عمان اليوم

خـريـجـون جـامـعـيـون يـؤكـدون: الـعمـل الخـاص هـو الـمـستـقـبل

06 نوفمبر 2017
06 نوفمبر 2017

طلبة الأمس.. رواد اليوم -

ترجم خريجو جامعة السلطان قابوس ما تعلموه خلال فترة دراستهم على أرض الواقع، حيث استقوا من العلم فكرًا وخبرة، تخرجوا والتحقوا بقطار العمل وهم يرددون «إننا نصنع مستقبلنا إننا نحقق طموحاتنا»، وهم اليوم حققوا أهدافهم، طلبة الأمس أصبحوا رواد أعمال اليوم، فكيف وصلوا إلى ما هم عليه اليوم؟ سؤال يجيب عليه هؤلاء الرواد.

سيف بن أحمد المنجي خريج عام 2013م، بكالوريوس إدارة ـ كلية التجارة والاقتصاد سابقًا (الاقتصاد والعلوم السياسة حاليًّا)، يعيد ذكرياته عندما توظف فور تخرجه مباشرة في شركة دليل للنفط في قسم الموارد البشرية. تعلم سيف الكثير في وظيفته إلى أن فُتح أمامه الباب لينتقل إلى القطاع العسكري الذي أضاف له الكثير من المهارات المختلفة كليًّا عن المهارات المكتسبة في القطاع الخاص.

رغبته الشديدة في بدء مشروعه الخاص حالت بينه وبين إكمال مسيرته في القطاع، فرجع للعمل في القطاع الخاص، وهو يلحظ في قطاعات عديدة مشكلة عدم مواءمة بعض مخرجات التعليم لسوق العمل، خاصة مع النمو المتسارع للسلطنة في البنى الأساسية بعد 2011م، ومن هنا يقول سيف: «أردت المساهمة في حل هذه المشكلة، فارتأيت أن أحد الحلول هو تشجيع الأطفال على تعلم العلوم، والتكنولوجيا، والهندسة والرياضيات عن طريق ربط المفاهيم الأكاديمية الدراسية بتطبيقاتها العملية في الحياة اليومية بشكل ممتع ومسلٍ مما يترك أثرًا كبيرًا ودائمًا في نفوس الأطفال، خصوصًا إذا ما تم التركيز على الفئات العمرية الصغيرة». قرر المنجي بعدها التوجه إلى الولايات المتحدة للبحث عن أفضل المناهج المتاحة، ومن بعدها أسس (مركز الهندسة للأطفال) لتعليم الأطفال من عمر ٤ سنوات إلى ١٤ سنة الهندسة من خلال حلقات العمل والمخيمات الصيفية وبرامج ما بعد المدرسة.

وعن استقرار هذا المركز يقول المنجي: «بعد نمو المركز وحاجته للتركيز استقلت من وظيفتي في (تكاتف)، وبدأت التركيز في المشاريع التجارية الخاصة وأنا على طريق النجاح». مشيرًا إلى أن العمل في المرحلة الحالية يقوم على تأسيس شركات أخرى في مجال التكنولوجيا والتعليم.

وتحدثت زوينة بنت سلطان الراشدية، بكالوريوس في الصحافة والإعلام ـ كلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس عن دراستها قائلة: «أهلتني دراستي في هذه الجامعة وأسستني للعمل بعد التخرج في سوق العمل». شغلت زوينة عدة مناصب حكومية وخاصة، وتدير حاليًا مشروعها الخاص وهو مشروع استثماري تطويري تسويقي للحرف التقليدية العُمانية، وحول ذلك تقول: «بدأت هذا المشروع من المنزل إلى شركة متوسطة حاليًّا (العالمية للمنتجات الحرفية)، وهي شركة متخصصة في استثمار وإنتاج وتطوير وتغليف المنتجات الحرفية العمانية وتسويقها محليًّا وعالميًّا مثل المنتجات الجلدية والسعفيات والأقمشة والفضيات والنسيج وغيرها من المنتجات التي تُصنع محليًّا بوساطة الحرفيين العمانيين».

وأوضحت «إن تلبيتنا للاحتياجات الفريدة لزبائننا خاصةً أثناء المناسبات من شأنه أن يسهم في الحفاظ على التراث العماني ودعم الاقتصاد المحلي في القطاع الحرفي، ونسعى إلى أن نكون منصة عالمية لعرض المنتجات العمانية في مختلف أنحاء العالم». قطعت زوينة شوطًا كبيرًا في مجال ريادة الأعمال، ومن أهم المنجزات التي حققتها أن أصبحت أول شخصية تحصل على جائزة أفضل رائدة أعمال وذلك لمدة عامين متتاليين في 2015 و2016.

بدأ المهندس عثمان بن مكتوم المنذري مشواره في الجامعة بدراسته في كلية الهندسة، تخصص هندسة الميكانيكا والصناعة، ويقول: «لبى هذا التخصص طموحاتي في أن أتعلم وأتقن كل ما يحتاجه المهندس لصنع الابتكارات في المجالات الإلكترونية والميكانيكية والبرمجية معًا». وخلال فترة دراسته كان عثمان نشطًا في الجماعات الطلابية، فقد شارك في تأسيس جماعة البرمجيات الحرة والمفتوحة المصدر، وأسس بالتعاون مع زملاء الدراسة: عبدالله السعيدي ووليد السعيدي وعاطف البلوشي (شركة إنوتك)، لتكون بداية انطلاق الشركة من مقاعد الدراسة كمثل الكثير من الشركات العالمية. تختص (إنوتك) بتوفير أحدث خدمات التصنيع والبحث والتطوير، كما تقوم بتطوير منتج تعليمي بهدف إيجاد حلٍّ شامل لتوفير تدريب عملي لمهندسي الإلكترونيات حول العالم في منتج واحد. ويتحدث هنا عثمان عن العوامل التي ساهمت في تأسيس إنوتك قائلا: إن انضمام الشركة لبرنامج «الخلية» الذي تقدمه الشركة العمانية الهندية للأسمدة هو الذي ساهم في تأسيس الشركة وتدريب مؤسسيها، فضلًا عن المنحة المالية المقدمة من البرنامج والتي ساعدت في بدء تصنيع أول منتجات الشركة «صندوق الابتكار».

عمل عثمان بعد أن تخرج عام 2014م في شركة شلمبرجير الدولية لخدمات النفط في عدد من دول الخليج شملت كلا من السعودية والإمارات والبحرين والكويت. بعدها قرر أن يتخذ قرارًا بالتفرغ لإدارة إنوتك وهو ما شكَّل نقلة كبيرة للشركة وسرع من نموها والاقتراب من تحقيق هدفها الرئيسي وهو توفير منتجاتها في الأسواق العالمية. وفي حين تعيش إنوتك لحظات الانطلاق من كونها شركة ناشئة تعمل محليًّا لتكون شركة تبيع منتجاتها حول العالم، يؤكد عثمان على أهمية ما تعلمه في حياته الجامعية من دراسة مواد هندسية، ومن تجارب وخبرات عديدة اكتسبها في الجماعات والأنشطة الطلابية، كما أن فريق مؤسسي إنوتك تعرفوا على بعضهم في مقاعد الدراسة فكانت نواة انطلاقة الشركة من هذه البيئة التي كان لها الدور الكبير في تأسيسها. وأخيرًا يقول عثمان: «آمل أن يكون هناك المزيد من الجهود لتعزيز ثقافة ريادة الأعمال عبر المناهج الدراسية واستثمار المزيد من الدعم للجماعات والأنشطة الطلابية».

عمار بن سالم السديري خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، تخصص إدارة، كان قد أسس المشروع الخاص به في سنته الدراسية الأخيرة، وبالتعاون مع مجموعة من زملائه في الجامعة استطاع تكوين فريق عمل لمؤسسة (مسار تك) يعمل من خلاله بشكل جزئي على إنهاء الأعمال والتواصل مع الزبائن. المؤسسة تعمل في قطاع تقنية المعلومات وتستهدف المؤسسات الحكومية والهيئات والشركات الخاصة بوصفهم زبائن رئيسيين، استطاع عمار بفضل الجهود المبذولة من عمل شراكات مع مؤسسات عالمية في هذا القطاع ان يتوسع في الإطار المحلي.

وعن فكرة المؤسسة يقول السديري: «نشأت الفكرة بعد العمل ضمن فريق طلابي داخل الجامعة قمنا فيه بدراسة سوق تقنية المعلومات وتحليل البيانات المتوفرة في هذا القطاع»، واتجه عمار بعدها لتأسيس هذا المشروع للعمل في المناقصات والمشتريات الحكومية وفي شركات القطاع الخاص، حيث يقدم خدمات في تقنية المعلومات والبرامج والحلول المتكاملة حسب طلب الزبائن، ويضيف قائلا: «نحن الآن في تعاون دائم مع جامعة السلطان قابوس من خلال العمل على تهيئة البنية الأساسية التقنية داخل الجامعة وتجهيزها بشكل متكامل للطلبة والطاقمين الإداري والأكاديمي، وهذا دليل على دعم الجامعة لشبابها من خلال توظيف إمكاناتهم في المشاريع الرئيسية التي تعمل عليها الجامعة».

اختار عمار العمل في مؤسسته الخاصة لعلمه التام بأن العمل الخاص والريادي يجعله في مرحلة تعلم دائمة حتى بعد تخرجه من الجامعة، ويقول: «هذا أمر أركز عليه شخصيًّا لأن سوق العمل كما عرفته وأراه يركز وبشكل كبير على المهارات والعلوم التي يكتسبها الفرد في حياته اليومية إلى جانب معرفته الأكاديمية، والمتابع لسوق العمل العالمي يعي جيدًا أن هناك تحولات كبيرة في أساليب العمل خاصة في عصر التقنية الذي نعيشه الآن، هذا فضلا عن الخبرات اليومية التي أكتسبها من خلال تعاملي الدائم مع كبرى شركات قطاع التقنية في المنطقة».

ومن خلال دراسته الجامعية عمل عمار في العديد من الجماعات الطلابية التي صقلت مهاراته في القيادة والإدارة إضافة إلى القدرة على تحمل المسؤولية واتخاذ القرار، وهو أمر ينعكس بشكل يومي على حياته العملية الحالية، فضلا عن المشاريع الأكاديمية العملية التي كانت تحاكي العمل بشكل مستقل من خلال القدرة على اتخاذ القرارات المبنية على المعلومات والتحاليل الصحيحة، والممارسات الإدارية والمالية التي هي جزء رئيسي من هيكل أي مؤسسة تسعى إلى النجاح والتطور.

وفي ختام حديثة يقول السديري: «أؤكد هنا أن العمل الخاص به تحديات كبيرة جدًّا وهو أمر ممتع لأنه ومع كل تحدٍّ جديد هناك خبرة جديدة تضاف إلى رصيد الخبرات المتراكمة، وهو يحتاج إلى شجاعة كافية ليس فقط للخوض فيه، إنما للاستمرار والمواصلة برغم التحديات».

أما آلاء بنت الوليد الهنائية، تخصص هندسة زراعية ـ كلية العلوم الزراعية والبحرية، فبدايتها في البحث عن نفسها كانت منذ الصغر، فهي تحب أن تبحث عمَّا يميزها عن غيرها، وعن هذا تقول: «تيقنت أنني أملك فن التنسيق والتنظيم، فوجدت أني أجيد مزج الألوان في مختلف الأشياء، واستمررت في البحث والتعمق أكثر في قدراتي حتى وجدت نفسي أنني أجيد تغليف وتنسيق الهدايا.. وهنا كانت البداية».

بدأت آلاء فعليًّا بتقديم خدمة تغليف الهدايا خلال دراستها البكالوريوس، لم تكن الدراسة عائقًا في ممارسة هوايتها، لكن بالنسبة لها تجديد في الحياة بشكل عام ومتنفس لها من ضغط الدراسة بالتحديد، إلى أن أنهت دراستها. لم يكن طموحها مطلقًا أن تلتحق بوظيفة حكومية أو خاصة بل قادها ميولها للعمل الحر والتوسع فيه أكثر، فالتحقت ببرنامج الخلية وهو أحد البرامج التي تحتضن المشاريع الصغيرة والمتوسطة بإشراف من أشخاص متخصصين في ريادة الأعمال.

ومضت الأيام إلى أن رغبت آلاء في إكمال دراستها، إذ تقول: «كانت رغبة فقط في أن أدرس وأرتفع درجة أخرى في العلم، وليس للبحث عن وظيفة». فقُبلتْ في تخصص البكالوريوس نفسه، ماجستير العلوم في الهندسة الزراعية بكلية الزراعة والعلوم البحرية في الجامعة، وها هي تحتفل هذه الأيام بتخرجها بعد أن أكملت رسالتها.

حصلت آلاء على فرصة شراكة في محل لتغليف الهدايا والزهور، ودخلت في هذه الشراكة وهي تملك الآن محلها (زهور الأمراء). بهذا المحل اكتسبت آلاء خبرات أكبر وأوسع. وتوسعت خدماتها التي تقدمها، فشملت تغليف الهدايا والزهور والحلويات، وأيضا تقديم بعض حلقات العمل للأطفال في مختلف مجالات التغليف والأشغال اليدوية.

وأخيرًا تقول آلاء الهنائية: «عندما تحين الفرص، اغتنمها ولا تتعلل بدراسة أو بعمل.. فقط ابدأ وثابر وتوكل على الله وستجد أنك بالفعل على طريق النجاح، وحصيلة الشيء أجمله عندما يكون نتاج ضغط وتعدد في الأعمال، لأنها تعلمك أن تنظم وقتك أكثر وأن تنتج أسرع».