1182439
1182439
المنوعات

تونس تتحول إلى جنة المتقاعدين الإيطاليين

02 ديسمبر 2017
02 ديسمبر 2017

تونس «د.ب.أ»:- يحرص السياح الإيطاليون باستمرار على زيارة الأحياء القديمة لأجدادهم الرومان بضاحية قرطاج التاريخية، المدينة التي زاحمت يوما ما روما على زعامة البحر الأبيض المتوسط. لكن عددا من الإيطاليين لا يأتون اليوم لزيارة مآثر أجدادهم كسياح فقط وإنما كسكان جدد في البلد الذي حمل لقرون طويلة لقب مطمور روما، أي مزوّد الامبراطورية بالحبوب والمحاصيل الزراعية.

ومنذ أن سمح القانون الإيطالي الذي صدر عام 2007 للمتقاعدين الإيطاليين بالعيش خارج البلاد وتلقي معاشاتهم في البلد الذي يختارون الاستقرار فيه، تحولت تونس إلى وجهة جاذبة للباحثين عن حياة مختلفة وبحد أدنى من التكاليف.

وقد مكن القانون الإيطالي، ليس فقط في هجرة ما يناهز خمسة آلاف متقاعد إيطالي للعيش في تونس، وإنما أيضا من تدفق التحويلات المالية باستمرار إلى البلد السياحي بشمال افريقيا. وبحسب الأرقام والمعطيات التي يقدمها موقع «إيطاليا تسمى إيطاليا» تمثل تونس اليوم الوجهة الثالثة للمتقاعدين الإيطاليين بعد مالطا والبرتغال. ومع استمرار التدفق بمعدل 500 متقاعد جديد كل عام فإن تونس مرشحة لأن تكون وجهة أولى في المستقبل.

يقول رئيس الكونفدرالية الإيطالية للمتقاعدين أنجيلو سولازو أثناء زيارته لتونس على رأس وفد «تونس بلد ثقافي متقدم وله وزنه في المنطقة.

ومع أنه بلد مسلم فهو يملك خصوصيات قريبة من المعايير الغربية». وأضاف سولانزو «توفر تونس سواحل جاذبة للسياحة وهو قطاع يمثل 15 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي بالإضافة الى الصناعات الغذائية.

يمكن أن يعزز هذا الشراكة بين إيطاليا وتونس». يعيش أغلب الإيطاليين قرب المنتجعات السياحية الشهيرة بتونس في مدن مثل الحمامات ونابل وجربة وسوسة والمهدية وضواحي العاصمة تونس.

ويستخدم أغلبهم اللغة الفرنسية المتداولة بكثرة بتونس، كما يمكنهم التواصل بلغتهم الإيطالية كونها شائعة على نطاق واسع بين التونسيين ولا سيما في المدن السياحية على ساحل المتوسط. ولا يحتاج الإيطاليون في تونس إلى التفكير طويلا في البحث عن المطاعم المختصة في المطبخ الإيطالي، إذ تنتشر «السباجيتي» والبيتزا على نطاق واسع في تونس وبكلفة أقل بكثير من المطاعم الإيطالية.

ويمكن اقتناء البيتزا بنحو اثنين يورو في المتوسط إلى خمسة يورو بينما يصل سعر طبق السباجيتي بفواكه البحر إلى أربعة يورو فقط. لكن الميزة الأكبر أن تونس تقدم حياة مثيرة وصاخبة بكلفة رخيصة، إذ لا يتعدى مثلا إيجار شقة مساحتها 80 مترا مربعا 200 يورو.

كما تقل أسعار الأدوية 70 بالمائة عن الأسعار الإيطالية وينخفض سعر البنزين إلى النصف كما تعتبر أسعار الغلال والخضر الطازجة رخيصة. وكون القانون يخول للإيطاليين صرف 20 بالمائة من معاشاتهم في تونس، فإن هذه النسبة تعد كافية لتغطية تكاليف المعيشة بسبب انهيار الدينار التونسي إزاء اليورو (1 يورو يعادل حوالي 3 دينار) فضلا عن أن نسبة ضئيلة من الضرائب يدفعها الإيطاليون مقارنة بما يحصلون عليه من بدل.

تقول ماريا لوشانتي التي قدمت من إيطاليا مع رفاقها إلى تونس وهي تتجول في المتحف الأثري بقرطاج «يمكن رؤية روما في كل مكان هنا. هذا أمر مذهل».وتضيف ماريا لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) «تونس لا تمثل بلدا سياحيا فحسب ولكنها تقدم أيضا عدة مزايا مغرية لمن يرغبون في الاستقرار بها.

هنا الطقس جميل». وعلى الرغم من تداعيات الهجمات الإرهابية الكبرى التي ضربت تونس عام 2015 خاصة في متحف باردو ونزل امبريال مرحبا بسوسة، فإن عدد السياح عاد ليسجل انتعاشا في تونس بعد فترة ركود استمرت أشهر طويلة.

وخلال العشرة أشهر الأولى من عام 2017 نما القطاع السياحي بـ24 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من عام 2016 مع توافد ستة ملايين و112 ألف سائح وفروا عائدات تقدر بـ 929 مليون يورو بحسب وزارة السياحة. ويقول سهيل شعبان ممثل الوكالة السياحية التونسية بإيطاليا إن حوالي 100 ألف إيطالي قضوا عطلتهم السياحية في تونس هذا العام.

لكن خطط صناع السياحة في تونس تهدف إلى استقطاب المزيد من المتقاعدين الإيطاليين والأوروبيين، إذ أن هذه الشريحة تتميز بقدرة إنفاق أعلى من السياح الموسميين. ويعتقد لوكا بالماس، وهو باحث جامعي إيطالي في علم الاجتماع جاء لزيارة قرطاج التاريخية مع عائلته أن استعادة السياحة التونسية لنسقها العادي يحتاج إلى علاقات أوسع وأسواق جديدة في العالم.

ويضيف بالماس انه «يجب العمل على أن تكون هناك صناعة سياحية قوية وأن تحدد تونس السياحة التي تريدها».ولبلوغ خططها تعمل تونس على طمأنة الأسواق العالمية بعودة الاستقرار الأمني الكامل إلى مدنها بعد فترة عصيبة في عام 2015 شهدت سقوط العشرات من القتلى السياح في هجمات دامية تبناها تنظيم «داعش» المتطرف.

وقالت ماريا لوشانتي لـ (د.ب.أ) «صدمت مثل كل العالم لما حدث في متحف باردو. لكن الحياة عادت الآن إلى طبيعتها وكان على الإعلام الأوروبي ألا يركز على الجوانب السلبية فقط. فتونس لا تزال بلدا جميلا».