sharifa
sharifa
أعمدة

وتر :ثلاجة الحـــارة

13 ديسمبر 2017
13 ديسمبر 2017

شريفة بنت علي التوبية -

أثناء مروري في الشارع الداخلي بحارتنا الجميلة، كنت ألاحظ عددا من العمال والعابرين يقفون أمام ثلاجة مليئة بزجاجات المياه المعدنية، كنت أظن أنها مشروع ربحي كتلك الثلاجات التي تضع في داخلها ورقة نقدية ليخرج لك مشروب غازي أو ماء أو مغلف شكولاته، ولكني ما أن ركزّت قليلا حتى لاحظت الورقة المكتوبة والملصقة على زجاج الثلاجة (الماء بالمجّان) حتى تأكدت أن تلك الثلاجة المليئة بزجاجات الماء الباردة ما هي سوى مشروع خيري تطوعي لكل عابر سبيل، إنه مشروع بسيط كما يبدو لكنه دليل كبير على أننا ما زلنا بخير، لذلك كلما وجدت حنفية ماء في جدار السور في بعض المنازل مكتوبا عليه ماء للشرب، أردد ما زلنا بخير، ولو كل منا وضع على عاتقه إقامة مشروع خيري واحد لمجتمعه لكنا بألف خير.

ربما قبل كل شيء علينا أن نربي أولادنا على محبة العمل التطوعي والقيام به، وأن يكون ذلك مدعوما من المدرسة بإضافة العمل التطوعي أو المجتمعي كنشاط مدرسي، بدلا من إلزام الطالب بكتابة بحوث نظرية لا يتجاوز عمرها عمر السنة الدراسية ولا يتجاوز مكانها درج الطاولة في غرفة الدرس، وبدلا من إلزامهم بحفظ المنهج الدراسي كاملا ثم دخول قاعة الاختبار لتفريغ ذلك الحشو المعرفي في ورقة الامتحان، ليخرج الطالب بعدها وقد أفرغ كل ما حفظه من معلومات وتخلص منها، وربما نستفيد من تجارب الدول الغربية في هذا المجال، فكما أخبرتني صديقة لي عن ابنها الذي يدرس في إحدى المدارس بدولة أجنبية، أنه يقوم بعمل تطوعي في إطار الأنشطة المدرسية لأن العمل التطوعي يعتبر منهجا أو مشروعا دراسيا لا يتخرج الطالب قبل أن ينهيه كاملا.

وربما لن أكون مخطئة إذا قلت أن أغلبية الطلبة في مدارسنا يخرجون من المدرسة في نهاية العام الدراسي فارغين مما حفظوه من منهاج دراسي، لأن العملية التعليمية تقتصر على الحفظ فقط، لذلك لا ريب أن يتصرف بعض الطلبة تصرفات غريبة في نهاية السنة الدراسية، مثل حرق الكتب أو تمزيقها أو التخلص منها في أقرب قمامة، وهذا مؤشر خطير جدًا ويدل على أننا لا نربي العلاقة بين الطالب وكتابه، ولا نربي فيه متعة البحث قدر ما نهتم بذلك الحشو المعرفي الممل في تلك العقول الصغيرة، فمتى ننتبه أنه ما نحتاجه هو أن نخرج من تلك الدائرة المعرفية المغلقة إلى حيز المشاركة والشعور بالآخر.