صحافة

الأيام : خطاب عباس وملامح استراتيجية وطنية جديدة

15 ديسمبر 2017
15 ديسمبر 2017

في زاوية آراء كتب طلال عوكل مقالا بعنوان: خطاب عباس وملامح استراتيجية وطنية جديدة .. ، جاء فيه:

لا تزال الاجتماعات والتحركات العربية والإسلامية على أهميتها، تقصر عن التعامل مع الأبعاد الاستراتيجية الخطيرة التي ينطوي عليها قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. خلال الاجتماع الوزاري العربي الطارئ الذي انعقد في القاهرة يوم السبت المنصرم، كانت الكلمة التي ألقاها باسم فلسطين وزير الخارجية الدكتور رياض المالكي، ضعيفة، وأضعف من بعض الكلمات التي جاءت على ألسنة بعض وزراء الخارجية العرب.

ثلاث صفحات مطبوعة، خرجت عن الاجتماع الوزاري العربي، خلت من المواقف الإجرائية، غير التقليدية التي بشرت بها كلمات الوفود، وباستثناء الموقف النظري السياسي الحازم الذي خرج به الاجتماع الوزاري العربي، فإن البيان كان تقليديا، ويفتقر إلى الخطوات الإجرائية العملية التي تستدعيها خطورة القرار الأمريكي.

ارتفع سقف الخطاب الفلسطيني في الاجتماع الطارئ للبرلمانات العربية، حيث طالب الرئيس محمود عباس باتخاذ إجراءات تتعلق بالعلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، وسحب السفراء، فضلا عن ضرورة تحرك البرلمان العربي للقيام بحملة واسعة مع نظرائه في مختلف دول العالم لتحقيق الاعتراف بالدولة الفلسطينية ومنع أي دولة من أن تحذو حذو القرار الأمريكي. ثمة اعتقاد موضوعي بأن البرلمانيين العرب، أكثر حماسة وأكثر التزاما، وأكثر قدرة على الفعل والتأثير من مواقف الأنظمة السياسية العربية، وبأن النشاطات البرلمانية تخترق المجتمعات الأجنبية وممثليها، وبالتالي فإنها تزرع في أرض خصبة ذات مردود أكثر تجذرا وأكثر تأثيرا على المستوى الاستراتيجي. في كل الأحوال وحتى لو كان الوفد الفلسطيني للاجتماع الوزاري العربي، مضطرا لمراعاة التناقض في مواقف الدول العربية، ما جعل من الصعب إصدار بيان أفضل، رغم طول فترة المداولات، إلا أن الموقف الفلسطيني كان ينبغي أن يكون أكثر قوة وأشد وضوحا، نحو رفع سقف المطالبات الفلسطينية من الأشقاء العرب أولا والمسلمين ثانيا.

في القمة الإسلامية التي دعا إليها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اختلف الوضع كليا، حيث جاء خطاب الرئيس عباس، معبرا بقوة شديدة، ووضوح أشد، وبمطالبات إجرائية محددة، بمجموعها تضع المسلمين والعرب، لو أنهم تبنوها أمام وضع جديد، وتوظيف جديد وفاعل لقدراتهم في الدفاع عن مصالحهم. الموقف الذي حدده الرئيس عباس إزاء مواقف وسياسات ودور الولايات المتحدة في عملية السلام، وإزاء السياسات الإسرائيلية، وطبيعة ومستقبل الصراع، أشهر «لا» عالية، لكل هذه السياسات وعبر عن استعداد الفلسطينيين للتحدي دفاعاً عن حقوقهم وثوابتهم. في خطابه كشف الرئيس عباس، جوهر وطبيعة السياسة الأمريكية على نحو شامل، معترفا أن منظمة التحرير كانت تستجيب لطلبات الإدارة الأمريكية، بتأجيل اتخاذ بعض الخطوات، نحو المؤسسات الدولية، غير أنه يستخلص أن الولايات المتحدة ليست دولة تحترم التزاماتها وتعهداتها ووعودها. ثمة أسباب كثيرة قبل قرار ترامب الأخير، كانت كافية، للتوقف عن المراهنة على دور أمريكي فيه ولو القليل من النزاهة والحيادية، غير أن قراره الأخير نزع كل الأقنعة عن الوجه الحقيقي الاستعماري للولايات المتحدة، ما جعلها عمليا خارج دائرة الرعاية للعملية السياسية، التي أصر الرئيس عباس على التمسك بها. القرار الفلسطيني بتنحية دور الولايات المتحدة عن الدور التقليدي الذي لعبته في إطار احتكار الرعاية للعملية السلمية انتهى لصالح التوجه إلى الأمم المتحدة. القرار مشفوع بإجراءات أعلنها الرئيس بمقاطعة الاتصال والعلاقة مع القنصلية الأمريكي في القدس وأيضا بعدم استقبال بينس، نائب الرئيس الأمريكي الذي يزور المنطقة.