1198196
1198196
المنوعات

مهرجان المسرح العماني السابع يبدأ المنافسة مع «الرستاق» المسرحية

19 ديسمبر 2017
19 ديسمبر 2017

ضيوف المهرجان يزورون دار الأوبرا السلطانية -

صحارـ عامر بن عبدالله الانصاري -

انطلقت مساء أمس الأول الاثنين أولى منافسات الفرق الثمانية المتأهلة لمهرجان المسرح العماني السابع، والذي يقام بولاية صحار، حيث قدمت فرقة الرستاق المسرحية عملا بعنوان «قرية برمودا»، من إخراج خالد الضوياني، ومن إعداد الدكتور السوري عجاج سليم، وذلك عن نص «عائلة التوت» للكاتب اسطفان اوركيني.

ورعى العرض المكرم السيد الدكتور سعيد بن سلطان بن حمود البوسعيدي عضو مجلس الدولة.

تدور أحداث المسرحية في قرية معزولة عن العالم الخارجي بحكم الموقع الجغرافي الغريب الذي لا يصل إليه أثير الإذاعات ولا شبكات الهاتف ولا حتى مدى الأقمار الاصطناعية، فلا إنترنت ولا تلفاز ولا إذاعة ولا حتى هواتف نقالة فيها ولا يربطها بالعالم الخارجي سوى عامل بشري وحيد فقط، وهو ساعي البريد.

امتلك ساعي البريد زمام أخبار البلد الخارجة منها والواردة إليها، ما أعطاه -في وجهة نظره النبيلة- الحق في فتح الرسائل الواردة للقرية، فإن كان مضمونها مفرحًا وعاديًا أوصلها، وإن كانت أخبارها محزنة ومخزية احتفظ بها لنفسه وكتمها في داخله وعاش وحيدًا خزن المعلومة وخزن تلك الأخبار، مخفيًا تعابيره عن أهل القرية وكذلك الرسالة، بهدف أن يعيش أهل القرية في سكون وطمأنينة بعيدا عن الأحزان.

تعيش عائلة «سالم» في تلك القرية النائية مع عدد من العوائل المتقاربين بالود والاخوة والاهتمام، وهي عائلة تفتقد ولدها الذي يعمل جنديًا في جيش بلاده حيث تخوض البلاد حربًا قاسيةً.

يحمل ساعي البريد رسالة مفادها أن قائدًا عسكريًا سيزور القرية، ولحسن المصادفة هذا القائد هو المشرف المباشر على «سالم»، فتقرر عائلة «سالم» والعوائل الأخرى استقبال القائد بحفاوة حتى يكسبون وده وينقل ولدهم من الجبهة القتالية إلى مقر أكثر أمنًا.

تعيش القرية مع القائد حياة بائسة، تملؤها المجاملات والرضا والانصياع لأوامره، حيث كان القائد متسلطا ويصدر الأوامر ويتدخل في كل شيء صغيرًا كان أو كبيرًا.

تدور الأحداث، إلى أن يقرر القائد، قبيل انتهاء إجازته، نقل «سالم» من الجبهة القتالية إلى مقر القيادة البعيد عن الحرب والمواجهات، تتنفس العائلة الصعداء بهذا الوعد، وبذهاب القائد عنها.

يذهب القائد، وتتلقى العائلة خبر وفاة ابنهم «سالم»، حيث صارع ساعي البريد صراعا داخليا بنقل الخبر أو بتركه، وآثر على نفسه تبليغ الأمانة، فتمتلئ الأحزان في القرية ويسود الظلام.

ولأسباب طارئة، يقرر القائد العودة إلى القرية وتمديد فترة إجازته، ولكنه لم يجد القرية وأهلها على السجية نفسها.

رافق العمل الفنان يعقوب الحراصي عازف العود، من خلال تقديم وصلات موسيقية صاحبت العرض.

الجلسة التعقيبية

أعقب العرض المسرحي، جلسة نقدية تحدث فيها المخرج المسرحي عبدالغفور بن أحمد البلوشي، ومخرج العمل خالد الضوياني، وأدار الجلسة الممثل والمخرج سعود الخنجري.

بدأ عبدالغفور البلوشي الحديث بقوله: «العمل الذي رأيناه اليوم، مقتبس عن رواية «عائلة التوت»، وتم ترجمته لعمل مسرحي، وتم تقديمه عدة مرات بقراءات مختلفة، ومنها ما تم تقديمه في السلطنة سابقا، وقدم العمل آنذاك الدكتور خالد بن عبدالرحيم الزدجالي وأعطاها مسمى «المياشين» ومثل الأدوار الرئيسية فيها المرحوم الفنان سالم بهوان والفنانة شمعة محمد ومهران البرواني والفنانة سميرة الوهيبية والفنان إبراهيم القاسمي وغيرهم، وكذلك تم عرضه في العراق وقدمتها كلية الفنون الجميلة، كما قدمت في جمهورية مصر، والآن الدكتور عجاج أعدها وعنونها تحت اسم «برمودا» ذلك المثلث المرعب، حيث الداخل إليه مفقود والخارج عنه مولود، حاول الدكتور عجاج تقديم قراءته الخاصة للنص الذي قدم عشرات المرات في مسارح العالم، وفي مسارح الوطن العربي لما فيه من عمق إنساني يمس كل المجتمعات التي تبتلى بالحروب».

وأضاف: «يعد النص غنيا بالدلالات الفكرية والفنية لتنوع شخصيات النص وتركيبتها النفسية أن يركز على القرية الهادئة الوديعة في ظاهرها التي تسكنها العائلة المعنية التي تحولت إلى عائلة سالم بدلًا من توت، الحرب لا تُخلف فقط الخسائر المادية والبشرية للأمم، لكنها والأهم تُخلف أنظمة لا تصلح لأن تكون على رأس أي من الدول، وكذلك شعوبًا خائفة مرعوبة لا تشعر بالحرية أو بآدميتها، وتقع أحداث المسرحية في منزل بإحدى القرى المجرية أثناء الحرب العالمية الثانية.. ‏البيت تسكن به عائلة توت العامل كقائد فرقة مطافئ، رجل يعيش من أجل نفسه وأسرته، وهو رب عائلة مخلص يعشق الراحة والكسل، يعيش وزوجته وابنته في ظروف الحرب العالمية الثانية لكن الأسرة بعيدة عنها وعن أجوائها والرابط الوحيد بين الحرب والعائلة هو الابن الذي يخدم في الجبهة، تنتظر الأسرة بفارغ الصبر عودة الابن الذي تحمله الأسرة كل آمالها وأحلامها، خوف وقلق من عدم عودته هو ما يسيطر على أجواء هذه العائلة التي تعيش في قرية يحيطها سكون الطبيعة والهدوء الممل، تتلقى العائلة رسالة من الابن يخبرها بقيام قائد كتيبته الجنرال بزيارة القرية في إجازة من العمل للراحة من الضغط النفسي الذي يتعرض في الجبهة، ورغبة الابن في التقرب من الجنرال جعلته يقترح عليه النزول ضيفًا عند أهله منذ وصول هذه الرسالة تبدأ التحضيرات من قبلهم لاستقبال الجنرال، يصل الجنرال أخيرا فيكون بمثابة الزلزال الذي يقلب حياة الأسرة رأسًا على عقب، فالهدوء والوداعة التي تعيش فيها الأسرة يحولها الجنرال إلى صخب وقلق واضطراب فالخوف الذي يبثه وجود الجنرال وصوته وأوامره يحول الأب وزوجته إلى مستعبَدين ينفذان أوامر الجنرال ويخضعان لعقده ورغباته، ورغم أن الأب يتمتع بشخصية ممتلئة بالكبرياء يستطيع الجنرال تقزيم شخصيته وحصارها لتكون مكنة تنفذ رغبات الجنرال، و بينما العائلة هنا في صراع صامت مع السطوة العسكرية التي طغت على البيت، يكون الابن الشاب قد قتل في الجبهة وربما هو يرقد بصمت في أحد القبور المجهولة البعيدة».

وحول عمل المخرج أشار عبدالغفور البلوشي: «لجأ المخرج إلى عدم كشف مقتل الابن للعائلة التي تنتظر بفارغ الصبر رحيل الجنرال، وهذا الإخفاء هدفه التشويق، فالمشاهد ينتظر وصول النبأ إلى الأسرة المحتفية دون رغبتها بالجنرال، لكن الخبر لا يصل، يعتبر العرض إدانة للحرب وللقتل ولكل الحروب العبثية التي تخدم مصالح القوى الكبرى وأهدافها فيما الناس ترزح في ظلها دافعة الثمن الأساسي من راحتها وطمأنينتها ومن دماء أبنائها وبالوقت نفسه المطلوب منهم التصفيق لتجار الحروب وللمغامرين الذين يتقنون اللعب بأرواح البشر وحياتهم، الحرب لا تُخلف فقط الخسائر المادية والبشرية للأمم، لكنها والأهم تُخلف أنظمة لا تصلح؛ لأن تكون على رأس أي من الدول، وكذلك شعوباً خائفة مرعوبة لا تشعر بالحرية، ولعل الحقبة الزمنية الأخيرة تؤكد هذه النظرية بسقوط أكثر من نظام يمثل الحكم العسكري في المنطقة، تلك هي النظرية التي بني عليها المؤلف نصه عائلة توت، هذا النص الذي استوقف المخرج والمعد عندما استهوتهم الفكرة والتي تصلح؛ لأن تُقدم هذه الأيام، وبالأخص بعد التداعيات الأخيرة بسقوط الأنظمة القمعية الديكتاتورية، إن توحد الفكرة المراد طرحها ما بين المخرج والنص ليست كافية لخروج العرض المسرحي فتلك الرمزية التي يحملها النص والتي تعامل معها المخرج بواقعية خلفت هذه الطلاسم التي تجعل المتلقي يجتهد كثيرا لفك رموزها خاصة أن العرض يقدم لشريحة مجتمعية بسيطة». واختتم المخرج عبدالغفور بقوله: «كان الديكور مقتصدا واستطاع أن يكون مطواعًا يناسب العرض من خلال الإضاءة واللافت في عمل المخرج قدرته على الزج بممثلين شباب على الخشبة واستنفار طاقتهم وذاكرتهم وجسدهم بشكل كبير لتجسيد أدوارهم بتقنية عالية وحس عال من خلال الدخول في تفصيلات الشخصيات والإمساك بها نفسيًا وحركيًا، لذلك تألق الممثلون الثلاثة في أدوارهم».

مشاركات

فتح مدير الجلسة سعود الخنجري المجال أمام الحضور لإبداء آرائهم، وبداية تحدث عبدالرزاق الربيعي، حيث قال إنه توقع نهاية مختلفة عما تم مشاهدته، مؤكدًا أن إيقاع الختام كان بحاجة إلى دراسة أكثر، كما أشار إلى أن المسرحية فيها من الحشو الزائد، ويمكن حذف نصف ساعة من العمل دون التأثير على فكرة العمل والمضمون.

ومن المداخلات مداخلة الدكتور سعيد السيابي، حيث قال إن المخرج حاول أن يصبغ العمل بصبغة عربية، من خلال مزج الموسيقى العربية عبر آلة العود، ولكن الأزياء غربية، أما الديكور فليست له هوية، وفي ما يتعلق بأداء الممثلين أشار السيابي إلى أن الكثير من المشاهد كان الممثلون فيه يضحكون بطريقة هستيرية وبعض المشاهد تستدعي ذلك ومشاهد أخرى لا تستدعي الضحك بهذه الطريقة المفرطة. كما كانت للممثل جلال جواد مداخلة، حيث أشار إلى أن النص عالمي، وضع فيه المؤلف فكرته، ولكن في المقابل لم يشاهد فكرة المخرج، متسائلا عما أضافه المخرج؟

كما أشار إلى وجود ضياع بين الممثلين، فقد وجد صعوبة بين أداء الممثلين لنص مقتبس من رواية أجنبية واقناع المتلقي.

ومن الإشارات التي أشار إليها المتحدثون أن الإضاءة والديكور والمسرح كانت جميعها عوائق أمام إخراج العمل بصورة أفضل، كما أشار عدد من المتحدثين إلى وجود فجوات كبيرة بين المشاهد وصمت يسيطر على بعض المشاهد ما يصيب بالملل.

اخرج القائد!

اختتمت الجلسة التعقيبية برد مخرج العمل خالد الضوياني، الذي كان مختصرًا جدًا في رده، حيث أشار إلى أن جميع الملاحظات انقسمت إلى ثلاثة أقسام، القسم الأول اعتبره ثناء على العمل مؤكدًا أن هذا الثناء يزيده من العطاء، وأنه سيكون عند حسن الظن. والقسم الثاني هي الملاحظات، وأكد أنها ستكون في عين الاعتبار.

وأخيرًا الشعور بالملل، وحول ذلك قال الضوياني: «إن رتابة العمل والملل قد يكون من إعداد المخرج، وقد يتعمد المخرج صنع الملل لدى المتلقي، وأن أبرز شخصية شعرت بالملل هي شخصية القائد». وتابع: «لكل من شعر بالملل في العرض أقول له أخرج القائد الذي في داخلك وستستمتع بالعرض».

وأثار رد الضوياني العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام، فيما إذا كان يقصد من كلامه أن من شعر بالملل كان يتصد المخرج، كما أن الإجابات كانت مختصرة جدًا ولا تفي بعدد الأسئلة والملاحظات التي طرحت.

فعاليات مصاحبة

تتضمن أيام المهرجان فعاليات مصاحبة متنوعة، منها عدد من حلقات العمل المسرحية، وجلسات سمرية أدبية يجتمع فيها ضيوف المهرجان، ومن تلك الفعاليات زيارة قام بها ضيوف المهرجان أمس إلى دار الأوبرا السلطانية، للطلاع على هذا الصرح الأدبي والتعرف على أهم ما تم تقديمه على خشبة الأوبرا وكذلك في الفناء الخارجي من الدار، كما تعرف الضيوف على فكرة تأسيس الدار الانطلاقة الفعالية له، وتجول الضيوف في أروقة الدار واطلعوا على إمكانياتها، وما تتمتع بها من مواصفات فنية وتقنية.