1187464
1187464
عمان اليوم

مشروع يطوّر صبغات للخزف العماني باستخدام أكثر من 27 نوعا من الأشجار العمانية

09 ديسمبر 2017
09 ديسمبر 2017

حاز على المركز الأول في جائزة الغرفة للابتكار -

كتبت – مُزنة بنت خميس الفهدية -

تمكّن مشروع ابتكاري من استخدام رماد الأشجار العمانية التالفة في الطلاءات الخزفية للمبتكر الدكتور بدر بن محمد المعمري، حيث تم التوصل إلى نتائج ناجحة لتطوير المنتج الخزفي العماني بالصبغات الخزفية والطلاءات الرمادية لأكثر من 27 نوعا من أنواع الأشجار العمانية.

وحاز المشروع الابتكاري على المركز الأول في جائزة الغرفة للابتكار التي نظمها مجلس البحث العلمي، حيث جاءت فكرة البحث في تطوير صبغات خاصة بصناعات الفخار عبر استخدام التالف من رماد الأشجار العمانية نظرا للتكاليف العالية لمنتجات الطلاءات الخزفية ، وتم تسوية «حرق» المنتجات الخزفية على درجة حرارة 1000 مئوية في أفران متخصصة، واستخدام نتائجها في منتجات خزفية، وكان النجاح الأبرز في هذا الابتكار العماني هو موافقة خلطات الطلاء كيميائيا مع مستوى حرق لا يتعدى 1000 درجة كونها الدرجة الملائمة لحرق الخزف العماني.

فكرة المشروع

وقال الدكتور بدر بن محمد المعمري «إن المنتج الابتكاري ينافس المستورد ويلائم الهوية العمانية، وتعتمد فكرتي على إنتاج طلاءات خزفية قليلة التكلفة ملائمة للإنتاج على الطينات الخزفية المحلية والمستوردة على السواء باستخدام رماد الأشجار المنتمية للبيئة العمانية، حيث مر المشروع بمراحل زادت عن العامين، بدأت بتطوير طلاءات خزفية باستخدام الرماد المستخرج من حرق سعف النخيل التالف حيث لم يعتمد المشروع على حرق سعف النخيل الحي حفاظا على البيئة العمانية، ومن ثم تطورت العملية البحثية لتشمل 27 نوعا من الأشجار العمانية لأكثر من 40 ولاية عمانية مختلفة المناخ، وتم نشر نتائج البحث في مجلة «Journal of Arts & Humanities» الأمريكية عام 2016م».

وأضاف المعمري «قمت في مختبر الطلاءات الخزفية بجامعة السلطان قابوس بأكثر من 600 خلطة طلائية بمركبات كيميائية تعتمد على قدرتها على تحمل درجات الحرارة التي لا تقل عن 1000 درجة مئوية ولا تزيد عن 1290 درجة مئوية وهي الدرجات الملائمة للطينة الخزفية العمانية وحتى المستوردة، وتطبيق كل تجربة عملياً على بلاطة صغيرة لاكتشاف قدرتها على الثبات وترتقي جودتها من الناحية اللونية».

وأوضح المعمري أنه تم تحديد وفرز العينات واختيار بعض منها ليتم تطبيقها فعلياً على منتج نهائي، حيث تحققت اشتراطات ثبات اللون أنه لا يتغير حتى درجة 1290 درجة مئوية، بالرغم من الصعوبات التي ترافق هذا النوع من المشاريع وخصوصاً التعامل مع الأفران عالية الحرارة «1290 درجة مئوية واستخدام أكثر من 40 مركباً كيميائياً بصحبة رماد الأشجار في تكوين الطلاءات الخزفية.

مرحلة النموذج والإنتاج

وحول الجانب الفني والعملي قال المعمري «إن النموذج عبارة عن عدة قطع خزفية تم تنفيذ هذا النوع من الطلاء عليها بشكل ناجح، وتمت التجارب التي قمت بها في هذا المشروع على طينات خزفية تتحمل درجات حرارة عالية جدا تصل إلى 1290 درجة مئوية، ولأنني أرغب في عرض مدى أهمية ابتكاري قررت أن يتم تطبيق فكرة الابتكار مع خط إنتاج خزفي مختلف تماماً، فقد كانت مرحلة النموذج قد طُبقت على خزف من فئة الأواني «أكواب، أطباق ...الخ» مضيفا أن في المرحلة النهائية تمّ تقديم ابتكار الطلاء الخزفي في منتج خزفي ذي علاقة بالديكور والبناء، ومن هذا المنطلق جاءت فكرة الجداريات الخزفية ذات الطابع الصخري ليكون نموذجاً صناعياً وتجارياً جديراً بالتقديم في المرحلة النهائية من جائزة الغرفة للابتكار.

وأوضح الدكتور بدر أنه حتى يصبح المنتج النهائي واقعياً من الناحية العملية فقد عمدت إلى تنفيذه شخصياً في الأستوديو الخاص بي باستخدام القوالب الجبسية، بهدف محاكاة الواقع في حال انتقال الفكرة أو الابتكار إلى السوق وقطاع الصناعات التحويلية بالتحديد، حيث قمت باختيار شكل الجداريات الصخرية كنموذج يتم استنساخه لتجريب طلاءات الرماد عليه، وبالرغم من أن فكرة الابتكار تدور حول الطلاء الخزفي وليس إنتاج الخزف كون إنتاج الخزف يعتبر أمراً اعتيادياً، إلا أنني حاولت قدر الإمكان أن أنفذ هذا النموذج الخزفي بشكل دقيق ليظهر قوة الفكرة وجاذبيتها، مشيراً إلى أهم مراحل الإنتاج التي تتمثل في إنتاج الطلاءات والتحكم بشكلها بما يناسب التكوينات الصخرية الجمالية التي تتوافر في الطبيعة بشكل مكلف للغاية، وخلال شهر ونصف تمّ تطوير عينات لونية طلائية كثيرة لإتاحة الفرصة لاختيار أفضلها للإنتاج النهائي ليتم تقديمه للمرحلة النهائية من هذه المسابقة.

المهارات والخبرات

وحول الاستفادة من المشروع الابتكاري، قال المعمري« قمت بإنتاج جميع نماذج المسابقة ومنتجاتها الخزفية بشكل شخصي، وساعدتني خبرة العمل في مجال الخزف على الإنتاج بطرق القوالب، كما ظهر أيضا في إنتاج الجداريات الخزفية وحتى الأكواب والأواني التي قدمت في المرحلة الثانية من هذه المسابقة»، مشيراً إلى أن هناك كتابا علميا متخصصا بعنوان طلاءات الخزف، ضمّ تجارب متنوعة كاملة ووصفات كيميائية بالغة الدقة، وكل هذه التجارب قادت إلى تحقيق متطلبات هذا الابتكار العملي.

فرص النجاح التجاري

وأشار المعمري إلى أن التكلفة الحقيقية للمنتج الخزفي بأشكاله المختلفة تكمن في الخامات الكيميائية التي تستخدم في إنتاج الطلاء الخزفي، وكانت التجربة الابتكارية متمثلة في إدخال نسب من رماد الأشجار العمانية التالفة التي أسهمت في تعويض بعض الخامات الثمينة بخامات من البيئة المحلية أدت إلى تحقيق أهداف المنتج من النواحي الشكلية والجمالية بشكل ملحوظ، لذلك قد يصب ذلك في صالح المنتج من ناحية انخفاض تكلفة الإنتاج تارة ومن ناحية المنافسة للمنتج المستورد تارة أخرى.

وتطرق الدكتور بدر في حديثه إلى التنافسية والجدوى الاقتصادية قائلا «من خلال ممارستي لإنتاج وتصميم وطلاء الخزف خلال 15 عاما الماضية، يمكنني أن ألخص مشكلة إنتاج الخزف العماني في ثلاث معضلات رئيسية، حيث تمثلت المعضلة الاولى في ضعف التجديد وطرق الإنتاج وتقنياتها ، ثانيا ضعف إنتاج الطلاءات والألوان الخزفية على المنتج المحلي، والمعضلة الأخيرة تمثلت في ضعف القوانين الخاصة بالاستيراد والتصدير التي تحمي الصانع العماني للخزف والتي جعلت منافسة المنتج المستورد في غاية الصعوبة على منتجي الخزف المحليين وهذا ما يفسر وجود أكثر من 42 مشتلا في ولاية السيب تعتمد بنسبة تفوق 95% على الاستيراد من الصين وتايلاند وفيتنام والهند وغيرها سواء عبر الاستيراد المباشر أو عبر الاستيراد من دولة الإمارات العربية المتحدة وذلك من خلال إحصائية 2016.

النتائج

وتوصل الدكتور بدر المعمري إلى نتائج مهمة حيث قال: «تتم منافسة المنتج المستورد بحل المعضلتين الأولى والثانية عن طريق تطوير طرق الإنتاج وتطوير طلاءات خزفية قليلة التكلفة عبر استخدام خامات محلية تدخل بنسب عالية في إنتاج طلاءات الخزف الدائمة التي يجب أن تكون بدرجة عالية من الجودة والاحترافية» مشيراً إلى أن الطلاءات المعتمدة على رماد الأشجار التالفة سيقلل بشكل كبير من تكلفة إنتاج الطلاء الخزفي مقارنة بتكلفة علبة تلوين الخزف المستوردة من فئة 60 مل من ماركة «Amaco» التي تبلغ 7 ريالات عمانية مما يجعل عملية استخدامه في صناعة الخزف شبه مستحيلة، ومن هنا يأتي دور أهمية هذا الابتكار في إنتاج الطلاء الخزفي محليا في المصانع والمختبرات حيث انه تقل تكلفة نفس الكمية 60 مل بواقع 75%، وهو ما يسهل عملية الإنتاج.

الجهات الداعمة

وثمّن المعمري جهود الجهات الداعمة منها مؤسسات صناعة الخزف المحلية كـمركز الحرف اليدوية في منطقة الرسيل الصناعية، والمؤسسات الخزفية التابعة للهيئة العامة للصناعات الحرفية في «بهلا وصحم وغيرها»، والمصانع المتخصصة بإنتاج الحجر الصناعي، والمصانع الخاصة بالصناعات السيراميكية، التي يمكن أن تتبنى تنفيذ وتحويل الابتكارات المرافقة لهذا المشروع في المستقبل.