252525
252525
المنوعات

موسم أسود على الدلافين في البحر الأسود

08 نوفمبر 2017
08 نوفمبر 2017

كونستانتسا، (رومانيا) «أ.ف.ب»: يبدو الارتياح على ماريان بايو بعد اجتيازه كيلومترات عدة على الشاطئ إذ لم يجد أي جيفة دلفين قذفتها الأمواج خلال الصباح على سواحل رومانيا في البحر الأسود.. بارقة أمل بعد موسم أسود عاشته هذه الحيوانات. فبين يناير ونهاية سبتمبر، أحصى هذا الخبير البيئي العضو في منظمة «ماريه نوستروم» نفوق 136 دلفينا بأكثريتها في حوادث صيد، وهو رقم قياسي منذ عام 2012.

ويقول بايو لوكالة فرانس برس «كنت أظن أن هذه الظاهرة آخذة في الانحسار، غير أن أرقام هذه السنة تقلقنا».

في العام الماضي، كان دور زملائه البلغار الذين دقوا ناقوس الخطر إثر جنوح أكثر من 300 دلفين على سواحل بلدهم بحسب منظمات عدة.

ويشير الناشط البيئي البلغاري اتاناس روسيف إلى أن هذه الحالات ليست سوى غيض من فيض اذ ان «اكثرية الجيف تتحلل في البحر» بعيدًا من سواحل البلدان الستة المطلة على البحر الأسود أي رومانيا وبلغاريا وأوكرانيا وروسيا وجورجيا وتركيا.

وفي هذا البحر شبه المغلق، بين أوروبا والقوقاز، يرمي صيادو سمك الترس وهي من أكثر الأجناس انتشارًا في المنطقة، كيلومترات من الشباك على عمق 50 مترًا الى 60. ويتحول الكثير من هذه الشباك إلى فخوخ حقيقية لهذه الأسماك.

ويوضح ادريان فيليمون وهو خبير في معهد البحث البحري في كونستانتا (شرق) «لقد عثرنا على دلافين نافقة مع أجزاء من الشباك في زعانفها أو ان زعنفتها الذيلية مقطوعة من قبل الصيادين لإخراجها من الشباك». وتكافح منظمة «ماريه نوستروم» في سبيل استخدام شباك بعقد صغيرة «لأن من شأنها مساعدة الدلافين والصيادين على السواء، فأي دلفين عالق يعني تمزق الشبكة»، كما تنادي بالاستعانة بمنبهات صوتية تبعد الدلافين.

غير أن الصيادين «يتوانون عن استخدام مثل هذه الأساليب بسبب كلفتها المرتفعة أو خشية أن تشكل دعوة للدلافين للمجيء بحثا عن الطعام» بحسب بايو.

ويؤكد فيليمون في هذا الإطار أن صيادين كثر يعتبرون أن الدلافين التي تأكل كميات كبيرة من الأسماك يوميا هي بمثابة «منافس» لهم.

كذلك فإن الحملات الوقائية تبدو بلا جدوى في مواجهة «الصيادين غير القانونيين» في البحر الأسود، والمقصود هنا السفن التي تصطاد بلا إذن في المياه الإقليمية للبلاد. وعندما تسعى هذه السفن للافلات من خفر السواحل، تهجر شباكها أحيانا من دون الاكتراث بالعواقب.

وتجنح دلافين كثيرة خلال فترات منع الصيد، في مؤشر إلى مسؤولية الصيادين غير القانونيين بحسب ادريان فيليمون - صديقة الصيادين - وبحسب الباحثين، كان البحر الأسود يضم حوالي مليوني دلفين بين الحربين العالميتين الأولى والثانية. غير أن الصيد المفرط أدى إلى تقلص اعدادها بدرجة كبيرة لتصل إلى ما يقرب من مائة ألف إلى مائتي ألف قبل أن يحظر صيدها في هذا الحوض بالكامل سنة 1983. وتشير التقديرات إلى أن عدد الدلافين في المنطقة حاليا يبلغ 450 ألفا.

ويلفت فيليمون إلى أن التلوث والنفايات البلاستيكية التي تبتلعها الدلافين تساهم في نفوقها. وفي البحر الأسود، سجلت معدلات سامة تفوق الحدود الموصى بها لمواد عدة إضافة إلى كثافة مقلقة من النفايات العائمة وفق دراسة صادرة في مايو عن المشروع الدولي «امبلاس» المعني بالمراقبة البيئية للبحر الأسود.

وأطلقت منظمة «ماريه نوستروم» التي تضم نحو ألف متطوع، حملة سميت «تبنّ دلفينا» لتوعية الرأي العام على التهديد الذي يطاول هذه الحيوانات. ويضع الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة خنازير البحر والدلافين الكبرى في البحر الأسود على قائمته للأجناس «المهددة» فيما تدرج الدلافين العادية ضمن فئة الحيوانات «المعرضة» لخطر الانقراض.

ويصعب تحقيق التوازن المطلوب في هذه المنظومة البيئية الهشة حيث تنفد مخزونات الأسماك على غرار ما تشهده بحار أخرى في العالم.

ويحذر بايو من أنه «إذا ما تكاثرت الدلافين، فإن كمية الأسماك ستتقلص وسينتهي الأمر بنفوق الدلافين جوعًا».

ستيفان توباراو هو من الصيادين القلائل في منطقة كونستانتا المتمسكين باستخدام شباك تحمي الدلافين في أنشطة الصيد.

ويقول: «إذا ما وقعت يومًا في الفخ، فستتمكن من الخروج بسهولة عبر القفز فوقها». ويضيف توباراو ممازحا «هي تساعدنا على تحديد موقع تجمع الأسماك لأن «راداراتها» أكثر فعالية من تلك الموجودة في حوزتنا». ويؤكد «لا نزاع بيننا فنحن اصدقاء».