1180270
1180270
المنوعات

النادي الثقافي يناقش السيرة الذاتية والعملية للمسرحي الراحل محمد الشنفري

29 نوفمبر 2017
29 نوفمبر 2017

كتبت: خلود الفزارية -

أقيمت مساء أمس الأول في النادي الثقافي ندوة عن الفنان والمسرحي الراحل محمد بن سعيد الشنفري ضمن سلسة الندوة العلمية «من أعلامنا» التي يقدم فيها النادي أهم الشخصيات العمانية البارزة في مختلف المجالات، وأدارها الدكتور سعيد بن محمد السيابي نائب رئيس مجلس إدارة النادي الثقافي، بحضور عدد من المسرحيين والمهتمين بفن المسرح في السلطنة.

واستهلت الندوة بورقة الكاتب والمخرج عماد بن محسن الشنفري الذي تناول الحياة الاجتماعية للفنان الراحل محمد سعيد الشنفري منذ ولادته الى رحيله وتوقف عند أهم المحطات في تلك الرحلة حيث أشار إلى أن الفنان محمد الشنفري ولد بتاريخ 26 ديسمبر من عام 1949 بمدينة الحافة وهو من مواليد سنة «الحيمر» وهي سنة معروفة بظفار ضربت خلالها عاصفة مدارية أغرقت البلد بأكملها وعاش طفولته قريبا من تلك الشواطئ ذات الرمال البيضاء الناعمة وأشجار النارجيل التي تتراقص على شواطئها وبالقرب منه تلك السفن الشراعية التي تجعل من الحافة مدينة حية تبعث في النفس الطمأنينة فشكلت كل هذه الجوانب شخصيته الإبداعية، مشيرا إلى أن الراحل كان شاعرا يكتب القصائد باللغة العربية والانجليزية، كما نشرت عدد من الصحف الأجنبية قصيدته «أنا ابن أرض اللبانة».

ثم تطرق عماد الشنفري إلى رحلة التعليم والعمل في حياة محمد بن سعيد حيث أوضح أنه في أواخر الخمسينات هاجر والده الشيخ سعيد وعمه الشيخ عوض الى أمارة أبو ظبي و في رحلته هذه قرر أن يأخذ معه ابنه الأكبر محمد حتى يكمل دراسته بعد أن أنهى بعض الفصول الدراسية بمدرسة السعيدية بصلالة وهناك استطاع أن يجعل محمد يكمل دراسته في مدرسة للتعليم والتدريب تتبع شركة النفط في أبو ظبي وكانت لغة التدريس بالإنجليزية ويتخرج منها الطالب بشهادة تعادل الثانوية العامة واستطاع الشنفري بكل جدارة أن يجتاز تلك المرحلة الدراسية رغم منهجها المعتمد على اللغة الإنجليزية وبعد أن حصل على الشهادة المهنية التي تعادل الثانوية العامة وفي عام 1966 بعثه والده الى الكويت وهو في سن السابعة عشرة ومكث بالكويت عدة اشهر كان يأمل في تكملة تعليمه ولكن لم يوفق بذلك ورغم هذا بدأ بالبحث عن الدول التي يستطيع أن يواصل فيها مراحل التعليم الى أن قرر الهجرة مرة أخرى الى سوريا واستطاع بسوريا أن يجتاز اختبار المعادلة للشهادة الثانوية التي حصل عليها من المدرسة المهنية بأبو ظبي.

وفي عام 1967 حصل على بعثة دراسية من السفارة البلغارية للدارسة في أكاديمية الفنون والمسرح في صوفيا وهنا بدأت رحلة الشنفري في دراسة المسرح والفنون، خلال دراسته ببلغاريا تزوج محمد من زوجته الأولى والتي كانت تدرس الطب فانجب منها ابنه الأكبر أسلم وابنته صوفيا وليلى وعاد محمد بعد أن حصل على شهادة البكالوريوس الى السلطنة ما بين عام 1973 وعام 1974 والتحق بالعمل في وزارة الإعلام ولم يمكث محمد كثيرا بالسلطنة حتى عاد ليكمل دراسته العليا فحصل عام 1978 على شهادة الماجستير من جامعة كارديف بالمملكة المتحدة وفي عام 1980 حصل أيضا على شهادة الدراسات العليا في علوم التلفزيون من جامعة سيراكيوس بالولايات المتحدة.

وعرض عليه خلال إقامته بالولايات المتحدة العمل في بطولة أحد الأفلام الأمريكية كما عرض عليه التدريس بإحدى الجامعات ولكن رفضها تماما ليرجع للوطن وكانت حياته العملية تتركز على بناء شباب الوطن وتعليمهم فن المسرح والدراما وتأسيس قاعدة فنية للمستقبل.

عمل من عام 1975 الى 1978 رئيسا لقسم المسرح بوزارة الإعلام والثقافة ومن عام 1978 الى عام 1981 مديرا للبرامج المحلية ومخرجا ومعدا للأعمال الدرامية بالتلفزيون العماني ومن عام 1981 الى عام 1992 مديرا لمسرح الشباب وكتب مجموعة كبيرة من الأعمال وأخرجها ومثل واخرج أعمالا درامية وكان النواة الحقيقية لتأسيس مسرح الشباب بالسلطنة ويعد الشنفري أول خريج للفنون والدراما والمسرح بالسلطنة وهو الأب والرائد الأول للحركة الفنية المسرحية على يده تخرج أبناؤه وحملوا لواء المسرح.

واختتم عماد الشنفري ورقته بتأكيده أن شخصية الراحل محمد الشنفري كانت تتحلى بصفات إنسانية عالية فهو مثال للأخلاق الطيبة والتواضع الجم مع الصغير والكبير جميل العشرة واختار الشنفري أن يبقي رائدا ومبدعا وينأى بنفسه عن الصراعات والخلافات والعوائق المهنية، وتوفي في يوم السبت التاسع من شهر أبريل من عام 2016.

من جانبه تناول الدكتور محمد بن سيف الحبسي في ورقته «محمد الشنفري ودوره في تطوير المسرح العماني»، حيث أشار إلى أن الفنان الراحل كان مؤلفا ومخرجا متطرقا إلى مساهماته في تطوير المسرح العماني في الشكل والمضمون، ومدى تأثره بالتجربة المسرحية الخارجية أثناء دراسته في الأعمال المسرحية التي قدمها، وعلى مدى تطور بنية نصوصه، بجانب القضايا التي تطرق إليها في أعماله وخاصة أثناء إشرافه على مسرح الشباب.

كم تطرق إلى غياب الراحل عن الدراما العمانية، موضحا أن له دور بارز في تطور هذه الحركة والإسهامات التي كان لها دور واضح في تقديم نماذج عمانية قادرة على الإشراف الإداري بجانب إبداعاتهم الأخرى في الجوانب الفنية، وكان يعتبر من أوائل العمانيين الذين درسوا المسرح أكاديميا في أمريكا وبعض الدول منذ بداية السبعينيات فكان لهذه التجربة التأثير الواضح على الرؤية المسرحية لمحمد الشنفري فكانت ثماره مجموعة من الأعمال المسرحية المتميزة شكلا ومضمونا والتي كانت ولا تزال من الإضافات المهمة في تاريخ المسرح العماني.

معللا أن من اهم الإشكالات أثناء الحديث عن محمد الشنفري هو قلة المصادر الموثقة لتاريخ هذا المخرج المسرحي إلا من خلال بعض الإشارات التي وردت في بعض الإصدارات المسرحية العمانية، لذا كان اعتمادنا أيضا على بعض ما رواه من عاصر محمد الشنفري وعمل معه سواء كان مؤلفا أو ممثلا أو إداريا لأجل الوقوف على بعض التساؤلات التي ربما بحاجة الى إجابات فيما يتعلق بسيرته المسرحية وغيرها من النقاط.

كما أشار الحبسي الى بدايات محمد الشنفري وبالتحديد فترة السبعينيات التي شهدت بداية ملامح التطوير في المسرح العماني شكلا ومضمونا من خلال تلك التجارب المسرحية المدرسية ومسرح الأندية وخاصة تجربة مسرح النادي الأهلي حيث ظهرت مجموعة من التجارب المسرحية المتطورة في كثير من جوانب العمل المسرحي رغم الإمكانات والتقنيات المسرحية البسيطة في ذلك الوقت إلا أنها كانت افضل مما كانت عليه في بداياتها قبل 1970، وهذا ربما يرجع الى تلك البعثات الدراسية للخارج من بينها دراسة المسرح والذي كان من بينهم الأستاذ أمين عبداللطيف والأستاذ محمد الشنفري وهو ما يمثل تطورا مهما في تطور المسرح العماني من خلال الاعتماد على الدراسة الأكاديمية للمسرح بجانب تلك الخبرات الموجودة والتي ساهمت جميعها في هذا التطور في كل مرحلة.

ولعل ظهور الإرهاصات المسرحية لفرقة مسرح الشباب في السبعينيات كانت فرصة لان تكون اكثر ثراء من خلال انضمام الأستاذ محمد الشنفري إليها وتقديم مجموعة من التجارب المسرحية والدرامية المتكاملة كمسرحية (أغنية الموت) لتوفيق الحكيم عام 1976 والتمثيلية التلفزيونية ( وتحطمت الكؤوس). ويذكر الأستاذ محمد إلياس أن محمد الشنفري اخرج له عام 1979 مسرحيته بعنوان (لقاء الفجر) بطلب من وزارة الدفاع تكريما لأولئك المناضلين العمانيين ودفاعهم عن الوطن حيث عرضت المسرحية على مسرح بمعسكر المرتفعة تم بناؤه في الهواء الطلق وباستخدام ما كان متوفرا من تقنيات الإضاءة والصوتيات البسيطة، وربما كانت بداية ملامح التطوير الحقيقية للمسرح العماني والتي اكتملت معالمها من خلال التأسيس الحقيقي لهذه الفرقة عام 1980. وعن دور الشنفري في مسرح الشباب قال الحبسي انه مع بداية الاهتمام بإشراف الحكومة على تلك الفرقة الشبابية وكان لمحمد الشنفري الريادة في ان يتولى الإشراف على أول فرقة مسرحية رسمية مع بداية الثمانينات لتنطلق بعدها مراحل التطوير في الشكل والمضمون لمسرح الشباب والمسرح العماني من خلال تلك الإسهامات التي قام بها الشنفري فكان الرؤية واضحة أمامه من اجل ذلك ولعل أهمها طموحه نحو تأسيس مسرح كبير مجهز بالتقنيات الفنية الحديثة منذ بداية الثمانينات ورغم جهوده إلا ان ذلك المشروع لم يظهر على الواقع لأسباب تختلف من راو لآخر. واستطاع الشنفري مع بداية إشرافه على هذه الفرقة ان يقدم الأفضل فكانت أولى الخطوات الاستفادة من المخرج المسرحي مصطفى حشيش ليقدم أول تجاربه المسرحية المتكاملة الرؤية الإخراجية لمسرح الشباب وهي مسرحية ( تاجر البندقية)، ثم الاستفادة من الكاتب المسرحي المصري منصور مكاوي ليقدم للمسرح العماني أعمالا من التاريخ والتراث العماني، لتتوالى بعدها أعماله المسرحية بين التأليف والإخراج والإعداد والتعمين ليصبح محمد الشنفري أول عماني يكتب ويخرج للمسرح العماني أعمالا مسرحية متكاملة نستطيع ان نطبق عليها نظرية النص والعرض المسرحيين وهي من اهم الإضافات المسرحية وخاصة مع ظهور ما يسمى بنظرية المؤلف المخرج كأحد الأشكال التي أصبحت لاحقا علامة بارزة في المسرح العماني ولكن مع أهمية إدراك مدى الإمكانيات الفنية التي يجب ان يمتاز بها كل من يعمل بهذه النظرية.

بعد ذلك قدمت عزة القصابية الكاتبة والناقدة الفنية ورقة عمل حول «الخطاب الاجتماعي» في مسرح محمد بن سعيد الشنفري، حيث أشارت ان التركيز في «محو الخطاب الاجتماعي» في مسرح محمد بن سعيد الشنفري لم يكن من محظ الصدفة وانما كونُه أكثر تعرُّضًا للقضايا الاجتماعية، وربما من شاهد مسرحية «الفأر»، والتي اتخذتها أنموذجًا لدراسة مفردات الخطاب المسرح الاجتماعي في مسرحه، ببعديها الرمزي والإنساني سوف يدرك ذلك مشيرة الى ان «الخطاب المسرحي»، بدءًا من كونِه نصًّا مكتوبًا، وانتهاءً بكونِه عرضًا في الفضاء المسرحي، فنجده يعتمد على الأجزاء الصوتية والأسلوبية التي تعمل في سياق البنية السردية للنَّص، والذي يتحول إلى جزء من البنية التكوينية للفضاء الدرامي، أما المكتوب فهو رموز بصرية بحاجة إلى تجسيد صوتي أو حركي عبر تفعيل العلامات المختزنة بداخلها، وأشارت القصابية أن مسرحية «الفأر» ركزت على دور «العمة الشريرة» التي تناولها العديد من الكتّاب مثل قصة «ساندريلا» فقد تزوج الأب امرأة تدخلت في حياته وقراراته، كما منعت زواج ابنته من قريبها لتتزوج رجلا كبيرا في السن وهو زواج المصلحة، مناقشا في هذه المسرحية العديد من المشاكل الاجتماعية الموجودة في مجتمعنا، بلغة محلية ليصل إلى الشارع العماني في ذلك الزمان، بمضمونه ولغته. في حين تناول الفنان عبد الغفــور بن أحمـــد البلوشــــي في ورقته شخصية محمد الشنفري من خلال مسرحية غريب حيث قال ان المسرحية تعتبر من الأعمال الفنية المتميزة التي توفر لها كل سبل النجاح فالمخرج محمد بن سعيد الشنفري فنان قدير درس الإخراج من جامعة كاردف ببريطانيا وهو حاصل على الماجستير من أكاديمية الفنون المسرحية من جامعة صوفيا ببلغاريا ويتمتع برؤية ثقافية متميزة يروي من خلالها مشاكل المجتمع ويحاول علاجها كما هو واضح في هذه المسرحية ومسرحية المهر ومسرحية الفأر وقد استطاع ان يحرك الممثل على خشبة المسرح بوعي واضعا نصب عينيه استخدام إمكانية الممثلين كل حسب قدرته، منوها بأوبريت اليوبيل الفضي الذي كافح الشنفري لإعادة تقديمه بعد أن تم التجهيز له، كما أشار أن مسرحية «غريب» تناولت العديد من الأمور الغريبة على المجتمع ابتداء من رغبة الوالد بابتعاث ابنه إلى الخارج لمواصلة دراسته حتى يعود بزوجة أجنبية تركته فيما بعد بسبب عاهة أقعدته، وسلطته على أخته التي منع زواجها من شباب بسبب تخرجهم من دبلوم أقل، وكان يعالج واقعا ومشاكل اجتماعية يعايشها الناس بقصد التنوير.