أفكار وآراء

نحو تمكين القطاع الخاص ليكون المشغل الرئيسي للقوى العاملة الوطنية

09 ديسمبر 2017
09 ديسمبر 2017

د. محمد رياض حمزة -

الملتقى التعريفي بالخطوات التنفيذية لتشغيل 25 ألف مواطن الذي نظمته وزارة الإعلام بمشاركة وزارة القوى العاملة يوم 6 ديسمبر 2017 وبحضور ممثلي وسائل الإعلام والصحفيين في السلطنة أكد على العمل الجاد لإنجاح وتفعيل قرار مجلس الوزراء بتوفير فرص عمل لخمسة وعشرين ألف باحث عن عمل كمرحلة أولى. المبادرة الجديدة تؤكد أن حكومة السلطنة ما توقفت ولن تتوقف عن الاهتمام بتشغيل الباحثين عن عمل الذين تتزايد أعدادهم بموازاة ونسبة نمو عدد مواطني السلطنة.

وهنا لا بد من التذكير بما وجه به صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله في خطاب جلالته امام مجلس عمان في 12 نوفمبر 2012 م وخص به القطاع الخاص والشباب العماني بقول جلالته: “القطاع الخاص هو احدى الركائز الأساسية في التنمية سواء بمفهومها الاقتصادي الذي يتمثل في تطوير التجارة والصناعة والزراعة والسياحة والمال والاقتصاد بشكل عام أو بمفهومها الاجتماعي الذي يتجلى في تنمية الموارد البشرية وتدريبها وتأهليها وصقل مهاراتها العلمية والعملية وإيجاد فرص عمل متجددة وتقديم حوافز تشجع الالتحاق بالعمل في هذا القطاع، وهناك كلمة نود توجيهها للشباب العماني بهذه المناسبة وهي أن العمل بقدر ما هو حق فهو واجب وأن على كل من أتم تعليمه وتأهيله الانخراط في أي عمل مفيد يحقق فيه ذاته ويسعى من خلاله إلى بلوغ يطمح إليه وعدم الانتظار للحصول على عمل حكومي . فالدولة بأجهزتها المدنية والأمنية والعسكرية ليس بمقدورها ان تظل المصدر الرئيسي للتشغيل . فتلك طاقة لا تملكها ومهمة لن تقوى على الاستمرار فيها الى مالا نهاية وعلى المواطنين أن يدركوا أن القطاع الخاص هو المجال الحقيقي للتوظيف على المدى البعيد، ثم فلا ينبغي أن يترددوا في الالتحاق به ولا أن يهجروا العمل فيه وفي مقابل ذلك فإن الأمر يتطلب بصفة خاصة تعديل نظام الأجور في هذا القطاع لاسيما في المستويات الدنيا والمتوسطة من وظائفه واعتبار ذلك مهمة وطنية وفاء لهذا البلد الذي احتضنه وخدمة للمواطنين الذين وثقوا فيه وأعطوه من جهدهم وفكرهم الكثير”.

توجيه جلالته قبل خمس سنوات منهاج عمل للقطاع الخاص أن يكون المشغل الأساس للقوى العاملة الوطنية. وأن يكون حافزا لتوجه الشباب العماني لمنشآت وشركات القطاع الخاص كمقصد أهم في الحصول على فرصة عمل. هذا النهج دأبت على تنفيذه وزارة القوى العاملة وبادرت في العمل مع منشآت القطاع الخاص لتوفير فرص العمل في منشآتها في ضور خطط التعمين والإحلال التي تنفذها من خلال 12 جنة قطاعية للتعمين.

يقترب عدد القوى العاملة الوافدة في القطاع الخاص من مليوني عامل في نهاية عام 2017 م. وإن استثنينا مليونا و700 ألف فرصة عمل يزاولها عمال وافدون فإن هناك ثلاثة آلاف فرصة عمل قابلة للتعمين في التخصصات الهندسية والفنية والإدارية. وهذه المعادلة كانت موجودة دائما في سوق العمل. وتؤكدها بيانات وزارة القوى العاملة التي توثق تطور سوق العمل اسبوعيا وشهريا وسنويا وتنشرها بكل شفافية. وإن عدم إيلاء القطاع الخاص الاهتمام تسبب ببقاء تحدي ملف الباحثين عن عمل. لهذا بادرت حكومة السلطنة وتعمل على تفعيل مبادرة تلو الأخرى لتشغيل الباحثين عن عمل. ولعل آخرها ، وليس أخيرها ، قرار مجلس الوزراء بتوفير فرص عمل لخمسة وعشرين ألف باحث عن عمل كمرحلة أولى.

معلوم أن مرجعية القطاع العام ( الحكومي) هو مجلس الوزراء الموقر. كسلطة تنفيذية عليا. فيقرر وتعمل وزارات وهيئات الدولة على تنفيذ مقرراته. وتلك آلية محكمة ضمن للسلطنة استدامة تنمية الاقتصاد وكفلت للمواطنين عيشهم وتوفير خدماتهم.

القطاع الخاص في السلطنة من منشآت وشركات ومصالح لا مرجعية لها كما هو الحال في الدول ذات الاقتصادات القوية. حيث تعتبر غرف التجارة المرجعية التي تتمتع بقوة التأثير على توجهات شركات القطاع الخاص.

فقطاع العمل في الدول الصناعية تساهم في تكوينه شركات القطاع الخاص بنسبة 95% من جملة القوى العاملة.

غرف التجارة في الدول الصناعية مؤسسات خدمية وسيطة بين شركات القطاع الخاص و القوانين والتشريعات المنظمة للأنشطة الاقتصادية كافة في الدولة وخارجها. وبما أن الشركات بأنواعها الخدمية والصناعية والتجارية مسجلة في سجلاتها فإنها المرجعية الاستشارية له. وتشترك معظم غرف التجارة بأهداف وواجبات خدمية لأعضائها ولاقتصاداتها الوطنية فتعمل على توفير تنشيط الاقتصاد الوطني واستدامة نموه من خلال خدمة أعضائها من الشركات. كما تعمل على التواصل مع الحكومة لتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص. وإعداد الدراسات الميدانية و التقارير الشهرية عن سوق العمل وتطوراته لتزويد أعضائها من الشركات بالمستجدات الميدانية عن واقع الاقتصاد الوطني. وتعمل على تنسيق بين الشركات وهيئات حماية المستهلك حفظا على مصالح أعضائها من التجاوز على قوانين الحماية .

ومن بين أهم أنشطتها الاتصال بالوزارات المختلفة وذلك لمناقشة المقترحات الميسرة لعمل شركات القطاع الخاص من اعضائها. فتعمل على تقديم الاستشارات الفنية للقطاعين التجاري والصناعي وتزويدهم بالمعلومات المتنوعة مثل ( القوانين والقرارات الوزارية وتعليمات الاستيراد والتصدير والنقد بما يمكنهم من ممارسة عملهم لتحقيق الفائدة في ضوء القانون. بما في ذلك المشاركة في توجيه وصنع القرار الاقتصادي.

ومن بين واجباتها تحسين وتطوير سوق العمل. إذ إن الشركات من أعضائها تعتمد على الموارد البشرية المتاحة في سوق العمل فدراسات غرف التجارة تمكن الشركات من تعزيز عنصر العمل كما ونوعا بما يخدم انشطتها .

تعتبر الغرف التجارية في معظم الدول الصناعية مؤسسات مستقلة غير حكومية . إلا أن دورها في خدمة أعضائها يتجاوز الخدمات الذاتية لأعضائها وذلك بالعمل على تعزيز دور الشركات بمساهمتها في الخدمات التي تقدمها للمجتمع.

أنشئت غرفة تجارة وصناعة عمان في 15 مايو عام 1973 م لتكون مؤسسة ذات نفع عام في السلطنة. وتهتم الغرفة بمصالح القطاع الخاص وتمثله في المحافل الإقليمية والدولية. والغرفة في رؤيتها تؤكد أنها تعمل على تنمية القطاع الخاص وجعله شريكا أساسيا في التنمية الاقتصادية المستدامة . وأكدت في رسالتها أن تكون الممثل الرسمي للقطاع الخاص العماني محليا ودوليا وأداته الفاعلة في اتخاذ كافة القرارات التي تهم القطاع، وتحرص على دعم وتطوير و وتنمية القطاع الخاص من خلال الأدوات والبرامج المتاحة لدفع مسيرة التنمية الاقتصادية بالسلطنة.

وبذلك لا بد لغرفة تجارة وصناعة عمان أن تسهم في تنفيذ مبادرة حكومة السلطنة في تشغيل 25 ألف مواطن وجعل القطاع الخاص بشركاته ومنشآته المشغل الأساس ليس فقط لهذه المبادرة وإنما لكافة الباحثين عن عمل ولاستقرار عمل القوى العاملة الوطنية في منشآت القطاع الخاص وموازنة سوق العمل.