1184643
1184643
المنوعات

السلطنة تحتفل بمرور 5 سنوات على تسجيل فني التغرود والعازي ضمن التراث الإنساني

05 ديسمبر 2017
05 ديسمبر 2017

تسجيل أي مفردة من مفردات التراث الثقافي غير المادي إنجازا على المستوى الدولي -

«العازي» يتمتع بشعبية كبيرة وممارسة واسعة في المجتمع العماني -

العمانية: احتفلت السلطنة ممثلة بوزارة التراث والثقافة أمس بمرور خمسة أعوام على تسجيل فني العازي والتغرود في القائمة التمثيلية للتراث غير المادي للإنسانية الذي تم في مقر اليونسكو بباريس في 5 و6 ديسمبر من عام 2012م.

وأعربت الوزارة في بيان لها بهذه المناسبة عن شكرها الجزيل وتقديرها لجميع الممارسين لفني العازي والتغرود من فرق الفنون الشعبية وأفراد وباحثين ومهتمين، لمساهمتهم في الحفاظ على هذه الفنون، كما تثمن كل الجهود التي قامت بها مختلف الجهات في السلطنة والتي كان لها الأثر في الترويج لفني العازي والتغرود والتعريف بهما محليًا ودوليًا.

ويعتبر تسجيل أي مفردة من مفردات التراث الثقافي غير المادي إنجازًا على المستوى الدولي والعالمي ليس للسلطنة فحسب بل للممارسين والمشاركين في الإعداد وللمفردة في حد ذاتها فهي تؤكد للعالم أنّها مفردة تحمل عادات وتقاليد وقيما وتساهم في الإثراء الثقافي والمجتمعي وتحمل مدلولات وملامح الهوية الثقافية العمانية، وتعكس إدراج هذه العناصر البعد العالمي للإرث العماني كونه تراثًا إنسانيًا يمثل الإبداع البشري على مستوى العالم..

كما أنّه يمثل نجاحًا للجهود العمانية في الحفاظ على هذا الإرث وتسجيله في القائمة العالمية للتراث غير المادي للإنسانية، وبجانب ذلك يعبر هذا الإدراج عن دور الممارسين والمهتمين وجميع أفراد المجتمع في التمسك بتراثهم وهويتهم الوطنية.

وقد صادقت السلطنة بموجب المرسوم السلطاني رقم (56/‏‏2005 م) الصادر بتاريخ 15 جمادى الأول 1426هـ الموافق 22 يونيو 2005م على الاتفاقية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي، ودأبت السلطنة ممثلة في وزارة التراث والثقافة على الحضور والمشاركة في اجتماعات الاتفاقية وفي حلقات العمل والبرامج المتعلقة بها ودراسة كل ما يتعلق ببنود الاتفاقية من أجل وضعها موضع التنفيذ، وتمكنت السلطنة من أن تكون عضوا في اللجنة الحكومية للاتفاقية خلال الفترة من 2008 إلى عام 2012م.

ويعد فن «العازي» من الفنون العمانية التي تتمتع بشعبية كبيرة وممارسة واسعة بين أوساط المجتمع العُماني ويعتبر أحد الأنماط الموسيقية التي تستخدم للفخر والمدح والعزوة بالوطن والمجتمع والأهل وذوي القربى، وهو أيضًا فن من فنون الشعر التقليدية التي ينتشر أداؤها في معظم ولايات السلطنة.

ويتطلب أداء فن «العازي» إتقانا ومعرفة بأصوله وحركاته مع الصوت القوي والجميل ليسمعه الحضور ويلفت انتباههم، وعادة ما يؤدَّى فن العازي بأن يكون الحضور في شكل حلقة كبيرة تكون مغلقة وتكون وجوههم للداخل بينما يكون العازي في داخل الدائرة يلف حول ساحتها أمام الحضور ماسكا بيمينه السيف وبيساره الترس متقدما مجموعة من المشاركين الذين يحملون السيوف والبنادق والطبول للترديد وراءه ويتحركون بنفس حركته، كما يمكن أداء العازي بالمشي بشكل مستطيل والحضور واقفون على اليمين واليسار ومجموعة المشاركين تمشي خلفه.

ويبدأ العازي بـ«والمسلمين تكبر» ويرد عليه المشاركون وحتى الحضور «الله أكبر»، ثم يبدأ بترديد بعض الكلمات مثل أسود ولاد العم، أسود سيل عم، أسود بحر طم.

....

وهكذا.

ويكون شاهرا سيفه يهزه بين الحين والآخر ومن خلفه المجموعة ويكونون جميعا في مشية سريعة حتى انتهاء هذه الهتافات.

بعدها يدخل العازي مباشرة في إلقاء قصيدة العزوة، فتأخذ المشية بالبطْء، حيث يبدأ بعبارة «أيه يواب يا أهل اليواب» أو «عزك الله يواب» ثم ينشد بيتا واحدا وهو مطلع القصيدة وهو واقف ثم يبدأ في التحرك عند البيت الثاني ويتوقف وهكذا حتى نهاية العزوة.

أما قصائد العازي فهي خمسة أنواع: المطلقة «صدر وعجز»، والعددية «تأتي على العدد حتى عشرة وتنتهي»، والألفية «مقاطعها تبدأ بحرف من الحروف الأبجدية»، والمربوعة «كل مقطع يحتوي على أربعة أبيات»، والموصولة تكون مقاطعها موصولة ببعضها بحيث تتوافق كلمات البيت الأخير مع البيت الأول.

ويعد فن «التغرود» من الموروثات العمانية التقليدية الأصيلة الذي تشتهر به العديد من محافظات السلطنة وهو مستمد من بيئة البدو وثقافتهم يريح الراحلون على إبلهم أو خيلهم كما يريح الإبل والخيل ويستأنس أيضا به «السمار» في ليلهم، وكل بيت من شعر فن «التغرود» يتم رفع الصوت فيه بشكل لحني يحمل معنى مستقلًا عن البيت الذي يليه في توافق إبداعــي وصوتي يؤديه الشاعر بصوت مرتفع ويمنحه حسب الظرف والحالة مدًا وتطويلًا لبعض كلماته وقوافيه.

ويقال شعر «التغرود» في مختلف أغراض الشعر المعروفة كالغزل والحماسة والمعاتبة والمشاكاة والوصف والمدح بالإضافة إلى وصف الهجن والخيل وما يتصل بها والهجاء والرثاء، وما يتصل بالقضايا الإنسانية.

وعلى مدى العقود القليلة الماضية فإن فن «التغرود» طرأ عليه بعض التطور سواء في الأداء أو الكلمات والمواضيع، التي أصبحت أكثر ثراء، حيث أصبح مواكبًا للتحولات الاجتماعية والاقتصادية الإقليمية.

كما أنه أصبح شكلا من أشكال التعبير الشعري الذي يمكن أن يؤديه طرف أو شخص واحد دون الحاجة لمرددين.

أما على مستوى التقديم فقد أصبح الآن يقدم في شكل مكتوب ومسموع ومرئي، كما أن أداءه أصبح من خلال المناسبات الاجتماعية والوطنية وغيرها.

ويبدأ «التغرود» بتأليف قصيدة قصيرة «أقل من سبعة أبيات عادة أو قد تزيد على ذلك قليلاً» ترتجل أحيانا ويمكن أن يغرد بها فرد واحد على ناقته، أو يؤديها اثنان يتناوبان الأداء أو يتم أداؤها فيما يسمى (همبل البوش) على شكل غناء تقوم به مجموعتان من راكبي الإبل، وتتبع تلك الأشعار الوزن السريع في الشعر العربي الفصيح الذي يعرف باسم الرجز.

الجدير بالذكر أن فني «العازي والتغرود» قد تم تسجيلهما في القائمة التمثيلية للتراث غير المادي للإنسانية، وهي القائمة التي تضم روائع التراث الشفهي في العالم ومحط أنظار الباحثين والمهتمين بالتراث الثقافي للبشرية.

وقد نجحت السلطنة في تسجيل تلك العناصر بجانب خمسة عناصر أخرى هي: البرعة، والعيالة، والرزفة الحماسية والفضاءات الثقافية للمجالس، والقهوة العربية بعد أن اجتازت معايير الإدراج في القائمة التمثيلية والمتمثلة في أن يشكل العنصر تراثًا ثقافيًا غير مادي وفقًا لتعريفه في المادة 2 من الاتفاقية وهو أن «التراث الثقافي غير المادي هو الممارسات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية تعتبرها الجماعات والمجموعات وأحيانًا الأفراد جزءًا من تراثهم الثقافي وهذا التراث الثقافي غير المادي المتوارث جيلا عن جيل، تبدعه الجماعات والمجموعات من جديد بصورة مستمرة وبما يتفق مع بيئتها وتفاعلاتها مع الطبيعة وتاريخها وهو ينمي لديها الإحساس بهويتها والشعور باستمراريتها ويعزز من ثم احترام التنوع الثقافي والقدرة الإبداعية البشرية».ومن تلك المعايير أيضا أن يسهم إدراج العنصر في تأمين إبراز التراث الثقافي غير المادي وزيادة الوعي بأهميته وتشجيع الحوار وبذلك يعبر عن التنوع الثقافي في العالم كله وينهض دليلا على الإبداع البشري، إضافة إلى أن وضع تدابير للصون من شأنها أن تحمي العنصر وتكفل الترويج له وأن يكون العنصر قد رشح للصون عقب مشاركة على أوسع نطاق ممكن من جانب الجماعة أو المجموعة المعنية أو الأفراد المعنيين بحسب الحالة، وبموافقتهم الحرة والمسبقة والواعية، وأن يكون العنصر قد أدرج في قائمة حصر التراث الثقافي غير المادي الموجود في أراضي الدولة الطرف «الدول الأطراف» التي قدمت الترشيح، وفقًا للمادتين 11 و 12 من الاتفاقية، والمتعلقة بمشاركة الممارسين في إعداد هذه القوائم.

وبجانب هذه المعايير توجد بعض الاعتبارات التي يتم الأخذ بها، منها أنه لا تتم مناقشة أكثر من ملف واحد للدولة في كل عام، وقد لا تجد دولة ما الفرصة لمناقشة ملفاتها لسنوات نظرًا لأن هناك عددًا محددًا من الملفات يتم فحصها في العام الواحد، وتعطى الأولوية للدول التي لم تدرج أية عناصر..

كما أن الملفات المشتركة بين الدول تحظى بأفضلية المناقشة عن غيرها من الملفات، والسلطنة وكغيرها من دول العالم تسعى إلى إدراج عناصرها في القائمة العالمية، وتأتي هذه العملية ضمن جهود وزارة التراث والثقافة لجمع وتوثيق ونشر التراث الثقافي غير المادي العماني.

يشار إلى أن التراث الثقافي غير المادي للسلطنة يحظى منذ فجر النهضة المباركة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم، حفظه الله ورعاه، باهتمام كبير وصون متواصل باعتباره ركنًا أساسيًا من الهُوية الوطنية العُمانية ويسهم في ترسيخ الاحترام والتفاهم والسلام بين الشعوب ويساعد على تحقيق التنمية المستدامة، وتؤدي المحافظة عليه إلى نقل المعارف والمهارات والمعاني والقيم من جيل لآخر.

ويمكن ملاحظة ذلك من خلال نصوص الخطابات السامية لجلالة السلطان المعظم والتوجيهات الكريمة لجلالته، أعزه الله، بربط الحاضر بالماضي وجعل التراث الفكري والثقافي للمجتمع العماني كقاعدة للانطلاق في بناء دولة عصرية ومن محفزات التنمية الوطنية الشاملة مرورًا بالمنهجية المتبعة في القطاعات المعنية وصولًا إلى الممارسين الفعليين أو حاملي المفردة واعتزازهم بها.

وقد صادقت السلطنة على العديد من الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة بالتراث الثقافي غير المادي كاتفاقية 2003 لحماية وصون التراث الثقافي غير المادي، واتفاقية تعزيز أشكال التعبير الثقافي 2005، وتفعيلا لتلك الاتفاقيات، أنشأت وزارة التراث والثقافة سجلا وطنيا للتراث الثقافي غير المادي ضم العديد من أبواب هذا الإرث، واستطاعت أن تكون عضوا في اللجنة الحكومية لاتفاقية (2003) خلال الفترة من عام 2008 إلى 2012م.