1191280
1191280
المنوعات

20 ورقة في ثاني أيام المؤتمر.. ودور عمان في البحرين ودعم محمد علي أبرز البحوث

12 ديسمبر 2017
12 ديسمبر 2017

الأوركسترا السلطانية تحلق بالجمهور الكويتي في مؤتمر «علاقات عمان بالمحيط الهندي» -

الكـويت - عاصـم الشـيدي :-

شهد اليوم الثاني من فعاليات المؤتمر الدولي «علاقات عمان بدول المحيط الهندي والخليج» الذي تنظمه في العاصمة الكويتية الكويت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بالتعاون مع المجلس الوطني للثقافة والفنون بالكويت مناقشة 20 بحثا في ثلاثة محاور من محاور المؤتمر وهي المحور السياسي والتاريخي، والجغرافي والسكاني، والاقتصادي الاجتماعي.

وناقشت البحوث الكثير من الأطروحات التاريخية حول علاقة عمان بمنطقة المحيط الهندي من خلال استقراء وثائق ومراجع محلية وإقليمية.

الأوركسترا السمفونية العمانية حلقت بالحضور عاليا في سماوات الموسيقى والإبداع.

وبعد أن عزفت الأوركسترا السلام الوطني الكويتي عزفت 15 مقطوعة موسيقية كلاسيكية بدأتها بمقطوعة الموسيقار الألماني هاندل «افتتاحية في مقام ري الصغير» وهي مقطوعة يعود تاريخ تأليفها إلى بدايات القرن الثامن عشر. ثم توالت المقطوعات حيث عزفت مقطوعة لويبر «كونشرتو للكلارنيت والأوركسترا»، وافتتاحية المرأة المتسيدة لسوبي. ثم بعد ذلك قدمت موسيقى أغنية «البارحة» للفنان الكويتي الراحل عوض الدوخي. ثم عادت الأوركسترا للمقطوعات الكلاسيكية حيث عزفت مقطوعة من متتالية فيلم الجادفلي، ثم مجموعة من أشهر المقطوعات العالمية.

كما شهد المعرض الوثائقي المصاحب للمؤتمر زيارات من الباحثين الكويتيين والمقيمين المتخصصين في مجالات التاريخ ومن رجال الصحافة.

وإضافة إلى الوثائق يضم المعرض ركنا للمخطوطات النادرة. ويتناول الركن العديد من المواضيع مختلفة الفنون والمعارف منها في الجانب الفقهي والتاريخي والأدبي واللغوي وعلوم البحار والفلك وغيرها من المعارف والعلوم وعرض في الركن أكثر من عشرين مخطوطا ومن أبرز هذه المخطوطات ديوان السلطان سليمان بن سليمان بن مظفر النبهاني والذي يعود إلى القرن السادس عشر وهو من أقدم المعروضات في ركن المخطوطات وكذلك ديوان أبي مسلم البهلاني وهو مخطوط فيه قصائد متعلقة بتقديس الذات الإلهية وكذلك مخطوط إتحاف المريد بجوهرة التوحيد للشيخ عبدالسلام بن إبراهيم المالكي القاني والذي يعود للقرن السابع عشر وهو مخطوط في أصول الفقه الإسلامي وكذلك مخطوط كشف الغمة الجامع لأخبار الأمة وهو مخطوط تناول أحداث تاريخية مختلفة الحقب والأزمان وفق ما أكد سعود بن حارب البوسعيدي رئيس قسم الوثائق بالهيئة.

سعيد بن سلطان ومحمد علي

بدأت أوراق العمل بورقة قدمها الدكتور صلاح أحمد هريدي علي أستاذ التاريخ بكلية الآداب بجامعة دمنهور حملت عنوان «دور تجار مسقط في نقل الإمدادات لقوات محمد علي باشا في شبه الجزيرة العربية خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر».

يرى الباحث أن الموقع الاستراتيجي العماني كان له دور كبير في ترسيخ العلاقة بين محمد علي باشا وبين السيد سعيد بن سلطان معززة بنظرة محمد علي لقدرة عمان على نقل الإمدادات لجيوشه في الجزيرة العربية. وتناولت الدراسة نتائج وصول قوات «محمد علي باشا» إلى شبه الجزيرة العربية بناء على أوامر من الدولة العثمانية للقضاء على الدولة السعودية الأولى.

واتصفت العلاقات بين السيد سعيد بن سلطان وبين محمد علي باشا بالتقدير المشترك، ويتضح من خلال الرسائل المتبادلة بينهما إعجاب السيد «سعيد بن سلطان» بالبناء الحديث للدولة الذي أقامه محمد علي في مصر ورغبته في إقامة علاقات أوثق مع باشا مصر. وعندما تمكنت القوات المصرية من الاستيلاء على الدرعية عام ١٨١٨م ، بادر السيد «سعيد بن سلطان» بإرسال تهنئة إلى «محمد علي» باشا.

ويدلل الباحث على كلامه بالقول إن السيد سعيد بن سلطان استقبل استقبال الفاتحين عند نزوله بر الحجاز في رحلة حجه، وقد أقام الوالي العثماني له حفل تكريم في جده، وتقابل مع شريف مكة، وظل السيد سعيد طوال موسم الحج في موضع الحفاوة والتكريم والإعجاب والدهشة ، وذلك لأبهة الحاشية التي معه، وفخامة مظهره.

وذكر الباحث أن السيد سعيد بن سلطان كانت لديه رغبة في تلك المرحلة أن يسيطر على البحرين واتجه لذلك لتنسيق سياسته مع سياسة محمد علي في الجزيرة العربية، ففي عام ١٨٣٩ كان هنالك مشروع هام بين الرجلين، تضم بموجبه البحرين والإحساء تحت حكم السيد سعيد مقابل أن يدفع مبلغاً من المال لوالي مصر، ولكن المشروع لم يتم بسبب رفض السيد سعيد للشروط وانشغال محمد علي بحرب سوريا بالإضافة إلى موقف العداء الذي أظهرته السلطات البريطانية نحو النشاط المصري في الخليج.

لكن الباحث يؤكد أن العلاقة بين الرجلين استمرت ودية حيث تشير الوثائق المصرية إلى أن السيد سعيد بعث برسالة إلى محمد علي في عام ١٨٤٠ يطلب فيها بإلحاح سرعة إرسال أحد المدفعيين للخدمة عند السيد سعيد وهذا يؤكد أنه حتى عام انسحاب قوات محمد علي من الجزيرة العربية استمرت العلاقة ودية بين الرجلين.

وقد حاول أشراف الحجاز إقامة علاقات وديه مع السيد سعيد بن سلطان سواء كان أمرا من ولاة مصر لأن الحجاز كانت تابعة لسلطة والي مصر، أو تقديرا منهم لحكام عُمان نتيجة للعلاقات الاقتصادية والمصالح السياسية التي كانت تربطهم.

شركة الهند الشرقية

ومن بين أوراق العمل التي قدمت في اليوم الثاني ورقة عمل قدمتها الباحثة رنا بنت حمدان الضويانية حملت عنوان «الدور السياسي لشركة الهند الشرقية البريطانية في عُمان» . تحدثت الضويانية عن الموقع الاستراتيجي للمنطقة الخليجية والتي جعلتها في واجهة أطماع الدول الاستعمارية. مشيرة إلى أن تجار بريطانيا يبحثون عن طرق جديدة تسهم في إنعاش تجارتهم وتطويرها، فامتدت علاقة بريطانيا بمنطقة الخليج العربي منذ القرن السادس عشر الميلادي، بحكم مصالحها التجارية في الشرق. وازداد الاهتمام البريطاني بهذه المنطقة منذ تأسيس الشركة التجارية، التي عرفت بشركة الهند الشرقية الانجليزية في عام 1600م، وعُنيت بالأمور الاقتصادية والتجارية في المحيط الهندي.

وقالت الضويانية إن شركة الهند الشرقية في تغلل النفوذ البريطاني في الخليج العربي عامة، فلم تعد تعنى بالمصالح التجارية فقط ، بل شاركت في زرع التواجد السياسي البريطاني في المنطقة . فنجد أن هذه الشركة البريطانية والتي مثلت حكومة الهند البريطانية تتمكن من إيجاد مراكز تجارية لها، وقواعد عسكرية في الخليج العربي . وأضافت : كان لعُمان نصيب من هذا التنافس الأوروبي منذ القرن السادس عشر، خصوصاً بعد وصول البرتغاليين إليها، وتمكنهم من حصونها وقلاعها في الساحل، وفي القرن السابع عشر ظهرت القوى الأوروبية وبدأ التنافس بين بريطانيا وهولندا وفرنسا في الحصول على وكالة تجارية في عُمان، وسعيًا من بريطانيا لتوثيق نفوذها بدأت شركة الهند الشرقية الانجليزية تتدخل في شؤون عُمان السياسية الداخلية والخارجية.

وحاولت الورقة إيضاح التغير المغاير والتدريجي الذي مرت به شركة الهند الشرقية البريطانية في انتقالها من شركة تجارية لها اختصاصات وامتيازات اقتصادية في المحيط الهندي، إلى شركة تعكس السياسة البريطانية وتعزز وجودها في منطقة الخليج العربي.

وتحدثت الباحثة عن عمان التي كانت أقوى قوة بحرية إقليمية في الخليج العربي في النصف الثاني من القرن السابع عشر الميلادي، بالإضافة أنها عاشت ازدهارا اقتصادياً وانتعاشاً تجاريًا في تلك الفترة لاسيما بعد طرد البرتغاليين. وذكرت الباحثة إنه في تلك الأثناء كان شاه فارس قد طلب من سفن شركة الهند الشرقية إخضاع مسقط مقابل امتيازات ستمنح لهم، إلا أن الرد الذي وجه للبرتغاليين من قبل أهل عُمان كان كافيًا بأن لا تفكر انجلترا بتقديم أي مساعدة للفرس. لكن الباحثة رأت أنه كان لمسقط حظوة من الاهتمام البريطاني بها، وبرز ذلك على فترات مختلفة، فإضافة إلى موقعها الذي يقع على طريق الهند للوصول إلى مومباي ويتفرع إلى الخليج العربي والبحر الأحمر، فقد كان للاضطرابات الداخلية التي شهدتها فارس سببًا في إحياء التجارة في ميناء مسقط الذي تحول له النشاط التجاري بعد أن كان في بندر عباس، إضافة إلا أن الحملة الفرنسية على مصر والتي قادها نابليون بونابرت عام 1798م، جعلت من شركة الهند الشرقية البريطانية توجه جل اهتمامها إلى ميناء مسقط.

وكانت تربط بين شركة الهند الشرقية البريطانية وإمام عُمان أحمد بن سعيد البوسعيدي (1749-1783م) علاقة صداقة دون وجود أي ممثل عن الشركة أو مقيم معتمد في مسقط، وما يؤكد على هذه العلاقة الودية أنه في عام 1763م عُيِن مستر بريس مندوبًا لشركة الهند الشرقية وطلب من الإمام المرور بمسقط للحصول على معلومات عن الخليج، ورغم أن فترة الإمام أحمد اتسمت بالمنافسة التجارية بين انجلترا وفرنسا، فقد جمعت علاقات تجارية بين مسقط وجزيرتي موريشيوس والبوربون التابعة لشركة الهند الشرقية الفرنسية، كما تقدمت فرنسا بطلب السماح لها بإقامة مركز تجاري لشركة الهند الشرقية الفرنسية لأكثر من مرة، غير أن إمام عُمان رفض أن يكون لشركة الهند الشرقية الفرنسية وكالة تجارية بمسقط.

عُمان والبحرين

ومن بين الأوراق البارزة التي قدمت في اليوم الثاني من أيام المؤتمر ورقة بعنوان «الدور العماني في البحرين لمواجهة الأخطار الفارسية» للدكتور محمد محمود حمد الدوداني، مدرس التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب جامعة دمياط.

يقول الباحث إن البحرين خضعت خلال تاريخها الحديث لحكم القبائل العربية في الخليج، وكان أخر من حكمها الجبور «آل جبر» ، ففي عام 1476م تنازل حاكم هرمز عن حكم البحرين لـ «أجود بن زامل الجبري»، وقد استمر حكمهم للبحرين حتى تمكن البرتغاليون من الاستيلاء عليها عام 1521. وحسب الباحث فقد امتدت السيطرة البرتغالية على البحرين حتى عام 1602م دون انقطاع، حتى تم طردهم منها نهائيا عام 1602، حيث نجحت قوات الشاه «عباس الكبير» في طردهم منها، وظل نظام الحكم الفارسي قائما فيها حتى عام 1700، إذ استقل حاكم البحرين «الشيخ الجبري»، وهو من بقايا الجبريين الذين كانوا يحكمون الاحساء، بالبحرين مستغلا الضعف الذي دب بالدولة الصفوية، وقد استمر حكمه للبحرين لمدة 15سنة، حتي تمكن الشاه الصفوي «عباس الثاني» من الاستيلاء على البحرين، إلا أن حكمه لم يدم طويلا، حيث اتسم حكم الفرس للبحرين بسياسة اتسمت بالجور والظلم، ونتيجة لذلك استغاث الأهالي من ظلمه بالأئمة العمانيين نظرا لما عرف عنهم من العدل والتسامح، وفي عام 1717م تقريباً ظهرت القوة العمانية بزعامة اليعاربة في البحرين، وتمكنت من استردادها.

بعد تحرير العمانيين سواحلهم من الهيمنة البرتغالية كتب الإمام «سيف» إلى الشاه «سلطان حسين»، يطلب منه أن يسلمه البرتغاليين الموجودين في بلاده، وأن يحصل على الامتيازات نفسها التي كان يتمتع بها البرتغاليون في كونج، مقابل أن يتعهد الإمام بإعداد عشرين سفينة حربية للمحافظة على سلامة الملاحة في الخليج العربي، و في حالة عدم الاستجابة لطلباته، سيقوم بمهاجمة بندر عباس والاستيلاء عليه.

ولمواجهة هذا التهديد توجه الشاه إلى الإنجليز فطلب من «برنجوين» وكيل شركة الهند الإنجليزية مساعدته ضد مسقط، لكنهم رفضوا هذا الاقتراح، بحجة أن سفن الشركة لم تكن بحالة تستطيع معها مهاجمة مسقط، مما دعاه إلى أن يطلب من «برنجوين» إبقاء السفينة «ناساو» مدة عشرين يوما لحماية بندر عباس.

وقال الباحث في سياق بحثها أدرك العمانيون أن الاقتصاد الفارسي يعتمد بشكل كبير على تجارة لؤلؤ البحرين، وأن السيطرة عليها سيكون بمثابة ضربة قاصمة للوضع المالي المتدهور في بلاد فارس، بالإضافة إلى أن السيطرة على البحرين سيكون البداية للقضاء على الوجود الفارسي في الخليج، وفي أكتوبر 1715 شنت القوات العمانية في عهد الإمام «سلطان بن سيف الثاني» هجومين كبيرين على البحرين، إلا أن القوات الفارسية تمكنت من صد الهجومين وتكبد العمانيون خسائر فادحة.

وعلى إثر ذلك أعد الفرس قوة خاصة بقيادة «صافي قولي خان» للدفاع عن البحرين، وفي هذه الأثناء أخذ العمانيون يعدون العدة لغزو البحرين مرة ثانية، وفي فبراير 1917 دخل العمانيون الجزيرة وقتلوا حاكمها لكنهم فشلوا في السيطرة على الحصن، وفي أواخر صيف عام 1717 تمكن الإمام سلطان بن سيف من انتزاع البحرين بعد حصار دام شهراً تقريباً، وقام بعدها الإمام ببناء «قلعة عراد الشهيرة»، وترك حامية عمانية فيها، وقام الإمام بتعيين «محمد بن ناصر الغافري» والياً على البحرين».