1183013
1183013
الاقتصادية

أوبك والدول المنتجة للنفط يقدّمون بالضبط ما توقعته الأسواق

04 ديسمبر 2017
04 ديسمبر 2017

(عمان): أوضح تقرير اقتصادي حول أسواق السلع الأولية أن النفط الخام سجل مستويات ثابتة بعد أن تبنّى أعضاء منظمة (أوبك) وروسيا رؤية موحدة اقترنت بتمديد اتفاق خفض عمليات الإنتاج حتى نهاية عام 2018. كما استقر تداول الذهب خلال شهر نوفمبر عند أضيق نطاقٍ له منذ عام 1999؛ فيما تراجعت المعادن الصناعية متأثرةً باستمرار المخاوف حيال انحسار التوقعات بخصوص النمو والطلب الصيني.

وأشار التقرير الصادر عن ساكسو بنك إلى أن أنظار متداولي النفط تركزت على اجتماع الدول المنتجة للنفط من داخل وخارج منظمة (أوبك) في العاصمة النمساويّة فيينا، والذي تمحور حول كيفية المضي قدمًا في عملية تحقيق التوازن بين مستويات العرض والطلب على النفط الخام.

وبنهاية المطاف، سلّط المجتمعون الضوء على الخطوة الرئيسية والمتوقعة في السوق، وهي تمديد اتفاقيّة خفض الإنتاج الحالية لمدة 9 أشهر إضافية، وذلك بمقدار 1.8 مليون برميل يوميًا حتى نهاية عام 2018. إلى جانب ذلك، وافقت ليبيا ونيجيريا على عدم رفع الإنتاج بما يتخطّى مستويات الذروة المُحددة لهما لعام 2017؛ في حين أبدت روسيا رضاها عن الخطوات المُتخذة، خصوصًا بعد تطمينها بشأن إعادة النظر في بنود الاتفاق خلال اجتماع (أوبك) في يونيو المقبل.

من جهة ثانية، واصل الذهب خلال الشهر الماضي التأرجح في نطاقه الشهري الأضيق على الإطلاق (المقدّر بالنسبة المائوية) منذ عام 1999، علمًا أن المعدن شهد في عام 2005 أقل نطاق تداول شهري (مقارنة مع 33 دولارًا خلال شهر نوفمبر)، وذلك حينما تم تداول الذهب بسعر 465 دولارًا للأوقية. ولا تزال السوق عالقةً بين التأثير السلبي للأسعار المتزايدة والطلب الكامن من المستثمرين الذين ينشدون الحصول على حماية مضمونة من الأحداث الجيوسياسية وتزايد مخاطر حدوث موجة تصحيحٍ في سوق الأسهم.

وبات الذهب الآن محصورًا في نطاقٍ محدودٍ نسبيا عند 1282 دولارا للأوقيّة خلال الأشهر الثلاثة الماضية. وشهد الذهب اختبارا لمستوى المقاومة عند 1300 دولار للأوقية خلال هذا الأسبوع؛ وذلك عندما أخفق الين الياباني في تحقيق كسرٍ صعودي. كما لعبت قوة الدولار وأنشطة المضاربة وارتفاع عائدات السندات دورا محوريا في تراجع المعدن الثمين ليختبر بذلك مستوى الدعم دون 1270 دولارا للأوقيّة.

وسجل «مؤشر بلومبيرغ للمعادن الصناعية» أسوأ أسبوع له على الإطلاق منذ شهر مارس؛ حيث نجم هذا التراجع بشكلٍ رئيسي عن معدن النيكل الذي واصل خسارة مكاسبه الأخيرة والتي كانت مدفوعةً بالتوجهات الإيجابيّة بشأن الطلب المستقبلي من قطاع السيّارات الكهربائيّة. وفي سياقٍ متصل، سجل النحاس خسائر بنسبة تفوق 3%، كما واجه أنشطة بيع استجابةً للمخاوف المتزايدة بشأن آفاق الاقتصاد الصيني خلال العام المقبل. وحدث هذا الضعف رغم أن بيانات منطقة اليورو أشارت إلى أن هذا العام كان الأفضل في 10 سنوات على صعيد النمو الاقتصادي.

وأفضت موجة الضعف بين المعادن الصناعية إلى تفاقم أزمة الفضة التي شهدت أسوأ أسبوعٍ لها في 5 أشهر. وتسبب ذلك بارتفاع نسبة الذهب إلى الفضة لأعلى مستوىً منذ أبريل 2016. ويبدو أن الفضة تسعى للصمود أمام الذهب، عندما يكون الطلب مدفوعا بالتنويع والطلب على الملاذات الآمنة. أضف إلى ذلك أن مؤهلات الفضة - كونه بمثابة إصدار بيتا مرتفع من الذهب- تجعله يميل نحو مزيدٍ من التقلّبات الشديدة، ناهيك عن مخاطر الهبوط، وذلك في ضوء الانخفاض الحالي في حيازات المنتجات المتداولة في البورصة، والنسبة المرتفعة نسبيا لحصص مراكز تداول صناديق التحوّط.

في سياقٍ آخر، استقر النفط الخام يوم الجمعة دون أدنى مستوى له منذ عامين. وفي أعقاب ذلك، التزم ممثلو الدول المنتجة للنفط من داخل وخارج منظمة «أوبك» بتوخي منهج آمن، وتمديد خفض عمليات الإنتاج طيلة عام 2018. وقد أثارت روسيا بعض المخاوف قبيل الاجتماع، وهو ما تمثّل في احتمال رفضها لطلب المنتجين بتمديد العمل بالاتفاق لمدة 9 أشهر أخرى. ولاحتواء مخاوف روسيا، أجمع المنتجون على إمكانية مراجعة صيغة الاتفاق خلال اجتماع ’أوبك‘ العادي الذي سينعقد يوم 22 يونيو المقبل؛ بينما وافقت ليبيا ونيجيريا، من جهة ثانية، على عدم رفع الإنتاج بما يتخطّى مستويات الذروة المُحددة لهما لعام 2017.

ولعل تبنّي رؤية توافقية خلال اجتماع فيينا يجسد مثالا كلاسيكيا على ترسّخ السياسة الواقعية، والتركيز على الأهمية الاقتصادية للحفاظ على دعم الأسعار، بما يضمن التوازن في العلاقات المحفوفة بالمخاطر بين عدّة بلدان.

وتتوقف الكثير من الأمور حاليا على استمرار امتثال مجموعة منتجي «وبك»، وسط ترجيحات بأن يكون العراق المرشح الأبرز الذي سيسعى بقوة للحفاظ على التزامه تجاه الاتفاق. فبالرغم أن مبيعات النفط في جنوب العراق قفزت إلى مستوىً قياسي، كشف وزير النفط العراقي جبّار اللعيبي خلال اجتماع فيينا عن خططٍ طموحة جدا لتحسين الحقول حول المناطق الشمالية لمدينة كركوك. وخلال أكتوبر الماضي، استعاد العراق سيطرته على منطقةٍ من حكومة إقليم كردستان، وهي خطوة أفضت إلى انخفاض مؤقت في الإمدادات المُتجهة من شمال العراق نحو ميناء جيهان التركي، مما عزز فرص ارتفاع النفط آنذاك.

وسيتحول الاهتمام الآن بشكل متزايد إلى الولايات المتحدة، بالتوازي مع محاولة السوق لقياس مدى التأثير على نمو الإنتاج بعد تسجيل سعر تداول أعلى بكثير من 50 دولارًا للبرميل. ولا تزال تقديرات الإنتاج الأسبوعية تعكس مستويات قياسية جديدة كليا؛ فخلال الأسابيع الثلاثة الماضية، ساهمت الحفّارات الأمريكية في إضافة حوالي نصف إنتاج الحفّارات التي تم سحبها خلال فترة الأشهر الثلاثة الماضية.

وشهد هذا العام تحولًا كبيرًا في أنشطة تداول المنتجات والنفط الأمريكي مع بقية العالم. حيث تنامى تصدير الإنتاج النفطي بشكل متزايد نحو السوق العالمية، سواء كمنتجات مكررة، أو بشكل متزايد كصادرات من منتجات النفط الخام (منذ عام 2014). كما انخفض صافي واردات منتجات النفط الخام في الأسبوع الماضي إلى 1.8 مليون برميل يوميًا، وهو ما يعتبر بعيدا كليا عن مستوى 10 ملايين برميل إضافي والتي تم تسجيلها قبل ست سنوات فقط.

ورغم أن ارتفاع الإنتاج الأمريكي قد يشكل تحديا على المدى المتوسط بالنسبة لأسعار النفط، ولكن التحدي الأبرز على المدى القصير سيتجلّى من خلال مراكز التداول طويلة الأجل الكامنة حاليا في العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط وخام برنت. وقد كان مديرو الأموال مشترين نشطين للنفط الخام منذ شهر يوليو. حيث وصلت حصص مراكز التداول المجمّعة طويلة الأجل في خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط، إلى حوالي 900 مليون برميل في الأسبوع حتّى يوم 21 نوفمبر، وهو مستوى ليس ببعيدٍ عن المستوى القياسي المُسجل في فبراير الماضي، والذي بلغ 930 مليون برميل.

وعلى مر السنين الماضية، أصبحت «أوبك» أكثر دراية حول تأثير صافي مراكز المضاربة في سوق النفط، كما أدركت المنظّمة خلال اجتماع فيينا هذا الأسبوع أن الإخفاق في تحقيق ما تتوقعه السوق قد تسبب بموجة تصحيح كبيرة نتيجة إجراء تعديلات في مراكز التداول المفتوحة.

وإن ضمان هذا الكم من مراكز التداول يتطلّب تكشّف أخبار إيجابية لتجنّب إغراء بيع الأسهم وجني الأرباح. وتميل الفترة التي تسبق موسم الأعياد والسنة الجديدة لأن تشهد انخفاضا في السيولة، مما قد يجعل أسعار النفط ضعيفة وعُرضةً للتأثر على نحو خاص إذا ما ابتعد التركيز عن ’أوبك‘ وتحوّل صوب القلق بشأن الإنتاج الأمريكي السريع. وتتوقع شركة الخدمات الاستشارية النرويجيّة المستقلة «ريستاد» والمتخصصة باستشارات قطاع النفط والغاز، أن يصل إنتاج النفط الأمريكي هذا الشهر إلى 9.9 مليون برميل يوميا، وهو ما يزيد إلى حدٍ كبير عن توقعات أي أحد لغاية اليوم، بما في تقديرات ’مركز معلومات الطاقة الأمريكي».

ومع اختتام اجتماع «أوبك»، فإن المخاطر قصيرة الأمد المتعلقة بالنفط ستميل للانحسار خلال موسمٍ يتسم عادةً بتراجع وتيرة الطلب. فقد شهد خام غرب تكساس الوسيط خلال الأسابيع القليلة الماضية تماسكا عند مستوى يتجاوز 55 دولارًا للبرميل، وهو ما يمثل مستوى الدعم حاليًا. وتتركز فرص تحقيق الاتجاه الصعودي عند 60 دولارًا للبرميل، وهو المستوى الرئيسي الذي شهدناه بعد 9 أسابيع من التداول خلال الربع الثاني 2015.