1189165
1189165
إشراقات

الخليلي: غيرتي على «العربية» ليس من منطلق العصبية القومية بل لأنها لغة القرآن

15 ديسمبر 2017
15 ديسمبر 2017

المحافظة عليها محافظة على كتاب الله وسنة رسوله وعلى قيم الإسلام -

متابعة : سالم بن حمدان الحسيني -

اللغة العربية لغة جميع المسلمين، فما أجدر المسلم على العناية بهذه اللغة، والشعوب الإسلامية اليوم مع هذا التواصل الحضاري هم أحوج ما يكونون الى التواصل من خلال التفاهم بهذه اللغة، وهذا أمر مهيأ فإننا نجد في وقتنا هذا ان غير العرب كثيرا ما يتفوقون على العرب عندما يعتنون بهذه اللغة ويبارونهم في مضمارها.. ومن العار على المسلم أن يحسن اللغات الأجنبية وهو لا يتقن لغته، والله سبحانه وتعالى خاطبه بها في كتابه، وهو يخاطب به الله في صلواته وفي أذكاره.. ذلك ما أوضحه سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة في محاضرة له بعنوان: «أخطاء لغوية شائعة في اللغة العربية» مؤكدا سماحته القول: أنا عندما أغار على هذه اللغة لا أغار عليها من منطلق العصبية القومية الضيقة، وإنما أغاز عليها لأنها لغة الإسلام، ولأنها لغة القرآن، فالمحافظة عليها محافظة على كتاب الله، ومحافظة على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومحافظة على قيم الإسلام التي جاء بها الكتاب الكريم، وجاءت بها السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام.. هنا الجزء الأول من هذه المحاضرة القيمة:

 

استهل سماحته محاضرته قائلا: من المعلوم أن اللغة هي رباط شاء الله سبحانه وتعالى أن يجعله من الصلات التي ستشد البشر بعضهم إلى بعض ولذلك كانت ميزة آدم عليه السلام في معرفة أسماء المسميات، وقد امتحن الله تبارك وتعالى ملائكته بأن سألهم عن هذه الأسماء فعجزوا عن الحديث عنها، واختبر آدم عليه السلام فنجح في هذا الاختبار، وكان ذلك سببا لرفع شأنه وإعلاء قدره في الملأ الأعلى، وهذا لأن الجنس البشري كما هو معلوم جنس اختاره الله لأن يكون اجتماعيا بفطرته ومدنيا بطبعه فهو بحاجة إلى التفاهم وما يتبع هذا التفاهم من التعاون، ولذلك امتن الله سبحانه في كتابه الكريم بتعليم الناس البيان، فقال تعالى: (الرَّحْمَنُ، عَلَّمَ الْقُرْآَنَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ، عَلَّمَهُ الْبَيَانَ)، فالبيان من مزايا هذا الإنسان. ولئن كانت اللغة بهذا القدر فإن الناس الذين يجمعهم المبدأ الواحد أو الفكر الواحد هم بحاجة إلى أن تكون لهم لغة تربط جميع فئاتهم وتصل بين جميع أطرافهم والمسلمون من بين هؤلاء البشر هم بحاجة إلى لغة تصل هذه اللغة بين جميع الشعوب المسلمة وتكون هذه اللغة وسيلة التفاهم بين المسلمين أجمع وليست لغة تشرح لذلك إلا اللغة العربية لأنها قبل كل شيء هي لغة القرآن، والقرآن هو كتاب المسلمين جميعا ثم هي لغة العبادة لأن المسلم أيا كان عندما يمثل بين يدي الله سبحانه وتعالى يخاطب الله بلسان عربي مبين فيقول: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) لا فرق في ذلك بين عربي وأعجمي ولا بين أبيض وأسود ولا بين جاهل وعالم، فاللغة العربية إذن هي لغة مشتركة بين جميع المسلمين، ولم تعد هذه اللغة ملكا للعرب وحدهم، نعم كانت هذه اللغة من قبل ملكا للعرب وحدهم قبل ان ينزل بها القرآن، ولكن بعد ان اختارها الله سبحانه وتعالى لأن تكون وعاء لكلامه فأنزل بها كتابه المبين على النبي العربي محمد بن عبدالله عليه وعلى آله وصحبه افضل الصلاة والتسليم صارت لغة العرب والعجم معا، فهي لغة جميع المسلمين، وقد شاء الله سبحانه أن تمر العربية كغيرها من اللغات بمراحل، فقد هذبتها الألسن العربية وطورتها طورا بعد طور إلى أن تهيأت لأن تكون وعاءً لكلام الله سبحانه وتعالى عندما نزل بها القرآن على قلب النبي صلى الله عليه وسلم، والعرب في ذلك الوقت كانوا على ذروة الفصاحة والبلاغة، وكانت جزيرة العرب زاخرة بالجمع الغفير من الأدباء والشعراء الذين يلقون الحديث العربي قصيده، ورجزه، ونثره ونظمه وهم يتبارون في هذا المضمار ويتفاخرون بالسبق الى قصبات السبق فيه، فقد كانوا يجتمعون في أسواقهم التي كانت تعقد بالحجاز من أجل هذا التباري، وقد شاء الله سبحانه أن يكون من إعجاز هذا الكتاب الكريم المنزل على عبده ورسوله محمد عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والتسليم الإعجاز البياني، فقد أخرس ألسن العرب حيث تحداهم بأن يأتوا بمثله فعجزوا وتحداهم بأن يأتوا بعشر سور من مثله فعجزوا وتحداهم بأن يأتوا بسورة واحدة من مثله فعجزوا وقد كان العرب بالسليقة وبالممارسة يتقنون التعبير بلغتهم ولا يحتاجون إلى وضع ضوابط لها لأنهم ينشأون عليها من أول الأمر ولأنهم ما كانت تشوبهم عُجمة في حديثهم فلذلك لم يكونوا بحاجة إلى وضع أي ضوابط إذ كان المخطئ يُعرف خطأه فيما بينهم، ولكن عندما دخلت الشعوب في دين الله أفواجا - كما أراد الله سبحانه وتعالى - احتاج الناس إلى ضوابط لهذه اللغة ذلك لأن تلك الشعوب لم تكن عندها الملكة العربية التي كانت عند العرب، هذا من ناحية ولأن العرب أنفسهم بسبب اختلاطهم بتلك الشعوب شابت عربيتهم شوائب من العجمة فاحتاجوا إلى وضع هذه الضوابط، وكان اكثر الناس خدمة لهذه اللغة غير العرب، فان معظم الأئمة الذين خدموا العربية وبحثوا فنونها وتعمقوا في دراسة اشتقاقاتها ووضعوا لها الضوابط الكثيرة هم من غير العرب كـ«سيبويه والفرّاء والكسائي والأخفش» وآخرين، وقد كانوا يفاخرون بذلك ويعتزون بأن تكون اللغة العربية لغتهم التي يحرصون على دراستها وعلى وضع الضوابط لها، حتى وصل الأمر بالزمخشري وهو أعجمي ان يقول في فاتحة كتابه «المفصل»: «الله أحمد على أن شرفني بأن جعلني من علماء العربية»، وما ذلك إلا من أجل خدمة القرآن الكريم، ولو لم ينزل القرآن بهذه اللغة العربية لما نالت هذا الاهتمام، ولما كانت لها هذه العناية البالغة بها، وإنما كان كل ذلك من أجل خدمة القرآن ومن أجل الحفاظ على معرفة معانيه ومن أجل الاطلاع على إعجاز مبانيه فشاء الله سبحانه وتعالى أن يحفظ كتابه بذلك.

لا يتقن لغته

وأضاف قائلا: وقد قلت اكثر من مرة بأنه من العار على المسلم أيا كان أن يحسن اللغات الأجنبية ومن بينها لغات المستعمرين الذين استذلوه واستعبدوه وأن يفاخر بإتقان هذه اللغات، ومع ذلك هو لا يتقن لغته، أيا كان جنسه سواء كان عربيا أو كان غير عربي، لأن اللغة العربية كما قلت هي لغة جميع المسلمين فان من العار على المسلم ألا يتقن هذه اللغة، والله سبحانه وتعالى خاطبه بها في كتابه، وهو يخاطب به الله في صلواته وفي أذكاره، فما أجدر المسلم على العناية بهذه اللغة، والشعوب الإسلامية اليوم مع هذا التواصل الحضاري هم أحوج ما يكونون الى التواصل من خلال التفاهم بهذه اللغة، وهذا أمر مهيأ فإننا نجد في وقتنا هذا ان غير العرب كثيرا ما يتفوقون على العرب عندما يعتنون بهذه اللغة ويباروهم في مضمارها، ومن شواهد ذلك ان القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية في نهاية القرن الرابع عشر الهجري ومطلع القرن الخامس عشر نظم مسابقة شعرية بلسان عربي مبين في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، فاشترك في هذه المسابقة 1200 من الشعراء، وقد كان الفائز الأول من بين هؤلاء الشعراء إفريقيا سنغاليا وهو الشاعر عمر با، مع ان الرجل لا يربطه بالعرب نسب إلا نسب الإسلام، وإنما كانت هذه العناية من قبله بالعربية من اجل المحافظة على القرآن الكريم كما قلت.

وأضاف قائلا: وقد حضرت من زمن مؤتمرا انعقد في السنغال يعنى بتنظيم نشاط الجمعيات الإسلامية في غرب إفريقيا وقد أدير المؤتمر بلسان عربي مبين ما بين الأفارقة من غير ان يكون هنالك ترجمان، وهذا يدل دلالة واضحة على ان هذه اللغة مهيأة لأن تكون لغة جميع المسلمين، فهي لغة عالمية وليست لغة قومية.. وأنا عندما أغار على هذه اللغة لا أغار عليها من منطلق العصبية القومية الضيقة الجاهلية، وإنما أغار عليها لأنها لغة الإسلام، ولأنها لغة القرآن، فالمحافظة عليها محافظة على كتاب الله، ومحافظة على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومحافظة على قيم الإسلام التي جاء بها الكتاب الكريم، وجاءت بها السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام.. مضيفا سماحته القول: وقد حدثني الشيخ سعيد بن حمد الحارثي - رحمه الله - انه كان في زيارة للباكستان في أيام زعيمها الراحل الجنرال ضياء الحق، وعندما دخلت الوفود على الرئيس الباكستاني كان من بين المتحدثين إليه مفتي بلجراد، الذي هو مفتي يوغسلافيا في ذلك الوقت الشيخ حمدي يوسف وهو يتقن اللغة الإنجليزية التي يتحدث بها الرئيس الباكستاني إتقانا جيدا ولكنه مع ذلك تحدث إليه بالعربية وكان بينهما ترجمان فسأله الشيخ الحارثي: لماذا جعلت بينك وبين الرئيس واسطة؟ ولم تتحدث إليه باللغة التي يتحدث بها وأنت تتقنها؟ فأجابه: وهل يحسن بأن يتقن العربية ان يتحدث بغيرها! مع الرجل أوروبي ولكنه أوروبي مسلم يحافظ على إسلامه ويحافظ على لغة إسلامه ويعتز بهذه اللغة حتى يرى انه لا ينبغي لمن كان يتقنها ان يتحدث بغيرها، ذلك كله يدعونا الى العناية البالغة بهذه اللغة لأننا لا نستطيع ان ندرك معاني القرآن وأن نفهم أسرار الشريعة الغراء وان نعرف أحكام ديننا الحنيف إلا من خلال اطلاعنا على هذه اللغة ومعرفتنا الدقيقة بها، متسائلا سماحته قائلا: ولكن هل هذه اللغة الآن هي سليمة من الأخطاء التي زجّ بها الناس فيها؟.. مشيرا الى ان من درس هذه اللغة ودرس فنونها وجد في التعابير المعاصرة الكثير الكثير من الأخطاء. ومما يؤسف له حقا أن تكون هذه الأخطاء كثيرا ما تصدر من قوم لهم باع طويل من العلوم الشرعية وغيرها من العلوم الإسلامية. بل كثير من هؤلاء لهم قدم راسخ في علوم العربية نفسها فهم متخصصون فيها ولكنهم ينساقون مع الجمهور، فالأخطاء أصبحت شائعة حتى أن من حافظ على اللغة السليمة يعدونه متقعراً شاذاً.

أخطاء شائعة

وقال سماحته: قد كنت أعلّق الأمل على مجامع اللغة العربية أن تصوب هذه الأخطاء وان تعيد هذه الكلمات التي فرّغها الناس من معانيها وصبوا فيها معاني غيرها أو التي حرفوها في كيفية أدائها، بأن تعتني بهذه اللغة وتعيد الناس الى الصواب فيها، وقد تحدثت في ذلك الى احد أعضاء هذه المجامع وهو من أساطين اللغة العربية في وقتنا هذا وهو الدكتور ناصر الدين الأسد - رحمه الله - فكان رده: وهل مهمة المجامع إلا إضفاء صفة الصواب على الخطأ، أي مهمة مجامع اللغة العربية أن تجعل من الخطأ صوابا، ان تصدر بياناتها بتصويب هذه الأخطاء، وهذا تبين لي عندما كنت في مجمع من مجامع العلم وكان هنالك أحد المسؤولين عن هذا المجمع وهو يعد بحق من كبار المفكرين في وقتنا هذا إلا أنني انتقدت كلمة قيلت وهي من الخطأ بمكان، فرد علي: بأن مجمع اللغة العربية أقر هذا، وقد تساءلت: كيف يقر مجمع اللغة العربية أمرا واضحا خطأه، وهي كلمة «أسلمة» البنوك أو «أسلمة» النظم، مبينا سماحته ان هذه الكلمة هي من الخطأ بمكان لأن فعلها «أسلم» «يُسلم» وقبل كل شيء هذا الفعل لازم غير متعد فاستعماله بمعنى تحويل الشيء الى الإسلام خطأ، ثم مصدر «أسلم» «إسلام» لأن «افعل» «يُفعِل» لا يأتي مصدره إلا على «إفعال».. «أسلم يُسلِم إسلاما»، و«أحسن، يُحسِن، إحسانا» و«أكرم يُكرِم إكراما» و«أعظم يُعظِم إعظاما» و«أكبر يُكبِر إكبارا» فلا يأتي مصدر أي فعل من هذه الأفعال التي هي على وزن «أفعل» إلا على وزن «إفعال»، أما وزن «فعللة» فهو مصدر للفعل الرباعي المجرد أو المزيد الملحق بالمجرد، أي وزن «فعللة» كـ«دحرجة» إنما هو مقيس في الفعل الرباعي المجرد.. «تدحرج، يُدحرِج، دحرجة» أو ما كان ملحقا بالرباعي المجرد من الأفعال المزيدة الملحقات به كـ«ترجمة».. «ترجم، يُترجِم، ترجمة» لأن «ترجم» على وزن «تفعل» و«تفعل» ملحق بـ«فعلل» وهذه مصادر كلها تأتي على هذا الوزن.

وأشار سماحته إلى انه مما يعجب منه أيضا أن الناس عندما يذكرون الترجمة الآن يقولون: «تَرْجُمَة» بفتح التاء وضم الجيم ومنهم من يقول : «تُرجُمَة» بضم التاء والجيم، وهذه لا وزن لها في العربية قط، فليست هنالك تَـفْـعُـلَـة في العربية إلا «تهلكة» فقط ولا يقاس عليها قط.. مشيرا الى ان من الأخطاء التي يرتكبها الناس كذلك في المصادر أنهم عندما يأتون بمصدر «جَـرَّبَ يُـجَـرِّب» يقولون : «تَـجْـرُبَـة» بضم الراء، وهذا خطأ كبير فليس هنالك مصدر يأتي على وزن «تَـفْـعُـلَـة» إلا «تَهْلُكَة» وإنما هي: « تَـجْـرِبَـة» بفتح التاء وسكون الجيم وكسر الراء وفتح الباء، فالتَجْرِبَة هي مصدر لجَرَّبَ يُـجَرِّب و«جَرَّبَ» على وزن «فَعَّلَ يُـفَـعِّل» و«فَعَّلَ يُفَعِّلُ» عندما يكون سليما غالب وزنه المصدري ان يكون على وزن «تفعيل» وعندما يكون معتلا يكون مصدره على «تَـفْعِلة» ويقل العكس. كما يقول إمام العربية ابن مالك:

لفَـعَّـلَ تَـفعيل قس وتَـفْـعلة

لمثل زَكَّى ويَـقلَّ العكس له

أي يقل العكس بحيث يكون الصحيح مصدره على وزن «تَـفْـعِـلَـة» كتَـذْكِرَة وتَـبْـصِـرَة وتَـجْـرِبَـة ويكون المعتل وزنه على تفعيل كما يقول الشاعر :

«باتت تنزي دلوها تنزيا

كما تنزي شهلة صبيا»

وإنما في الأصل في الصحيح أن يكون مصدره على وزن التفعيل كـ«جَـرَّب، يجرِّب تجريبا» و«عظَّم يعظِّم تعظيما» و«جلَّل يجلِّل تجليلا» و«كرَّم يكرِّم تكريما». ولكن مع هذا جاءت مصادر كما قلت على وزن «تَفْعِلَة» وكما بيّن ابن مالك أن ذلك من القليل ومن بينها «تجربة» فلا معنى لأن يقول قائل: تجرُبة .

وأوضح سماحته القول: ومن الأخطاء التي تتردد على الألسن في وقتنا هذا أنهم عندما يذكرون «القَبول» يقولون: «القُبول» «بضم القاف» كأنهم لا يتلون القرآن، كأنهم لم يقرع مسامعهم قول الله تعالى : (فتقبلها ربها بقَبول حسن) مع أن القَبول هو المصدر الوحيد الذي يأتي على وزن «فَعول» وإنما ألحق به اسما مصدرين وهما« : الوَلوع والوَزوع» ونجد الناس يعكسون الأمر ما كان مصدره على «فُـعُول» ينطقون به بخلاف ذلك فيقولون فيه: «فَـعول» فالخُـلوف كثيرا ما أسمع الناس يقولون: «لخَلوف فم الصائم» – بفتح الخاء - وهو: «لخُـلوف» – بضم الخاء - فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك. وقد نص شراح السنة فضلا عن أئمة العربية بأن قراءة من يقرأ «الخَلوف» بفتح الخاء خطأ.

وأضاف: ومن الأخطاء الشائعة التي يندى لها الجبين أن الفعل اللازم الذي هو «شَلَّ يَشَلُّ شلَل»ً أصبح في ألسن الناس متعديا فيقولون: «شَلَّ» هذا الأمر ويقولون: فلان مشلول كأنهم ما عرفوا أن هذا الفعل فعل لازم لا يتعدى فَـ «شَلَّ يَشَلٌّ شلَلاً» فعل لازم . ويقول ابن مالك في مصدره :

وفعل اللازم بابه فَعَل

كفرحٍ وكجوىً وكشَلَل

وبيّن سماحته أننا نسمع الناس عندما يذكرون البيت الشعري الذي قالته امرأة الزبير في رثائه نسمعهم دائما يقرأون :«شُلَّت» يمينك ان قتلت لمسلما، إن هذا لمن الخطأ، والصيح «شَلَّت» يمينك – بفتح الشين، «شَلَّ» كـ«صَمَّ» كما في قوله تعالى: (وصَمُّوا) لم يقل الله تعالى: (وصُمُّوا) بضم الصاد، وإنما قال: (وصَمُّوا) فالفعل الذي هو من الحلا الظاهرة وهو على وزن (فَعِلَ، يَفْعَل) يأتي اسم فاعله على (أَفْعَل) كـ (صَمَّ يَصَمُّ صَمَماً) فهو (أصَم) و«عَمِيَ يَعْمَى عمّىَ» فهو أعمى، و«بَكِمَ يَبْكَمُ بَكَماً» فهو أبكم، و«خَرس يَخْرَسُ خَرَساً» فهو أخرس و«شَلَّ يَشَلُّ شَلَلاً» فهو (أَشَل) ومن ذلك قول الشاعر :

والشمس كالمرآة في كف الأشل

لما رأيتها بدت فوق الجبل

موضحا إنما عندما يُعدّى هذا الفعل يُعدّى بالهمزة فيقال: «أَشلَّه يُشِلُّه إشلالا» بمعنى صيره «أشل» كأصَمَّه يُصِمُّه إصماما بمعنى جعله «أصم»، لا معنى لقول من يقول: «شُلّت يمينه، شُلَّت يده، فلان مشلول إلى غير ذلك من الاستعمالات العجيبة التي ليست من العربية في شيء. موضحا انه من الأخطاء الكبيرة أيضا وهذا خطأ مع الأسف الشديد وقعنا فيه رسميا وينبغي أن يتدارك بتصحيحه - وهو جمع كلمة «مدير» على «مدراء» وكان أحد من الناس يقول: كيف لا يجمع «مدير» على «مدراء» مع أن الوزير يجمع على وزراء.

قلت له الفارق بينهما أكبر من الفارق بين رتبتيهما. فـ«المدير» هو على وزن (مُفْعِل) وإنما هو معتل، فلان يجمع على هذا الوزن بخلاف الوزير والوكيل والعليم فيجمع على وزراء وعلى وكلاء وعلى علماء و(خبير) على (خبراء) لأنه على وزن (فَعِيل) و(فَعِيل) يُجمع على (فُعَلاَء) من جملة الجموع. لفَعيل جموع متعددة ولكن من جملة جموعه هذا الجمع. كما يجمع أيضا على (فُعُل) كـ (نذير و(نُذُر) و(حصير وحُصُر) وذلك كله إذا لم يكن مضعَّفا أو مهموزا، أما عندما يكون مضعَّفا فإنه يجمع على وزن (أفعلة) كـ(عزيز) و(أعزَّة) وكذلك يُجمع «المهموز» هذا الجمع وهذا مما يشترك فيه (فَعيل) و(فَعول وفَعال) كقباء وأقبية. وهذا مما يجب تداركه لأن هذا الخطأ ليس بالخطأ الهيّن .

كيف يجمع (مدير) على (مدراء)! هل يقال في معين: معناء! هل يقال في «مُريد» «مرداء»؟ وهل يقال في «مبين» مُبناء؟.. فمن أين جاؤوا بجمع المدير على مدراء؟!.