المنوعات

صدور كتاب عن التفكير العلمي عند علماء العرب والمسلمين

28 نوفمبر 2017
28 نوفمبر 2017

عمّان «العمانية»: يسعى كتابٌ صدر حديثا للكاتبة مجدولين أبو الرب، إلى الكشف عن خصائص التفكير العلمي عند علماء العرب والمسلمين، مؤكدًا أن هؤلاء العلماء ما كان لهم أن يفلحوا في ما توصَّلوا إليه من معارف علميّة دون التَّفكير العلمي المُثمر والمنهج العلميّ الصحيح . وتتخذ المؤلفة من علماء الكيمياء نموذجًا، مؤكدةً في كتابها الذي يحمل عنوان «التفكير العلمي عند علماء العرب والمسلمين»، أن علماء العرب هم الذين أوجدوا مِن علم الكيمياء منهجًا استقرائيًّا سليمًا يستند إلى الملاحظة الحسيّة والتَّجربة العلميّة، بحسب ما يورده «إريك جون هولميارد» في كتابه «المبدعون في علم الكيمياء».

في الباب الأوَّل من الكتاب الذي صدر ضمن منشورات «عمّان عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2017»، تقف أبوالرب عند خصائص التَّفكير العلمي (الموضوعيّة، التَّنظيم، الدقّة والضَّبط، الحتميّة أو السببيّة)، وتتعرَّض لفهمها المُعاصر، وفهمها عند علماء العرب والمسلمين، وتبين موقفهم من هذه الخصائص التي لا يصل عالِم إلى غايات علمِه مِن «فهم وتفسير وتنبؤ وسيطرة وتحكُّم إلّا عبْر التَّفكير العلميّ الذي يتَّسم به.

وفي الباب الثاني، تتناول المؤلفة مفهوم علم الكيمياء عند العلماء العرب والمسلمين ونشأته مرتبطًا بـ«السيمياء»، ودَوْر هؤلاء العلماء في إرساء قواعد المنهج التجريبي في الكيمياء، وتمَّ التَّركيز على نماذج مِن أعمالهم تبين مظاهر التَّفكير العلمي عندهم، واتِّباعهم المنهج التجريبي. ويتضمن هذا الباب إضاءات على هامش المنهج التجريبي محورها أنَّ العالِم ينبغي أنْ تكون علومه موسوعيّة. إذ تتحدَّث أبو الرب عن مصادر المعرفة والعلوم التي نهل منها العلماء العرب والمسلمون، لتحصرها في مصادر ثلاثة: التعلُّم، والتَّجريب، والتَّرجمة.

وقد تمَّ إيلاء موضوع التَّرجمة اهتمامًا مستقلًا، فتمَّ تخصيص الباب الثّالث من هذا الكتاب للحديث عن المنهج الخاص الذي اتبعه علماء العرب والمسلمين في التعامل مع الكُتُب المترجمة؛ فكانوا توّاقين للمعرفة، ومنفتحين على الآخر، وعَدّوا هذه الكتب كنوزًا معرفيّة، لكنّهم -في الوقت نفسه- اتَّبعوا منهج الشكّ العلمي، وكشفوا عن أخطاء ومواطن ضعف فيها بموضوعيّةٍ لم تمنعهم مِن الشكّ في آراء تعود لكبار علماء اليونان.

وفي الباب الرّابع، تستعرض المؤلفة أهمّ العناصر التي تعيق التَّفكير العلمي في المجتمعات عامّة، وفي المجتمعات العربيّة والإسلاميّة على وجه الخصوص، آخذةً في الحسبان التقدُّم في تكنولوجيا المعلومات والاتِّصالات والإعلام المعاصر، وأثرها في تكريس أنماط من التَّفكير تعيق التَّفكير العلمي، وتوقِع الإنسان في المُغالطات، في الوقت الذي يقدِّم فيه الإعلام الغربي صورة نمطيّة مزيَّفة عن الدين الإسلامي يدَّعي فيها أنّ الإسلام دينًا وثقافةً وحضارةً هو على تضادّ مع العقل والحداثة والتَّحديث، لأنه لا ينهل معارفه إلّا مِن الوحي! مُلغيًا الجانب العقلاني في الإسلام.

وتقول أبوالرب إن مَن يزهو بإنجازات أجدادنا العلميّة ينبغي أن يكون نصيرًا للعلم، وأنْ يدعو للأخذ بأسبابه في وقتنا الحاضر، لا أنْ يكون زهوًا مِن باب الاعتزاز كوْن هذا المُنجَز صنيعنا «نحن» وليس صنيع «الآخَر». وتضيف أن الأسلوب العلمي في التَّفكير؛ كان سببًا في ما توصَّل إليه العلماء العرب والمسلمون من إنجازات علميّة مهمّة في أوج ازدهار الحضارة العربيّة الإسلاميّة. لذلك «علينا أنْ نفكِّر بالأسلوب نفسه، وأن نقدِّر ونحترم التَّفكير العلمي، لا أن نكتفي بالتغنّي والتَّفاخر بمُنجز أجدادنا».

وتوضح المؤلفة أنَّ العلم والتكنولوجيا، وما يقتضيان من منهجيّة علميّة، هما عماد الحاضر والمستقبل؛ منهجيّة علميّة في التَّفكير والبحث، وفي القول والعمل، وفي اتخاذ القرارات. وتشير إلى أن المنهجيّة العلميّة ليست مجرَّد شعار يُطرح، بل هي طريقة في الحياة تعتمد العقل والمنطق والتَّجربة والإحصائيات، وتثق بقدرة العقل على حلّ المشكلات.