654654
654654
تحقيقات

لماذا يستقيلون ؟!

07 نوفمبر 2017
07 نوفمبر 2017

الاستقالة .. السبب الأول للتقاعد للعام الثالث على التوالي -

1102 موظف استقالوا خلال 9 أشهر بمتوسط عمر 47 عاما -

صندوق التقاعد يتوقع ارتفاع العدد إلى 2305 بنهاية العام الجاري -

الصحة والبلديات والتربية يتناوبون على تصدر القائمة -

الصحة تتوقع استمرار معدل الاستقالات بالوتيرة نفسها -

الصحة: استقالات الأطباء العمانيين نادرة ولا تأثير على الجودة -

التربية: ليست عشوائية ولا تقبل إلا بنهاية العام الدراسي -

كتب : عبدالله بن سيف الخايفي -

تصدرت الاستقالة أسباب انتهاء خدمة عدد من المنتمين لصندوق تقاعد موظفي الخدمة المدنية للعام الثالث على التوالي بنسبة وصلت 75% من إجمالي عدد المتقاعدين وبمتوسط عمر لم يتجاوز 47 عامًا ومتوسط خدمة لم يتجاوز 25 سنة يمثلون تقاعدًا مبكرًا. وتبادلت كل من وزارات الصحة والتربية والتعليم والبلديات الإقليمية وموارد المياه المراكز الثلاثة الأولى في الأعوام الثلاثة الأخيرة وتركز المتقاعدون بسبب الاستقالة في حملة الدبلوم العام وما دون ثم في دبلوم ما بعد الدبلوم العام ثم حملة المؤهل الجامعي.

لماذا تصدرت الاستقالة أسباب انتهاء الخدمة لثلاث سنوات متتالية (الأسباب الأخرى بلوغ سن التقاعد 60 عامًا– الوفاة– عدم اللياقة الصحية– أسباب أخرى)؟ من هم المستقيلون وما هي دوافعهم والحوافز التي جعلتهم يتقاعدون مبكرًا ومتوسط أعمارهم لم تتجاوز 47؟ لماذا تركزت الاستقالات في وزارات الصحة والتربية والتعليم والبلديات الإقليمية وموارد المياه وخلال سنوات ثلاث متتالية؟ هل يمثل نظام التقاعد حافزًا للاستقالة؟ وهل ظروف توقف الترقيات كانت عاملًا مساعدًا؟ ألا تعتبر هذه الاستقالات مناقضة لواقع شح الوظائف في سوق العمل وتستدعي التمسك بالوظيفة؟ هل هي المحطة الأخيرة للركون إلى الراحة أم هناك فرص متاحة للمتقاعدين في قطاعات خاصة مستفيدين من خبرتهم وطبيعة تخصصاتهم المطلوبة في تلك الجهات؟ هل يمثل مغادرة هذه الأعداد من المتقاعدين إشكالية لدى تلك الجهات، وما تأثيرها على جودة الخدمات وانتقال الخبرات، وكيف تعمل على ملء الشواغر في وظائف المتقاعدين التخصصية كالأطباء والممرضين والمعلمين والمهندسين والوظائف الفنية النادرة؟ هذه التساؤلات وغيرها يجيب عليها التحقيق التالي:

تشير أحدث إحصائيات صندوق تقاعد الخدمة المدنية إلى أن الاستقالة جاءت السبب الأول في انتهاء خدمة المنتمين لصندوق تقاعد موظفي الخدمة المدنية خلال الفترة من يناير إلى يونيو 2017 بنسبة 75% من إجمالي عدد المتقاعدين وذلك للعام الثالث على التوالي.

واستقال 1102 موظف خلال الفترة من يناير وحتى نهاية يونيو 2017 بواقع 691 من الذكور و411 من النساء وبمتوسط عمر لم يتجاوز 47 عامًا وبنسبة معاشات بلغت 80% من إجمالي المعاش المستحق لمجموع عموم المتقاعدين الذين بلغ عددهم 1477 متقاعدًا في الفترة نفسها.

وسجلت وزارة الصحة أعلى عدد في حالات الاستقالة خلال الفترة من يناير إلى يونيو 2017 بواقع 322 حالةً تلتها جهات أخرى غير محددة بواقع 317 حالةً ثم وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه بـ156 حالةً فيما حلت كل من وزارة التربية والتعليم وجامعة السلطان قابوس رابعًا بعدد 90 حالةً.

وتركز المتقاعدون بسبب الاستقالة في حملة الدبلوم العام وما دون بنسبة 59% وتراوحت أعمارهم بين 40-50 سنة بنسبة 47% ثم في دبلوم ما بعد الدبلوم العام بـ283 حالة، وجاء حملة المؤهل الجامعي ثالثًا بواقع 164 حالة.

وبلغ إجمالي عدد المتقاعدين عموما المنتمين لصندوق تقاعد موظفي الخدمة المدنية من يناير الى يونيو 2017 عدد 1477 بمتوسط عمر 50 سنة ومتوسط خدمة 24 عامًا ومتوسط معاش 829 فيما بلغ عدد المتقاعدين بسبب الاستقالة 1102 بمتوسط عمر 47 سنة وحل بلوغ سن التقاعد سببًا ثانيًا بـ281 تليه الوفاة بـ56 حالة.

وكانت الاستقالة تصدرت أيضًا أسباب انتهاء الخدمة في 2016 بـ1158 حالة بنسبة 78% كما جاءت في طليعة أسباب انتهاء الخدمة في 2015 أيضًا وبنسبة 74% وبمتوسط عمر بلغ 47 سنة وبمتوسط خدمة 23 سنة.

وسجلت وزارة التربية والتعليم الحالات الأعلى في الاستقالة بـ1013 حالة في في حين جاءت وزارة الصحة ثانية بـ398 متقاعدًا، وحلت وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه ثالثة بـ187 متقاعدًا.

وقبل الحديث عن ظروف هذه الاستقالات وردود الجهات المعنية فيجب التوضيح بأن المشرّع أجاز للموظف وفقًا لأحكام قانون الخدمة المدنية رقم (120/‏‏2004م) ولائحته التنفيذية التقدم بطلب الاستقالة متى ما رغب في ذلك، وحدد لذلك مجموعة من الضوابط والأحكام التي ينبغي مراعاتها عند طلب الاستقالة. وتنقسم الاستقالة إلى صريحة وضمنية، وقد نصت المادة (142) من القانون المشار إليه على الاستقالة الصريحة بما نصه: (للموظف أن يقدم استقالته من وظيفته كتابة دون أن تكون مقيدة بشرط ولا تكون الاستقالة مقبولةً إلا بموافقة رئيس الوحدة، ويجب البت في طلب الاستقالة بالقبول أو الرفض خلال ثلاثين يومًا من تاريخ تقديمها وإلا اعتبرت مقبولة بحكم القانون، ويجوز خلال هذه المدة إرجاء قبول الاستقالة لموعد آخر لأسباب تتعلق بمصلحة العمل.

ولمعرفة دوافع الاستقالات تواصلت عمان مع عدد من المتقاعدين الذين كانت الاستقالة السبب في إنهاء خدماتهم.

وقال أحد المستقيلين لم يرغب في ذكر اسمه أنه ليس نادمًا على الاستقالة وهو في سن 47 سنة بل ندمه على ما وصفها بالسنوات الضائعة في الوظيفة الحكومية التي لم تنصفه على حد رأيه خاصة وانه كان يعمل في وظيفة ليست في تخصصه ولا تتناسب مع مهاراته وقدراته. وأوضح أنه اتجه لمشروعه الخاص الذي طالما راوده في مجال المقاولات.

وقال مستقيل آخر كان مسؤولًا في إحدى الجهات الحكومية فضل البقاء بعيدًا عن الأضواء أن فرصة لاحت له في إحدى شركات القطاع الخاص، ولم يشأ التفريط فيها؛ لأنها قدمت له عرضا مغريا وفي توقيت مثالي بعد أن أمضى السنوات المحددة التي تجيز له التقاعد.

بينما قال مستقيل ثالث: إن العمل الحكومي (الرتيب) على حد وصفه لم يعد يستهويه واستقال باحثا عن عمل أكثر حيوية، لكن زميلا له قال: إن الحوافز المادية في تخصصه المطلوب في القطاع الخاص كانت السبب في استقالته بحثًا عن تحسين وضعه المالي فالراتب الذي كان يتقاضاه لم يستطع الصمود أمام مطالب الحياة المتزايدة وفي ظل ارتفاع الأسعار فكان لزاما البحث عن مصدر دخل أفضل.

فيما وصف مستقيل آخر بيئة العمل في وظيفته بالطاردة وغير مشجعة على الاستمرار وقال إنها لا تنبئ بتحسن في المستقبل القريب خاصة مع توقف الترقيات وعدم وجود أسس واضحة في جدول توزيع الدرجات الذي لم ينصفه فضلا عن غياب نظام شفاف لاستحقاق العلاوات والحوافز.

واجمع جميع من تحدثت اليهم عمان على أن المخاوف من تغيرات مفاجئة قد تحدث في نظام التقاعد وخاصة ما يتعلق بمكافآت نهاية الخدمة أحد الأسباب التي دفعت كثيرًا من المتقاعدين إلى الاستقالة للاستفادة من المزايا الراهنة قبل حدوث تغيرات قد تكون سلبية عليهم ولا توافق تطلعاتهم.

وإذا كانت هذه بعض آراء المتقاعدين المستقيلين فما هي آراء جهات العمل التي غادرها هؤلاء؟

وزارة الصحة التي تصدرت إحصائيات 2017 حتى الآن اعتبرت حركة الاستقالات لديها طبيعية كَون أغلب العاملين في القطاع الصحي من الوافدين، وقالت الوزارة في رد نسبته إلى مصدر مسؤول لم تسمه انه من المتوقع أن يستمر معدل الاستقالات في الفترة المقبلة بالوتيرة نفسها بسبب توجه الوزارة التدريجي إلى تعمين الوظائف الطبية والطبية المساعدة مشيرًا إلى أن الوزارة قطعت شوطًا كبيرًا في هذا المجال.

وأوضح المصدران ما يتعلق بالاستقالات في مؤسسات الرعاية الصحية الأولية، فقد احتلت نسبة أطباء العموم الوافدين النصيب الأوفر منها، وقد بلغ عدد الاستقالات بمؤسسات الرعاية الصحية الأولية ما يقارب (60) استقالة في عام 2017م.

وأوضح رد وزارة الصحة أن حصر الأسباب المتعلقة بهذه الاستقالات كشف عن أسباب تصدرتها الظروف الاجتماعية الخاصة بهؤلاء المستقيلين، والرغبة في الاستقرار الأُسري في وطنهم الأم بعد قضاء سنوات من الخدمة خارج أوطانهم يأتي بعدها تطلع الأطباء لاستكمال دراستهم العليا بالإضافة إلى إيجاد فرص عمل أخرى تتناسب وتطلعاتهم العلمية وكذلك تحسين مستوى الدخل.

ومن بين أسباب الاستقالات أنها تعود لصعوبة إجراء بعض التنقلات الداخلية والخارجية (على مستوى المحافظات) لهؤلاء الأطباء نظرًا للتنوع الجغرافي في توزيع مؤسسات الرعاية الصحية الأولية ولضمان استمرارية تقديم الخدمة الصحية بهذه المؤسسات.

استقالات الأطباء المواطنين

أما من حيث أعداد استقالات الأطباء العمانيين فقالت وزارة الصحة إنها نادرة، وعادة ما تكون بسبب تلقيهم لفرص عمل في مؤسسات حكومية أخرى كمستشفى جامعة السلطان قابوس والمستشفى العسكري وكذلك الخدمات الطبية بديوان البلاط السلطاني بينما وصل البعض الآخر لسن التقاعد. فيما لم تشر إلى أسباب أخرى تتعلق بصعوبة الوظيفة أو طبيعتها أو قلة الحوافز.

لا تأثير على جودة الخدمات

وأكدت وزارة الصحة على أن هذه الاستقالات ليس لها تأثير على جودة وكفاءة الرعاية الصحية المقدمة، وإنها تعمل على توفير البديل من قائمة الانتظار للأطباء الذين اجتازوا الاختبارات التحريرية والمقابلات الشخصية فور اعتماد استقالة الموظف مباشرة. من جهة أخرى أوضحت وزارة الصحة أن بعض المتقاعدين يلتحق بالقطاع الصحي الخاص للعمل لساعات معينة غاية الحفاظ على مستواهم الإكلينيكي.

استقالات التربية

بدورها أوضحت وزارة التربية والتعليم أن أسباب الاستقالات لديها بناء على طلب شخصي من الموظف، وأن جل المستقيلين من العمانيين هم ممن أكملوا المدة المحددة للتقاعد حسب قانون الخدمة المدنية رقم (120/‏‏2004)، وبالتالي فهم يرغبون في التمتع بالمزايا التي تقدم لهم بعد الخدمة، كما أن بعضهم يشير إلى رغبته في التفرغ لشؤون أسرته أو لإدارة أعماله ومشاريعه الخاصة، أو الجمع بين مزايا ما بعد الخدمة ومزاولة عمل آخر في إحدى المؤسسات الخاصة.

وقال خلفان بن محمد الغيثي مدير عام المديرية العامة للشؤون الإدارية بالوزارة: إن الاستقالات تركزت في وظائف الهيئة التدريسية والوظائف المرتبطة بها، وأغلبهم من الإناث.

وأوضح أن عدد الاستقالات والمنتهية خدماتهم من المعلمين والمعلمات العمانيين حتى تاريخ 1/‏‏9/‏‏2017م بلغ 182 حالة من المعلمين و641 حالةً من المعلمات.

واعتبرت وزارة التربية والتعليم الاستقالات التي تشهدها سنويا دورة طبيعية للموظف وفي حدود الأعداد المتوقعة وقال الغيثي: الوزارة تضم عددًا كبيرًا من الموظفين بالمقارنة بوزارات الدولة الأخرى، وللموظف الحق بتقديم طلب استقالته من وظيفته كتابة حسب رغبته الشخصية، وأغلب الاستقالات كانت بسبب إكمال الموظف للمدة القانونية لاستحقاقه للراتب التقاعدي والرغبة في التفرغ لشؤون الأسرة أو لظروف خاصة لصاحب الطلب. فيما لم يشر المسؤول بوزارة التربية إلى أسباب أخرى تتعلق بصعوبة الوظيفة أو طبيعتها أو قلة الحوافز فيها أو بيئة العمل.

الاستقالات ليست عشوائية

أما بالنسبة لتأثير الاستقالات على جودة وكفاءة الخدمات التعليمية فأشار إلى أن عملية الاستقالات بالوزارة لا تتم بطريقة عشوائية، ولكن وفق آلية تنظيمية لذلك حيث حددت فترة زمنية لاستقبال طلبات الاستقالة ولا تقبل إلا بنهاية العام الدراسي (خاصة للهيئة التدريسية) وذلك مراعاة لعدد من الأمور المهمة، ومنها عدم تأثر العملية التعليمية في حال تم قبول الاستقالات أثناء العام الدراسي.

وحتى يمكن تحديد الأعداد المطلوب التعويض عنها من التعيينات الجديدة من الخريجين العمانيين أولاً، وقال إنه في حال وجود نقص في أحد التخصصات يتم تغطيته من غير العمانيين (الوافدين) عن طريق لجان الإعارات والتعاقدات.

وأوضح مدير عام المديرية العامة للشؤون الإدارية بوزارة التربية والتعليم انه يتم معالجة الشواغر في الوظائف التي يخلفها المستقيلون من الكوادر العمانية من خلال التعيينات الجديدة من الخريجين العمانيين أولًا، وفي حال وجود نقص في أحد التخصصات يتم تغطيته من غير العمانيين (الوافدين) عن طريق لجان الإعارات والتعاقدات.

وأشار إلى أن إجمالي عدد الاستقالات من العمانيين وغير العمانيين وفقًا لآخر الإحصائيات بتاريخ 2/‏‏10/‏‏2017م بلغ (823) استقالة، معتبرة هذا العدد في حدود المعدلات الطبيعية لطلبات الاستقالة المقدمة سنويًا لهذه الفئة من الموظفين، وجاءت الإناث أكثر من الذكور في عدد الاستقالات، وعزت الوزارة ذلك لظروفهن الأسرية والاجتماعية.

وقال الغيثي: إن معظم المستقيلين من العمانيين الذكور هم من الذين أكملوا المدة المحددة للتقاعد حسب قانون الخدمة المدنية (120/‏‏2004) وهي (20) سنة، بهدف التفرغ لأعمالهم ومشاريعهم الخاصة. كما أنه في بعض الأحيان تتم الاستعانة بهم حسب رغبتهم الشخصية للعمل بنظام الأجر لتغطية بعض أنواع الإجازات ومنها (إجازات الوضع /‏‏ وإجازة بدون راتب والإجازة الدراسية).

البلديات لم ترد

عمان تواصلت أيضًا مع المسؤولين في وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه للإجابة على أسئلة التحقيق الصحفي لتوضيح طبيعة الاستقالات التي تتم لدى الوزارة وأسبابها ودوافعها وتأثيرها على جودة الخدمات والإجراءات التي تقوم بها لملء الشواغر وخططها في عمليات التعاقب والإحلال لكن لم تتلق عمان أي رد حتى وقت نشر التحقيق.

مخاوف من تغيير نظام التقاعد

وعزا الدكتور خالد بن سعيد العامري الأستاذ المساعد في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة السلطان قابوس حركة الاستقالات كسبب لانتهاء الخدمة إلى ما يقدمه نظام التقاعد من منافع مغرية تحفز على التقاعد المبكر للاستفادة منها في تأسيس مشروع خاص أو الالتحاق بعمل آخر في القطاع الخاص، لافتا إلى أن السلطنة يتوفر لديها نظام يعتبر من أفضل الأنظمة من حيث المزايا التقاعدية لان نسبة الاشتراكات مقارنة بالمنافع تحفز على التقاعد أو التقاعد المبكر.

كما أرجع الدكتور العامري ارتفاع عدد الاستقالات خلال السنوات الأخيرة إلى ما قد يكون من مخاوف في تغيير متوقع لنظام التقاعد بحيث يتماشى مع الوضع الاقتصادي للدولة وقدرتها على تحمل المصاعب المالية.

وقال: إن مفهوم التقاعد ليس بحبوحة أو رفاه اجتماعي وإنما ضمان ضد خطر العجز أو الإصابة أو الشيخوخة ولكن ما يحدث حاليا أنه مكافأة أو رفاه اجتماعي بينما يفترض أن تكون المدخلات التي تمثل اشتراكات العاملين في مستوى المخرجات والتي تمثلها منافع التقاعد.

واعتبر أن بيئة العمل التي لا توفر مناخًا إيجابيًا ودافعًا للتطوير الوظيفي قد تكون سببا لمغادرة أصحاب الخبرات وذوي المهارة والكفاءة إلى بيئات عمل اكثر جاذبية وأوضح أن من يتخذ قرار التقاعد مستقيلا فلابد أن يكون ممن لديه الخبرة لينتقل إلى عمل في القطاع الخاص أو لديه مصدر دخل آخر أو غير قادر على العمل.

واعتبر الأستاذ المساعد في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة السلطان قابوس أنه ليس من السهولة بمكان توفير البديل للشواغر التي يخلفها المتقاعدون من حملة الشهادات العليات وأصحاب الخبرة والكفاءة معربًا عن أمله أن تكون هناك احصائية في هذا الجانب ولكن استنادا للمنطق قال ان ايجاد البديل ليست مهمة سهلة وخاصة في التخصصات النادرة والفنية البحتة فمثلا الطبيب دراسته تستغرق سبعة أعوام ثم يحتاج سنوات للتدريب حتى يصبح طبيبا عاما ثم سنوات أخرى للتخصص ثم فترة أخرى ليصبح استشاريًا وبالتالي فان استقالته فجأة تعتبر خسارة كبيرة لا تقتصر على الجوانب المادية والمعاش التقاعدي فحسب وإنما في مسألة انتقال الخبرات.

خطة تعاقب

وحذر العامري من التقاعد المفاجئ وغير المخطط وتولي أشخاص لا يتمتعون بالخبرة اللازمة زمام الأمور؛ لأن هناك خبرات ليس من السهل الاستغناء عنها أو تعويضها بسرعة.

وأكد على ضرورة تنظيم هذه العملية ووضع خطة تعاقب بالنسبة للعمانيين وإحلال بالنسبة للوافدين وخاصة في الوظائف الحساسة والنادرة وفي وظائف الأطباء والجراحين.

وقال: كواقع لا توجد خطط تعاقب في القطاع المدني ما عدا في القطاع العسكري خاصة في الاختصاصات النادرة والخبرات الحساسة ففي الخدمة المدنية لا توجد خطة واضحة متى يتقاعد الموظف فمتى ما استوفى الشروط يمكنه أن يكمل أو يتقاعد. وقال: إذا لم يكن هناك خطة فستكون الخسائر ليست فقط مادية وإنما في جودة الخدمات وانتقال المعلومات والخبرات.

الجدير بالذكر أن صندوق تقاعد موظفي الخدمة المدنية توقع في تقريره الإحصائي السنوي في يونيو الماضي 2017 أن ترتفع حالات التقاعد بسبب الاستقالة بنهاية العام الحالي 2017 لتبلغ ما مجموعه 2305، دون ذكر الأسباب التي سوف تدفع هؤلاء للاستقالة.

الطريف في الأمر أن المصادر الإحصائية نفسها توقعت أيضًا أن ترتفع حالات التقاعد بسبب الوفاة في 2017 لتصل 225 حالة بزيادة 169 حالة!.