1151667
1151667
مرايا

متى تنتهي حوادث السير في بلادي؟

08 نوفمبر 2017
08 نوفمبر 2017

بتنا نخاف ونفزع ونقلق على أنفسنا وأهلينا وأولادنا وكل عزيز لدينا بسبب حوادث السير، ونحس بالألم والحسرة، ونعيش الرعب والخوف الذي للأسف نصنعه بأنفسنا.

بلادنا آمنة وأرواحنا غالية، لكن نفوسنا باتت غير مستقرة، كأن شبح الموت قاب قوسين أو أدنى، وهو كذلك لا شك، ولكن فرق شاسع بين أن يأتينا الأجل ونحن على فراش الموت أو اثر مرض يصعب علاجه أو شيخوخة وصلت إلى (أرذل العمر)، أو يأتينا الموت على الطرقات ووسط الحديد وركام السيارات أو على الأرصفة. يعلم الله أن الروح عند تلكم الحوادث تنتزع من الجسم نزعا وكأنها تقول لصاحبها لو أمهلتني، لو لم تسرع بي، لو انتبهت، لو تركت الهاتف، لو لو ...، ربما يكون نصيبي من الدنيا فيه أمل باق، فكنت أريد أن استمتع بالحياة أكثر.

نحن نؤمن- ولا جدال في ذلك- بان القضاء والقدر أمر نافد بأمر الله، ونؤمن بنهاية الأجل، وبان الكل فانّ، وان مآلنا إلى زوال، لكن أن نتجّرع الموت القادم إلينا بهدوء وراحة بال خير من مفاجئة تنزع الأرواح نزعا، ليس فقط لروح صاحبها بل فاجعتها ستعم أهله وأقرب الناس إليه حينما يأتيهم الناعي، فلان مات فلان وقع عليه حادث.. فلان تدهور.. فلان اصطدم بعمود كهرباء.. فلان احترقت سيارته، أخبار يتقطع القلب لها ويندى لها الجبين وتدمع بها العين وتبقي الأثر الحزين .

كلمة (حادث) بمفردها يكفي أن تحدث وقعا، فسماعنا لها يهز كياننا، لأن ما بعد هذه العبارة أعلاها (موت) وأدناها (إعاقة) أبديّة وأحلاهما مر، يا الله لطفك بنا، اللهم أحرسنا من شر الطريق ومن سوء المنقلب الحق. يقال إننا تعبنا، باتت أخبار الحوادث عندنا وحشا نخاف منه، نمسي ونصبح على موت احد من معارفنا أو من احد أبناء هذا الوطن، الوفيات الطبيعية باتت بفضل الله سبحانه وتعالى وبسبب الرعاية الصحية التي وفرتها الحكومة في أرجاء البلاد نسبتها قليلة جدا، لكن وفيات الحوادث حدّث ولا حرج.

نعم لقد أصبحنا نتشاءم من الطريق ومن قطع المشاوير لأي غرض كان، وقد أصبح الواحد منا عندما يعود من سفر وهو بخير كأنه ولد من جديد، ليصدق فينا قول القائل الخارج مفقود والعائد مولود، أتساءل ما الذي أوصلنا إلى هذا المأزق الكبير وهذا المنحدر الخطير، انه والله لأمر جلل عكّر صفو عيشنا ونغّص علينا أفراحنا ومناسباتنا وكل شي جميل لدينا، كم من الجثث أصبحت أشلاء، وكم من الناس تشوهت وجوههم بالكاد تعرفها لولا وجود البطاقة الشخصية.

ورغم النصائح والتوجيهات التي أطلقها صاحب الجلالة يحفظه الله في جولاته الكريمة لكن للأسف الشديد نحن وكل عابر طريق نتعرض للمخاطر، إما من أنفسنا أو من طرف آخر. كل ما ارجوه من أعماق قلبي أن نحرص وبشغف على إيجاد وسائل السلامة، ونسعى بكل حذر لإبعاد كل أسباب الهلاك والتي تؤدي بحياتنا، فكم بيوت أغلقت، ونساء ترملت، وأطفال في عمر الزهور ينتظرون والدهم بفارغ الصبر، ليقبلّهم قبلاته الحانية على وجنتيهم ويمسح برقة على رؤوسهم، وإذا به يأتونه إليهم وهو محمول على الحدباء أو سيارة نقل الموتى.

إنها مأساة بما تعنيه الكلمة من معنى، بل هي كارثة لا توصف، فكيف بنا نجعل من السيارة- التي هي في الأصل نعمة أنعمها الله سبحانه وتعالى- كيف بنا نحولها إلى نقمة وتكون سبب في زهق الأرواح البريئة، كم من الأسر فقدت أفرادها بكاملها، وكم من أناس أبرياء ليس لهم في الأمر إلا إن أخطأ عليهم أحد بتجاوز خاطئ، أو دخول مفاجئ للشارع، أو لأي سبب طارئ، حتى يكون الضحايا فيها.

لقد فزعت عندما وقع حادث مؤخرا راح ضحيته أربعة أشخاص من أعمار متفاوتة من العوابي والرستاق، وأعقبته حوادث في الأسبوع نفسه في نفس المحافظة بأماكن متفرقة، وللأسف المشهد المؤلم يتكرر، أليس هذا بالله عليكم نذير يؤذن بمستقبل مظلم وحياة يسودها القلق والخوف، يا رب ألطف بالبلاد والعباد، نسألك بان تعطينا خير المركبات وقنا شرها، يا لطيف.

كلمة أخيرة أقولها ليسمعها الجميع، إننا مسؤولون عن أنفسنا وعن فلذات أكبادنا، وكلما حافظنا والتزمنا بقواعد المرور كلما قللنا من هذه المصائب، ولا نستهين بالأسباب وحجمها، فربما رسالة نصية تؤدي بحياة أبدية، وقبل الختام كلمة شكر وتقدير إلى رجال شرطة عمان السلطانية، وهم العيون الساهرة التي تعمل جاهدة للحيلولة دون حدوث هذه المآسي، وتحية لكل المخلصين في بلدي من الذين يحرصون على راحة الآخرين ويعملون ليل نهار، اللهم احفظنا واحفظ بلادنا عمان وسلطاننا المفدى من كل شر ومكروه.

خليفة بن سليمان المياحي

مراسل عمان بولاية العوابي

[email protected]