صحافة

الرسالة: الكلمة الممنوعة في قاموس المقاومة

24 نوفمبر 2017
24 نوفمبر 2017

في زاوية آراء كتب عماد عفانة مقالا بعنوان: الكلمة الممنوعة في قاموس المقاومة، جاء فيه:

الفشل، لا أحد من البشر تقريبا يحب هذه الكلمة، لا صفة ولا حتى موصوف. بيد أن العديد من كبار علماء النفس والتنمية البشرية يحفظون للفشل فضله، إذ منطقهم يقضي بأنه لولا الفشل ما وصلنا إلى النجاح.

وحسب ويكبيديا فان «للنجاح تفسير تقليدي وهو يعتبر فسح مرور أو إشباع رغبة أو حاجة معينة لتحقيق هدف منها من وراء النجاح، وإن لم يتحقق كان الفشل.

فالنجاح هو نتاج معادلة تقول: التوفيق مع الجد والاجتهاد يقود للنجاح، أما الفشل فهو ناتج من تقصيرنا وعدم إعطاء النجاح حقه لتحقيقه، ولكننا طالما نرمي جبة الفشل على منصة الحظ والظروف والحقيقة كل هذا نسلي به أنفسنا ونغطي به عيوبنا في التقصير وعدم الإخلاص للنجاح وتحقيقه». ومنطق الأمور التي خلقها الباري عز وجل أن الأشياء تعرف بأضدادها، فلولا الليل ما عرفنا النهار، ولولا الظلم ما عرفنا العدل، ولولا الخيانة ما عرفنا الوفاء، ولولا الفشل ما عرفنا والنجاح، وهكذا هي الحياة مليئة بالأضداد. وهناك مجموعات بشرية في الغرب الأوروبي ذات لون فكر علماني أو يساري لا تخجل من كلمة الفشل ولا تحارب قائلها لأن تتخذ من هذا الفشل منطلقا لتسطير مزيد من النجاحات.

حتى أن الشركات الكبرى في العالم توظف من الجهابذة من يتتبع الأخطاء لديهم لكشفها وتلافيها، بل وتمنح أيضا جوائز ضخمة لمن يكشف فشلا في أنظمتها الالكترونية المحصنة، لأنها تسعى إلى الكمال في برمجياتها، لتحافظ على أسبقيتها في هذا المجال. إلا أن هناك أناسا آخرون لا يحبون كلمة الفشل كباقي بني البشر، لكنهم يمقتون ويحاربون من يشير إلى هذا الفشل بغرض علاجه وتلافيه في المستقبل، ويصفون من ينبه إلى الأخطاء بالإنسان السلبي أو العدمي، ويعملون على عزله ونفيه على أطراف الفعل، خوفا ربما من أن تصيبهم العدوى فيصبحوا من المبصرين.

وشعبنا المرابط على أرضه الذي ينظر إلى مقاومته التي نجحت فيما لم تنجح فيه كل دول العرب فدكت تل أبيب وما بعد تل أبيب، وحلقت طائرات المقاومة المسيرة غير مرة فوق مغتصبات العدو وقواعده العسكرية، وقبَل جنوده في موقع ناحل عوز أحذية المجاهدين يتوسلون عدم قتلهم. فالشعب الفلسطيني العربي الذي تابع بعيون العزة والفخار المجاهدون وهم يتسللون خلف خطوط العدو ويعودون محملين بالغنائم والأسرى، وشاهدهم حين باغتوا قاعدة زيكيم حيث تجسدت البطولة والإقدام في المقاوم الهمام وهو يقتحم بجسده العاري دبابة الميركافاه 4 ويلصق عبوته في ظهرها فتفجرها.

هذا الشعب ينظر إلى مقاومته بعين الكمال ويريد لها أن تكون نموذجا في كل شيء، فحين تحفر الأنفاق لا يريد أن يراها تنهار، وحين تضرب المقاومة صواريخها لا يريد أن يراها تخطئ أهدافها، وحين يتسلل المجاهدون خلف خطوط العدو يريد أن يرى تحريرا وتمركزا لا غارة ثم عودة، وحين يمتشق الكوماندوز البحري عبواته ويسير غواصاته المسيرة يريد أن يرى بوارج العدو تتفجر ومن يبقى منها يلوذ بالفرار من بحر زرعته المقاومة بالموت الزؤام، وحين تسير المقاومة طائراتها المسيرة يريد أن يراها تلهب قواعد العدو للتحكم والسيطرة لهيبا ونارا، وتحول مطاراته كتل من اللهب.

الفشل الذي عايشه شعبنا طوال سنوات النكبة، التشرد والشتات، كلمة بات الشعب يعتقد أن المقاومة شطبتها من قاموسها وهي تسجل توازن الردع مع العدو، ثم هي مقبلة في الجولة المقبلة على تسجيل قاعدة جديدة وهي التحرير والتمركز.