hameed
hameed
أعمدة

توعويات :الأمة تفقد وسائل الدعوة

29 نوفمبر 2017
29 نوفمبر 2017

حميد بن فاضل الشبلي -

منذ أن بعث الله تعالى (الوحي) سيدنا جبريل عليه السلام، على نبي الأمة محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي كلفه بالدعوة نحو توجيه العباد إلى عبادة الواحد القهار، حيث استمر عليه أفضل الصلاة والسلام في حمل لواء هذه الدعوة الخالصة لتحرير العباد من عبادة الأصنام والأوثان، إلى أن انتقل الرسول الكريم إلى الرفيق الأعلى، ومن ثم واصل الخلفاء الراشدون هذه الأمانة، الذين تخطوا الصحاري والمحيطات والبحار، رافعين راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، ثم بعد ذلك مرت الأمة الإسلامية بمراحل صعبة من الويلات والصراعات والفتن، إلى أن وصلت إليه الأوضاع فيما نراه في الوقت الراهن، من غياب أهم عناصر ووسائل الدعوة، لذلك لم تبقَ الدعوة موجهة كما كان يأمل بها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، حينما حملوا أمانتها بعد وفاته، لقد كانت موجهة لعبادة الخالق سبحانه وتعالى، والاقتداء بسنة نبيه، التي كانت أبرز ملامحها احترام الإنسان والنصح والدعوة بالإحسان.

ولكن تغير حال الدعوة عند البعض في هذا الزمان، وأصبحت بعض وسائل وقنوات الإعلام موجهة للنعرات الطائفية والمذهبية، فكم من قناة تمجد مذهب وتقذف وتستحقر المذاهب الأخرى، لم يعد البعض يدعو إلى ما قاله الله ورسوله، وإنما أصبحت الاستماتة والحجة لرأي داعية وتحقير وتكفير آراء غيره، لم يعد البعض يخلص في دعوته نحو تحرير البشر من عبادة الشجر والحجر، وإنما انصب فكره ووقته وماله نحو تمجيد جماعة وجعلها في عليين وغيرها في الدرك الأسفل من النار، لقد زادت حدة الصراع والفراق والخلاف بين أمة لا إله إلا الله، بسبب التعصب والتشدد للرأي الواحد عند بعض الأطراف، للأسف لم يعد في مصلحة الأمة تعدد القنوات والشبكات التي يطلق عليها قنوات إسلامية، وذلك بسبب حجم ما تشاهده وتسمعه لبعض هذه القنوات من حمل لواء الحقد والتكفير لمن يخالف آراءها وأحكامها، ولذلك بدأنا نرى في كل يوم ظهور مسمى جديد لتيار أو طائفة أو جماعة تكني نفسها بالإسلامية، لقد ابتعد البعض عن الدعوة الخالصة لطاعة الله وطاعة الرسول، إلى تسخير الوقت والمال والأفراد نحو معاداة وتحقير وتكفير المذاهب والطوائف الأخرى من الأمة، مؤسف جدا أن تتحول بيوت الله من دار توجيه ودعوة وتنوير إلى أماكن تصفية حسابات مع المخالفين بالمتفجرات، ضحايا وأشلاء بدأنا نشاهد تناثرها في مساجد بلداننا الإسلامية والعربية، ما هذا النوع من الفكر الجديد الذي بدأنا نواجهه في مجتمعاتنا التي تؤمن بالوحدانية، لم تعد هناك دعوة مصاحبة بالتوجيه والرشد والإحسان، وإنما بوسائل التهديد بالعنف والقتل والنيران.

لذلك أيها القراء الأعزاء كيف تتوقعون رغبة ودافعية الأفراد والأمم التي يتم دعوتها إلى دين الإسلام، وهي تشاهد مناظر التفجير والتدمير التي تطال بيوت الله، كيف تتوقعون ردة فعلها وهي تسمع وترى حوادث التلاسن والتلاعن بين بعض الدعاة والقنوات الإسلامية، أليس البعض منا قد أساء إلى روح الإسلام، الذي وجهنا إلى مكارم الأخلاق والتسامح والبعد عن الظلم والعدوان، والحقيقة المرة التي يجب أن نعترف بها، هو فقدان الأمة إلى وسائل الدعوة المعتدلة (إلا من رحم ربك) في هذا الزمان، وأخيرًا رحم الله الأبرياء الذين ودعوا الدنيا نتيجة هذا الشقاق والخلاف، وهنيئًا لكل داعية سعى واجتهد لدعوة البشرية، نحو عبادة الخالق لا سواه وطاعة نبيه محمد رسول الله، مستخدما وسائل الدعوة المقنعة بالحجة والبرهان لا بالتعصب وإطلاق الشتائم والنيران.

[email protected]

‏‫