صحافة

إسرائيل و«حرب الأنفاق»

10 نوفمبر 2017
10 نوفمبر 2017

في زاوية أطراف النهار كتب حسن البطل مقالا بعنوان: إسرائيل و«حرب الأنفاق»، جاء فيه:

قبل تدمير نفق خان يونس، 30 أكتوبر، صرّحت مصادر إسرائيلية أن صفقة تبادل الأسرى الأخيرة، المعروفة عندهم، بصفقة جلعاد شاليت، ولدى «حماس» بـ«صفقة وفاء الأحرار» لن تتكرر.. إلاّ بشروط إسرائيلية جديدة: واحد مقابل واحد، أو جثة مقابل جثة!.

طيلة أربعة أيام محمومة، رفضت إسرائيل الاستجابة لمطالب فلسطينية بالبحث عن خمسة مقاتلين فُقدوا، بادعاء أنهم فُقدوا في الجانب الإسرائيلي، ما اضطر حركة الجهاد الإسلامي إلى إعلان وفاتهم مع نشر صور وأسماء المفقودين. بذلك، بلغت حصيلة ضحايا النفق 12 شهيداً.

بعد عملية تدمير النفق بوسائل جديدة، أعلنت حركة «الجهاد» أن النفق أعدّ، مستقبلياً، لاختطاف إسرائيليين ومبادلتهم في صفقة تبادل أسرى، اقتداء بصفقة شاليت.

منذ بعض الوقت، أعلنت إسرائيل أنها ستعزّز فاعلية الجدار الأمني العازل فوق الأرض بآخر تحتاني إسمنتي ـ حديدي أسفله بعمق 6 ـ 10 أمتار، وباشرت به بالفعل ليتم إنجازه في غضون عام ونصف العام إلى عامين.

حتى قبل بناء الجدار العلوي، وخصوصاً بعده، حظرت إسرائيل الاقتراب منه لمسافة 200 ـ 300م بقوة النيران حتى ضد الفلاحين، وأحياناً باجتياحات محدودة.

هل تمّ لإسرائيل تحييد «حرب الأنفاق» وإبطال جدواها؟ سنعرف هذا بعد إكمال الجدار التحتاني. لكن، لشلّ جدوى سلاح الصواريخ ما أمكن لدى فصائل المقاومة في غزة، بنت إسرائيل ثلاثة نطاقات من دفاعات صاروخية مضادة تعمل على ثلاثة مستويات لإسقاط الصواريخ القصيرة، والمتوسطة، والطويلة.

إلى الجدار العلوي القائم والسفلي المخطط له، وكذا حظر الاقتراب منه، والدفاعات الصاروخية المضادة، قيّدت إسرائيل نطاق المجال البحري الغزّي أمام سفن الصيادين إلى 3 أميال بحرية، أو 6، ونادراً وموسمياً إلى 9 أميال، خلافاً لاتفاقية أوسلو التي حدّدت مجال الإبحار بـ20 ميلاً بحرياً.

المهم، أن مصادر الجيش الإسرائيلي أعلنت، بعد انتشالها لخمسة جثامين أنها ستطبق سياسة صارمة جديدة: واحدا مقابل واحد، وجثّة مقابل جثّة.

بعد آخر حرب على غزة، في العام 2014، صار في أيدي «حماس» جثّتا جنديين إسرائيليين: غولدن وشاؤول، واثنان آخران من المدنيين (بدوي وفلاشي)، وأعلنت أن أي صفقة تبادل جديدة يجب أن تشمل إعادة تحرير عشرات من محرّري صفقة «وفاء الأحرار»، الذين اعتقلوا من جديد في الضفة الغربية، بعد خطف وقتل ثلاثة شبان إسرائيليين.

تقول إسرائيل، بعد تدمير النفق، إنها راقبت عن كثب ورصدت النفق، ومن الواضح أنها تعمّدت تدميره لامتحان تجلد فصائل غزة عن الردّ الفوري مع مباشرة خطوات المصالحة الفلسطينية، فلجأت فصائل غزة، بعد نصائح مصرية، إلى ما تلجأ إليه سوريا بعد كل ضربة عمق إسرائيلية: سنرد في الوقت والمكان المناسبين!.

في المحصّلة، نجحت إسرائيل في تدمير نفق آخر، واحتجاز خمسة جثامين لمقاتلي حركة «الجهاد».. لكن تَجَلُّد الفصيلين عطّلا على إسرائيل تدمير خطوات أولى للمصالحة، التي هدفت إليها إيران؟.

هل لاحظنا كيف استغلت إسرائيل دعاوياً شكوى أخرى لوكالة «الأونروا» من اكتشاف بداية نفق آخر تحت إحدى مدارس الوكالة، وهي شكوى غير جديدة تضاف لادعاءات إسرائيل أن فصائل غزة لم توفر حفر بعض أنفاقها تحت المستشفيات، بما فيها مستشفى «الشفاء» الرئيسي!.

بعد تردد وتلكُّؤ وإهمال، مالت «حماس» إلى التعاون مع مصر بصدد ضبط الأنفاق بين غزة وسيناء، ولكنها ليست بصدد مثل هذا بصدد أنفاق غزة مع إسرائيل، والأرجح أن ترفض شروطاً إسرائيلية من نوع: واحد مقابل واحد، وجثّة مقابل جثّة.

قالت إسرائيل، حتى قبل تدمير نفق خان يونس، إنها استعدت لحرب على جبهتي لبنان مع «حزب الله» و»حماس» في غزة، وبعد تدمير النفق في أجواء المصالحة الفلسطينية تريد إسرائيل تركيز جهدها السياسي والعسكري في مواجهة «حزب الله» الأكثر خطورة عليها من فصائل غزة، والذي اكتسب تجربة قتال من تدخله في الصراع السوري، الذي كبّده، في تقديرها، 3000 قتيل، وقبل انسحاب قواته من سوريا العام المقبل مع بوادر حسم الجيش السوري صراعه الباهظ مع الفصائل المسلحة المناوئة.تدمير النفق، وشروط تبادل أسرى متكافئة بين غزة وإسرائيل، له ما بعده، كما لاستقالة رئيس الحكومة اللبنانية في السعودية، وشكواه من تحكُّم «حزب الله» كوكيل إيراني بلبنان وأمنه، لها ما بعدها، أيضاً.

تجلَّدت فصائل غزة، ولو مؤقتاً، بعد تدمير نفق خان يونس، وعلى «حزب الله» وباقي طوائف لبنان أن تجد طريقة لتبريد تفاعلات استقالة قد تقود إلى تجدد الحرب الأهلية في لبنان. الأمر منوط بذكاء إيران في لعبة الشطرنج السياسية، كما لعبت بصبر وذكاء في مفاوضات الـ 5+1 بصدد برامجها النووية.