أفكار وآراء

«معهد الإدارة العامة».. صرح علمي للتنمية البشرية

18 نوفمبر 2017
18 نوفمبر 2017

د. محمد رياض حمزة -

mrhamza1010@gmail .com -

من بين الإنجازات المهمة، إلى جانب ذلك الكم من التطور النوعي في مسيرة النهضة العمانية المباركة في عيدها الميمون السابع والأربعين. وفي إطار التنمية البشرية يشار إلى معهد الإدارة العامة، الذي احتفل بمرور أربعين سنة على تأسيسه، على أنه الصرح العلمي الرصين وأحد أهم أعمدة التنمية البشرية في السلطنة الذي ساهم بالجهد المثمر في تطوير العلوم الإدارية فكرا ومنهجا وتطبيقا من خلال الآلاف من حلقات العمل والدورات التدريبية والاستشارات والبحوث.

جاء تأسيس المعهد بهدف سد الاحتياجات التدريبية للعاملين في الجهاز الإداري للدولة في عام 1977م، وذلك تنفيذا لخطط التنمية الخمسية وبرامج حكومة السلطنة لتحقيق التنمية البشرية في العلوم الإدارية وتطبيقاتها. وتطور المعهد كأداة فاعلة في عملية التنمية الإدارية، حيث تنوعت وتجددت أنشطته لتشمل أنشطة التدريب والبحوث والاستشارات والمعلومات، وأصبح بذلك بيت الخبرة الرئيسي للأجهزة الحكومية في السلطنة. كما أن خدمات المعهد متاحة للأفراد والمؤسسات في القطاع الخاص (كتيب: معهد الإدارة العامة - بيت الخبرة الرائد في السلطنة).

أوجز المعهد رؤيته في “الريادة بتقديم خدمات التنمية الإدارية”. وتعهد في رسالته “بالمساهمة في رفع مستوى الأداء الإداري للسلطنة وتنمية مواردها البشرية من خلال التدريب والتأهيل الوظيفي والبحوث والاستشارات بمستوى عالٍ من التميز والإبداع من خلال القيم العمانية والنزاهة والشفافية والولاء والانتماء الوظيفي والعمل الجماعي والتميز في الأداء والتحفيز والتشجيع على الإبداع والحفاظ على استدامة الرصانة العلمية في التدريب والبحوث والاستشارات.”

وُضعت أهداف المعهد تنفيذا للمرسوم السلطاني السامي (2016/‏‏2) بـ :

ــــــ رفع مستوى كفاءة أداء الموظفين بوحدات الجهاز الإداري للدولة على مختلف مستوياتهم الوظيفية في الوظائف التي يشغلونها.

ـــــ إثراء الفكر الإداري، وبحث ودراسة التحديات الإدارية التي تعوق تنفيذ خطط وبرامج الدولة التنموية، والوصول إلى حلول مناسبة لمعالجتها.

ــــــ تقديم الخدمات الاستشارية في مجال الإدارة لوحدات الجهاز الإداري للدولة تحقيقا لأهدافها في التطوير الإداري.

ــــــ تقديم الخدمات التدريبية والبحثية والاستشارية للقطاع الخاص وتأهيل العاملين به في المجالات الإدارية والمهنية ذات الصلة بالأنشطة المختلفة له.

ـــــــ المساهمة في إعداد الشباب العماني في التخصصات الوظيفية التي يتطلبها سوق العمل.

ــــــــ تنمية مجالات التعاون وتبادل الخبرات في مجال الإدارة العامة مع الجهات النظيرة في الدول الأخرى.

جدير بالذكر أن وزارة الخدمة المدنية حرصت على تطوير خدمات المعهد للمجتمع العماني وللاقتصاد الوطني منذ تأسيسه. إذ لم تتوقف مبادرات التحديث ومواكبة المستجدات في العلوم الإدارية فأسهمت موضوعات الدورات التدريبية وحلقات العمل والبحوث والاستشارات التي شمل تنويرها مؤسسات الدولة كلها بإسناد استدامة التنمية البشرية.

كما أن عملية التطوير والتحديث تواصلت بالإسهام العلمي وبالجهد المخلص للمسؤولين في الإدارة التنفيذية العليا الذين رأسوا المعهد خلال أربعة عقود رسخت قيما في قيادة مهام التدريب والبحوث والاستشارات وأسسوا بيئة سليمة لتنفيذ رسالة المعهد ورؤيته وأهدافه.

وكان لمنتسبي المعهد من الأساتذة التخصصين في التدريب والبحوث والاستشارات الأثر الكبير في إثراء وتنمية المعرفة للآلاف والآلاف من موظفي الدولة والقطاع الخاص الذين شاركوا في الدورات التدريبية وحلقات العمل والذين مازالوا يذكرون جهدهم المخلص كلما التقوهم

توسعت أنشطة المعهد وخدماته وتنوعت من خلال رصد المستجدات في الخدمات التي تقدمها المؤسسات الحكومية وأجهزتها الإدارية ورفع كفاءتها وفي ضوء تطور الاقتصاد الوطني في القطاعات الإنتاجية والخدمية.

للمعهد ثلاثة أنشطة رئيسية هي: التدريب، والبحوث، والاستشارات. ويقدم المعهد خدمات نوعية أخرى للمتدربين والباحثين كالخدمات المرجعية والمعلوماتية عبر مكتبة المعهد المتخصصة في مجال العلوم الإدارية. وأيضا يوفر المعهد قاعاته ومرافقه بأجور رمزية للراغبين في الاستفادة منها للقطاعين الحكومي والخاص.

يشكل التدريب الجهد الأكبر للمعهد. إذ يتواصل تقديم برامج الدورات التدريبية العلمية على العام مدار لمختلف المستويات من موظفي الدولة والقطاع الخاص. التي ينفذها المدربون المتخصصون من ملاك المعهد أو من المؤسسات العلمية والإدارية داخل السلطنة ومن خارجها.

عمل المعهد طوال الأعوام الأربعين منذ تأسيسه من خلال تنظيم الدورات التدريبية وحلقات العمل على تطوير الفكر الإداري ميدانا ومنهجا وفلسفة وجاءت أنشطته منصبة على العمل والتميز في الأداء ثم التأكيد على مبدأ الالتزام بالواجبات في الأداء التي شملت مبادئ العلوم الإدارية في القيادة والتوجيه وتفويض المسؤوليّات. والتحفيز لزيادةِ الإنتاجيّة وتحسينها وتدرج السلطة. والمساواة والعلاقات الإنسانية في بيئة العمل. واستقرار العاملين والأمان الوظيفي وغرس روح التعاون في جوٍّ من الانسجام والتوافق وحبّ العمل الجماعيّ عندَ فريقِ العمل. وشملت الدورات التدريبية وحلقات العمل التوسع في إغناء مبادئ وأسس الإدارة ففي التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة.

ويمكن اعتبار المؤتمرات والندوات واللقاءات العلمية التي ينظمها المعهد دوريا من الأنشطة التي تتابع التطورات في الفكر الإداري الموضوعات ذات العلاقة بتطور الاقتصاد الوطني والمستجدات في الساحة الإدارية.

وللمعهد إسهام نوعي في البحوث الذي بدأ نشاطه منذ 1979م، وتم توجيهه على أسس علمية لدراسة المشكلات والظواهر الإدارية والمساهمة في تطوير الأداء ورفع كفاءة أداء العاملين في أجهزة الدولة الإدارية.

ويصدر المعهد دورية (الإداري) الفصلية التي أتاحت فرصا رحبة للمتخصصين في العلوم الإدارية بنشر بحوثهم النظرية والميدانية التطبيقية والتوثيقية والأدلة التعريفية والإرشادية. وتعتبر الدورية العلمية الأولى بالسلطنة، وإحدى الدوريات العُمانية الفصلية المنتشرة في المؤسسات العلمية والأكاديمية في الوطن العربي. وتتميز (الإداري) بانتظام صدورها، وشمولية موضوعاتها، وهي مجلة محكمة فهي معتمدة للترقيات العلمية في العديد من المؤسسات الأكاديمية العربية

ويُقدم المعهد الخدمات الاستشارية للقطاعين العام والخاص منذ 1978م، مع التركيز على الأجهزة الحكومية. وبمرور أربعين عاما على هذا النشاط أصبح المعهد أحد أهم بيوت الخبرة الاستشارية في سلطنة عُمان. ويعتمد المعهد في خدماته الاستشارية على كوادر متخصصة من المعهد وإمكانية الاستعانة ببعض الأفراد والمؤسسات المتخصصة من داخل أو خارج السلطنة. ويحرص المعهد على بناء العلاقات مع العديد من المؤسسات العلمية والأكاديمية ذات الصلة بمجالات التنمية الإدارية. كما يسعى المعهد الى التعاون مع المؤسسات المماثلة إقليمياً وعربياً ودولياً للاستفادة من تجاربهم وخبراتهم ولتعزيز دوره بالنهوض بالتنمية الإدارية بسلطنة عُمان. كما يعمل المعهد على إبراز أعماله وخبراته للآخرين للاستفادة منها.

معهد الإدارة العامة الذي تفرد بالريادة في أدائه وخدماته التطويرية في التدريب والاستشارات والبحوث خلال أربعة عقود ثرية بالعطاء يواصل المسيرة بخطة استراتيجية في ضوء خطة التنمية الخمسية التاسعة (2016 ـــ 2020) وما بعدها. فإذ يخطو المعهد بثبات نحو العقد الخامس تؤكد الإدارة العليا للمعهد أن المستقبل سيكون أكثر عطاء “بسند قانوني عظيم وهو المرسوم السلطاني رقم (28/‏‏‏‏‏2016)، وهوية جديدة، ورؤية طموحة، واستراتيجية واضحة، وخطط ومبادرات مبتكرة تعزز إنجازات المعهد السابقة وتضعه في موقع متقدم بين معاهد ومدارس الإدارة في العالم، حيث تشكل استراتيجية المعهد 2020 النواة الأولى للمرحلة الجديدة وتركز على دور المعهد كرافد للتنمية المستدامة وشريك رئيسي في تحقيقها من خلال المساهمة الفاعلة في تطوير فكر وكفاءة الأداء الإداري الحكومي ورفده بالحلول المبتكرة، وتطوير آليات وبرامج التأهيل والتدريب الذكي، ورفع عدد المتدربين إلى 20 ألف متدرب سنويا، وتنويع مصادر المعرفة والتعلم، وتقديم الخدمات الاستشارية والتطويرية لمختلف القطاعات الحكومية والخاصة بتنظيم مرن وموارد مستدامة وقدرات بشرية كفؤة وممارسات عالمية.

والمعهد إذ يحتفل بمرور أربعين عاما على تأسيسه يخطو اليوم بثبات نحو مرحلة جديدة من الحرفية والتميز في خدماته، مؤسسا لتوسعات في البنية الأساسية ليتكامل رقي منشآته مع تميز خدماته.