sharifa
sharifa
أعمدة

وتر :سؤال غير لائق

29 نوفمبر 2017
29 نوفمبر 2017

شريفة بنت علي التوبية -

لم أكن أتوقع أن أسأل نفسي هذا السؤال غير اللائق أبداً كما بدا لي، وهو لماذا اكتب ولمن أكتب؟ لأن مثل هذا السؤال لم أطرحه على نفسي من قبل، فما كان يعنيني لمن أكتب، ولا كنت أبحث عن عين القارئ لحظة الكتابة، فالكتابة بالنسبة لي شغف مجنون وأمارسه بجنون ومتعة، لأكتب ما شئت ومتى شئت، فمن يكتب لا يسأل نفسه مثل هذا السؤال، لكني في الفترة الأخيرة سألت، ووجدتني أعيش لحظة صمت وأقف أمام الكلمة التي أكتبها وقفة الحائر، وتساءلت طويلاً إلى أين يأخذني هذا الطريق الذي لا أجد له نهاية؟ّ.

ففي زمن الكتابة العشوائية والنشر العشوائي يقف القارئ المتعطش الملهوف للقراءة أمام طوفان من الكلمات والعناوين الغريبة التي باتت تتصدر القائمة بدور النشر والمعارض وأسواق الكتب، والتي قد تبدو من الوهلة الأولى أنها فقاعة كلامية لا أكثر، فقاعات على هيئة كتب تحمل عناوين مثيرة وغريبة، مثل كيف تقتلين رجلاً؟ أو كيف تكونين عاشقة أو أحمر شفاه...الخ ، عناوين تدعوك للدهشة والاستغراب، وما يزيدك دهشة أن هناك كتبا تم منع عرضها في بعض المعارض ليس لسبب منطقي، ولكن لأن العنوان لا يلائم الرقيب، والذي ربما لم يقرأ من الكتاب سوى عنوانه، والأغرب أن يحدث ذلك بزمن تظن فيه أن مقص الرقيب لم يعد موجوداً وأن عينه قد زالت الغشاوة عنها، وأن العقول قد أصبحت أكثر وعياً ودراية حول القيمة الأدبية للكتاب، خصوصاً ونحن نعيش كل هذا الانفتاح الثقافي من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، وبعد أن أصبح الكتاب الإلكتروني في متناول الجميع، لكن بكل أسف حتى الكتب خضعت لتلك اللعبة التسويقية التي يخضع لها أي منتج تجاري، وأصبح القارئ لا يبحث عن الكتاب الجيد قدر ما يجري وراء فقاعة يلهو بها، ولست أقلل من شأن القارئ هنا، لأن القارئ الواعي سيدرك طريقه نحو الكتاب الجيد وسينجو من فخ العناوين المثيرة ولعبة التسويق، لكن في ظل ما يحدث حتى الكتابة أصبحت تحديا كبيرا للكاتب نفسه، خصوصاً إذا كان لا يجيد لعبة التسويق كما يجيدها غيره.

ورغم السؤال غير اللائق الذي سألته لنفسي، لكني عجباً ما زلت أكتب، وما زلت لا أملك الإجابة اللائقة على السؤال في حضور الكلمة على سطح مكتب الجهاز الذي يستحثني لأن أنقر على مفاتيح الحروف لأواصل هذا النزف دون أن أسأل نفسي لماذا أفعل ذلك؟!