إشراقات

التعليم الناجح يعطي مساحة واسعة وحيوية من التفكير والتحليل والاستنباط

24 نوفمبر 2017
24 نوفمبر 2017

العوامل المؤثرة في بناء الشخصية -

الآباء والمربون عليهم استخدام لغات الحب والصداقة والمدح والحوار مبتعدين عن مدمرات العلاقة الإيجابية -

أجرى اللقاء:سيف بن سالم الفضيلي -

حذر هلال بن عبدالله الخروصي واعظ ديني ومرشد نفسي ومدرب في العلوم النفسية والتربوية في لقاء معه حول العوامل المؤثرة في بناء الشخصية من أن مواقع «التواصل الاجتماعي» من الوسائل الخط

يرة والمؤثرة والتي تعمل على برمجة العقول لا شعوريا وتؤدي الى ضعف الانتباه مشكلة كبرى، مشيرا الى أن المعلمين اليوم يشتكون أن الطلاب لا يركزون بسببها.

وأكد المرشد النفسي أن التعليم الناجح يعطي مساحة واسعة وحيوية من التفكير والتحليل والاستنباط منبها الآباء والمربين بأن يستخدموا لغات الحب والصداقة والمدح والحوار مبتعدين عن مدمرات العلاقة الإيجابية مع أولادهم. داعيا الآباء الى اختيار الأصدقاء الاختيار الصحيح لأنهم سيرسمون خارطة الطريق لحياة أبنائهم.. وإلى ما جاء في الجزء الثاني.

■ ■ متى تلعب المدرسة دورها النفسي في تكوين عقلية الطفل ومستقبل حياته؟

الـمـدرسـة هـي الـمـصـدر الـرئـيـسـي الـثـانـي لـلـبـرمـجـة الـذاتـيـة، وقـد يـكـون ذلـك إيـجـابـيـا أو سـلـبـيـا، المدرسة مؤثر خطير في حياتنا، الكثير من القناعات عن أنفسنا وذواتنا وقناعاتنا وتفاؤلنا بالمستقبل قد صيغت في تلك المرحلة من حياتنا المدرسية أثرت تأثيرا بالغا وللأسف فان الكثير من ذلك التأثر يكون سلبيا.

المدرسة هي البيت الثاني للطالب؛ حيث المعلمون والمربون يقومون بتربية الطفل حتى مرحلة النضوج العقلي، ومرحلةُ التربية والتعليم مِن أهمِّ المراحل التي تتولى تشكيل شخصية الولد والبنت من سنِّ الطفولة إلى سن المراهقة؛ حيث يتدرج الطالب في مراحل التعليم، وتترسب في هذه المراحل عناصر شخصيته.

المدرسة من أبرز مصادر التأثير على أفكارنا، إذ أن الطفل أو الشاب يقضي بها سنوات طويلة بصورة متكررة يوميًا تقريبًا، ويحتك بقدر هائل من المعلومات والأفكار الصادرة من المدرسين بالأساس، (فأسلوب المدرسين المسؤولين في المدرسة من كلمات وتعبيرات وأخلاق وسلوكيات وفعل وبسبب أن المدرسة مؤثر قوي في برمجتنا التعليمية كان من السهل أن نأخذ بعض هذه السلوكيات سواء كانت سلبية أو إيجابية ونضيفها على برمجتنا السابقة فأصبحت راسخة بقوة في العقل الباطن).

التعليم الناجح هو التعليم الذي يعطي الطالب مساحة واسعة وحيوية من التفكير والتحليل والاستنباط بعيدا عن التقيد بمنهج محدد لا يخرج الطالب عنه ومادة دراسية محددة حيث يتاح للطالب المشاركة في العملية التعليمية وإبداء الرأي والاستمتاع بالتعلم وفهم أسرار تطبيق المهارات في الحياة العملية لا نكتفي بالحفظ والتلقين فحفظ المقررات عن ظهر غيب ثم سردها في الامتحانات لا يبني عقولا هو مجرد انتقال من صف دراسي الى صف دراسي آخر، وربما ينسى الطالب كل شيء.

والنتائج النهائية هي اختبارات لتميز المجتهد من غيره إلا أنها ليست الحكم النهائي على قدرات الطالب انه ضعيف ومتوسط وجيد وممتاز أو قدراته عالية أو ضعيفة كل هذا ربما يؤثر نفسيا على قناعات الطلاب تجاه قدراتهم العقلية وإمكاناتهم غير المحدودة.

الطالب الذي لم يوفق في دراسته تصبح لديه القناعة بأنه فاشل ويترسخ في عقله اعتقاد انه لا يقوى على النجاح وان الفشل يكون حليفه ابد الدهر ولن يتمتع بمواهبه ولن يكتشف قدراته ولن يستثمر قواه العقلية بل الأدهى قد يعزى الضعف والفشل الى الجينات الوراثية هذه كلها تطمينات فاشلة.

ومن الخطأ الكبير الحكم على قدرات أبنائنا من خلال المعدل الدراسي بناء على درجات نهاية العام.

إن دراسات الذكاء المتعددة الحديثة والتي تؤكد تعدد أنواع الذكاء والتي تصل اليوم الى تسعة أنواع من الذكاء كالذكاء الحركي والموسيقى واللغوي والرياضي والزراعي والبصري.

فمن العدل والأنصاف ألا نحكر الذكاء في التفوق الدراسي فحسب وهناك أبحاث أكاديمية اليوم بعد المعاينة والدراسة خرجوا انه لا علاقة بين الذكاء والتحصيل الدراسي وهذا أمر مشاهد ومجرب أشخاص كثيرون لم يفلحوا دراسيا ونجحوا في مجالات الحياة المتعددة.

وكلنا يعرف توماس اديسون حتى أمه أخرجته من المدرسة وأكمل دراسته في البيت ونعلم بأن بيل جيتس لم يكمل دراسته الجامعية وكذلك مؤسس شركة أبل لم يكمل المرحلة الجامعية.

■ ■ يقال «الصاحب ساحب» هل فعلا الصديق يؤثر في عقل الإنسان وتفكيره ونجاحه لذلك المستوى الكبير؟

الأصدقاء هم سبب وعامل بناء أو هدم في حياتنا إيجابا أو سلبا، الصاحب ساحب كما في المثل المشهور.

إن العلاقات المبكرة والأصدقاء في بداية أعمارنا يلعبان الدور الأكبر في بناء ذواتنا ويتضح ذلك في التأثير الكبير بكلامهم وتوجهاتهم وافكارهم واهتماماتهم على الصعيد الفكري والرياضي والاجتماعي.

ومن الملاحظ أن مع بداية عمر المراهقة يبدأ الأبناء الاقتراب من أصحابهم ويبعدون عن آبائهم نظرا لأن الآباء لا يستمعون لهم ولا يهتمون بإشباع احتياجاتهم وربما لا يسعون لفهم أسرارهم وهنا مكمن الخطورة.

إن مسؤولية الآباء كبيرة في اختيار الأصدقاء الاختيار الصحيح لأنهم سيرسمون خارطة الطريق لحياة أبنائهم والصورة الصحيحة المستقبلية لمصير أولادهم.

وهنا على الآباء والمربين استخدام لغات الحب والصداقة والمدح والحوار مبتعدين عن مدمرات العلاقة الإيجابية.

وحنى نعالج هذا الموضوع ليتخيل كل واحد منا يعيش مع إنسان طوال الوقت ينتقده ويلومه هل سيتحمل ذلك؛ كذلك حال أولادنا هم مشاعر وأحاسيس ان لم تقدر ستذهب مع أناس لا يخافون في الله إلًا ولا ذمة.

الصديق الإيجابي اليوم صار عملة نادرة جداً وهذا الأمر ليس الآن فحسب ولكن عبر الزمن لدرجة ان عمر ابن الخطاب يقول: « إذا وجد أحدكم من أخيه وداً فليتمسك به فقلما يصيب ذلك »هذا في زمن عمر وزمن الصحابة فما بالك الآن؟؟

الصديق تأثيره قوي وفعال وخطير يقول عليه السلام..«المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل» لاحظ النبي استخدم كلمة «خليله» من الخلة والملازمة.

واستخدم كلمة «دين» تعني الفهم للحياة والنظرة للأمور والقناعات والاتجاهات والقيم.

الأصدقاء يؤثرون في الشخص بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في المستوى الدراسي أو السلوك الإنساني وذلك من عمر (8 - 15) سنة خاصة وهذا العمر الذي يسمى عند علماء النفس بفترة الاقتداء بالآخرين.

وفي الأثر يروى عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ» (رواه أحمد، والترمذي، وأبو داود، عن أبي هريرة رضي الله عنه)..

إن اختيار صديقك يجب أن يكون بطريقة حذرة للغاية لأن الصديق يحل محل العائلة والأسرة في الكثير من الأحيان، ويأخذ دور الطبيب النفسي.

إن مسؤولية الوالدين وفي سن مبكر الحرص على الاختيار الصحيح للأصدقاء لأن ذلك الاختيار له أثر عظيم في حياتهم المستقبلية.

يقـــــــــول النبــــي عليه الصلاة والسلام: (إِنَّمَا مَثَلُ الجليس الصالحُ والجليسُ السوءِ كحامِلِ المسك، ونافخِ الكِيْرِ فحاملُ المسك: إِما أن يُحْذِيَكَ، وإِما أن تبتاع منه، وإِمَّا أن تجِدَ منه ريحا طيِّبة، ونافخُ الكير: إِما أن يَحرقَ ثِيَابَكَ، وإِما أن تجد منه ريحا خبيثَة).

وكما قال الشاعر:

عَنِ المَرءِ لا تَسأَل وَسَل عَن قَرينَهُ

فَكُلُّ قَرينٍ بِالمُقارِنِ يَقتَدي

من أسباب علو الهمة مصاحبة المؤمنين: (لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي).

(فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ* وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا).

■ ■ نعيـــــــش عــــــالما متسارعا افتراضيا اقتحم كل البيوت وصارت مواقع التواصل الاجتماعي في أيادي أطفالنا هل هي ظاهرة صحية؟

من الوسائل الخطيرة والمؤثرة والتي تعمل على برمجة العقول لا شعوريا مواقع «التواصل الاجتماعي» فهناك من الدراسات العلمية إن الطفل ما يقارب التسع والثلاثين ساعة أمام التلفاز، والبالغون ما معدله أكثر من 30 ساعة أسبوعيا أمام هذا الجهاز والاختراع البشري العجيب.

وهناك من الدراسات المرعبة أن مع بلوغ عمر الإنسان الثانية عشرة يكون قد شاهد 12ألف حالة جريمة ولعل هذا جواب عن سؤال الكثيرين لماذا في مجتمعاتنا تنشر الجريمة وبنسب متسارعة؟

الطفل اليوم يقضي جل وقت فراغه أمام هذا الجهاز ومع تزايد المشاهدة يؤثر ذلك على مخه وعبقريته واستيعابه وتركيزه ونظرته للحياة هناك من الآباء من يعمل على إفساد أولادهم، آباء عاقلون وللأسف بأيديهم يخربون أولادهم.الذين يوفرون لأولادهم جميع أدوات التطور وأنواع التقنيات وأشكال الإلكترونيات، ويتركونهم في وسط الألعاب، ويضعون تلفازا في غرفة النوم بلا حسيب ولا رقيب، وكل هذه الأجهزة، هذه الألعاب تدمر عند الطفل التعلم بحواسه الخمس وأن تنمو نموا سليما، هما الوالدان اللذان يفسدان الأطفال ويدمرون شخصيات أولادهم، وبالتحديد تدمير ثلاث قدرات عند الطفل التركيز والانتباه والتذكر.

حقيقة ضعف الانتباه مشكلة كبرى، شكوى المعلمين اليوم أن الطلاب لا يركزون، والسبب هذه الأجهزة الإلكترونية، واليوم بدأت تظهر الكثير من الأمراض كالتوحد، فتجد أطفالا بأعراض التوحد كاملة فيهم ، ومن أسباب ذلك قنوات الأطفال المصحوبة بالإيقاعات والرقص، 520 طفلا شخصت بهم أعراض التوحد بسبب بعض قنوات الأطفال، ولهذا توفير هذه القنوات تدمر الطفل وتفسده وتدمر قدراته على التركيز والانتباه والتذكر والحل عليكم بالقنوات النافعة والتي تتحدث باللغة العربية وحاوروا أولادكم، وتخلصوا مما يفسد أولادكم والذي يحب أولاده لا يصنع ذلك معهم.

فمثل هذا الإنسان الذي يتابع هذه الأخبار السلبية هل سيرى في الحياة جمالا وللكون تفاؤلا وأنصحك الا تتابع الأخبار وربما أحدنا يعترض على كلامي مستدلا بالحديث.

وللدكتور التربوي مصطفى أبو سعد كــــــــلام جميل في هذا الموضوع «البرامج الإعلامية ومواقع التواصل»، وهي اليوم تتربع على عرش برمجة السلوك والمبادئ أولادنا اليوم يرفضون المدرسة، هناك أسباب جوهرية تصدهم وتمنعهم، وهذا يجعلنا ندرك رغبة أولادنا في أمور ويكرهون الطموح والعلم والمعرفة، ولا ننكر حتما أن للولد اختياره وقراره لكن حتما هذه عوامل برمجة للطفل.