1170401
1170401
إشراقات

مساعد المفتي: ألوف من الشباب يلتحقون بالوظائف ولا يعرفون معنى الالتزام الوظيفي فحصلت المشاكل

24 نوفمبر 2017
24 نوفمبر 2017

لعدم تأسيسهم على أسس فقهية -

متابعة :سيف بن سالم الفضيلي -

أكد فضيلة الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام للسلطنة أن أغلب القضايا المتعلقة بالبحث العلمي اليوم تفتقر إلى فقه إسلامي كما أن الفقهاء أيضا في المقابل لا يولون هذه القضايا ما تحتاجه من الجهد والعناية والاهتمام، تجد أنهم يكونون مشغولين بقضايا ثانوية فرعية ويتركون القضايا الأصلية.

وقال: إن الطب وصل اليوم ووصلت الأبحاث الحيوية إلى مستويات عالية رفيعة إن لم يمكن أن تتناول أفراد هذه القضايا بالبحث وبيان الأحكام الشرعية فيها فلا أقل من تقديم المبادئ والأحكام العامة الضابطة لمثل هذه الأعمال والتصرفات.

وأشار فضيلته إلى أن أخلاقيات البحث العلمي مسألة بالغة الأهمية لأنها تتناول كثيرا من الأحكام الشرعية المتعلقة بحياة هذا الإنسان بعلاجه ومداواته بالبحوث على الأحياء في هذه الحياة «البحوث الحيوية أو البحوث البيولوجية» بتوجيه العلوم والبحث العلمي الوجهة الصحيحة.

كما أشار إلى «أخلاقيات الوظيفة» بقوله: اليوم ألوف من الشباب يلتحقون بالوظائف والأعمال وهم لا يعرفون معنى الالتزام الوظيفي، الرقابة، حسن الأداء، الإتقان، كيف يكون في الوظيفة؟ التعامل مع الآخرين، كيف تقدم الخدمات إلى الآخرين؟ لا يعرفون البُعد الإيماني وراء هذه الأعمال التي يقدمها كسبا للرزق سعيا على نفسه وعلى أسرته نفعا للمجتمع لا يعرفون كيف يطهّرون نواياهم، الحد الأدنى الذي منه ينطلقون يفتقرون إليه.

وعزا فضيلته ذلك إلى افتقار عالمنا الإسلامي اليوم إلى مادة فقهية مستمدة من أصولنا التشريعية ومن تراثنا الإسلامي الفقهي ومن انتفاعنا أيضا بالتجارب الناجحة ومن نظرنا من واقعنا وخصوصياتنا، ولا يسوغ أن يترك الحبل على الغارب لأن أخطاء حصلت ومشكلات ظهرت في دوائر العمل سواء كان العمل في مؤسسة حكومية أو في مؤسسة خاصة من جراء عدم تأسيس هؤلاء العاملين على أسس صحيحة من فقههم الإسلامي ومن أخلاقهم الإسلامية.. وإلى ما جاء في الحلقة الخامسة من «سؤال أهل الذكر».

ألا يمكن أن تقدم ما يعرف بمبادئ حقوق الإنسان شيئا من هذا الأمر أو بديلا آخر؟

بل حتى في حقوق الإنسان انتظرنا إلى أن أصدر غيرنا وثيقة «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان» فأصدرنا نحن وثيقة أخرى.

نحن نتحدث عن وثيقة تتناول حكم التدخل العسكري في فض النزاعات تتناول الضوابط التشريعية والخلقية اللازمة لفض النزاعات.

هذا الذي نقوله ليس مبالغة وإنما هي كنوز يشتمل عليها فقهنا الإسلامي والواجب على المسلمين أن يبادروا الواجب عليهم أن يقدموا بعد أن يجتهد فيها المجتهدون الأكفاء المخلصون وأن ينظروا فيها بنظر شرعي من حيث التأصيل أولاً ثم من حيث قياس الواقع ومعرفته لتحقيق المناط ثم لتنزيل المناط في أرض الواقع.

إذا قضايا التنمية المستدامة هي في صدارة هذه القضايا أيضا، بعد ما يتعلق بقضايا الأمن والسلم وقضايا الفقه السياسي لا بد من الالتفات إلى قضايا التنمية المستدامة.

وبالمناسبة أيضا قضايا التنمية والاستدامة فيها ما يتعلق بمنع الفساد والإفساد ومن الأصول المقررة شرعا عندنا أنه «كلما عظمت المسؤولية زادت المحاسبة» مما يعني أن وجوه الإفساد المالي والإداري والفساد في السلطة يتحمل العبء الأكبر منه من كان في موضع المسؤولية الأكبر، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول لأبي ذر حينما قال له : ألا تستعملني يا رسول الله؟ قال: لا، إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة حسرة وندامة، إلا من أداها بحقها وأدى الذي عليه فيها. فلا يصح أيضا التهاون فيما يتعلق بهذه الجواهر الثمينة الموجودة في فقهنا الإسلامي والظن أنها حصرٌ على طائفة مستضعفة، لا، هي حقوق وواجبات تعظم بعظم المسؤوليات وبعظم الولايات التي يتولاها الإنسان، ولذلك نجد ان الفقه الإسلامي يورث الناس سعة ويرفع عنهم الحرج والمشقة يحقق بينهم التكافل الاجتماعي يمنع عنهم أسباب الاضطراب والفوضى، فكيف إذا أضفنا إلى ذلك أيضا قضايا من صنف بالغ الأهمية في عالم اليوم وهو ما يعرف بـ«قضايا الأخلاقيات»، أخلاقيات البحث العلمي، غيرنا يبحث منهم من يتقيد ببعض الضوابط والقيود والأخلاق ومنهم من يتجرد منها تماما، ونحن حينما يوجد بحث علمي فإننا تائهون ضائعون بين هؤلاء وأولئك.

أخلاقيات البحث العلمي مسألة بالغة الأهمية لأنها تتناول كثيرا من الأحكام الشرعية المتعلقة بحياة هذا الإنسان بعلاجه ومداواته بالبحوث على الأحياء في هذه الحياة «البحوث الحيوية أو البحوث البيولوجية» بتوجيه العلوم والبحث العلمي الوجهة الصحيحة، لا بد أن تكون لنا خصوصيتنا وأن نفتخر بهذه الخصوصية شريطة أن نتقن فهمها أولا أن نفقهها فقها صحيحا ثم بعد ذلك نقدمها للناس.

أقرب إلى العرف

عندما نتكلم مثلا عن أخلاقيات البحث العلمي قد يتبادر نفس السؤال الذي مر في العنصر الماضي وهو أن هناك قاسما مشتركا بين الناس يتفقون عليه في مثل هذه القضايا، فما الميزة أو الخصيصة التي سيضيفها الفقه الإسلامي عند طرحها بتأصيل الفقه الإسلامي؟

هذا الذي تشيرون إليه أقرب إلى العرف فإن كان العرف موافقا لأحكام الشرع الإسلامي فإن أمثال هذه الأطروحات أو الوثائق أو المواثيق ستزيد هذه الأعراف متانة لكن الصحيح ان أغلب القضايا المتعلقة بالبحث العلمي اليوم تفتقر الى فقه إسلامي كما أن الفقهاء أيضا في المقابل لا يولون هذه القضايا ما تحتاجه من الجهد والعناية والاهتمام، تجد انهم يكونون مشغولين بقضايا ثانوية فرعية ويتركون القضايا الأصلية، فوصل الطب اليوم ووصلت الأبحاث الحيوية إلى مستويات عالية رفيعة إن لم يمكن أن تتناول أفراد هذه القضايا بالبحث وبيان الأحكام الشرعية فيها فلا أقل من تقديم المبادئ والأحكام العامة الضابطة لمثل هذه الأعمال والتصرفات.

كم أخذت قضية الوسائل المساعدة على الإنجاب ما يعرف بأطفال الأنابيب أو التلقيح الاصطناعي بعض الناس لا يزال إلى اليوم من الفقهاء أنفسهم هذه المسألة غائبة عن اهتماماتهم وعن دراستهم وبحثهم إلى اليوم مع أن العالم قد تخطاها إلى مسائل صارت أكثر تعقيدا ولا يزال المسلمون لا يقولون كلمتهم في هذه المسائل اليوم صار الطفل يولّد من ثلاثة آباء وصلوا بأبحاثهم لأنها بعيدة عن مراشد الأحكام التي ترضي الله تبارك وتعالى، هذا ما انكشف أيضا، وصلوا إلى هوّات سحيقة جدا.

قد يقول قائل، حتى من أبناء المسلمين أنفسهم، إنما هو من البحث العلمي، لم يقولون ذلك؟ لأنهم يفتقرون إلى الفقه الراشد الصحيح الذي يحتاجون إليه ولأن القيادة بيد غيرهم فإن التنظير أيضا أصبح بيد غيرهم.

سنعطي أمثلة بأيسر من ذلك «أخلاقيات الوظيفة» اليوم ألوف من الشباب يلتحقون بالوظائف والأعمال وهم لا يعرفون معنى الالتزام الوظيفي، الرقابة، حسن الأداء، الإتقان، كيف يكون في الوظيفة؟ التعامل مع الآخرين، كيف تقدم الخدمات إلى الآخرين؟ لا يعرفون البُعد الإيماني وراء هذه الأعمال التي يقدمها كسبا للرزق سعيا على نفسه وعلى أسرته نفعا للمجتمع لا يعرفون كيف يطهّرون نواياهم، الحد الأدنى الذي منه ينطلقون يفتقرون إليه، لم كان ذلك؟ لافتقار عالمنا الإسلامي اليوم إلى مادة فقهية مستمدة من أصولنا التشريعية ومن تراثنا الإسلامي الفقهي ومن انتفاعنا أيضا بالتجارب الناجحة ومن نظرنا من واقعنا وخصوصياتنا، ولا يسوغ ان يترك الحبل على الغارب لأن أخطاء حصلت ومشكلات ظهرت في دوائر العمل سواء كان العمل في مؤسسة حكومية أو في مؤسسة خاصة من جراء عدم تأسيس هؤلاء العاملين على أسس صحيحة من فقههم الإسلامي ومن أخلاقهم الإسلامية.

مسؤولية مشتركة

أرجع إلى نقطة سابقة ذكرتموها وهو انه لا بد من وجود ميثاق على الأقل ميثاق خلقي أو ميثاق تشريعي يمكن أن نقدمه للعالم، الآن في ظل واقعنا المعاصر من الذي يمكنه أن يصوغ هذه المواثيق هل هي المجامع الفقهية العالمية هل هي مؤسسات الفتوى أم تكون البداية عن طريق الأفراد أنفسهم؟

لا شك أنها مسؤولية مشتركة فنحن أولاً نريد أن نلفت النظر إلى أهمية السعي إلى التوجه إلى هذه الوجوه من الفقه الإسلامي فإذا ما تحقق الوعي ووجد التوجه فإنه يسهل بعد ذلك أن تلتقي هذه الجهود، الفقهاء من طرفهم، طلبة العلم من جانب، الهيئات، أصحاب القرار من جانب آخر، المؤسسات الإعلامية من جانب آخر، المجامع الفقهية والهيئات والمعاهد العلمية كلها تجتمع فليست هذه بقضية، لكن ان نكون مفتقرين أصلا، قد يأتي أحد ويعترض بأن هناك محاولات فردية وهناك من كتب، الذين كتبوا في المقام الأول نسخوا مما كتبه غيرنا حتى ان طائفة من هذه الكتابات حتى فيما يتعلق بتنمية المهارات، ما يتعلق بقضايا القيادة وما تحتاج إليه، أنا بنفسي وجدت أنها مترجمة عن كتب أجنبية أضافوا إليها بضعة آيات قد تكون لها صلة أو لا صلة لها لكنها لا تنطلق أساسا من فقهنا الإسلامي، حتى في هذه القضايا لا نجد توجها نحن نريد هذا التوجه، هذا يعكس أن حالة فقهائنا اليوم فيها قدر أيضا مما يعتبه الناس من أنها بعيدة عن القضايا الحقيقية التي تشغل الناس والتي يعود نفعها على عموم المجتمع وعلى حركة الأوطان وعلى الأمة بأسرها وعلى هوّيتها ومكانتها بين الأمم، ولا بد من عودة إلى هذه القضايا لا بد من توجيه راشد للفقه الإسلامي ان نأخذ منه وان نضيف إليه وان نقدمه للناس حتى يتوجهوا إليه.

ضربنا أمثلة لا يمكن أن أضرب أمثلة أكثر من هذا ضربنا أمثلة فيما يتعلق بالأغذية وفيما يتعلق بالسياحة، ضربت صفحا عن تناول ما يتعلق بالاقتصاد الإسلامي لأن بعض الناس لعله سئم من سماع هذا المثال أو لأنه يراه واقعا مع انه ما يتعلق بالمصارف الإسلامية هي ليست كل اقتصاد الإسلامي لكن هذا لمثال آخر لتجربة بدأت ثم نمت وترعرعت وصححت مسيرتها أيضا فهي اليوم على خلاف ما كانت عليه لكنها أصبحت واقعا، ليس واقعا إسلاميا فقط بل أصبحت واقعا عالميا فيه مبالغ طائلة حجم ثروة هائلة جدا وإنما أردت أن ألفت النظر إلى قضايا أخرى لا يسوغ ان يعرض عنها الفقهاء.

سيضع مبادئ خلقية

هنا مسألة أيضا مهمة وهي أن العالم أو من هم غير المسلمين قد ينظرون إلى الفقه الإسلامي لكونه رباني المصدر قد يقيد بعضا من صنوف البحث العلمي لأسباب تشريعية وقد تفضلتم بذكر أمثلة مما ربما قد نراه أبعد الناس فيه النجعة مثل وجود الحمل من ثلاثة آباء، قد يرى الآخر بأن ذلك أمر في غاية المشقة لأنه سيقيد البحث العلمي أن انطلقنا من المنطلق الفقهي، كيف يمكن معالجة هذه القضية؟

هو سيوجه البحث العلمي سيضع مبادئ خلقية لا يمكن للبحث العلمي أن يكون مبتوتا عن القيم والأخلاق فهذه هي طبيعة الإنسان في هذه الحياة لا يمكن أن يكون الإنسان كالحيوان الأعجم لا ضابط من دين ولا من خلق أو قيمة أو أدب يوجِّه له سلوكه وحركته في هذه الحياة.

وينبغي للمسلمين أن يتذكروا بل للعالم أن يتذكروا أن المسلمين قادوا ركب الإنجازات العلمية والإبداع العلمي في مختلف المجالات لأكثر من ألف عام، ما اشتكى العالم من عوز في وجه من وجوه العلم والمعرفة لأن المسلمين كانوا في مجمل حركتهم يتقيدون بما يعرفونه من أحكام فقهية وما يتعرفون عليه في مختلف المجالات، في مجالات الطب والزراعة وتخطيط المدن والعمران في مجالات الفلك والحساب وفي مجالات علوم الاجتماع وغيرها من علوم تطبيقية أو علوم إنسانية كما نعرفها نحن اليوم، هذه هي فائدة الفقه الإسلامي أن يوجه، هل سيستجيب الآخر أو لا يستجيب هذه قضية أخرى نحن علينا أن نؤدي رسالتنا ابتغاء لمرضاة الله تبارك وتعالى وتعزيزا لمكونات وجودنا وتميزنا في هذه الحياة.