العرب والعالم

«موظفو غزة» .. أزمة سببها «غياب الثقة»

01 ديسمبر 2017
01 ديسمبر 2017

غزة-(الأناضول): تسبب قرار دعوة الحكومة الفلسطينية لموظفيها المُعينين قبل سيطرة حركة المقاومة الإسلامية «حماس» على قطاع غزة، عام 2007، بالعودة إلى أعمالهم، بعودة التوتر للقطاع.

وتبادلت حركتا «فتح»، و«حماس» الاتهامات على خلفية هذه القضية.

ودعت حكومة الوفاق الثلاثاء الماضي جميع الموظفين المعينين قبل سيطرة حماس على غزة، للعودة إلى عملهم، وهو ما رفضته حركة حماس.

من جانبه قال عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» حسين الشيخ: إن حركة حماس، «تتلكأ وتناور كي تحول دون تمكين الحكومة في كافة المجالات الإدارية والمالية والأمنية وبسط سيطرتها ونفوذها على قطاع غزة كما هو الحال في الضفة الغربية».

وأضاف أمس الأول في تصريح لإذاعة صوت فلسطين (رسمية) إن دعوة حركة حماس لموظفيها بمنع «الموظفين الشرعيين في الوزارات من ممارسة عملهم دليل واضح على رغبة حماس بتعطيل تنفيذ الاتفاق والتهرب من استحقاق المصالحة».

وفي ذات السياق قال الناطق باسم الحكومة يوسف المحمود في بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية «وفا»: إن النقابات التابعة لحركة حماس في قطاع غزة منعت أمس وزير الحكم المحلي حسين الأعرج من الدخول إلى مقر الوزارة برفقة موظفيه. وذكر أيضا أن موظفي وزارات المالية والأوقاف، وبعض الوزارات الأخرى، الذين دعتهم وزاراتهم للتوجه إلى مقار عملهم، مُنعوا أيضا من دخولها.

وقال المحمود: «إن الحكومة تنظر بأسف وأسى شديدين إلى هذه الخطوة الخطيرة، لما في ذلك من تهديد لجهود المصالحة ومخالفة الاتفاقات والتعهدات التي أبرمت، وآخرها اتفاق أكتوبر الماضي الذي تسير الأمور بموجبه اليوم»، وفي المقابل حمّلت حركة حماس الحكومة المسؤولية عما أسمته «إحداث الفوضى والإرباك في عمل بعض الوزارات في غزة».

وقال الناطق باسم الحركة فوزي برهوم في تصريح: نحمل حكومة د.رامي الحمد الله مسؤولية إحداث الفوضى والإرباك في عمل بعض الوزارات في غزة، نتيجة لقرارها غير المسئول والمخالف لاتفاق القاهرة بدعوة الموظفين المستنكفين بالعودة إلى أماكن عملهم».

وتقول حماس: إن القرار مخالف لاتفاق المصالحة الموقع في العاصمة المصرية القاهرة في عام 2011م الذي ينص على عودة الموظفين القدامى للعمل بعد انتهاء «لجنة قانونية إدارية»، تم التوافق عليها، من دراسة ملفات موظفي «حماس» المعينين بعد عام 2007.

وكشف مصدر فلسطيني مطلع أن الوفد الأمني المصري المتواجد في قطاع غزة حاليا يعمل على محاولة جسر الهوة بين الحركتين والتوصل لحل «وسط» يُرضي الطرفين.

وكان العشرات من الموظفين القدامى قد تجمعوا أمام بعض الوزارات بغزة أمس؛ تنفيذا للقرار الحكومي، ولكن نقابة موظفي «حماس» منعتهم من الدخول.

وأصدرت نقابة الموظفين في القطاع العام (مقرّبة من حركة حماس) صباح أمس قرارا يقضي بمنع موظفي الحكومة (المستنكفين) من دخول الوزارات.

ويعمل داخل الوزارات والمؤسسات الحكومية بغزة في الوقت الحالي الموظفين الذين عيّنتهم حركة «حماس»، وعقب أحداث الانقسام في 14 يونيو الماضي طالبت السلطة الفلسطينية موظفيها بغزة بالجلوس في منازلهم والامتناع عن الذهاب لوظائفهم.

وعملت حركة حماس على توظيف نحو 40 ألف موظف خلال الأعوام الماضية؛ بهدف إدارة شؤون قطاع غزة.

وبحسب مراقبين فإن حركة حماس تصر على ربط عودة الموظفين القدامى لعملهم بحل ملف موظفيها الذين عينتهم خلال حكمها لغزة، من خلال دمجهم في الحكومة بشكل قانوني.

ويرى المراقبون أن حماس تعتبر تواجد موظفيها في الوزارات في الوقت الحالي، ومنع عودة الموظفين القدامة، ضمانة لعدم تجاهل الحكومة لهم.

وقال مصدر مقرب من حركة حماس: إن موقفها الحالي برفض عودة قدامى الموظفين ناجم عن غياب الثقة في نية حركة فتح، تجاه الموظفين الذين يديرون القطاع حاليا.

وأضاف المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه: «في حال تمكين الحكومة من الوزارات وعودة موظفيها، دون حل قضية موظفي حركة حماس، فإن الأمر سيكون قد انتهى، ولن تحل قضيتهم أبدا». وتابع: «وبالتالي، فإن حماس تعتبر تواجد موظفيها داخل الوزارات بمفردهم، ورقة قوة، لحين حل قضيتهم»، وبدوره يقول حازم قاسم المتحدث باسم حركة «حماس» في حديثه لـ«الأناضول»: «بخصوص ملف الموظفين سواء الذين تم تعيينهم بعد تاريخ 14 يونيو الماضي، أو المستنكفين أو من تم فصلهم، فهذا الملف منصوص عليه بشكل كامل باتفاق القاهرة»، ويبيّن قاسم أن «الاتفاق ينص على عدم تغيير الوضع القائم حالياً، إلى حين انتهاء اللجنة الإدارية والقانونية في دراسة أوضاع الموظفين، وإخراج توصيات بخصوصهم»، وهذا ما تتمسك به حركة «حماس»، وأوضح قاسم أن «أوضاع الموظفين كافة ستبقى كما هي إلى حين خروج تلك التوصيات».

واعتبر الناطق باسم «حماس» القرار الحكومي الذي صدر مساء الثلاثاء الماضي استباقاً لـ«نتائج اللجنة الإدارية والقانونية» التي من المقرر أن تنتهي من عملها في الأول من فبراير المقبل.

ومن جانب آخر ذكر قاسم أن الوفد المصري يبذل جهداً لتقريب وجهات النظر بين حركتي «فتح» و«حماس» فيما يتعلق بملف الموظفين.

وقال: «هذا القرار هو إرباك للجهد المصري، الذي يسعى لتقريب وجهات النظر بهذا الخصوص»، ويعتبر قاسم أن المصدر الأساسي لهذه الإشكالية الحاصلة في ملف الموظفين هو «عدم التزام الحكومة بما تم الاتفاق عليه؛ وعدم تطبيقها للبنود المتعلقة بذلك، ومحاولتها استباق النتائج».

أزمة غياب ثقة

ويرجع الدكتور مخيمر أبو سعدة أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر حالة السجال بين حركتي «فتح» و«حماس» فيما يتعلق بملف الموظفين إلى غياب الثقة بينهما، وقال أبو سعدة في حديثه مع وكالة «الأناضول»: «واضح أن المشكلة الأساسية تكمن في غياب الثقة بين حماس وفتح». وبيّن أن اختلاف وجهات نظر الحركتين في فهمهما لدور «اللجنة الإدارية والقانونية»، التي شكّلتها الحكومة في 10 يونيو الماضي، لبحث أوضاع موظفي غزة (عينتهم حركة حماس)، فاقم من مشكلة ملف الموظفين، واستكمل قائلاً: «هناك مشكلة في فهم الطرفين لطبيعة عمل اللجنة الإدارية والقانونية، والفئة التي سيتم بحث أوضاعها»، واعتبر أبو سعدة دعوة الحكومة الفلسطينية لموظفيها إلى العودة لأعمالهم بغزة دعوة «غير منطقية»، حيث إن اللجنة الإدارية والقانونية لم تنته بعد من بحث أوضاع الموظفين.

كما شكّلت دعوة الحكومة تلك حالة من الإرباك داخل المؤسسات الحكومية في ظل دوام الموظفين التابعين لحركة «حماس» داخلها، بحسب أبو سعدة.

وقال: قد لا يوجد داخل الوزارات أماكن تستوعب الموظفين القدامى من الحكومة الفلسطينية. كان الأولى وضع حل لملف موظفي حركة حماس».

وعلى الرغم من حالة التوتر التي تسببت بها هذه القضية، إلا أن أبو سعدة لا يعتقد أنها قد توقف عملية المصالحة.

وأضاف: «أعتقد أن تلك الإشكاليات قد تؤجل موعد تمكين الحكومة بغزة»، ويرجّح أبو سعدة أن يتعقد ملف الموظفين بشكل أكبر عقب المنع الإسرائيلي للوفد السويسري من دخوله قطاع غزة.

وقال: «سويسرا كان لها موقف متقدم في التعامل مع ملف الموظفين، وقدمت ورقة لحل المشكلة». وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، قد قرر مساء أمس الأول منع دخول الدبلوماسيين السويسريين لغزة، عقب اجتماعهم مع قادة في حركة حماس.