1159619
1159619
الرئيسية

التوترات السياسية أدت إلى ارتفاع أسعار النفط في الأسابيع الماضية ولكنها لن تستمر

11 نوفمبر 2017
11 نوفمبر 2017

توقعات باستقرارها عند أقل من 60 دولارا للبرميل -

استطلاع - شمسة الريامية -

أجمع خبراء اقتصاديون على أن التوترات السياسية في بعض دول الجوار، والتزام دول منظمة أوبك وخارجها بخفض الإنتاج، إضافة إلى انحسار الإرهاب في العراق وسوريا أدى إلى ارتفاع أسعار النفط بالسوق الدولية في الفترة الماضية.

وتوقع الخبراء بأن أسعار النفط ستتراوح بين 45-60 دولارا للبرميل الواحد في السنة القادمة نتيجة ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة من النفط الصخري، وتراجع التزام دول أوبك وخارجها في تخفيض الإنتاج، بينما يرى آخرون أن سعر البرميل الواحد سيتجاوز 70 دولارا في حالة استمرار الأوضاع السياسية متوترة في المنطقة.

وقالوا إن اعتماد سعر برميل نفط السلطنة في موازنة 2018 يفضل أن يبقى دون 50 دولارا للبرميل، مع الاستمرار في تطبيق حزمة الإجراءات والسياسات، كسياسة ترشيد الإنفاق، التي كان لها أثر الفعال في تقليل آثار انخفاض أسعار النفط على الأداء المالي خلال موازنتي 2016 و2017. إضافة إلى ضرورة التوجه نحو تنمية الموارد البشرية، وتنفيذ المشاريع التي تجلب دخلا في إيرادات السلطنة.

وقال د. محمد رياض حمزة، خبير اقتصادي: إن التوقعات المتفائلة تشير الى أن أسعار النفط سترتفع خلال 2018. وقد سجل سعر برميل النفط في 6 نوفمبر أعلى مستوياتها منذ يوليو 2015 مع تحسن الطلب في الأسواق. وصعدت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت لأقرب استحقاق 1.70 دولار أو ما يعادل 2.7% إلى 63.75 دولار للبرميل. ويزيد ذلك أكثر من 40% عن أدنى مستوى في 2017 الذي سجله الخام في يونيو الماضي.

وأشار حمزة الى أن أسعار النفط ارتفعت في الفترة الماضية نتيجة التوترات السياسية في السعودية، وكذلك التزام دول منظمة “أوبك” بخفض إنتاجها ووعود بالمزيد من الخفض، وتوقعت تحليلات أكثر تفاؤلا أن يتوالى تصاعد أسعار النفط خلال 2018 ليصل إلى 80 دولارا للبرميل.

ويرى حمزة أن التوقعات المتحفظة تشير إلى أن التزام المنتجين من أوبك وخارجها سيتراجع، وأن إنتاج النفط الصخري الأمريكي سيتصاعد، وأن لدى معظم الدول المستهلكة خزين نفطي كونته خلال السنوات الثلاث الماضية. وهذه العوامل ستقلص الطلب عند ارتفاع الأسعار. ويتوقع بقاء سعر برميل النفط الخام بين 45 إلى 50 دولارا خلال عام 2018.

وقال حمزة : بالرغم من غلبة التحليلات المتفائلة إلا أن أسعار النفط عرضة للتذبذب وكثيرا ما تسببت بأزمات مالية للدول المصدرة. فإن من الحكمة أن تؤسس الموازنات المالية بما يجعل من العجز المتوقع الناتج عن ارتفاع المصروفات على الموارد المالية. وتجدر الإشارة إلى أن التدابير التي تُتخذ لسد العجز في الموازنات يتم اللجوء إلى الاستدانة من الداخل والخارج بصيغة بيع اذون الخزانة والصكوك الاستثمارية والسيادية وكذلك السحب من الاحتياطي النقدي. فإن بقيت أسعار النفط متراجعة ولم توفر الموارد المالية اللازمة للإيفاء بتعهدات الموازنات في إطار الإنفاق العام، فإن الأزمة المالية يمكن أن تتسبب بركود الاقتصاد أو حتى انكماشه.

وحول تجاوز أزمة تراجع الموارد المالية، أوضح حمزة بأنه يمكن ذلك من خلال رفع معدلات ضريبة الدخل على الشركات والمؤسسات، والحد من الإعفاءات الضريبية، ورفع كفاءة تحصيل الضرائب وتفعيل الرقابة والمتابعة، وتطبيق النظام المحاسبي الآلي الجديد لاحتساب الضريبة الجمركية في كافة المنافذ، وتعديل الضوابط المطبقة للإعفاءات من الضريبة الجمركية، وتحصيل رسوم المأذونيات وبطاقات العمل، وتعديل تعرفة الكهرباء والمياه للاستخدامات التجارية والصناعية والحكومية، وتعديل نسبة الرسوم على التصرفات العقارية والرسوم البلدية على الإيجارات، وتعديل ضوابط تخصيص الأراضي (التجارية والسياحية والصناعية والزراعية)، وتوحيد الرسوم الخدمية لبلدية مسقط وبلدية ظفار والبلديات الإقليمية، وتعديل رسوم تسجيل وتجديد المركبات ورخص القيادة، وتعديل الرسوم لبعض الخدمات المقدمة من الوزارات والوحدات الحكومية.

وفي محور تخفيض الإنفاق العام على المؤسسات الحكومية تم تطبيق حزمة إجراءات التي قلصت المصروفات العامة دون التأثير على تقديم الخدمات الحكومية.

الأزمات الجيوسياسية

وقال أحمد بن سعيد كشوب، رئيس قطاع الاستثمار في الأسواق المالية بالشركة العمانية لتنمية الاستثمارات الوطنية” تنمية”، إن من بين الأسباب التي أدت إلى ارتفاع أسعار النفط في الوقت الحالي هو انخفاض الحفارات في الولايات المتحدة الأمريكية، والأزمات الجيوسياسية في الخليج، إضافة إلى انحسار الإرهاب في العراق وسوريا، الذين كانوا - الإرهابيين- يقومون ببيع النفط في السوق السوداء.

وتوقع كشوب أن أسعار النفط سيتجاوز إلى 70 دولارا برميل في نهاية السنة القادمة، في حالة استمرار أسعار النفط في مستويات تتراوح بين 55-65 دولارا للبرميل لغاية شهر أبريل القادم، وإذا استمرت أيضا الأوضاع السياسية متوترة في الخليج ، وإذا التزمت دول أوبك وخارج أوبك في خفض الإنتاج. كما أن هناك توقعات بارتفاع الطلب على النفط قد تصل إلى 32 مليون برميل يوميا في نهاية 2018.

وحول ملامح الموازنة العامة للسلطنة للسنة القادمة في ظل استمرار أسعار النفط، فإن كشوب توقع بقوله: إن الموازنة ستضع 50 دولارا للبرميل الواحد، وستلجأ أيضا إلى تقليص بنود الإنفاق، وستتجه نحو تنمية الموارد البشرية، والاهتمام بالمشاريع التي تدر دخلا إلى السلطنة وخاصة في المناطق الصناعية كالدقم وصحار.

فوق 50 دولارا

وأوضح المكرم د.سعيد بن مبارك المحرمي، عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس الدولة أن النفط هي سلعة استراتيجية وحيوية لا ترتبط كباقي السلع بالعرض والطلب في السوق الدولية فقط، وإنما ترتبط أيضا بالظروف الجيوسياسية في المنطقة، ولذلك فإن وجود التوترات السياسية في الخليج أدى إلى ارتفاع أسعار النفط ووصولها إلى مستويات جيدة فوق 60 دولارا.

وحول توقعات الأسعار في الفترة القادمة، قال المحرمي: “ إن تقارير صندوق النقد الدولي تشير إلى أن متوسط سعر النفط سيصل إلى 53 دولارا للبرميل، بينما تقارير البنك الدولي تتوقع أن تتراوح أسعار النفط بين 55- 60 دولارا للبرميل، وبصفة شخصية أميل إلى التوقعات الأخيرة لاستمرار الأوضاع السياسية في بعض الدول المجاورة”.

وأشار عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس الدولة إلى أن الموازنة المالية للدولة القادمة (2018) ستكون شبيهه بالموازنة المالية للعام الماضي، بحيث أنها ستبنى في حدود 50 دولارا للبرميل الواحد . كما ستلجأ إلى سياسة ترشيد الإنفاق، لان الإيرادات لا تغطي المصروفات الحالية، حيث إن 70% من الموازنة الجارية تذهب إلى تغطية رواتب العاملين في القطاع الحكومي، إضافة إلى أن السلطنة حتى تصل إلى نقطة التعادل بين المصروفات والإيرادات بحاجة إلى أن ترتفع أسعار النفط إلى حدود 79 دولارا للبرميل الواحد. وأوضح المحرمي أنه في حالة توظيف الباحثين عن عمل في الجهات والوحدات المدنية الحكومية سيشكل عبئا على موازنة الدولة، وستلجأ إلى الاقتراض، وهي سياسية ليست في الاتجاه السليم في الوضع الحالي. ولذلك يمكن أن القطاع الخاص يستوعبهم فضلا عن الجهات العسكرية والأمنية، منوها إلى ضرورة الاتجاه إلى زيادة عدد الشركات والمؤسسات العاملة تحت مظلة القطاع الخاص.

استقرار الأسعار

وبرر أيمن بن احمد الشنفري، مدير عام الجمعية العمانية للأوراق المالية أسباب ارتفاع النفط الحالية إلى تصاعد المخاطر الجيوسياسية في المنطقة بشكل عام، وخاصة بين السعودية وإيران، إضافة إلى الأوضاع غير المستقرة في العراق، و التزام بعض الدول في تخفيض إنتاجها مثل ليبيا وفنزويلا، الأمر الذي أدى الى توسع أسعار النفط في مكاسبها لأعلى مستوى خلال العام.

أما فيما يتعلق بتوقعات أسعار النفط خلال السنة القادمة، أوضح الشنفري أن مستويات أسعار النفط حاليا في وضعية ممتازة اذا ظلت متجاوزة 60 دولاراُ للبرميل، ولكن توقع اتجاه الأسعار في العام المقبل يستوجب معرفة حالة العرض والطلب على النفط في السنة المقبلة، فنمو الطلب قد لا يكون بنفس قوة هذا العام، ولكنه من المتوقع أن يكون قوياً بما يكفي لدعم الأسعار الحالية.

وقال الشنفري: إن هناك عوامل أخرى أساسية سوف تحدد استمرار صعود الأسعار أو ثباتها أو تراجعها واهمها الاستمرار من عدمه في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بالالتزام بخفض كميات الإنتاج وتمديد الاتفاق على ذلك أو لا للعام القادم ،وأيضاً مرهون بالنفط الصخري هل سيستمر في النمو أو لن يتمكن من ذلك.

وتوقع الشنفري بأن الأسعار لن ترتفع بشكل كبير عما هي عليه الآن وستبقى بالقرب من الحدود السعرية الحالية شرط أن تقوم أوبك بتمديد اتفاقها لتخفيض الإنتاج خلال الفترات القادمة.

ويرى الشنفري أنه من الأفضل أن تبنى موازنة الدولة للسنة القادمة على نفس سعر البرميل الواحد في السنة الماضية، تجنباً لعدم تحقيق مزيد من العجز خلال الفترات المقبلة ، حيث أن عدم رفع سعر البرميل الموازنة للدولة للسنة القادمة سوف يساهم في تقليل نسبة العجز المحققة خلال السنوات الماضية، ويمكن للدولة أن تتجاوز هذا المعدل في إنفاقها الحكومي اذا طرأت هناك متغيرات إيجابية أخرى لم تكن في الحسبان، مما يساعدها بأن لا تقع في مشكلات العجز المالي. كما يمكن للدولة أن تستخدم تحديد موازنتين إحداهما ثابتة التي تعتمد على الاجراءات الاحترازية والأخرى متغيرة تتم وفقا للتقييمات الربعية، أي كل ثلاثة أشهر في كل عام، التي يمكن من خلالها تستطيع أن تأخذ قرار فيما يتعلق بتجاوز سعر الموازنة الثابت او البقاء عليه.