أعمدة

توعويات: الوطن في عيون أهله والعالم

15 نوفمبر 2017
15 نوفمبر 2017

حميد الشبلي -

[email protected] -

خلال مرافقتي للوالد في رحلة العلاج الخارجية بالهند، التي أسال الله تعالى أن يديم عليه نعمة الصحة والعافية، وأثناء دخولنا صالة المستشفى قدم إلينا رجل وزوجته من الجنسية الهندية، واستقبلانا بالود والترحاب، ولكوني أنا والوالد نلبس الزي العماني، قالا: لقد علمنا أنكما من عمان من خلال زيكم التقليدي المميز، ويسعدنا أن نرحب بكما في هذه المدينة، ولقد عشنا في بلدكم عمان لما يزيد عن خمسة وعشرين عاما، لم نجد من حكومتكم ومجتمعكم إلا كل احترام، ولم نشعر بأننا غرباء في وطنكم، لقد كانت أيام جميلة في وطن تميز بالأمن والأمان والنظام والإنسانية، ولن أنسى أنا وزوجتي كبار السن أمثال والدك في بلدكم، لقد كانوا قمة في الأخلاق والتواضع، لا تأتي مناسبة لديكم إلا وقد وجهوا لنا الدعوة للحضور والمشاركة، ولذلك نتمنى أن نقدم لكم أي مساعدة وأن تتفضلا بتناول الغداء معنا في المنزل، وذلك عرفاناً منا لذلك البلد الجميل عمان ولسلطانها الحكيم ولشعبكم الطيب الكريم.

في الحقيقة المشهد الذي سردته لكم هو صورة عمان في وجوه العالم، وله مشاهد أخرى في كثير من الدول الأخرى التي زارها كثير من العمانيين، والتي دائما ما يجد العماني فيها ولله الحمد كثير من الود والاحترام من أفراد تلك الدول، وبالأخص عندما يكون الالتقاء مع الأفراد الذين سبق لهم العيش أو العمل أو زيارة أرض السلطنة، فدائما انعكاس صورة المجتمع العماني تكون مرتسمة على أعينهم وتسرد مشاهدها ألسنتهم.

إن الاحتفال بالثامن عشر من شهر نوفمبر في كل عام، لا يقتصر التعبير عنه فقط من خلال الاحتفالات والكلمات والأهازيج والأغاني الوطنية، التي يسعى كل فرد في إظهارها مع حلول تاريخ هذه المناسبة الوطنية الغالية، ولكن يستوجب كذلك أن يستشعر أفراد المجتمع للنعمة التي أنعم بها الله تعالى على هذا الوطن العزيز، كما أن هذه المناسبة تأتي تذكيرا وتأكيدا للدور الحضاري الذي أسسه آباؤنا وأجدادنا عبر التاريخ، كذلك هي مناسبة تؤكد للعالم أجمع النهج السامي الذي عرف به جلالة السلطان قابوس المعظم - حفظه الله ورعاه - في بناء دولة محبة للسلم والسلام، كما أن هذه المناسبة الوطنية هي رسالة للنشء لمواصلة المحافظة على هذا الموروث الحضاري والأخلاقي والإنساني الذي تميز به الشعب العماني الأصيل، ورسالة أخرى لكل مواطن يعمل كان موظفاً أو مسؤولا في أحد القطاعات الحكومية أو الخاصة وكذلك الأهلية، في تحمل المسؤولية نحو الإخلاص لهذا الوطن ورفعة شأنه بين الأمم، وأن تبقى مصلحة الوطن هي الغاية الأسمى لكل فرد يعشق تراب هذا البلد المعطاء سواء كان ( ذكرا أو أنثى - يعمل أو لا يعمل)، وأن الوطنية المنشودة لا تكون فقط بالأقوال والشعارات ما لم يكن لها تطبيق في أرض الواقع.

هذه المناسبة يجب أن نفتخر فيها بكل منجزات الوطن، وأن نعمل جميعا على تقييم المرحلة المنصرمة، ونعالج القصور في المواضيع التي تتطلب التطوير والتعمير، وأن نضع لنا خطط مستقبلية بهدف خدمة الأجيال القادمة، وأن نغرس فيهم هذه الأهداف النبيلة من خلال وجود المواطن القدوة الحسنة، وأن الوطن في عيون أهله يجب أن يترجم بالحب والولاء والأمانة والإخلاص، وأن الوطنية الحقيقية هي المحافظة على مكتسبات الوطن من العبث والسرقة والخيانة والظلم، والوطنية كذلك هي شعور بالانتماء للأرض والمجتمع والوطن، وهي إظهار للحق ومحاربة للفساد، واستعداد للدفاع عن تراب هذا الوطن من كيد الطامعين والحاقدين، وأخيرا الوطنية يجب أن تكرس لخدمة الوطن والمواطن، وكل عام والسلطنة وقائدها وشعبها في تقدم وازدهار.