khaseeb
khaseeb
أعمدة

نبض المجتمع :المبادرات المجتمعية إلى أين؟

29 نوفمبر 2017
29 نوفمبر 2017

خصيب عبدالله القريني -

تمثل قيمة خدمة المجتمع أهمية كبيرة لدى المجتمعات الحديثة، ذلك أنها الترمومتر الذي يقاس من خلاله تطور وتحضر أي مجتمع، فعندما تؤمن المؤسسات الحكومية والخاصة وكذلك الأفراد على مختلف قدراتهم واتجاهاتهم بأهمية خدمة المجتمع وضرورة أن يكون منهجا للحياة شأنه شأن الخدمة الأسرية أو الخدمة الذاتية، عندها نستطيع أن نصف المجتمع بالتطور، فالتطور ليس ماديا فقط وإنما فكريا ومعنويا بصورة عامة، وهنا تبرز قيمة إيجابية يجب ان نعي أهميتها خاصة لدى النشء الذي يجب ان تتاح له الفرصة ليتعلم هذا السلوك، ليس من خلال المحاضرات والندوات ولكن من خلال السلوك الممارس.

ان وجود قدوات تقدم خدمات جليلة للمجتمع هو الأسلوب الناجع الذي من خلاله نحفز الآخرين وندعوهم للتسابق لخدمة مجتمعهم، وقبل فترة قصيرة وفي فترة زمنية متقاربة كانت هنالك العديد من المبادرات الإنسانية التي تطوع بها رجال أعمال عمانيون في مختلف المحافظات والتي تمثلت في تقديم خدمات ذات نوعية متميزة تمثلت معظمها في الجانب الصحي كالمساهمة في تقديم أجهزة لغسيل الكلى وأخرى لأمراض القلب وغيرها من المبادرات الإنسانية المجتمعية ذات المردود الكبير والعام، فليست الفائدة هنا محصورة في أشخاص معينين ولكن في مجتمع بأكمله يمكن ان يستفيد من هذه الخدمات.

لاشك ان هذه اللفتات التطوعية تحتاج الى ان تعطى أهمية إعلامية كبيرة وان يشار إليها بالبنان وان تكون أنموذجا يحتذى، فالوطن اعطى الكثير، وبالتالي اصبح لزاما على الجميع ان يكون سباقا لرد الجميل، فالجزاء يجب ان يكون احسانا يقدم لأبناء هذا الوطن، وان ما يقدم هو في النهاية عمل يجزى به الإنسان دنيويا وأخرويا.

ان الدور الذي يجب ان يلعبه القطاع الخاص هو في الواقع لايزال يحبو فيما يتعلق بالخدمة المجتمعية رغم وجود مبادرات متميزة لبعض الشركات، ولكن حتى هذه الشركات التي تقدم خدماتها هي في الغالب شركات حكومية،أي مازلنا ندور في نفس الفلك، فالحكومة هي من يخدم المجتمع حتى في القطاع الخاص، وهذه دعوة لبقية الشركات أن تكون على مستوى المرحلة الراهنة وان تأخذ زمام المبادرة في خدمة المجتمع، وان لاتكون هذه الخدمات عبارة عن خدمات شكلية تهتم بالحفلات بل تتعداها لإيجاد خدمات نوعية تستفيد منها اكبر شريحة ممكنة من المجتمع.

وربما يجرنا هذا الموضوع أيضا لبعض المؤسسات التطوعية والتي يجب ان تكون برامجها ذات طبيعة تضمن الديمومة في العطاء بحيث لا تنحصر في مواسم معينة وان لا تركز على الفرد فقط بل تتعداه الى خدمة المجتمع بصورة عامة، وهنا قد يحتاج الأمر الى دمج الكثير من الفرق التطوعية خاصة عندما يتزايد عددها رغم وحدة الأهداف، فلايجب ان تكون الإجراءات ارتجالية تهتم بدفع مبالغ لأشخاص معينين يتم صرفها في يوم وليلة بل تتعداه الى إيجاد مشاريع يستفيد منها الفرد لفترة طويلة.

ان غرس هذه القيمة في نفوس الطلبة مطلب اجتماعي وحضاري في نفس الوقت ولا يتأتى ذلك إلا بإيجاد القدوة سواء في الأفراد أو المؤسسات، وإبراز هذه القدوات بصورة متميزة إعلاميا بغية جعل هذه القيمة سلوكا لدى مختلف أفراد المجتمع .