1166474
1166474
مرايا

دور تراكمي من العاطفة والخبرة الحياتية - تأثير الأجداد في حياتنا بين القبول والامتعاض

22 نوفمبر 2017
22 نوفمبر 2017

كتبت- رحاب الهندي -

الأجداد، هذه التسمية التي نعني لنا الكثير من روابط أسرية واهتمام ومحبة قد تفوق محبة الوالدين أحيانا، وغالبا ما يلجأ الأحفاد لمحبة الأجداد نتيجة تغيب الوالدين أو أحدهما لسبب أو آخر. في العموم العلاقة وطيدة وقوية، والمثل العربي المشهور «ما أغلى من الولد إلا ولد الولد» يبدو منطقيا لكثير من هذه العلاقات الأسرية المتحابة رغم اختلاف الأجيال وتفكيرها.

يقول ناصر الحبسي (طالب جامعي): إن علاقته مع جدته أم والدته كانت قوية جدا، وكانت تداريه وتدافع عنه وتحتضن كل أخطائه أمام والديه، بينما تحتضنه بكل المحبة وهي تنهره على تلك الأخطاء، وكانت له سندا وعونا في غياب والديه، حيث أنه كان يعيش معها بدلا من منزل أبويه. يتابع ناصر قوله: شعرت باليتم حين انتقلت لرحمه الله، وحزنت عليها بحيث حزن الحزن على حزني، وبقيت في حياتي تلك المرأة الغائبة الحاضرة، رحمة الله عليها امرأة وجدة لن تتكرر.

وتقول نورة العبرية (مدرّسة): جدتي كانت وما زالت العون والسند وحزام الأمان لنا، وهي والدة أبي الذي توفاه الله ونحن ما زلنا أطفالا، فوقفت بحزم مع أمي لتربيتنا ورفضت أن تذهب أمي عند أهلها بعد وفاة أبي، ولطيبتها وحنانها وافقت أمي على العيش في بيت جدتي طالما نحن أطفالها تحت جناحها، وحاولت جدتي أن تعوضنا عن أي نقص، فقد كانت والدتي تذهب للعمل، وهي تتحمل كل عبء الحياة من أجلها حتى وصلنا لبر الأمان، فتخرجنا وعملنا، ومازال بيتها خيمة الأمان لنا جميعا، أرجو لها الصحة دوما.

امتداد

يقول خبراء علم النفس إنَّ «الأب والأم يعيشان الأبوة والأمومة مع أطفالهما في حلوها ومُرّها، لكن الجدَّين يعيشان مع الأحفاد الأبوَّة والأمومة المتأخرة في حلوها فقط، أما الجانب المرّ فيتركانه للأب والأم». لذا، يرى الأجداد في الأحفاد امتداداً طبيعياً لسلالتهم ومصدر سعادة وفخر في حياتهم، وبدورهم، يرى الأحفاد في الأجداد الحضن الذي يعطيهم الإحساس بالأمان والانتماء.

ويزوِّد الأجداد الأحفاد بنوع من الثراء العاطفي والنفسي، كما يزودونهم بالخبرات والمعارف الأساسية في الحياة نتيجة التجارب والخبرات. عندما ينتقل دورك من أم وأب إلى جد وجدة يتغير الوصف الوظيفي لك، فأنت تقدم المساعدة والمحبة والسعادة بوجود الأحفاد، وهذا ما يؤكده الغالبية من الناس.

يقول عبدالله الحبسي ( مدرس ): للأجداد دور تراكمي من الخبرة والعواطف والتعامل مع الأحفاد الذين هم جيل ثالث بالنسبة لهم، فلا شك أن علاقة الأجداد مختلفة عن علاقة الأبناء، فكثيرا ما يصادق الأحفاد الجدين أو أحدهما أكثر من صداقته لوالديه، لأن العلاقة بينهما عاطفية أكثر، وهذا ما كان يحدث بيني وبين جدي الذي كان صديقي وينصحني ويشجعني في أمور الحياة، ولا يمكن أن أنسى دعمه لي حين تخرجت من الشهادة العامة، حين ساندني بالاختيار العلمي الذي اخترته، وأقنع أبي بما اخترت، بينما والدي كان يصر على أن أدرس الهندسة وأنا لا أريدها.

إضافة جمالية

تقول نور البوسعيدية ( طالبة ): وجود الجدين في حياتنا إضافة جمالية للحياة بلا شك، رغم اختلاف تصرفاتهما عن تصرفات الوالدين، فهما أكثر تسامحا معنا فيما نطلبه، وقد يختلفان مع الوالدين بأمر شيء يخصنا، فنجد والدي مثلا أكثر حزما معنا في أمر نطلبه، بينما الجد يجد أن ما نطلبه شئ بسيط ومن حقنا الحصول عليه، وهنا نكتشف أن أسلوب التربية يختلف بين الوالدين ووالديهما -أي الأجداد- وغالبا لا يعجب جدتي أسلوب حياتنا أو بالتحديد أسلوب تربية والدي لنا، وغالبا ما تقول إن تربيتها لأبنائها أفضل، وأننا جيل تعود على الراحة والطلبات أكثر من جيل والدينا اللذين تعبا في حياتهما، وحين نقول لها: يا جدتي أسلوب الحياة تغير، تجيبنا: مهما تغيرت الحياة فالتربية والأخلاق شيء ثابت. ولا أنكر أننا نختلف مع آراء الجدة أو الجد، لكن رغم كل شيء الحب بيننا وبينهما حب مختلف وعلاقة متينه لا يمكن أن نصفها.

رأي الأجداد

يقول هلال المعمري (متقاعد): الأحفاد هم استمرار الحياة وجمالها وهم امتداد لاسم والقبيلة، لذا أنا شخصيا أحاول دوما مع أحفادي تأكيد إحساسهم بالانتماء لوطنهم الأم والانتماء لقبيلتهم من خلال الأخلاق التي يجب أن يكونوا عليها بحيث يكونوا مصدر احترام من الآخرين ومصدر اعتزاز لنا، وأذكر أنني كجد اختلف مع ابني (والدهم) في أسلوب التربية التي يتحدثون بأنها عصرية، فأنا شخصيا لا أقتنع بأن يشتري الأب الهواتف المحمولة لمن عمره أقل من ثمانية عشر عاما من الأبناء، فهذه الهواتف ملغومة بأشياء لا أخلاقية، لكن ابني يعتبر أنها عصرية والكل يمتلكها، وأنه لاي ريد لأطفاله أن يشعروا بعقدة النقص مع أقرانهم. وابني حين أتحدث إليه يهز رأسه موافقا لكلامي، لأجد في اليوم التالي هاتفا بيد ابنه الذي لم يتجاوز عمره عشرة أعوام. نعم نحن نختلف بأسلوب تربيتنا عن أبنائنا باختلاف الحياة وعصريتها، لكن بكل تأكيد لا خلاف أبدا عن الأخلاق والمبادئ الجيدة التي يجب أن يتميز بها الأبناء والأحفاد.

ابنتي تزعل مني

تقول سعاد الوهيبية ( جدة ) وهي تضحك: ابنتي الكبيرة أجدها متشددة في أسلوب تربية أبنائها، تحديدا في أسلوب الأكل، فهذا ممنوع وهذا غير صحي، وأنا بصراحة لا يعجبني هذا الأسلوب، لقد تعودنا على البركة وللطفل الحق في أن يأكل ما يريد لكن دون زيادة، لكن ليس بمواعيد محددة كما تتصرف ابنتي، لذا يسعد أبناؤها حين يحضرون عندي، فأنا أكسر كل قواعد الأكل التي وضعتها لهم ابنتي، أقدم لهم الحلوى والشبس (البطاطس) وكل ما يحبون، وهي تنظر لهم بغضب لكنهم يحتمون بي.

وتستمر ضحكتها ونتركها لنؤكد أن وجود الجدين في حياة الأحفاد ثراء وكسب لحياتهم، وإن كان المثل الذي يقول:ما أغلى من الولد إلا ولد الولد، فأيضا يمكننا القول ما أجمل من أبي أو أمي إلا جدي أو جدتي.