أفكار وآراء

الصندوق الاحتياطي واستثـماره بتنـزانيا

02 ديسمبر 2017
02 ديسمبر 2017

حيدر بن عبدالرضا اللواتي -

[email protected] -

يزداد حجم الاستثمارات الخارجية للصندوق الاحتياطي العام للسلطنة بالرغم من أن حجم أصول الصندوق ليس كبيرا مقارنة ببعض الصناديق السيادية الخليجية والعالمية. فهذا الصندوق الذي تأسس عام 1980 هدفه تحقيق رؤية الحكومة لدعم جهودها في تأمين إيرادات للأجيال المقبلة، وزيادة حجم العائدات على الاستثمار، بجانب تعزيز العلاقات العمانية وعلاقات الصندوق مع الدول الأخرى، بالإضافة إلى توفير مزيد من فرص العمل للعمانيين سواء داخل السلطنة وخارجها. وقد دخل الصندوق خلال العقود الماضية في عدد من المشاريع الاستثمارية بعضها ناجحة. وهذه هي طبيعة الاستثمارات الخارجية مع جميع الدول. ومؤخرا حصل الصندوق على موافقة حكومة جمهورية تنزانيا للمضي قدمًا في مشروع منطقة “باغامويو” الاقتصادية الخاصة وفقًا للخطة المقترحة التي تقدمت بها مجموعة «تشاينا ميرشنت» العالمية، حيث تعتبر هذه الموافقة بمثابة الإنجاز المهم لشركاء المشروع الذي يضم بجانب عمان كلا من الصين وتنزانيا أيضا، اذ يتوقع البدء في المفاوضات الخاصة بالإجراءات القانونية المتبعة التي تتضمن الدراسات البيئية والتي سيتبعها إرساء مناقصات البناء والتشييد.

البيانات الصادرة تشير إلى أن الصندوق يدير استثماراته لتحقيق أفضل العوائد الممكنة على المدى الطويل في عدة أنواع من الأصول والقطاعات الاقتصادية لتشكل محفظة استثمارية ممتدة في أكثر من 27 دولة حول العالم. وتشير النتائج إلى أن الصندوق حقق عائداً سنويا متوسطاً بمعدل 7.5% حتى نهاية عام 2014. والمسؤولون في السلطنة ثمنوا هذه الشراكة مع جمهورية تنزانيا ومجموعة “تشاينا ميرشنت الصينية”، حيث يتضمن المشروع تأسيس ميناء بحري بمعايير عالمية على أن يتم تطويره على مراحل، وهو يضم أربعة أرصفة بحرية اثنان منهما مخصصان للحاويات وثالت للاستخدامات المتعددة ورابع للخدمات المساندة. وسيتم تطوير المرحلة الأولى من الميناء بصورة موازية لتطوير البنية الأساسية الداعمة للمشروع وكذلك المنطقة الصناعية المرتبطة بالميناء، فيما سيتم تخصيص مساحة إضافية تبلغ مساحتها 700 هكتار للمراحل اللاحقة ليكون الميناء بذلك قادراً على استقبال السفن العملاقة. أما بالنسبة للمنطقة الصناعية الحُرة المتصلة بالميناء فستمتد على مساحة 1770 هكتار يتم تخصيص ما نسبته 70% منها للمصانع وورش العمل والمستودعات والمخازن و30% لشبكة المواصلات والتشجير ومرافق المياه والطاقة والغاز والاتصالات.

إن عملية توزيع الأصول الاستراتيجية للصندوق تلعب دوراً رئيسياً في تحقيق العائدات المرجوة على المدى الطويل من خلال استثمارات ذات أصول متنوعة، حيث يملك الصندوق رؤية للاستجابة لأية تطورات قد تحدث في الأسواق المالية العالمية أو تغير في التوقعات الاقتصادية وبسرعة ومرونة، وذلك من خلال الاستراتيجية التي بناءها بحث يمكن تنفيذها من خلال تبنيه لمنهجية تتضمن دراسة الاتجاهات العالمية وجاذبية الاسواق وبغرض اتخاذ القرار في حالة وجود أية فرصة استثمارية جيدة.

وتتكون موارد الصندوق من الأرصدة الحكومية والإستثمارات القابلة للتداول والمقومة بالعملات الحرة الفائضة لدى الدولة في أول يناير 1980م، باستثناء حسابات التشغيل اللازمة لتسيير أعمال الدولة، بالاضافة إلى تخصيص (15%) من صافي كل دفعة من دفعات إيرادات النفط، وأية فوائض تنشأ في نهاية كل سنة مالية، بجانب الموارد الناشئة عن تحقيق أسعار للنفط تتجاوز السعر المفترض خلال فترة الخطة الخمسية المعتمدة، اضافة إلى إيرادات استثمارات أموال الصندوق، وأية أموال أخرى يرى ضمها إلى الصندوق.

ويعمل الصندوق ضمن مجموعة ضوابط حيث لا يجوز توظيف واستثمار أموال الصندوق إلا في أصول مقوّمة بالعملات الحرة وقابلة للتداول في صورة ذهب أو ودائع أو أوراق مالية صادرة عن حكومات أو مؤسسات حكومية أو خاصة ذات سمعة مالية قوية، ولا يجوز سحب أية أموال من الصندوق إلا لغرض تمويل الموازنة العامة للدولة في السنوات التي تقوم فيها حاجة إلى ذلك، وبناء على قرار من مجلس الشوين المابة وموارد الطاقة في كل حالة أو لأداء مصروفات أو التزامات مالية مترتبة على الصندوق في حدود الأحكام التي حددها المرسوم السلطاني رقم(1/‏80) وتعديلاته. ويحقق الصندوق هدفه من خلال بناء محفظة استثمارية متنوعة عبر مختلف فئات الأصول والقطاعات والمناطق الجغرافية.

ويحتل صندوق الاحتياطي العام للسلطنة المرتبة الـ 27 في العالم في قائمة صناديق الثروة السيادية، فيما يأتي في المرتبة الأولى كل من صندوق السيادي للنرويج وصندوق جمهورية الصين الشعبية. وهناك عدة صناديق سيادية عربية تأتي في المراتب المتقدمة أيضا تابعة لعدة دول نفطية خليجية وغير خليجية. وقد تنوعت استثمارات صندوق الاحتياطي العام للدولة في بعض المشاريع في العالم، حيث تمكن الصندوق خلال السنوات القليلة الماضية بإدارة استثماراته وتنويع محفظتته الإستثمارية في عدة أنواع من الأصول والقطاعات الاقتصادية. ويملك الصندوق رؤية للاستجابة لأية تطورات قد تحدث في الأسواق المالية العالمية أو تغير في التوقعات الاقتصادية وبسرعة ومرونة، وذلك من خلال الاستراتيجية التي بناءها بحث يمكن تنفيذها من خلال تبنيه لمنهجية تتضمن دراسة الاتجاهات العالمية وجاذبية الاسواق وبغرض اتخاذ القرار في حالة وجود أية فرصة استثمارية جيدة.

وفي مجال أسواق المال تتكون استثمارات الصندوق من أوراق مالية قابلة للتداول يمكن أن يتم تحويلها إلى نقد بكل سهولة في وقت قياسي وبتكلفة منطقية، وذلك يتضمن ولا يقتصر على الأسهم العالمية، والسندات العالمية، والأصول قصيرة الأجل، والتي يتم إدارتها داخليا وخارجيا. أما في مجال العقارات فإن الفكرة الأساسية للاستثمارات العقارية للصندوق هي الحفاظ على رأس المال، وتوليد عوائد طويلة الأجل من خلال محفظة متنوعة جغرافيا ومكونة من استثمارات مختارة تغطي جميع أنواع الأصول الرئيسية. وفي مجال الأصول الأساسية فان هناك استثمارات مباشرة في أصول منتجة للدخل في مناطق رئيسية في الأسواق المتقدمة، ويكون لها عقود إيجار طويلة الأجل ومستأجرين جيدين وعقود ذات بنود معززة. أما في الأسهم الخاصة، فتتمثل رؤية صندوق الاحتياطي العام للدولة على المدى الطويل في مماثلة النخبة من المستثمرين في فئة الأسهم الخاصة من خلال استثمارات مدروسة معززاً من قبل فريق ذي كفاءة عالية وعملية متقنة مما يؤدي الى تحقيق نجاحات متكررة. كما أن الهدف الأساسي من هذا التنوع هو استغلال الفرص الاستثمارية على المدى الطويل لتكوين محفظة ذات أصول متنوعة جغرافياً من أجل الحصول على العوائد المرجوة مع أخذ المخاطر المتعلقة بعين الاعتبار. ويعمل الصندوق على إيجاد كوادر جيدة وموظفين ومحللين أكفاء ولديه فرق متعددة الأوجه مهمتها توفير قدرات أساسية في عمليات التداول والاستثمار وأنظمة رقابة المخاطر وإدارة الأصول، حيث تقوم هذه الفرق المكون من خبراء الاقتصاد بتوفير تحليل للاستراتيجيات الاستثمارية بخصوص الاستثمار المحتمل القادم، وتوسيع قاعدته من الموارد الاستثمارية وتطويرها.

لقد نجح الصندوق في السنوات الأخيرة في لعب دور قيادي في الاستثمار المحلي والخارجي وتطبيق أفضل الممارسات العالمية من خلال قيامه باستثمار أمواله لتحقيق أفضل عائد ممكن مع تلك الاستثمارات مع مراعاته لمعايير توزيع المخاطر. كما تمكن الصندوق أيضا الاستفادة من شبكة العلاقات الدولية التي كونها مع الصناديق الأخرى لجذب الاستثمارات للسلطنة، واستغلال الفرص الاستثمارية المقبلة من أجل تحقيق عائدات مستدامة وكبيرة وذات مخاطر مدروسة، في الوقت الذي يسعى فيه لاستغلال الفرص الاستثمارية المقبلة من أجل تحقيق عائدات مستدامة وكبيرة وذات مخاطر مدروسة، بجانب البحث عن الفرص الاستثمارية للاستفادة منها على المدى الطويل.