أفكار وآراء

لجان عمل مجموعة مينا فاتف 2-2

06 ديسمبر 2017
06 ديسمبر 2017

د. عبد القادر ورسمه غالب -

Email: [email protected] -

مجموعة العمل المالي (فاتف) هي هيئة عامة دولية تتولى مهمة دراسة التقنيات واتجاهات غسل الأموال وتمويل الإرهاب وإعداد وتطوير السياسات المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب محليا ودوليا. وركزت المجموعة، منذ تأسيسها بباريس سنة 1989، جهودها على اعتماد وتنفيذ تدابير ترمي لمواجهة استغلال المجرمين للنظام المالي. وقد أصدرت مجموعة العمل المالي في سنة 1990 سلسلة من التوصيات الهامة، وقامت بمراجعتها سنة 1996 و2003 و2012 ... وغيرها. لتواكب التطورات التي الخاصة بالتهديدات الناتجة عن غسل الأموال.

وتضم فاتف عدة مجموعات من ضمنها مجموعة “مينا فاتف”، وهي مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أجل مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في هذه المنطقة، وتتخذ مينا فاتف البحرين مقرا لها.

كما ذكرنا في المقال السابق، تقوم مجموعة “المينا فاتف” بمكافحة غسل الأموال ومحاربة تمويل الإرهاب وتقوم بمتابعة تنفيذ أحكام اتفاقيات الأمم المتحدة (اتفاقية باليرمو) و(اتفاقية ميريدا) وكل التوجهات الدولية الإضافية الصادرة في هذه المجالات الحساسة. ولتتمكن مجموعة “المينا فاتف” من تنفيذ الأدوار المنوطة بها قامت بتكوين لجان متخصصة في عدة مجالات لضمان تنفيذ الأدوار بصورة سلسة وسليمة تعود بالفائدة على الدول الأعضاء بصفة خاصة والمجتمع الدولي. وذكرنا، لجنة الأشخاص السياسيين ممثلي المخاطر، وأيضا لجنة الأعمال والمهن المالية غير المحددة. ولقد تطرقنا لدور هذه اللجان في المقال السابق.

والآن نشير الى أن من أهم اللجان أيضا “لجنة الحوالة” وهي ممارسة تحويل النقود من بلد لآخر بعيدا عن البنوك كتحويل بديل و “تحويل غير رسمي أو بعيد عن المنافذ الرسمية” حيث يقوم الشخص بتسليم نقود “كاش” لشخص مسافر لبلده أو يسلم النقود لشخص هنا على أن يقوم عبر طرقه بتسليمها لأهل المرسل في بلده وقد يكون التسليم “من الباب للباب”. وهذه الممارسة مستمرة منذ فترة طويلة، خاصة بين المغتربين من آسيا وأفريقيا... وذلك استنادا للثقة العمياء بين الأطراف أو لعدم توفر البنوك ومكاتب الصرافات وصناديق البريد أو ربما للالتفاف على سعر الصرف المجحف.. لكن ممارسات الحوالة البريئة تم اختراقها بواسطة بعض الأيادي والعقول الإجرامية ولذا ظهرت الحاجة لتقنين هذه الممارسات بل ولحمايتها حتى لا تكون منفذا سائغا لغسل الأموال أو تمويل الإرهاب أو معبرا للجرائم المنظمة والفساد المفسد بواسطة جهات قد تستغل ممارسة “الحوالة الهوالة” البريئة الساذجة. ولذا نشأت الحاجة لدراسة أمر “الحوالات” ومن المهام التي قامت بها اللجنة العمل على تعريف “الحوالة” وتحديد المخاطر المرتبطة باستغلالها في غسل الأموال أو الإرهاب أو الفساد مع التوصية للدول التي تنتشر فيها ممارسة “الحوالة” باتباع التوصيات الأربعين الصادرة من مجموعة العمل المالي “فاتف” الخاصة بمكافحة غسل الأموال زائدا التوصيات التسعة الإضافية الخاصة بتمويل الإرهاب مع توجيه الدول بضرورة إصدار التشريعات الضرورية لتقنين النشاط ومراقبته بإنشاء وحدات خاصة لمراقبة “الحوالة” وتوعية الأطراف المرتبطة بها مع الحرص علي تبادل المعلومات بشأن “الحوالة” مع بقية الدول ليكون هناك تنسيق عالمي بين الجميع....

ولمراقبة نقل “النقود” بين الدول، تكونت لجنة لدراسة أمر مراقبة نقل النقود بين الدول خاصة وأن هذا النشاط قد يوفر مناخا خصبا لغسل الأموال أو تمويل الإرهاب وغير ذلك من النشاطات الإجرامية التي تحرمها الاتفاقيات الدولية التي تلتزم بها مجموعة المينا فاتف. وتمت التوصية بالحرص على تنفيذ توصيات مجموعة العمل المالي “فاتف” وخاصة الفقرة التاسعة وغيرها من التوصيات المرتبطة بمراقبة حركة تنقل النقود من بلد لآخر نظرا لأن هذا النشاط متوسع.. ونشأت الحاجة أيضا لمراقبة عمل “المنظمات التطوعية أو الجمعيات الخيرية” خوفا من استغلال الأموال المقدمة لهذه النشاطات الإنسانية، الرفيعة المعاني النبيلة المقاصد، في غسل الأموال والإرهاب والفساد ... وحتى لا يتم استغلال الأهداف الإنسانية النبيلة في تحقيق الأهداف الإجرامية، تنادي التوصيات بوضع التشريعات الضرورية المنظمة للعمل الخيري وكيفية مراقبة الأموال المرتبطة به حتى تتبرأ تماما من كل الشبهات، مع تقديم التوجيهات الإرشادية للدول في كيفية تنظيم أعمال الجمعيات الخيرية والأعمال التطوعية الإنسانية من كل النواحي القانونية والإدارية والتنفيذية وخلافه، وأيضا كيفية تنسيق وتنظيم العلاقات مع الجمعيات التطوعية الأجنبية لأن هذا المنفذ قد يتم استغلاله لتحقيق بعض المآرب الدنيئة خاصة وأن مثل هذه الممارسات ثبتت وتم اكتشاف بعض الحالات ولكن هذا النزر القليل، بكل أسف، أصاب العمل الخيري في مقتل حيث تم وضعه في خانة “الشبهة” ونعلم أن العديد من الجمعيات الخيرية تأثرت كثيرا...

لهذا تم وضع ضوابط خاصة إرشادية وفقا للتوصيات الأربعين الصادرة من فاتف، وتنادي الضوابط بالحرص على وضع الأنظمة للحيلولة دون استغلال هذه المهن في غسل الأموال أو تمويل الإرهاب لأن هذا الأمر وارد لحد كبير مما يتطلب وضع التشريعات لتقنين ممارسات هذه المهن والأعمال والإشراف عليها بل مراقبتها لمنع اختراقها لتحقيق المقاصد الإجرامية، مع وضع كل البدائل الضرورية لتمكين العاملين فيها من معرفة و “شم” الجرائم وكيفية تجنبها والتبليغ عنها للجهات الرسمية ..

وما زال المشوار طويلا ومحفوفا بالصعاب وعلى “مينا فاتف” مواصلة التنسيق مع “فاتف” ومواصلة هذا المشوار حتى تتم محاربة كل هذه الجرائم بشتى السبل لجعل المنطقة آمنة ومعافاة، وهذا سيحقق الرخاء والأمن للجميع في العالم وفي منطقة الـ “مينا”..