1171223
1171223
مرايا

فؤاد ذنون: التراث نقل للواقع ويتم تجميله

29 نوفمبر 2017
29 نوفمبر 2017

يخشى على فرقة الفنون الشعبية العراقية من الاندثار -

بغداد- جبار الربيعي -

فؤاد ذنون الرئيس السابق للفرقة الوطنية للفنون الشعبية في العراق، والذي رغم إحالته إلى التقاعد إلا أنه ما زال مشرفاً على الفرقة بسبب تمسكه بالفرقة وتمسك أعضائها بها لكونه من مؤسسيها، وهو المصمم الأول لرقصاتها الجميلة، وهناك ارتباط روحي كبير بينه وبين أعضائها.

فؤاد ذنون حذر في لقاء مع «المرايا» من اندثار الفرقة بسبب النظرة القاصرة للمجتمع للعاملين فيها، وكذلك عدم وجود دعم لها من قبل المؤسسات المعنية، فضلاً عن سفر الكثير من أعضاء الفرقة إلى خارج العراق أو ترك العمل فيها بسبب عدم توافر مخصصات مالية جدية لهم، متمنياً أن يظهر بديلاً له في تصميم رقصات الفرقة في القريب العاجل. وتالياً تفاصيل اللقاء:

- ما هي نشاطات الفرقة؟

نشاطات الفرقة في هذا العام كانت كثيرة ومتميزة، كان لدينا وقفة مع عيد المعلم، حيث قدمنا أوبريت «أنا أسمي بغداد» و«كلنا العراق» وأوبريت «المصالحة الوطنية» على المسرح الوطني بحضور ألف مشاهد، وكان هناك وزير التربية ممثلاً عن رئيس الوزراء ومعنيون عن نقابة المعلمين ووزارة التربية، حقيقةً العرض كان مهما جداً ونال استحسان الجمهور بشكل كبير، كون الأعمال التي قدمتها تلامس واقعا مر به العراق من جرح وأمور أخرى.

كما قدمنا ومن خلال مؤسسة «أرض جلجامش» وبالتعاون مع دائرة السينما والمسرح وبمساهمة الفرقة الوطنية للفنون الشعبية، عرض الفيلم الروائي «لا تعيين» وكان للفرقة دور في هذا الفيلم، حيث قدمت لوحتان على المسرح، وهاتان اللوحتان لأول مرة تعرضان لتعطينا أملا في الحياة، لأن ديننا الإسلامي دين سماحة واحترام وليس دينا مثلما يمثله «داعش» والمتخلفون، أيضاً كانت لدينا مشاركة في «اليوم العالمي للمرأة» في قاعة الرباط لوزارة الثقافة، دائرة الفنون الموسيقية، بعد أن قدمنا أوبريت «حواء» وهو يتحدث عن دور المرأة العراقية في كل مجالاتها في التعليم، والفن، والثقافة، ومحاربة الفساد، وهذا العمل من إخراجي وتصميمي. أضف إلى ذلك كانت لدينا وقفات في معرض بغداد الدولي، وفي يوم النزاهة وقدمنا فيهما أوبريتات تتناسب مع الحدث.

- كيف يتم اختيار تصميم الرقصات؟

أنا أعتبر أن تصميم الرقص ليس سهلاً، والكل يعرف أن المصمم أن لم يكن لديه فكراً حقيقياً من خلال قيامه بمسح ميداني في كل مناطق العراق، ومشاهد تقاليد أجدادنا وآبائنا كيف يمارسون تقاليدهم بالفرح والحزن والحصاد وكل الأشياء، فضلاً عن ذلك يجب أن يكون لديه خزينا كاملا عن مجتمعنا العراقي بكل قومياته، لا يستطيع أن يقدم أي لوحة فلكلورية، يجب أن يبحث ويقرأ ويخرج بمسح حقيقي عن المجتمع الذي يعيش فيه، لأن العملية ليست سهلة أبداً وعملية خطرة، لأن التراث ليس استعراضا، إنما هو نقل للواقع ويتم تجميله، حتى المتلقي يستمتع بالموسيقى والشعر والأزياء والتصميم.

- هل أنت منفرد في هذا الشيء؟

مع الأسف الشديد أكثر أعضاء الفرقة ومدربيها غادروا العراق بسبب الظروف الصعبة التي مرت في البلد، حيث بقيت أنا والفنانة هناء عبد الله متفردين بهذا العمل، وكنت أتمنى أن يكون هناك بديل لي حتى تستمر الحياة وتستمر الفرقة التي أسسناها، لكن لغاية الآن لم يظهر هذا البديل وأتمنى أن أراه قريباً، لأن هذه الفرقة بحاجة إلى الاستمرار والتواصل والبحث عن تصاميم وأفكار جديدة.

ألا تتحمل مسؤولية في إيجاد بديل لك؟

أنا لم أتحمل أي مسؤولية في مسألة إيجاد البديل لي، لأنني بحثت وخرجت إلى الساحات الميدانية ورافقت الخبراء، إما بخصوص تهيئة جيل جديد فعلى الجيل الجديد أن يبحث بنفسه ويخرج بمسح ميداني، يقرأ ويثقف نفسه ويحصنها، لغاية الآن هذه الأمور غير موجودة، لكن نتمنى أن تكون موجودة، يجب أن يكون هناك بديل لي، ويجب على البديل أن لا يفكر بالراتب، لا يفكر بأن تأتيه الأموال، عليه أن يضحي ويترك الجانب المالي على طرف، وأيضاً عليه أن يفكر بكيفية صناعة نفسه وتاريخه ويضع المنجز قبل أن يضع ما الذي يحصله عليه من هذا المنجز. إذ يجب عليه أن يترك كل الأشياء ويضع منجزه حتى يستطيع أن يحفر اسمه، وحفر الاسم ليس سهلاً أبدا، أنا من مؤسسي هذه الفرقة في عام 1971، 45 عاماً في هذا المجال واستطعت والحمد لله أن أقدم شيئاً بسيطاً والناس هم من يقيمون عملي وتاريخي.

- ما هي المصاعب التي تواجه الفرقة؟

حقيقةً هناك مصاعب كثيرة تواجه الفرقة، أولاً نظرة المجتمع المتدنية لهذا المجال، ولدينا نقص بعدد النساء، ورواتب الفرقة قليلة، ولأكون منصفاً، فإن وزير الثقافة العراقي فرياد راوندوزي هو داعم للفرقة ولي شخصياً، ولولاه لتهدمت الفرقة، لأن دائرة السينما والمسرح تمويلها ذاتي لا تستطيع أن تؤمن رواتب منتسبي دائرتها، فاستطعت أن أذهب للوزير وشرحت له معاناة الفرقة، فقلت له: «إن لم توفر رواتب للفرقة فالكل سيتركون العمل وأنا لا أستطيع أن أعمل في هذا المجال» الوزير وقف وقفة مشرفة معي وأعطى لهم عقودا في وزارة الثقافة.

- أليس لديك مشروع لإقامة حفلات للجمهور في المسرح؟

هذا المشروع قائم منذ عام تقريباً، حيث قدّمت مع الموسيقار علي خصاف عرضا مشتركا، كان الضيوف أكثر من الجمهور، الجمهور كان جيداً ولكننا كنا نفكر أن نستثمر هذه القضية ونقوم بعمل تذكرة بقيمة 10 آلاف دينار للفرد الواحد، وإن شاء الله هذه التجربة ستطبق في عيد نوروز مع مشاركة فرقة الخشاب البصراوية، ونعمل تجربة مهمة للجمهور العراقي حتى يشاهد تراثنا.

- هل تخشى على الفرقة من الاندثار؟

نعم أخشى عليها كثيراً جداً، بسبب مغادرة كل أعضائها المهمين إلى خارج العراق، ففي كل فرق العالم العربي يوجد باحثون، وملحنون، ومخرجون، ومصممون وكل هؤلاء الناس يساعدون المخرج والمصمم على إظهار العمل المبهر، مع الأسف في العراق لدينا فقط فؤاد ذنون هو الباحث، هو الذي يختار الموسيقى، وهو يأخذ الأفكار، هذه قضية مرهقة ومتعبة وتأخذ الكثير من صحتي ومن وقتي، وقد تركت عائلتي حتى أحافظ على هذه الفرقة التي أسستها في عام 1971.

- ما هو شعورك عند انسحاب فنانة أو راقصة من الفرقة؟

هذه المشكلة أعاني منها كثيراً، كثيرات تعبنا عليهن بدورات باليهن وبوليجراف وتهيئتها، وتبقى لديك الراقصة 4 أو 5 سنوات وتفاجئك وتأتي لك وتقول بأنها تزوجت وتريد ترك الفرقة، لأن زوجها لا يقبل أو لأن والدها لا يقبل أو سافرت خارج العراق. هذه مشكلة كبيرة، وبسبب ظروف البلد الصعبة والنظرة المتدنية من المجتمع، وقلة السفر، والكل يعرف أن المشاركات الخارجية تعطي حافزاً كبيراً لأعضاء الفرقة، لأنها تسافر وتمثل البلد وتشاهد ثقافات أخرى وتطور نفسها، وكل هذه الأمور غير متوافرة وتخلق إحباطات عند عضو الفرقة ويغادرها بسهولة.