1189631
1189631
الاقتصادية

الساجواني: اختيار السلطنة لإقامة الندوة لما حققته من مراكز متقدمة في مجال الأمن الغذائي

11 ديسمبر 2017
11 ديسمبر 2017

منظمة «الفاو» وشركاؤها الدوليون يجتمعون بمسقط لتحسين الأنماط الغذائية في المنطقة -

كتب - زكريا فكري -

استضافت السلطنة أمس الندوة الإقليمية عن نظم الغذاء المستدامة لأنماط غذائية صحية وتغذية محسّنة في الشرق الأدنى وشمال إفريقيا، التي تنظمها منظمة «الفاو» بالشراكة مع منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) والمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية وبرنامج الأغذية العالمي وجامعة الدول العربية. أقيمت الندوة تحت رعاية معالي الدكتور فؤاد بن جعفر الساجواني وزير الزراعة والثروة السمكية وبمشاركة كبيرة من ممثلي منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، ومنظمة الصحة العالمية، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، والمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية (إفبري)، وعدد من ممثلي المنظمات غير الحكومية إلى جانب وزارتي الزراعة والصحة في السلطنة.

وفي تصريحات صحفية قال معالي فؤاد بن جعفر الساجواني وزير الزراعة والثروة السمكية وراعي حفل افتتاح الندوة أمس: إن الندوة هي الأولى من نوعها على مستوى العالم التي تعنى بالغذاء المستدام وقد تم اختيار السلطنة كمكان لانعقاد الندوة لما حققته من نمو في قطاع الأمن الغذائي، فالسلطنة هذا العام حققت المركز الثاني على المستوى العربي والـ 28 على المستوى العالمي في تحقيق الأمن الغذائي. وهذا تحقق من خلال اتباع مجموعة من السياسات الخاصة بالأمن الزراعي حيث توسعنا في الإنتاج الزراعي النباتي والحيواني والسمكي، وتوسعنا في الاستثمار في مجال الغذاء بشكل كبير في داخل السلطنة... كما قمنا ببناء منظومة المخازن والصوامع... ووضعنا مجموعة من الحوافز للاستثمار في مجال الغذاء وبناء منظومة للأمن الغذائي المبكر... هذه السياسات ساعدتنا على تحقيق مراكز متقدمة.

وأضاف معاليه أن الندوة تعكس مدى ثقل السلطنة وما أصبحت تتمتع به من بيئة جاذبة ترحب بالجميع. وفي تصريحات خاصة لـ«عمان» قال معاليه: إن الوزارة بدأت في منح الموافقات للشركات الراغبة في تنفيذ المبادرات التي طرحناها خلال مختبرات الثروة السمكية وعددها 91 مبادرة.

الندوة وأهدافها

وكانت الندوة الإقليمية عن نظم الغذاء المستدامة لأنماط غذائية صحية وتغذية محسّنة في الشرق الأدنى وشمال إفريقيا”، قد انطلقت أمس في فندق هوليداي إن الموالح وتستمر يومين، وتتناول أسباب أزمة سوء التغذية في الشرق الأدنى وشمال إفريقيا، حيث تعاني منطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا من أشكال مختلفة من سوء التغذية، إذ تواجه بعض الدول عدة مشاكل في الوقت نفسه من بينها نقص التغذية لدى الأطفال، وفقر الدم والبدانة. وهذه المشاكل نابعة ليس فقط من نقص الحصول على الأغذية الكافية والمغذية والآمنة، بل كذلك من فشل النظم الغذائية في معالجة مشاكل سوء التغذية بشكل كافٍ وبطريقة شاملة من الإنتاج وحتى الاستهلاك.

ولفت عبد السلام ولد أحمد، مساعد المدير العام للفاو والممثل الإقليمي في مكتب المنظمة الإقليمي للشرق الأدنى وشمال إفريقيا الانتباه إلى “الزيادة المقلقة والمتواصلة في حالات نقص التغذية”، مشيراً إلى أن التحول السكاني الذي اقترن بتغير أسلوب الحياة “أدى الى تغييرات كبيرة في الأنماط والعادات الغذائية التي لا تؤدي إلى حياة صحية”.

خطورة تغير الأنماط الغذائية

وارتبط الانتقال من الأنماط الغذائية المعتمدة على الحبوب والبقوليات والخضروات والفواكه إلى تلك المعتمدة على استهلاك كميات أكبر من اللحوم والأغذية المعالجة والسكر والملح والدهون، بظهور عدد من الأمراض. وعندما اقترن هذا التحول بقلة الحركة أدى إلى «ارتفاع الإصابة بالبدانة حتى في الدول التي تعاني من نقص التغذية».

وأشار ولد أحمد إلى تأثير النزاعات على بعض دول المنطقة حيث تعطل الانتاج الزراعي والأنظمة الغذائية، وانخفض الإنتاج الحيواني مما أثر على توفر الغذاء. وترافق ذلك مع نقص مياه الشرب الآمنة والصرف الصحي، وهما عاملان مهمان جداً لتغذية وصحة وكرامة البشر.

ودعا ولد أحمد المشاركين في مناقشات الندوة إلى «التركيز على ضرورة اتباع نهج متكامل للتغذية من الإنتاج حتى الاستهلاك يأخذ في الاعتبار احتياجات السكان وفئات السكان الأكثر ضعفاً في أوضاع النزاعات»، مؤكداً أنه يتعين على منظمات الأمم المتحدة أن تواصل العمل جنباً إلى جنب مع المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، لتسليط الضوء على تحدي التغذية وتبادل الخبرات والحلول.

القضاء على الفقر

تعد الندوة الإقليمية عن نظم الغذاء المستدامة لأنماط غذائية صحية وتغذية محسّنة في الشرق الأدنى وشمال إفريقيا واحدة من خمسة لقاءات متابعة إقليمية بعد الندوة العالمية التي عقدت في روما في ديسمبر 2016. وستعالج الندوة مباشرة هدف التنمية المستدامة 2 وهو القضاء على الجوع، وستسهم في عقد الأمم المتحدة للعمل من أجل التغذية.

وتوفر الندوة فرصة لمراجعة وضع النظم الغذائية في المنطقة، وتعرض أمثله من دول الشرق الأدنى وشمال إفريقيا. وسيتبادل المشاركون المعرفة والخبرة والأدلة حول ضرورة إحداث تغير تحويلي في النظم الغذائية الحالية. كما سيتم بحث خيارات السياسات والطرق المستقبلية.

كلمة وزارة الزراعة

وقال المهندس منير بن حسن اللواتي مدير عام التخطيط والتطوير بوزارة الزراعة والثروة السمكية: إن أهمية هذه الندوة الإقليمية قد جاءت لتتواصل مع الجهود العالمية السابقة حول تعزيز العلاقة بين نظم الأغذية المستدامة والتغذية السليمة، حيث اتفقت (164) دولة شاركت في المؤتمر العالمي للتغذية عام 2014 على تبني هياكل مؤسسية لمواجهة تحديات التغذية وتأثيراتها المستقبلية، وتوفرت قناعات لدى المشاركين بأن نظم الأغذية هي الأخرى تواجه تحديات أخرى من نوع آخر يتطلب معالجتها لإنتاج أغذية كافية وسليمة ومتنوعة في عناصرها الغذائية لضمان توفير الغذاء الصحي في ظل عالم متحرك ومتسارع يواجه العديد من التداعيات البيئية والاجتماعية والاقتصادية والمناخية والتي كانت ولا تزال تلقي بظلالها على الأمن الغذائي العالمي في المنظور المستقبلي، وبموجبه تبنى المؤتمر المذكور «إعلان روما للتغذية» حيث التزمت الحكومات باتخاذ الإجراء اللازم لمحاربة الجوع وإيقاف كافة أنواع النقص الغذائي، وقد أعقب ذلك لقاء قادة العالم في عام 2015م حيث خرج هذا الاجتماع بتبني أجندة 2030 للتنمية المستدامة والتزام الدول الأعضاء وعلى وجه الخصوص إيقاف النقص الغذائي وضمان استدامة نظم إنتاج الغذاء حتى عام 2030م.

وإزاء هذا الفهم المتناسق بين نظم الأغذية والتغذية السليمة فقد تطلب الانتقال من إطار اللقاءات العالمية إلى الإقليمية لاستعراض وتحليل الأوضاع القائمة على مستوى إقليم الشرق الأدنى وشمال إفريقيا وبقية الأقاليم والاطلاع على التجارب القطرية لنظم الغذاء القائمة والتحديات التي تواجهها والمبادرات الكفيلة بتطويرها ومعرفة مدى تأثيرها على الأنماط الغذائية القائمة وتحديد سبل ضمان التغذية السليمة وتبني السياسات والخطط التنفيذية والتجارب الرائدة في هذا المجال.

اهتمام السلطنة

وأضاف المهندس حسن اللواتي قائلا: لقد استشعرت حكومة السلطنة بأهمية كل من نظم الأغذية ومنظومة الأمن الغذائي لضمان تحقيق سلامة الفرد والمجتمع ابتداء من ثمانينات القرن الماضي كما شهدت السنوات القريبة الماضية توجيهات ومبادرات حثيثة تناولت اتخاذ إجراءات عملية لتحسين جودة وسلامة الغذاء وإجراء وتحليل مستمر لأنماط الاستهلاك الغذائي وإنجاز العديد من المسوحات والأبحاث للوقوف على الأوضاع التغذوية بالسلطنة. ان المنهج المتبع في مجالات الربط بين الأغذية والتغذية السليمة ارتكز على مبدأ التخطيط بعيد المدى ولغاية 2040 المرتبط بخطط تنفيذية قصيرة ومتوسطة المدى لضمان مستقبل مشرق وتحقيق رفاهية مستدامة والاعتماد على إحصاءات زراعية وسمكية وتغذوية محدثة بصورة دورية ومن ثم إعداد الاستراتيجيات والخطط الاستثمارية على مستوى قطاعات الزراعة المستدامة والتنمية الريفية 2040 واستراتيجية تطوير أداء القطاع السمكي 2040 واستراتيجية عمان للتغذية 2040 بالإضافة إلى الاستراتيجيات الأخرى ذات العلاقة.

وإزاء تلك التوجيهات فقد تحققت نتائج مقدرة غير مسبوقة حيث جاء تسلسل السلطنة استناداً للمعايير الدولية لقياس الأمن الغذائي بالمرتبة الثانية على مستوى الدول العربية وبالمرتبة الثامنة والعشرين على مستوى دول العالم للعام 2017م. وبقراءة موجزة لأداء القطاعين الزراعي والسمكي يلاحظ ارتفاع إجمالي إنتاج الغذاء من (1694) ألف طن عام 2011م الى (2369) ألف طن عام 2016م محققا متوسط نمو (7%)، وبلغت نسبة الاكتفاء الذاتي لإجمالي الأغذية المنتجة محليا حوالي (41%) إلي إجمالي الغذاء المتاح للاستهلاك للعام 2016م، كما بلغ إجمالي قيمة فاتورة الغذاء المنتج محليا (35%) الى إجمالي قيمة الغذاء المتاح للاستهلاك، وهناك مشاريع استثمارية كبيرة وجديدة تجري متابعتها وتنفيذها بإشراف من قبل وزارة الزراعة والثروة السمكية لزيادة إنتاج الغذاء ضمن إطار مفهوم تحسين كل من نظم الإنتاج ونظم الغذاء وبالتنسيق مع الأذرع الاستثمارية الحكومية وبمشاركة القطاع الخاص، وقد بلغ عددها (30) مشروعا إنتاجيا ومساندا جديدا في مجال القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني تقدر طاقتها الإنتاجية بنحو (293) ألف طن بالإضافة الى الزيادات المتوقعة من الشركات القائمة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والجمعيات والمزارع الصغيرة، كما أثمرت مخرجات البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي (تنفيذ) لقطاع الثروة السمكية بتنفيذ (11) مبادرة تتضمن (91) مشروعا مزمع تنفيذها في مجال الصيد التقليدي والتجاري والاستزراع السمكي والتصنيع والتصدير، ومن المؤمل أن تساهم هذه المشاريع في رفع كمية الإنتاج المحلي من (280) ألف طن في عام 2016م الى نحو (1.3) مليون طن في عام 2023م، ورفع قيمة الناتج المحلي الإجمالي لقطاع الثروة السمكية من (225) مليون ريال عماني عام 2016م الى نحو (1.3) مليار ريال عماني بحلول عام 2023م.

أما في مجال سلامة الأغذية فقد صدر مرسوم سلطاني خلال العام 2017م بإنشاء المركز الوطني لسلامة الغذاء ليتولى إدارة هذا الملف المهم والمرتبط بسلامة وصحة المواطنين والمقيمين بالسلطنة بصورة مركزية.

محاور الندوة

يتناول البرنامج العلمي للندوة محاضرات عامة وأخرى لاستعراض التجارب القطرية مصنفة وفق (4) محاور رئيسية وجلسات نقاشية إضافية بغرض الخروج بنتائج عملية تحكم مسارات دول إقليم الشرق الأدنى وشمال إفريقيا خلال المرحلة القادمة في مجال نظم الأغذية وربطها بالتغذية الصحية.