صحافة

الاحتلال.. عين على لبنان وعين على غزة

10 نوفمبر 2017
10 نوفمبر 2017

في زاوية آراء كتب مصطفى الصواف مقالا بعنوان: الاحتلال.. عين على لبنان وعين على غزة، جاء فيه:

وقفت المنطقة على قدم وساق إثر قيام قوات الاحتلال بقصف نفق للمقاومة تابع لسرايا القدس، الأمر الذي أدى إلى استشهاد اثني عشر من المجاهدين بينهم اثنان من كتائب القسام خلال محاولتهم لإنقاذ الخمسة من سرايا القدس ممن كانوا داخل النفق، وتوقع الكثيرون من السياسيين والمراقبين أن تكون جريمة النفق شرارة عدوان جديد من قبل قوات الاحتلال على قطاع غزة، والجميع انتظر زخات الصواريخ التي ستنطلق من قطاع غزة صوب فلسطين المحتلة من عام 48.

تحرك الاحتلال بقواته المختلفة صوب قطاع غزة وأعلنت حالة التأهب القصوى، وفي نفس الوقت قوى المقاومة أعلنت حالة التأهب وكانت على أهبة الاستعداد لتنفيذ أوامر قيادتها، وتحركت قيادة المقاومة ودرست الحالة والوضع الداخلي وما يهدف إليه الاحتلال من جريمته ودارت نقاشات كثيرة حول التصرف الأنسب في مثل هذه الحالة وفي نفس الوقت انشغل الجميع بين باحث عن المفقودين الخمسة وبين تجهيز أعراس الشهادة للشهداء السبعة، وأيضا تحرك الاحتلال صوب مصر قيادة ومخابرات وخلق الأكاذيب الواهية حول الجريمة وأنهم لا يريدون تصعيدا طالبين الجانب المصري للتدخل لدى قوى المقاومة لعدم الرد والإبقاء على حالة الهدوء.

قوى المقاومة ضبطت النفس، ودرست الخيارات، والواقع المعاش، وأجواء المصالحة ورأت أن الحكمة تقتضي التريث في الرد والانتظار ولو قليلا وعدم الانجرار وراء الهدف الصهيوني من الجريمة وتفويت الفرصة على الاحتلال واحتفظت لنفسها بحق الرد في الزمان والمكان والطريقة التي تحددها المقاومة لا التي يفرضها الاحتلال. لم تنته المسالة ولا زالت قوات الاحتلال على تأهب تام بدليل طائرات الاستطلاع التي تجوب سماء القطاع ليل نهار لرصد تحركات المقاومة ورغم ما ادعاه الاحتلال أن مصر طمأنته بأن لا يكون تصعيد من المقاومة، ونحن نعتقد أن الدم والشهداء لا مساومة عليهم؛ ولكن المصلحة تقتضي تصرفا مختلفا لما توقعه العدو.

كل الأطراف الإقليمية والدولية وحتى الاحتلال رغم جريمته يريدون تبريد الجبهة الجنوبية، ولعل ما جرى من مصالحة وعودة السلطة إلى القطاع يصب في هذا الاتجاه، ولأن الإقليم وأمريكا والاحتلال يسعون لاستهداف جبهة الشمال وهذا يتطلب تبريد جبهة الجنوب في هذه المرحلة التي يتم فيها الإعداد لضرب حزب الله ومن خلاله توجيه ضربة لإيران بعد تمددها غير المسموح به والمرفوض.

الأمور تتكشف شيئا فشيئا، واستقالة الحريري من رئاسة الوزراء اللبنانية وإعلان هذه الاستقالة من الرياض العاصمة السعودية وحملة الاعتقالات داخل السعودية تعطي مؤشرات أن المعركة في لبنان وليس في قطاع غزة في المرحلة الحالية، واستقالة الحريري هي خلط للأوراق وتمهيد لمعارك لبنانية داخلية الهدف منها خلق ظروف التدخل إقليمي - صهيوني بغطاء أمريكي لضرب حزب الله والذي تعاظمت قوته وفق تقارير مختلفة.

تم توريط حزب الله في معركة لا ناقة له فيها ولا جمل في سوريا وغض طرف من الاحتلال وأمريكا في بداية الحرب السورية لتحقيق نفس الهدف وإشغال حزب الله في معارك جانبية أفقدته شعبية عربية كان يتمتع بها قبل التدخل في سوريا وخسر حزب الله بيئة جماهيرية كانت له حاضنة ومدافعة وظهر ذلك جليا في عدوان 2006 على الجنوب اللبناني.

التدخل في سوريا من قبل حزب الله أنهك قواه البشرية وافقده الحاضنة الشعبية ولكن كانت فرصة الحزب في تعزيز قواته وأدواته القتالية وخاصة الصواريخ لأن وجود إيران بهذه القوة في سوريا كان وسيلة لتزود حزب الله بالإمكانيات العسكرية ما أدى إلى تعاظم قوته في لبنان الأمر الذي لم يرق أولا للصهاينة وكذلك الحريري وحلفائه في المنطقة (السعودية تحديدا) وغيرها.

المعركة في لبنان بدأ العد التنازلي لها وأولها استقالة الحريري وما تحدث فيه عن أسباب الاستقالة ووجوده في الرياض هو هروب من خشية تعرضه للأذى ولضمان الحماية الشخصية له، بعد إعلان الحرب الإعلامية على الحزب والذي هو جزء من حكومة الحريري.

المعركة القادمة ستكون في لبنان والهدف إيران من خلال حزب الله، وهذا لا يُسقِط أن يكون الاحتلال يخطط لضرب غزة في ظل افتعال أزمة إقليمية للتغطية على جريمة سترتكب في قطاع غزة تمهيدا لتنفيذ مشروع التصفية للقضية الفلسطينية.