1178755
1178755
المنوعات

« قرية الخوض » مزجت بين عبق الماضي ونهضة الحاضر وتضم أكبر حديقة للنباتات

29 نوفمبر 2017
29 نوفمبر 2017

تشرفت باحتضان العرض العسكري للعيد الوطني الـ47 المجيد -

كتب - نـوح بن ياسـر المعمـري -

تجمع قرية الخوض بولاية السيب بين عبق الماضي ونهضة الحاضر، كما تحتضن بين جبالها الطبيعة الخلابة التي شجعت على تنشيط الجانب السياحي، ولتكون محطة ومقصدا للعديد من السياح على مدار فصول السنة.

تحتضن القرية آثارا قديمة لا تزال باقية حتى اليوم ومعظم تلك المعالم تتنوع ما بين أبراج وحصون، أشهرها قلعة الخوض.

كما أن القرية بها مياه غزيرة فضلاً عن كثرة جداول المياه التي تتدفق بطول الوادي وهناك أيضاً برك وغدران مائية تحيط بها أشجار كثيفة ويمر بالقرية فلج كبير ومجموعة رائعة من الأفلاج وفي طرف أفلاجها تم تشييد سد ليقوم بحجز مياه الأمطار والسيول.

كما أن القرية شهدت في عصر النهضة العديد من الإنجازات، حيث تم تشييد المدارس والمرافق الخدمية، كما حظيت هذا العام باحتضان العيد الوطني الـ 47 المجيد بقيادة المهام الخاصة بشرطة عمان السلطانية. كما يتم الآن العمل على تشييد حديقة للنباتات تعد الأولى من نوعها في الشرق الأوسط.

الواحة الغناء

الشيخ أحمد بن محمد بن عمير الهنائي يصف قرية الخوض بالواحة الغناء، التي لا يمر المار بها إلا ويتعجب من مائها السلسال وظلها الوارف، أينما وجهت بشطرك وجدت نخلة تحكي ماضيا عريقا، وفلجا يروي أرض الأجداد، وصخورا تؤرخ لسجل حافل من العطاء والنماء، تقع القرية بولاية السيب بمحافظة مسقط، وتشبه بعنق الزجاجة إذ هي مصب أودية وادي سمائل، وكانت في الماضي من أعمال بدبد. فمنذ بزوغ فجر النهضة المباركة قامت الحكومة ببناء مدرستين وهي مدرسة المثنى بن حارثة للبنين - التي أعيد بناؤها مؤخرا- ومدرسة جميلة بنت ثابت للبنات، وتم رصف الطرق الداخلية مع توصيل الإنارة لها، ومن معالم النهضة المباركة تشييد صرح العلم الشامخ جامعة السلطان قابوس في عام 1986م ، وكذلك بناء سد مائي ضخم يبلغ ما يقارب 7 كيلو مترات، وهو سد وادي الخوض، الذي يغذي باستمرار المياه الجوفية في المنطقة.

وبتوجيهات من حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - أعزه الله - جاء تنفيذ مشروع حديقة الأشجار والنباتات العمانية، الذي يعد من أكبر المشاريع النباتية في الشرق الأوسط، والعمل جار على إنجاز مراحله الأولى، وحتى تكتمل المنظومة الواحدة تم بناء قيادة المهام الخاصة لشرطة عمان السلطانية، التي حظيت بالتشريف السامي في احتفالات العيد الوطني السابع والأربعين المجيد، ونحن نؤرخ هذا اليوم بالطلة البهية لمولانا -أبقاه الله - ووطئه لثرى قرية الخوض في 18 من نوفمبر 2017م.

تشجيع الاستثمار

وقال الشيخ سعيد بن محمد بن عمير الهنائي: إن القرية لها طابع جميل، حيث تتميز بجمال قرى عمان الداخلية، التي تجمع الأصالة والحضارة ويوجد بها فلجان، وبها العديد من المباني الأثرية، كما أن تمركزها بالقرب من العديد من المنشآت الخدمية أعطاها موقعا متميزا في المحافظة . موضحا بأن تسميتها بالخوض يعود لكثرة المياه فيها، وتتدفق مياهها على مدار السنة، والقرية تشتهر بالعديد من الفواكه والخضروات مما أكسبها أهمية كبيرة.

وناشد الشيخ سعيد الجهات المختصة من بلدية مسقط بإنشاء حديقة عامة للقرية وزيادة في رصف الطرق الداخلية مع تركيب الإنارات بالطرق التي لا توجد بها إنارة، كما أن الطريق الرئيسي بالقرية بحاجة إلى جماليات أكثر لإعطاء طابع جمالي جذاب، كما ناشد وزارة السياحة بتجميع القرية واعطائها طابعا تراثيا كما عرف عنها في السلطنة، لتكون قرية نموذجية في المحافظة.

كما ناشد بفتح المجال لأبناء القرية لإنشاء المنشآت السياحية وتشجيع الشباب بمنحهم الأراضي السياحية، ومنح أبناء القرية الأولوية للأراضي السكنية بالقرية.

المواقع الأثرية بالقرية

وحول المعالم التاريخية يذكر لنا الشيخ ناصر بن محمد بن عمير الهنائي المآثر المخلدة في قرية الخوض فيقول: « توجد قلعة الفرس - كما تسمى - على ضفاف وادي الخوض، وهي مبنية منذ مئات السنين كما عهدها أباؤنا وأجدادنا، وكذلك بيت العود وهو بيت محصن بني في عام 1880م تقريبا، ويتكون من دورين، وفيه مخازن للتمور وغيرها، وكان بناؤه عجيبا وما زال، إذ استقدم لها عمال مهرة، وتم اختيار مكانه بدقة وعناية ملحوظة وما زال شاهدا على عراقة التاريخ فيها.

ويوجد فلجان في قرية الخوض وهما فلج السراة وفلج بو بياحة، والأخير أقوى بحكم ارتفاعه عن الآخر، ورغم الجفاف الحاصل في الآونة الأخيرة لكنه ما زال يُسقى به من خلال البئر الارتوازية ( الرق) المحفورة في الوادي.

ويحرص أهالي الخوض على الزراعة بشكل عام، إذ يقوم أبناؤها على زراعة النخيل التي تثمر فيه عدة خرائف كالخلاص والخنيزي وغيرها، وكانوا في السابق يهتمون بزراعة نخل الخصاب، الذي كان جو الخوض يناسبه كثيرا، وكذلك اهتموا بنخل المبسلي الذي كان يعد موردا اقتصاديا مهما في تلك الحقبة، وحاليا يوجد اهتمام ملحوظ من أهالي قرية الخوض لزراعة مختلف المحاصيل من البطاطا والثوم والليمون والبُرّ وغيرها من المحاصيل الزراعية، التي يسعون بجدٍ للحصول على تسويق كاف لها.

وفي هذا الصدد فإننا نتطلع من جهات الاختصاص النظر في مطالبات قرية الخوض من تخصيص أراض سكنية لأبنائها القاطنين بها منذ مئات السنين، إذ نأمل إيجاد مخططات سكنية بقرية الخوض وتوزيعها لأهلها؛ لتكون من ضمن الأولويات والاعتبارات المنظور لها أثناء التوزيع الإسكاني؛ ليبقوا في أرض أجدادهم ويحافظوا على موروثهم الأصيل، علما أننا على تواصل دائم مع مكتب والي السيب وغيرها من جهات الاختصاص في ذات الصدد.

وكذلك نرجو من وزارة السياحة الموقرة دعما للسياحة الداخلية إقامة استراحات عائلية يعتنى بها باستمرار، لتكون موئلا للعائلات الراغبة في التنزه والاستمتاع بالمناظر الطبيعية على الوادي وغيرها.

ونحن أهالي قرية الخوض كافة نحمد الله سبحانه وتعالى على نعمه التي لا تحصى، وما شهدناه من مصاعب وعقبات في الماضي ولت وتلاشت، وكان المقدم الميمون لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم بارقة أمل لنا للمضي قدما لبناء عماننا الحبيبة، ومواصلة مسيرة النهضة المباركة نحو غد مشرق.

عظام الديناصورات بالقرية

الجدير بذكر أن باحثين عمانيين وفرنسيين وهولنديين عثروا على تجمع من عظام الديناصورات بقرية «الخوض» بولاية السيب بمحافظة مسقط، وقدم الباحثون بحثهم الذي تدعمه الجمعية الجيولوجية العمانية وحديقة النباتات والأشجار العمانية في مجلة «بلو سوان العلمية » حيث تعد هذه العظام أول دليل لاكتشاف عظام ديناصور هادروسورس في الجزيرة العربية.

ويعد العثور على هذا النوع من الديناصورات أمرا مثيرا للدهشة فديناصورات هادروسرس حسب الفهم العلمي التقليدي كان وجودها محصورا في القارات الشمالية، بالتحديد أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا، ولذلك فإن وجودها في الجزيرة العربية أو إفريقيا لم يكن معروفا من قبل وعُثر على العظام في محيط قرية «الخوض» حيث كانت القرية مليئة بالأنهار والأشجار عندما عاشت فيها الديناصورات وتجولت في أرجائها قبل نحو 70 مليون عام.

كما أشارت البحوث الى أن صخور قرية «الخوض» تحتوي على عظام الديناصورات ترسبت بواسطة أنهار سريعة الجريان فيما يبدو، وأن العثور على عظام محفوظة بصورة كاملة فضلا عن العثور على هياكل كاملة للديناصورات لا يبدو أمرا واردا، ولذلك فإن عظام الديناصورات المتناثرة التي تم تجميعها سابقا وحاليا تستدعي مزيدا من البحث والدراسة لمعرفة أصل انتشارها.