صحافة

القدس : ممكنات تحول الهبة الشعبية إلى انتفاضة

15 ديسمبر 2017
15 ديسمبر 2017

في زاوية أقلام وآراء كتب راسم عبيدات مقالا بعنوان: ممكنات تحوّل الهبة الشعبية إلى انتفاضة، جاء فيه:

الشعب الفلسطيني تاريخيا شعب مضح، ومنذ بداية الغزوة الصهيونية خاض الكثير من الثورات والهبات الشعبية والجماهيرية نتذكر منها ثورة النبي موسى 1920، يافا 21، البراق 1929، والثورة الفلسطينية الكبرى 1936، وانتفاضة الحجارة في 7/‏‏12/‏‏1987، ومن ثم انتفاضة الأقصى عام 2000، والهبات الشعبية المتلاحقة منذ هبة الشهيد الفتى أبو خضير يوليو 2014، وحتى اللحظة الراهنة.

نشهد هبات شعبية وانتفاضية متلاحقة تعلو حينا وتهبط حينا آخر ارتباطا بحالة القمع والتنكيل التي تتعرض لها الجماهير الفلسطينية، وسياسات وممارسات الاحتلال بكل تمظهراتها عسكرية واقتصادية وأمنية وشرطية وغيرها، وما يرتبط بها من «توحش» و«تغول» استيطاني وتطهير عرقي. وما يتفرع عن ذلك من ممارسات يومية تطال مختلف مناحي حياة المقدسيين اليومية عبر سياسات ممنهجة، واعتماد سياسة إسرائيلية قائمة، على أساس منطق البلطجة والعنجهية، شعارها وعنوانها الفلسطيني الذي لا يخضع بالقوة، يخضع بالمزيد منها. ومقابل هذا العامل الموضوعي الناضج للتحول نحو انتفاضة شعبية شاملة، نجد أن العامل الذاتي الفلسطيني، هو الكابح لصعودها وتأطيرها وتنظيمها، ورسم هدف واستراتيجية واضحتين ومحددتين لها.

الآن نحن أمام تطورات وتغيرات ذات طابع نوعي واستراتيجي: إدارة أمريكية تنتقل من مرحلة الانحياز التاريخي إلى جانب دولة الاحتلال الإسرائيلي، إلى مرحلة الشراكة المباشرة في العدوان على شعبنا، ورغم كل المخاطر التي يحملها القرار الأمريكي على مدينة القدس وسكانها، من تشريع للاحتلال والاستيطان، وتقويض أسس الشرعية الدولية التي ولدت دولة الاحتلال قسرا، ولكن هذا المشروع، لا يمكن له أن يشطب لا القدس ولا الأقصى ولا القيامة، وهذا يشكل فرصة تاريخية ونادرة، من أجل إعادة بوصلة العرب والمسلمين نحو مدينة القدس، التي حاول الاحتلال والقوى الاستعمارية تغييبها عن المشهد الدولي، أكثر من مرة، في ظروف عربية وإسلامية وفلسطينية، أقل ما يقال أنها تشهد حالة من التردي والانهيار غير المسبوقين، والدخول في صراعات المحاور والمذهبية والطائفية، فهذا القرار من شأنه إذا ما توفرت إرادة سياسية عربية وإسلامية، أن يحقق مصالحات عربية – عربية وعربية - إسلامية، على قاعدة التوحّد حول قضية القدس، وعلى نفس القاعدة عقد قمة عربية طارئة عنوانها القدس، فلا عرب ولا عروبة بدون القدس، وشرف الأمة من شرف القدس بقول جبران وزير خارجية لبنان.

هذا القرار الذي جعل قضية القدس مركز الاهتمام والفعاليات والنشاطات والمظاهرات الاحتجاجية المناصرة لها تحتل مركز الصدارة والاهتمام في مختلف دول العالم، أظهر أمريكا بمظهر المعزولة والمحاصرة والخارجة عن القانون الدولي، والمهددة للسلم والاستقرار العالمي، ومجردة قرارات الشرعية الدولية، من أي ثقة أو احترام بها. واجب القيادة الفلسطينية أن تستثمر وتستغل هذا القرار؛ من أجل رفع سقف تحديها لأمريكا، وكما قال حسن نصر الله أن تعتبر القرار الأمريكي نهاية لما يسمى بعملية السلام، وتستغل هذه الورقة التي تملكها وتعلن الانسحاب من عملية السلام، ولو من باب التكتيك التفاوضي لا كخيار استراتيجي، بل إن الفلسطينيين هم أصحاب الأرض، وإذا ما اتخذوا قرارهم بالثبات والمواجهة، فلا أحد في العالم قادر على الوقوف في وجههم أو فرض أي خيار عليهم. والشعب الفلسطيني يفترض أن يكون رأس الحربة في مواجهة المخطط الأمريكي الإسرائيلي لتهويد القدس وتصفية القضية الفلسطينية.