المنوعات

سعاد الصباح تقرأ كفّ الوطن .. وعصافيرها تكتب الشعر

10 نوفمبر 2017
10 نوفمبر 2017

الكويت «العمانية»: تواصل الدكتورة الشاعرة سعاد الصباح حضورها الأدبي والشعري لتثري المكتبة العربية، ومع إطلالة معرض الكتاب في الكويت بإصدارين مميزين هما: «قراءة في كف الوطن» و«للعصافير أظافر تكتب الشعر»، فبعد كتابها «الشعر والنثر لك وحدك» الذي نشر في أواخر العام الماضي تعود الأديبة العربية من جديد لتصافح قراءها بمجموعة نثرية مليئة بالشعر مرة وبروح الشعر مرة، وهي التي أثرت مكتبة الأدب العربي بخمسة عشر ديوانا من قبل، جاءت حاملة كتابها الجديد الذي حمل عنوان «قراءة في كف الوطن»..

وقد ضمنته عصارة مشاعرها ونسجتها بحروف الإبداع على مذاهب الأدب الحديثة، وما يواكب عصر السرعة والتكنولوجيا، وعصر العبارات الموجزة محدودة الحروف.

وحفل الإصدار بالتنوع في قضاياه وشجونه وأحواله .. وكأن الشاعرة كتبته بنفس هادئة، فكانت أجواؤه متنوعة وعباراته حميمية ..

وقد جاء في حوالي 300 صفحة من القطع المتوسط، وبجودة مميزة في الطباعة والتصميم.

واحتوى الكتاب على 13 فصلا متنوعا، هي: (في البدء كانت الكلمة - حوار الذات - الطفولة.. بساط أخضر- ذاكرة مشتعلة بالحنين - عبدالله المبارك - على أجنحة الحرية - الوردة السوداء - في جنة الحب - قدري أن أكتب - على مشارف الوطن - حقيبة سفر - مرافئ - ضوء نجمة بعيدة)، ويبدو للقارئ أن الشاعرة تمسكت في الديوان بنسقها الشعري المعروف ومفرداتها الرقيقة وقضاياها الأثيرة، فكتبت عن الشعر وعن ذاتها وعن ذكرياتها وعن صديقها الأثير ورفيق دربها الشيخ عبد الله المبارك، وكذلك تناولت الوطن بحديث ممتد أخذها بعيدا إلى رحلتها القديمة، وحديثا في غربتها عن الحاضر المليء بالفواجع، وتحدثت عن الحرية حديث الألم والأمل .. وناقشت أبعاد الثقافة في العقل العربي، وغير ذلك من الموضوعات الإنسانية والوجدانية. تقول د.سعاد الصباح في مستهل كتابها: عندما تكتب، فإنك في الوقت ذاته ترسم ملامح أعدائك! والأعداء لا يحبون أن تظهر ملامحهم، فيبدؤون رميك بالحجارة قبل أن تكتمل اللوحة فتفضحهم!

وتحتوي لافتات الشعر -أو هي تغريدات أدبية مبتكرة- أفكارا جديدة عصرية، وأخرى طالما نادت بها وطالبت بها منذ أن أخذت القلم بيدها وخطت به أوائل حروف الشعر والنثر. الجدير بالذكر أن هذا الإصدار الشعري السادس عشر للشاعرة التي بدأت النشر منذ العام 1964م، وأثبتت نفسها في صفوف عمالقة الشعر لتسهم في تأسيس ثقافة مغايرة وتكون شعبية كبيرة أكدها حضورها الجماهيري في الأمسيات الشعرية التي أقامتها في الكويت وعلى امتداد الوطن العربي وخارجه..

وهي التي تعد قامة من قامات الشعر العربي .. وحصلت على جوائز وتكريمات عالمية منها جائزة «مانهي للأدب»

التي تعادل في الشرق جائزة نوبل في الغرب.. كما أشعلت طوال مسيرتها الشعرية الكبيرة التي تفاوتت حولها ردود الفعل بين مؤيد ومعارض.

ويتزامن إصدار الديوان مع معرض الكويت الدولي للكتاب ومعارض أخرى خليجية وعربية تقام خلال الفترة المقبلة.

من لافتاتها:

ما أشقى الوطن الذي لا يجد ورقة يكتب عليها.. أو دواة حبرٍ يسافر في موجها الأزرق...

أنا كشاعرة حولي أهرامات من المحرمات، وهناك من يصرخ بوجهي: لا تقولي، لا تكتبي، لا تنشري، ولكن قدري أن أكون امرأة غاضبة، وأن أمشي أمام القافلة، وأفضل أن أناطح الأهرامات حتى يدمى جبيني من أن أضع الكاميرا على كتفي وأتجول في وطني الكبير كالسياح.

ولأن عبدالله كان شجرة باسقة في تراب الكويت، فلسوف نكون دائما في انتظاره كلما جاء موسم الربيع .. وعادت أمواج العصافير .. وامتلأت الحقول بالورد والنرجس وشقائق النعمان.

العمل الإبداعي غير منفصل عن العمل الثوري، وكل كلمة يزرعها الكاتب على الورق يجب أن تكون لغما موقوتا تحت قطار التخلف.

تقلصت خريطة الفرح واتسعت خريطة الحزن، وصارت حدود الوطن عند المواطن العربي هي جواز السفر الذي يسافر به.. وأصبحت درجة حرارة الفكر الوحدوي صفرا.

العصافير تغرد شعرا وبالتزامن مع كتاب «قراءة في كف الوطن» أصدرت عن دار سعاد الصباح للنشر والتوزيع ديوانها الجديد «وللعصافير أظافر تكتب الشعر» افتتحته بمقدمة موجزة جدا، قالت فيها: (لو عرف الناس كم أحبك.. لاقترحت الأكاديمية السويدية إعطائي جائزة نوبل للوفاء..) .. وأهدته إلى زوجها ورفيق دربها الشيخ عبدالله المبارك الصباح. ثم جاءت المقاطع الشعرية موزعة على امتداد صفحات الديوان بعناوين فرعية لكل مقطع، ومن دون تقسيم للفصول والأبواب التي جرت عليه عادة دواوين شعراء العربية.

وتنوعت القضايا والموضوعات التي تناولتها د.سعاد الصباح في ديوانها، بما يعكس انشغال الشاعرة بهموم أحاطت بوطنها وأمتها وبالإنسان والإنسانية، دون أن تغفل الحديث عن محيطها القريب منها كالابن والبنت والزوج الحبيب والوطن..

وهي -كما عادتها- منشغلة بالإنسان في كل زمان ومكان.

وحافظت الشاعرة على نمط شعر التفعيلة الذي اعتادت أن تكتب به وبخاصة في السنوات الأخيرة، وذلك بنفسها الهادئ وعباراتها الموجزة، واشتمل الديوان على برقيات شعرية تراوحت ما بين المنشور في بعض الدواوين السابقة، والجديد الذي سبكته الشاعرة برؤية عايشتها وعاصرتها في مؤخرا، وهي في الغالب متحررة من قانون الروي والقافية الذي يسير عليه الشعر العمودي العربي، ولربما ذهبت الشاعرة في هذا النمط إلى محاكاة مقطوعاتها الشعرية لطريقة وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة في نشر الكلمات المقتضبة.

تقول د.سعاد الصباح: الكويت .. نحن معجونون في ذراتها.. نحن هذا اللؤلؤ المخبوء في أعماقها نحن هذا البلح الأحمر في نخلاتها نحن هذا القمر الغافي على شرفاتها.. أمنية: يا صديقي.. يا الذي يخرج من منديله ضوء النهار، يا الذي أتبعه حتى انتحاري!! كم تمنيت بأن تصبح في يومٍ من الأيام قرطي أو سواري..

وصية: اطرحوا كل بريقٍ، وتناسوا كل زينة..

واجعلوا أيديكم درعا على الحق أمينة.