مرايا

وادي سوف.. مـدينــة الألــف ألـف قبــة

13 ديسمبر 2017
13 ديسمبر 2017

ولاية الوادي أو ولاية وادي سوف، هي ولاية جزائرية، وتنقسم إلى منطقتين ذات أصول عرقية مختلفة: منطقة وادي سوف ومنطقة وادي ريغ، عاصمة الولاية هي مدينة الوادي، وهي تعرف بمدينة الألف قبة وقبة، لأن اسطح المنزل تبنى على شكل قبة لمنع تجمع الرمال فوقها بسبب كثرة الزوابع الرملية بالمنطقة، كما تعرف أيضا بعاصمة الرمال الذهبية، وتشتهر بالتمور الجيّدة.

وادي سوف، مركبة من كلمتين “وادي” و”سوف”، ويعطي هذا الاسم عدة دلالات تتوافق مع طبيعة المنطقة وخصائصها الاجتماعية والتاريخية.

فوادي الماء كان يجري قديما في شمال شرق سوف، وهو نهر صحراوي قديم غطي مجراه الآن بالرمال، وقد ذكر العوامر أن قبيلة “طرود” العربية لما قدمت للمنطقة في حدود 690 هـ/‏‏ 1292 م أطلقوا عليه اسم الوادي، والذي استمر في الجريان حتى القرن 8 هـ/‏‏ 14 م. وقيل إن قبيلة طرود لما دخلت هذه الأرض وشاهدت كيف تسوق الرياح التراب في هذه المنطقة، قالوا: إن تراب هذا المحل كالوادي في الجريان لا ينقطع.

أما بالنسبة لكلمة سوف، فيربط بعض الباحثين بين سوف وقبيلة مسوفة البربرية، وما ذكره ابن خلدون، يفيد أن هذه القبيلة مرت بهذه الأرض وفعلت فيها شيئا، فسميت بها، وتوجد الآن بعض المواقع القريبة من بلاد الطوارق تحمل اسم سوف أو أسوف و”وادي أسوف” تقع جنوب عين صالح. كما تنسب إلى كلمة “السيوف” وأصلها كلمة سيف أي “السيف القاطع” وأطلقت على الكثبان الرملية ذات القمم الحادة الشبيهة بالسيف.

وقيل نسبة إلى “الصوف” لأن أهلها منذ القدم كانوا يلبسون الصوف، وقد كانت مستقرًا للصوفيون يقصدونها لهدوئها، وكذلك كلمة (سوف) في اللهجة الشاوية تعني واد، وأول من ذكره بهذا الجمع “وادي سوف” هو الرحالة الأغواطي في حدود 1829، وانتشر على يد الفرنسيين بعد دخولهم للمنطقة.

وتقول المصادر الإسلامية إن القائد المسلم عقبة بن نافع أول من فتح شمال إفريقيا، ووصل إلى منطقة قدامس القريبة من منطقة سوف، وفتح إقليم الجريد، واتجه بجيشه نحو ولاية سوف، وفتحوا قراها، وجاء أمرٌ من الخليفة عثمان بن عفان بعودة الجيش إلى بلاد الحجاز، فانسحب الجيش، وبقي بعض الرجال في منطقة سوف يقال لأحدهم عدوانا من قبيلة بني مخزوم القريشية، وتزوج هذا الرجل من امرأة من قبيلة الأمازيغية، وتعد هذه القبيلة من أكبر قبائل المنطقة وأكثرها نفوذاً، وأنجبت هذه المرأة لعدوان القريشي عدداً كبيراً من الأبناء الذكور، وسكن هذا الرجل مع أبنائه في النواحي الشمالية الشرقية لوادي سوف فعمروا أرض وادي سوف.

لكن المنطقة تعرّضت للتدمير المتعمد من قبل الكهنة عند سماعهم بقدوم جيشٍ إسلامي لفتح المنطقة، اعتقاداً منهم بأن المسلمين قدموا إلى المنطقة طمعاً في خيراتها خاصّةً الذهب والفضة، إلا أنّ القائد المسلم حسان بن النعمان الغساني هزم الكهنة، وطارد جيوشهم في القرى المجاورة واستطاع القضاء على هذه الجيوش، وأقام نظاماً إسلامياً يسوده العدل فعاد مجد وادي سوف ثانيةً، فازدهرت التجارة والزراعة، وتمت إعادة بناء المدن التي تقوم على حماية القوافل التجارية.

السكان الأصليون لوادي سوف هم من البربر البدو الرُّحل، وبعض العرب المسلمين من الفاتحين الأوائل الذين استقروا في المنطقة أو المهاجرين من المشرق الذين كانوا يمرّون من وادي سوف ويستقرون به لبعض الوقت، فتعرفوا على عادات بعضهم البعض وامتزجت ثقافاتهم.