sharifa
sharifa
أعمدة

وتر : فاشنيستا

08 نوفمبر 2017
08 نوفمبر 2017

شريفة بنت علي التوبية -

قالت لي إحدى الفتيات الصغيرات حين سألتها عن حلمها حينما تكبر: أحلم أن أكون فاشنيستا، وبدأت تعدد لي أسماء نساء أصبحن مشهورات يعملن في هذا المجال، أنه عمل لا يحتاج إلى دراسة أو جهد، فقط يكفي أن تكوني جميلة أو تجيدين وضع المكياج، كما قالت الفتاة، أعترف أني صدمت لأني كنت أتوقع أن تقول لي أنها تحلم أن تكون طبيبة أو مهندسة أو شيئا من الأمنيات الأخرى التي كانت تراودني عن نفسها حينما كنت في مثل عمرها، لكن كما يبدو أن لكل زمان أحلامه وأمنياته، وأني قد أكون الوحيدة المتخلفة عن الركب، والمغردة خارج السرب، فامرأة ما زالت تمسك كتابها في يدها لن يكون لها مكان في هذا العالم المتجه لغير وجهتها، وستبقى في كهفها المسحور بالشعر والفلسفة والفكرة والكلمة.

في عصر مثقفي الوات ساب ومتابعي يوميات الفاشنيستا، لا بأس أن يتهمك البعض بالتخلف والجهل لأنك لا تعرف أسماء عارضات الموضة والمهتمات بالجمال ولا تتابعها ولا تعرف ما هو موجود في (البوتيك) الخاص بهن، ولا بأس أن تكون ثقافة البعض منا لا تتجاوز نوع ماركة المكياج والعطور وآخر صرعات الموضة وآخر ما وصلت إليه الفاشنيستات في عمليات التجميل من نفخ وشد ولصق، جميل أن يكون هناك من يهتم بالجمال والموضة، ولكن ليس جميلاً على الإطلاق أن يصبح الجمال مشوهاً بتلك الصورة التي نراها الآن، وأن تختفي الوجوه الحقيقية خلف مشرط أطباء الجمال لتصبح الوجوه ليست سوى أقنعة قابلة للتغيير في أي لحظة، وأن تصبح الموضة عمل من لا عمل له، لنتجاوز بها من الجمال إلى التشويه .

الصدمة الأخرى التي واجهتني أيضاً أنه حتى الكلاب والقطط أصبحت فاشنيستا وأصبح لها مواقع إلكترونية وحسابات في الانستجرام وسناب شات لتستعرض فيها يومياتها وطعامها ونوع الشامبو الذي تستخدمه وفراشها الوثير الذي تنام عليه، لم تتوقف دهشتي على وجود تلك المواقع ولكن دهشتي تضاعفت حينما قرأت أن عدد المتابعين في تلك الحسابات لإحدى الكلاب قد تجاوز المليون والمليونين متابع، ولست أعلم أي قيمة في مثل تلك المتابعة أم أن الفراغ قد أوصل البعض إلى ذلك، فكل شيء كما يبدو لي أشبه بفقاعة كبيرة طافية على سطح مستنقع آسن ليس اكثر، وليعذرني البعض إذا كان تفكيري المرتد إلى زمن آخر لا يناسب موضة الفكرة المتأنقة على شرفة نافذة زرقاء بفضاء إلكتروني مفتوح.