أفكار وآراء

ملامح موازنة 2018

11 نوفمبر 2017
11 نوفمبر 2017

د. محمد رياض حمزة -

mrhamza1010@gmail .com -

أعلنت وزارة المالية في مطلع عام 2017 أن إجمالي الإنفاق العام المتوقع في موازنة السلطنة المالية لعام 2017 بلغ 11.7 مليار ريال عماني بانخفاض 1.7% عن الإنفاق المتوقع في موازنة عام 2016.

وبلغت الإيرادات العامة المتوقعة للسلطنة لعام 2017 نحو 8.7 مليار ريال عماني (22.6 مليار دولار)، تشكل الإيرادات النفطية ما نسبته 51.1%، أما إيرادات الغاز فتشكل ما نسبته 19.1%، والإيرادات الجارية 29.3% وارتفعت الإيرادات المقدرة لعام 2017 بنسبة 1.2% عن إيرادات عام 2016 والبالغة 8.6 مليار ريال عماني. وقدر عجز موازنة 2017 بنحو 3 مليارات ريال عماني مقارنة بالعجز المسجل لعام 2016 بحوالي 3.3 مليار ريال عماني. وحددت وزارة المالية وسائل تمويل العجز، من خلال الاقتراض الخارجي بنسبة 70% والاقتراض المحلي بنسبة 13.3%، وتمويل من الاحتياطات بنسبة 16.6%.

وأشار بيان الوزارة إلى أنه على الرغم من التحديات المتعلقة بتدني الأسعار إلا أن الحكومة تمكنت من توفير التمويل اللازم للإنفاق وتحقيق نتائج جيدة، أخذًا في الاعتبار حجم التحديات التي تمت مواجهتها، وذلك من خلال تطبيق حزمة من الإجراءات والسياسات التي كان لها أثر جيد في تقليل آثار انخفاض أسعار النفط على الأداء المالي والاقتصادي للدولة. فقد تمت تغطية عجز موازنة 2016 من خلال وسائل التمويل المتاحة (الاقتراض الداخلي والخارجي والسحب من الاحتياطيات وذلك بعد تقييم كافة الخيارات بما يكفل عدم التأثير سلبا على مستوى السيولة المحلية والائتمان المصرفي.

وزارة المالية في التحضيرات لموازنة 2016م وبرؤية علمية واقعية ونظرًا للتوسع الكبير الذي شهده الإنفاق العام خلال السنوات الأخيرة وسعيا لتحقيق الانضباط المالي وتصحيح مسار الإنفاق واحتوائه عند معدلات تكون قابلة للاستدامة، فقد قامت الوزارة بتأسيس (وحدة السياسات المالية الكلية) تتولى إعداد الدراسات والتنبؤات المستقبلية وإعداد البدائل والسيناريوهات لكل من الإنفاق والموارد وتحديد الفجوة بينهما والوسائل والخيارات المناسبة لسد الفجوة مما سيتيح وضع الأسس اللازمة للتحليل الدقيق والتخطيط المالي على المدى المتوسط. وتشكيل لجنة فنية مشتركة بين وزارة المالية والأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط لمتابعة معدلات الصرف على المشروعات الإنمائية المعتمدة في الخطة الخمسية ورصد التغيرات ووضع الآليات اللازمة للمعالجة. وتشكيل لجنة فنية مشتركة بين وزارة المالية والبنك المركزي وصندوق الاحتياطي العام للدولة لمتابعة الخطة التمويلية المعدة للسنوات الثلاث المقبلة (2016 - 2018).

المؤكد أن تمويل موازنة السلطنة لسنة 2018 ستبقى معتمدة بنسبة عالية على إيرادات صادرات النفط والغاز. وقد تتجاوز نسبة الـ50% من جملة الإيرادات العامة. رغم أن الإدارة المالية تمكنت، باقتدار، خلال سنة 2017 من انتهاج سياسة متوازنة في ترشيد الإنفاق وإجراءات تقشفية محدودة، من الإيفاء بتعهدات الإنفاق العام في موازنة 2017.

وجاء ذلك من خلال إصدارات البنك المركزي العماني المتوالية لأذون الخزانة والصكوك الاستثمارية السيادية والسحب المقنن من الاحتياطي. لذا فإن نظرة واقعية للإيرادات المالية المتوقعة من صادرات النفط للمتبقي من سنة 2017 والإيرادات غير النفطية وعلى مدى 2018 يمكن أن وضع تقديرات إيرادات ومصروفات موازنة 2018 على أسس واقعية. في ضوء تطورات أسعار النفط في السوق العالمية.

تشير التوقعات المتفائلة إلى أن أسعار النفط سترتفع خلال 2018. وقد سجل سعر برميل النفط يوم 6/‏‏11/‏‏2017 أعلى مستوياتها منذ يوليو 2015 مع تحسن الطلب في الأسواق. وصعدت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت لأقرب استحقاق 1.70 دولار أو ما يعادل 2.7 بالمائة إلى 63.75 دولار للبرميل. ويزيد ذلك أكثر من 40% عن أدنى مستوى في 2017 الذي سجله الخام في يونيو الماضي.

وذُكر أن ارتفاع الأسعار جاء بسبب التوترات السياسية في السعودية، وكذلك التزام دول منظمة (أوبك) بخفض إنتاجها ووعود بالمزيد من الخفض. وتوقعت تحليلات أكثر تفاؤلا أن يتوالى تصاعد أسعار النفط خلال 2018 ليصل إلى 80 دولارا للبرميل. وترى توقعات أخرى متحفظة أن التزام المنتجين من أوبك وخارجها سيتراجع. نظرًا لحاجة عدد من دول المنظمة إلى الموارد المالية كالعراق وإيران وليبيا ونيجيريا.. وغيرها. كما أن إنتاج النفط الصخري الأمريكي سيتصاعد. وأن لدى معظم الدول المستهلكة خزينا نفطيا كونته خلال السنوات الثلاث الماضية عندما تراجعت الأسعار إلى دون 40 دولارا للبرميل. وهذه العوامل ستقلص الطلب عند ارتفاع الأسعار. ويتوقع بقاء سعر برميل النفط الخام بين 45 و50 دولارا خلال عام 2018. لذا فإن اعتماد سعر برميل نفط عمان في موازنة 2018 يفضل أن يبقى دون 50 دولارًا للبرميل. مع بقاء تطبيق حزمة الإجراءات المالية والسياسات الترشيدية التي كان لها أثر الناجح في تقليل آثار انخفاض أسعار النفط على الأداء المالي خلال موازنتي 2016 و2017.

جرت العادة أن يعلن سعر برميل النفط المعتمد لتقدير التمويل لموازنة الإنفاق من العوائد المالية من صادرات النفط العماني غير أن وزارة المالية عندما أعلنت تقديرات موازنة السنتين الماليتين 2015 و2016 و2017 لم تذكر في بيانيها شيئا عن سعر البرميل المعتمد لتمويل الموازنتين. ما تقدم تضمن استعراضا لموازنات ثلاث سنوات والتي وُضِعَ اثنان منها بتوسيع الإنفاق العام حفاظا على استدامة النمو وعدم المساس بالمنافع الاجتماعية، ثم جاءت موازنة 2016 ترشيدية متحفظة.

وخلال السنة المالية 2017 وبسبب تواصل بقاء أسعار النفط متدنية لجأت الدول الخليجية إلى بيع الصكوك السيادية وأذون الخزانة بهدف تأمين الإيرادات اللازمة للإيفاء بمتطلبات الإنفاق العام في موازينها.

وزارة المالية في بيان موازنة 2016 وبحكمة وتَحَفُّظ أعلنت عن حزمة من الإجراءات المالية لمواجهة العجز وتصحيح الأوضاع المالية وقد تم تفعيل عدد منها عام 2017 ويُتابع تفعيل الأخرى على أسس مدروسة وفق تطور الأوضاع المالية للسلطنة. ففي محور تحسين الإيرادات غير النفطية التي شملت:

رفع معدلات ضريبة الدخل على الشركات والمؤسسات والحد من الإعفاءات الضريبية.

رفع كفاءة تحصيل الضرائب وتفعيل الرقابة والمتابعة. وتطبيق النظام المحاسبي الآلي الجديد لاحتساب الضريبة الجمركية في كافة المنافذ.

تعديل الضوابط المطبقة للإعفاءات من الضريبة الجمركية.

تحصيل رسوم المأذونيات وبطاقات العمل.

تعديل تعرفة الكهرباء والمياه للاستخدامات التجارية والصناعية والحكومية

تعديل نسبة الرسوم على التصرفات العقارية والرسوم البلدية على الإيجارات.

تعديل ضوابط تخصيص الأراضي (التجارية والسياحية والصناعية والزراعية).

توحيد الرسوم الخدمية لبلدية مسقط وبلدية ظفار والبلديات الإقليمية تعديل رسوم تسجيل وتجديد المركبات ورخص القيادة.

تعديل الرسوم لبعض الخدمات المقدمة من الوزارات والوحدات الحكومية.

وفي محور تخفيض الإنفاق العام على المؤسسات الحكومية تم تطبيق حزمة إجراءات التي قلصت المصروفات العامة دون التأثير على تقديم الخدمات الحكومية.

وعند استكمال تفعيل تلك الإجراءات وفقا للقرارات التي تصدرها الجهات الحكومية المعنية فإن المتوقع أن تؤمن تحصيل موارد مالية سنوية للحكومة السلطنة تعادل الواردات من النفط والغاز. وستكون حافزا قويا لتنشيط إنتاجية القطاع الخاص ويأخذ الاقتصاد الوطني طريقه للتنويع المنشود واستدامة النمو. لذا فإن ملامح موازنة 2017 لا بد أن تكون قد بُدئ بوضع وارداتها المالية المتوقعة ومصروفاتها في ضوء ما تشهده السنة المالية 2016. وقد يتم تأسيس مواردها المالية على أساس سعر واقعي لبرميل النفط العماني المُصدّر.