وأما بنعمة ربك فحدث» فمن هذه النعم، هي شغف المعرفة التي كساني الله بها: بالقراءة، بالاطلاع، بالسؤال، بالاستعانة بأحدهم، بالمشاركات، فغالبا ما يكون وقتي مرتكز على ركيزة المعرفة.

• صف لنا حياتك في الظلام؟

«حياةُ الظلامِ جداً جميلة، تمنعكُ من رؤية جمالٍ لتخلقَ أنتَ جمالٍ بخيالكَ الخاص، كأن تمضي بقية سنينك في بطن أمك، لم تلوثكَ الحياة وبقيت طاهراً من نجاستها». هكذا وصف لنا خميس حياته في الظلام فهي جميلة بكل تفاصيلها التي يعيشها مع أسرته، أصدقائه ومحبيه، مع طموحاته وإنجازاته التي حققها والتي يسعى إلى تحقيقها.

• علمنا أن خميس من عشاق القراءة والكتابة، كيف وفقت بينهما وأنت لا ترى؟

كثيراً ما يُسأل هذا السؤال للقرّاء والمطلعين؛ فتكون الإجابة (أقرأ لأن حياة واحدة لا تكفيني) بالنسبة لي حياة واحدة تكفيني، فأنا أعيشها بالطريقة التي أريدها، لذلك أنا سعيد بها، ولكن أقرأ لأن المجتمعات تصنعنا جميعاً في قالب متشابه، جميعنا نتشابه محملين بصناعة المجتمع: من خرافات، وعلوم مغلوطة. فأقرأ لأنسلخ بالجلد المعرفي الذي يميزني عن باقي شرائح المجتمع بالبصيرة والمعرفة النقية بعيداً عن القوالب التقليدية المجتمعية.

• حدثنا عن إنجازاتك على الصعيدين الداخلي والخارجي؟

رئيس مجموعة إبداع البصيرة بجامعة السلطان قابوس وهي مجموعة تطوعية متعلقة بقضايا ذوي الإعاقة البصرية، قمت فيها بتقديم العديد من الفعاليات والأنشطة المختلفة التي تخدم هذه الفئة، حيث حصلت المجموعة على لقب أفضل مجموعة طلابية بكلية الآداب، كما حصلت على المركز الأول في معرض مسقط للكتاب، والمركز الثالث بمسابقة كأس عمادة شؤون الطلبة للعمل التطوعي الطلابي.

كما تم تكريمي في حفل المجدين بالأنشطة الطلابية بجامعة السلطان قابوس، وكذلك تم تكريمي من قبل اللجنة الوطنية للشباب في احتفالية يوم الشباب العماني.

إلى جانب الفوز بالمركز الأول في بطولة كرة الهدف الجامعية، والفوز بالمركز الثاني في البطولة الخليجية لكرة الهدف للمكفوفين، وكنت ممثل جامعة السلطان قابوس في مؤتمر (قادرون) بدولة الأمارات العربية المتحدة، ومدير قسم التسويق للشركة الطلابية (وشق) في جامعة السلطان قابوس.

أيضا إيجاد شراكة بين مجموعة إبداع البصيرة ومطعم بريستا كافيه الذي تبنى فكرة تطبيق مشروع مطعم الظلام الدامس لأول مرة على أرض السلطنة.

• ما السر الذي جعلك متفرداً بتميزك رغم فقدك لبصرك؟

أوصتني أمي أن أبذلَ الكثير، حتى لو أنَّ نفسي لم يكلف لها المزيد، كنتُ دائماً ما أنسى أني فقدتُ بصري، فذلك حد والحدود لا جدوى لها.

• من الذي أخذ بيد خميس ليصل إلى سلم النجاح؟

حقيقةً الأشخاص لا يحصون ولا يعدون، كلٌ كان كدرجةِ سُلم، أحدهم يأخذني للأعلى والآخر للأسفل، أهلي وأصدقائي كانوا أعظمَ ما يمكن، فالحمد لله عليهم.

• ماذا تعني كلمة خريج لخميس؟

بالنسبة لي، أعتقد بأن كلمة خريج في معناها الحقيقي لا تليق بي، فأنا كُوُنت في هذا الصرح العلمي، وارتسمت أبعاد شخصيتي فيه، فمن الإجحاف أن أتخرّج منه شكلاً أو مضموناً، ولكن هكذا الحياة، تدور وتدور حتى تلقي بك في محطة تلو الأخرى. وحتماً ستبقى الجامعة محطة كانت هي الفارق الوحيد في أن يكون خميس بالشكل الذي لطالما طمح أن يكونه، أتخرج لأنتمي ثانية، أنهي دراستي فيها، لأبدأ حياة منهجية على الخطى الجامعي الذي رُسم خلالها.

• إذا قدر الله وأعاد لك بصرك ما الذي تود أن تراه أولاً؟ ولماذا؟

(وجه أمي) أسرني صوتها، وهمت بملمس يديها، ولولا خوفي من دائرة الشرك لقلت إنني قد أصل لدرجة العبودية. فأي شوق أعظم من هذا لرجل يعيش كل هذه الحالات. آه يا أمي، قد حرمت لذة النظر إلى وجهك، ولكن لم أحرم لأني أتلذذ بصوتك، بملمس يديك، بهمس دعائكِ.

• لماذا ينتابك شعور بأنك مختلف؟

خُلقنا لنختلف، ولو أننا تشابهنا لتشابهت المجتمعات، وتشابهت الحياة بدورها، فأصبحت يائسة قاطنة.الاختلاف شعور، وإن لم ينتاب المرء لأصبح في حالة لا أسطع تشخيصها، ولطالما حاولت الوصول إلى شعور الاختلاف وحالته وجوهره، وأنا اليوم أجني ثمار ذلك الاختلاف والتميز. الاختلاف ليس شكلاً وحسب، بل تفكيراً ومنهاجاً وروتيناً حياتياً.

• ما هي طموحات خميس المستقبلية؟

أدرك تماماً أن المستقبل المُشرق والغد الجميل لا يأتي محض صدفة، فالمستقبل تبذره الطموحات، وتسقيه روح الإصرار، وأدرك أن هذا العالم يتسع لكل الناجحين بالغاً ما بلغ عددهم، فاجتهدت لرسم هذا المستقبل، ووضعت الخطط اللازمة، ورسمت الطريق المُراد لتحقيقه، ومن هذه الطموحات: أن أكون باحث تاريخي ذا صيت دولي، وتأسيس مركز متخصص لتمكين وتطوير ذوي الإعاقة، إضافة على ذلك إيماني العميق أن صناعة التغيير في المجتمع يحتاج إلى أناس أمثالنا نحن، فوضعت السعي نحو التغيير أحد هذه الطموحات، ومستقبل خميس ما زالَ يُبنى للآن، يوجد الكثير والطموحات لا يحدها حد، فقط كوني شخصاً مؤثراً ذلك أبلغ وأعمق.

ختاماً وجه خميس رسالة إلى جيل شبابه فقال: حياتنا قصيرة، قصيرة جداً، ولن نُمنح غيرها إطلاقاً، فلنعش بالطريقة التي نريد، نعشها بجمالها، بروعتها، نترك أثراً، نضع بصمة، نوجد تغييراً، نرسم بأحلامنا جسور الأمل لنعبر بها إلى حدائق المجد، ونرسو بمجاديف الطموح على مرفأ العظمة، وتأكد إن لم تزد على الدنيا شيئا كن على يقين بأنك ستصبح حملاً زائداً عليها.