أفكار وآراء

اتجاه أمريكي للاتفاق مع كوريا الشمالية

13 ديسمبر 2017
13 ديسمبر 2017

جوش روجين - واشنطن بوست -

ترجمة قاسم مكي -

في كوريا الجنوبية تحول الرئيس ترامب فجأة عن موقفه حول المفاوضات مع كوريا الشمالية قائلا أنه يريد «عقد صفقة» مع نظام كيم جونج أون. وإذا كان يعني ما يقوله فربما أن ثمة فرصة لتحقيق ذلك. فوزارة خارجيته تعكف على مبادرة جديدة لفتح الانسداد الدبلوماسي مع بيونج يانج بادئة باقتراح تجميد الاختبارات النووية والصاروخية لمدة 60 يوما. لقد قال ترامب في سول إنه يؤمن حقا بأن « من المعقول أن تأتي كوريا الشمالية إلى الطاولة من أجل عقد اتفاق جيد لشعب كوريا الشمالية ولشعوب العالم.» وأضاف « أنا أرى فعلا تحركا معينا، نعم.. لكن دعونا نرى ما يحدث.» ولدى وزير الخارجية ريكس تيلرسون وكبير مسؤوليه عن ملف كوريا الشمالية جوزيف يون فكرة ملموسة حول كيفية التقدم من هنا إلى هناك (من حالة اللاتفاوض إلى التفاوض- المترجم.) فجوزيف يون سبق له أن خاطب جمعا من الحضور في مجلس الشؤون الخارجية يوم 30 أكتوبر الماضي بقوله أن وقف كوريا الشمالية لاختباراتها النووية والصاروخية لفترة 60 يوما سيكون الإشارة التي تحتاجها الولايات المتحدة لاستئناف الحوار المباشر مع بيونج يانج. هذه التعليقات التي أدلى بها «يون» ولم تكن للنشر ذكرها اثنان حضرا ذلك اللقاء. امتنع «يون» عن التعليق على ما نقل عنه. لكن مصادر في الحكومة الأمريكية قالت إن تعليقات يون متَّسقة مع ما ظل يقوله تيلرسون في السر والعلن. وكان تيلرسون قد صرح أمام الصحفيين في أغسطس الماضي بقوله أن «أفضل إشارة يمكن أن تمنحنا إياها كوريا الشمالية حول استعداد مسؤوليها للتفاوض ستكون وقف إطلاق هذه الصواريخ . « فالكوريون الشماليون لا يتركون وقتا طويلا يمر، حسب تيلرسون، دون أن يقوموا بأعمال استفزازية وذلك بإطلاق صواريخ باليستية. لذلك، يقول تيلرسون،» أعتقد أن أول وأقوى إشارة يمكن أن يبعثوا بها إلينا هي ... فقط وفقط .... وقف هذه الصواريخ.» وكان أحدث استفزاز كوري شمالي قد تمثل في إطلاق اكثر من صاروخ باليستي متوسط وطويل المدى في الاسابيع الاخيرة . لكن مصادر الإدارة الأمريكية تقول أن مهلة الـ60 عاما التي ذكرها جوزيف يون لم تبدأ بعد لأن الإدارة لا تملك معلومات حول برنامج إجراء الكوريين الشماليين اختبارات صاروخية . لذلك على الكوريين الشماليين أولا إخطار الولايات المتحدة بأنهم يشرعون في تجميد الاختبارات قبل أن يبدأ العد التنازلي لهذه المهلة. وفي الأثناء، يسعى تيلرسون ويون إلى حشد الدعم لخطتهما. فجوزيف يون كان قد سافر إلى موسكو في سبتمبر الماضي لمناقشة موضوع كوريا الشمالية مع كبار المسؤولين هناك. كما اجتمع تيلرسون مع نظيره الروسي كذلك. ويون أيضا على اتصال مع الحكومة الكورية الشمالية. فقد التقى شو سان هِوي، رئيس مكتب أمريكا الشمالية بوزارة الخارجية الكورية الشمالية، في أوسلو في الربيع الماضي. وهو يتواصل بانتظام مع المسئولين الكوريين الشماليين بالأمم المتحدة من خلال ما يعرف بـ « قناة نيويورك ». لكن هنالك عوائق أخرى يجب التغلب عليها قبل بداية الحوار المباشر مع كوريا الشمالية.

فمن المؤكد أن الكوريين الشماليين يريدون من واشنطن في مقابل وقف اطلاق الصواريخ إظهار ما يدل على حسن النية. لقد اقترحت الصين وروسيا وقف الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تمارينهما العسكرية المشتركة. لكن ذلك لن يحدث. وعلى بيونج يانج المطالبة بشيء أكثر معقولية. ثم سيلزم تيلرسون ويون اقناع البيت الأبيض المتشكك بأن « المحادثات حول المحادثات» مع كوريا الشمالية خطوة جيدة. فكثيرا ما انتقد ترامب فكرة الحوار مع نظام كيم يونج اون ، ووعد بعدم وقوعه في ما يعتبره «فخا» وذلك برشوة بيونج بانج كي تعقد اتفاقيات ستنتهكها لاحقا.

وإذا حدث أن بدأت المحادثات فلن يكون لدى الطرفين تطابق يذكر في وجهات النظر حول ما يجب أن تصل إليه محادثاتهما. فكوريا الشمالية تريد قبولها كدولة نووية. والولايات المتحدة تريد من كوريا الشمالية التخلي التام عن أسلحتها النووية.

لذلك سيلزم إقناع البيت الأبيض بأن حلا وسطا، ومؤقتا على الأقل، يستحق التفاوض حوله. وبصرف النظر عن كل ذلك فإن موافقة ترامب العلنية على فكرة المحادثات مع كوريا الشمالية تقدم حقا فرصة لانطلاق مسؤوليه الدبلوماسيين الذين يتطلعون إلى بدء هذه العملية التفاوضية. يقول أحد مسؤولي الحكومة الأمريكية: «لا أحد يقف ضد التسوية السلمية. المسألة فقط تتعلق بكيفية وصولنا إلى (مرحلة التفاوض). هنالك أسئلة كثيرة حول هذا الجانب لا تزال بدون إجابة حتى الآن.» إن تحول ترامب في سياسته الآسيوية من لغة « النار والغضب» إلى مزيج من الإدانة والتواصل يعود في جزء منه إلى رغبته في مخاطبة عدة مستمعين « في وقت واحد». فهو يريد التعبير عن تضامنه مع الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن. كما يلزمه أيضا التحلي بالمرونة وإبداء استعداده لتبني الدبلوماسية كي يقنع الصين وروسيا بفرض المزيد من الضغط على نظام كيم يونج اون .

وقد يعني «التقدم» في الملف الكوري الشمالي للرئيس ترامب أن حملة الضغط والعزل الأمريكية ضد بيونج يانج تمضي قدما. لكن تلك (الحملة) مجرد وسيلة إلى غاية. فالهدف النهائي لأية سياسة معقولة تجاه كوريا الشمالية هو « الوصول إلى اتفاق» وتجنب الحرب.