hameed
hameed
أعمدة

توعويات :احذروا الذباب الإلكتروني

13 ديسمبر 2017
13 ديسمبر 2017

حميد بن فاضل الشبلي -

كان لمقال الأسبوع المنصرم (الأمة تفقد وسائل الدعوة) ردة فعل واسعة من القراء الأعزاء، ووصلتني مراسلات تتوافق مع الطرح في أن الأمة فقدت كثيرا من وسائل الدعوة، ولعل من أهمها القدوة الحسنة وأسلوب الحوار والخطاب المعتدل، وظهور الطائفية والمذهبية وثقافة تكفير الآخرين عند البعض، معللين ذلك في التنافس للمصلحة الخاصة للفرد والجماعة والطائفة على حساب مصلحة الأمة، إضافة إلى وجود خلايا سامة متسترة تعمل على تأجيج الفتنة وبث الإشاعة المغرضة بين الأفراد والشعوب، مطالبين بزيادة التوعية للمجتمعات في الحذر من هذه الظاهرة الخطرة، ولذلك شاءت الصدفة مع مطالبة كثير من القراء بكتابة موضوع يحذر من شر أصحاب هذه الفتنة، وأنا أخط قلمي في كتابة مقال هذا الأسبوع الذي يحمل عنوان (احذروا الذباب الإلكتروني).

في الحقيقة أن أبسط تعريف ممكن لمفهوم الذباب الإلكتروني، أنه عبارة عن مخلوقات بشرية تحمل جينات تعزز من عملية العداء والخصام بين الأفراد والأمم، لذلك فإن وجود هذه الكائنات ليس له نطاق أو حدود معينة، فهي تعيش في الماء الراكد للحياة البشرية، وتزداد تفاعلا ونشاطا كلما وجدت فتيلا لوقوع أزمة في المجتمع، إنها لا تؤمن بمفهوم خُلق الإصلاح بين الناس في قوله تعالى (لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ)، ولا إلى سيرة الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام، في تطهير النفوس من الضغائن والكراهية والحسد، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف (لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا).

لذلك في عالمنا الفضائي، يظهر لنا هذا الذباب المتعطش إلى بث العداء في نفوس البشر، وهذا ما يتم ملامسته عندما يحدث خلاف بين الأفراد والجماعات، وكذلك في النزاعات السياسية التي تحدث بين الدول، فإننا نشاهد كمًا هائلًا من الرسائل التي تحمل مضمون الكره والعداء، كما أن الرسائل التي تحتوي على قيم الغش والكذب تزداد في مثل هذه الظروف، الذباب الإلكتروني لا يعترف بقيم الإخاء والسلام، لا يعترف بمبادئ الصدق والكلمة الطيبة، لا يستشعر بما سوف تخلفه ظاهرة العداء في حياة الناس، يعيش ويحيا لهدف واحد ألا وهو غرس بذور الشر والفتن، لذلك ومن باب المسؤولية نحاول أن نضع أيدينا مع محبي الخير والسلام، ونرسل هذا الخطاب لتوعية كافة المجتمعات، بأن نعي للرسائل والدعوات التي ترسل من كل حدب وصوب، ويكون هدفها إثارة الفتن والنعرات، خصوصا فيما يخص المذاهب والأديان، يجب أن نحذر من مروجي فكر الظلال والإجرام، وأن نعود أنفسنا مجتمعاتنا أن الرسالة التي لا يرجى منها خيرا يجب أن تقف معنا، يجب أن نبتعد عن الرسائل التي تدعو للتخوين واتهام الآخرين، وأن نحذر من الذباب الإلكتروني الذي يحاول تمزيق أمتنا، ويعمل لطمس قيمنا وهويتنا، يجب أن لا نهرول خلف كل خبر أو رسالة لا تدعو إلى صلاح، كما أنه ينبغي على مثقفينا ومربينا أن يرشدوا أفراد المجتمع إلى القيم الإنسانية التي أمرنا وأرشدنا إليها نبينا وديننا، ويجب على كل مستخدمي ومجموعات شبكات التواصل الاجتماعي ألا تسمح لأعضائها بنشر لمثل هذه الرسائل، لا بد من تعزيز الأخبار والرسائل التي تحث على احترام كرامة الإنسان، يجب أن نتعود ألا نتدخل في شؤون وأحوال غيرنا، وأن يعلم الجميع أن الحياة قصيرة، فما أروع أن نقضيها بلا ضجر أو شحناء، ما أجمل أن نكون الأمة القدوة التي تقود الأمم للتعايش والتعاون والسلام، وختاما إنها دعوة صادقة لتوعية الجميع في الحذر من الذباب والعقارب والأفاعي التي تزرع في حياة البشر سموم الفرقة والعداء.

[email protected]