المنوعات

شاب من غـزة يجـيد فـن «التوازن»

10 نوفمبر 2017
10 نوفمبر 2017

«غزة» الأناضول:- لم تعد عملية ترتيب الصخور غير متناسقة الشكل والحجم فوق بعضها البعض، تشكّل صعوبة لدى الشاب الفلسطيني، أحمد العوضي. وبتركيز كبير، يرتّب العوضي إحدى عشرة صخرةً، مختلفة الأحجام بعضها مدبّب الأسطح، وبعضها الآخر كروي الشكل وعدد منها يأخذ شكلاً مستطيلا، فوق بعضها البعض.

وهو يمسك بآخر صخرة، يستغرق العوضي دقائق معدودة، محاولاً البحث عن موضع ارتكاز يجعل الصخرة الصغيرة تثبُت على قمة المجسّم الذي صنعه لتوّه. وبحركاته المتروّية، ينجح في تثبيت تلك الصخرة في أعلى قمة الصخور، معتمداً بذلك على مركز «التوازن» أو «الثقل». وعلمياً يُعرّف مركز «التوازن» على أنه «نقطة افتراضية تعبّر عن محصلة أثقال عناصر الجسم، تعبر عن محصلة أثقال عناصر المجسم، أو النقطة التي تتوزع حولها ثقل الجسم بالتساوي من جميع الجهات».

فيما تُعرّف، نقطة الارتكاز على أنها «الموضع الثابت الذي تتوازن عنده قوّتا الدَّفْع والمقاومة». واكتشف العوضي مهارته في ممارسة «فن التوازن»، أو ما يعرف بـ«فن خداع الجاذبية»، قبل نحو شهرين تقريباً. وتعرّف، طالب الثانوية العامة، على هذا الفن للمرة الأولى، من خلال مصادفته لأحد الفيديوهات المنشورة على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، لشخص يُتقن تشكيل مجسّمات يقول إنها «تخدع قوانين الجاذبية». وأثارت تلك المقاطع المصوّرة فضول العوضي ودفعته للتعمّق في تفاصيل ذلك الفن، حتّى بدأ يجرب تركيب المجسّمات، مستخدماً أدوات وأجساما بسيطة حوله.

وفي يوم ميلاده، الذي صادف الـ25 من سبتمبر الماضي، أراد العوضي أن يُفاجئ نفسه بهدية متميزة، فخرج إلى شاطئ بحر مدينة غزة، وبدأ بخداع «قوانين الجاذبية» بصناعة مجسم كبير من الصخور، كما يقول. وبعد تكراره التجربة لعدة مرات، نجح لأول مرة في صناعة أول مجّسم يعتمد على «قاعدة التوازن».

العوضي، يحاول ترتيب ثلاث عبوات زجاجية فارغة فوق بعضها البعض ليصنع مجسّماً غريب الشكل (الزجاجة الأولى عمودية الاتجاه، ويُركز عليها عبوة ثانية أفقية الاتجاه، والثالثة أُفقية أيضاً). وفي مشهدٍ يخرج عن المألوف، أغمض العوضي عينيه بعصبة سوداء اللون وبدأ بتثبيت زاوية شاشة «التلفاز» داخل فوهة عبوة زجاجية صغيرة، ونجح في ذلك بفترة تقلّ عن «الدقيقتين». وبعد أن انتابته حالة من الصمت والتركيز، نجح في ذلك، وقال لـ«الأناضول»: «البداية بالنسبة لي كانت صعبة، عودت نفسي على التجربة، وكنت على قناعة أنني سأنجح حتّى وإن فشلت البدايات». وأوضح أنه دعم بداياته في ممارسة ذلك الفن بالبحث في تفاصليه، والتمعّن بكل ما كُتب حوله، حتّى يُجيد إتقانه.

ويحتاج فن «خداع الجاذبية» جوّا هادئا وحالة نفسية مستقرّة كي ينجح ممارسه في التركيز، وفق العوضي.ويتابع:« يلازم الفنَّ تركيز قوي، وهدوء تام، يجب أن يكون الشخص متصالحا مع نفسه، كي يستطيع إيجاد نقطة الارتكاز التي تثبت عليها الأجسام، وتخدع الجاذبية». ويستبعد أن ينجح الشخص في ممارسة ذلك الفن، إذا كان يعيش في ضغوط نفسية أو هو متوتر الشخصية. ولاقت المجسّمات الفنية التي ينشر العوضي صورها على صفحته الشخصية على موقع «فيس بوك»، إعجابا من متابعيه، كون هذا الفن حديثا ولم يسبق لأحد في قطاع غزة، أن أعلن عن ممارسته مسبقاً، على حدّ قوله.وتابع مستكملاً: «أنا سعيد لأنني أدخلت هذا الفن وأسعدت به قلوب الفلسطينيين».ويلفت إلى أنه واجه في بداية الأمر إحباطاً من الجو المحيط به، إلا أنه تمسّك بإصراره ورغبته في النجاح بهذا الفن، ويقول: «الناس المحيطون بي كانوا يخبروني بداية أن الفن لا يعيش بغزة المحاصرة، ولا يوجد أمل لتطوير النفس، لكنني واجهت هذه التحديات بإصرار، وما نصوّره اليوم هو نتاج إصراري». ويحاول العوضي في أوقات فراغه، تطوير نفسه والتدرّب على خداع الجاذبية بمجسمات متناقضة الأحجام.ويحلم الشاب الفلسطيني أن يكون قادراً على المشاركة في المعارض الدولية في المستقبل القريب.