الملف السياسي

الإنسان.. أولوية التنمية

06 نوفمبر 2017
06 نوفمبر 2017

د. محمد رياض حمزة -

في خطاب جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- أمام مجلس عمان في 31/‏‏10/‏‏2011 جاء ما نصه «لقد أكدنا دائما اهتمامنا المستمر بتنمية الموارد البشرية وذكرنا أنها تحظى بالأولوية القصوى في خططنا وبرامجنا، فالإنسان هو حجر الزاوية في كل بناء تنموي وهو قطب الرحى الذي تدور حوله كل أنواع التنمية إذ إن غايتها جميعا هي إسعاده وتوفير أسباب العيش الكريم له وضمان أمنه وسلامته ولما كان الشباب هم حاضر الأمة ومستقبلها فقد أوليناهم ما يستحقونه من اهتمام ورعاية على مدار أعوام النهضة المباركة حيث سعت الحكومة جاهدة الى أن توفر لهم فرص التعليم والتدريب والتأهيل»

حسب أحدث إحصاءات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات بلغ عدد المواطنين العمانيين مليونين و469 ألف نسمة.. وتبلغ نسبة النمو السكاني للسلطنة 3% سنويا. ويوصف الهرم السكاني في السلطنة بفتوة السكان. إذ نسبة الشريحة السكانية بين سن 15 إلى 30 سنة تمثل 5.6 % من جملة المواطنين. تنبهت حكومة السلطنة لهذا الواقع فأنشأت مؤسسات وأغدقت تمويلا يتناسب مع «فتوة السكان» من خلال خطط التنمية الخمسية التي أولت اهتماما خاصا بالتنمية البشرية وسبل تعزيزها. فالمؤسسات التي تسهم في تعزيز التنمية البشرية تشمل المؤسسات الصحية من المستشفيات العامة والخاصة والمجمعات الصحية والمراكز الصحية التي تتجاوز عددها الستين، والتي تنتشر في محافظات وولايات السلطنة كافة. وتأتي المؤسسات التعليمية لمراحله كافة. ففي السلطنة 64 جامعة وكلية جامعية ومعاهد ومراكز للتعليم الأكاديمي والتقني. ولم يقتصر جهد القطاعين العام والخاص في رعاية التنمية البشرية على قطاعي الصحة والتعليم من خلال التدريب الذي يمثله معهد الإدارة العامة الذي يقدم خدمات التدريب على مدار السنة. فضلا عن برامج التدريب التي تتواصل في الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة إضافة إلى العشرات من معاهد ومراكز التدريب الخاصة. وبقدر اهتمام حكومة السلطنة بالتنمية البشرية فإن اهتمامها بالقوى العاملة الوطنية وتشغيلها وتمكينها من سبل العيش الكريم من خلال تنفيذ خطط التعمين والإحلال. فوزارة القوى العاملة والهيئة العامة لسجل القوى العاملة تواصلان التنسيق بين منشآت القطاع الخاص وبين الباحثين عن عمل لتوفير فرص العمل. وحتى نهاية سبتمبر 2017 بلغت نسبة التعمين 33 % للقوى العاملة الوطنية إلى جملة القوى العاملة في السلطنة. وجاءت أفضل القطاعات تحقيقا لنسب التعمين حتى نهاية سبتمبر 2017م. الأنشطة المالية وأنشطة التأمين 81%. وأنشطة الوساطة المالية والتأمين 80%. وإمدادات الكهرباء والغاز والبخار وتكييف الهواء 71%. والتعدين واستغلال المحاجر 62%. والإدارة العامة والدفاع والضمان الاجتماعي الإلزامي 40.1%.. والمعلومات والاتصال 39%. وقطاع التعليم 30%. والأنشطة المهنية والعلمية والتقنية 23.3%.. وإمدادات المياه وأنشطة الصرف الصحي وإدارة النفايات ومعالجتها 19%. والنقل والتخزين 18%.

وأنشطة الخدمات الإدارية وخدمات الدعم 18%. وبلغت نسبة التعمين في الوظائف القيادية في القطاع الخاص (24.3%). ومن خلال 12 لجنة قطاعية للتعمين تشمل كافة أنشطة الاقتصاد الوطني تواصل وزارة القوى العاملة العمل على تأمين فرص العمل للمواطنين في القطاع الخاص.

وتنفيذا لقرار مجلس الوزراء الموقر في عام 1999 بوجوب صدور دوري لتقارير التنمية البشرية في السلطنة، فقد صدر إلى جانب الإصدارات السنوية لتطور التنمية البشرية للمركز الوطني للإحصاء والمعلومات، فقد صدر عن وزارة الاقتصاد الوطني، ومن ثم المجلس الأعلى للتخطيط ، تقريران عام 2003 و2012 اعتبرا من الوثائق العلمية التي تبناهما كل من «برنامج الأمم المتحدة للتنمية»- (UNDP) ومكتبة الكونجرس الأمريكي.

واعتبرت السلطنة التنمية البشرية من بين أولويات الانفاق العام وفق المعايير التالية:

ــــ رعاية الأمومة والطفولة: يعتبر هذا المعيار أساسا للعناية بالإنسان في المرحلة الأولى من حياته وقد أقرنت الأمومة بالطفولة على اعتبار أن الواجب الإنساني أن تبدي المجتمعات قدرا أوسع من الرعاية وأنفاقا كافيا يؤمن للأم ووليدها، وهناك تشريعات وقوانين عمانية تعطي هذه المرحلة إنفاقا أكبر من المال العام لتلبية المتطلبات المعيشية والصحية للأم وللطفل.

ـــــ الرعاية الصحية العامة: من بين المعايير التي تأخذ ترجيحا مهما بين معايير المفاضلة في التنمية البشرية هي معايير مدى توفّر الرعاية الصحية ونشر الوعي الصحي بين مواطني الدولة. وفي السلطنة تعتبر الرعاية الصحية مجانية الأمر الذي مد متوسط العمر لمواطني السلطنة إلى 72 عاما للمرأة و70 عاما للرجل.

ـــــ التربية والتعليم: ويأتي هذا المعيار مساويا لمعيار الأمومة والطفولة من حيث الأهمية، إذ يعتبر التعليم حق الإنسان الذي يجب أن يقدمه المجتمع للمواطن بما يعده مواطنا صالحا عارفا بحقوقه وقائما بواجباته. ونجد أن التعليم في السلطنة مجاني بمراحله كافة فضلا عن الدعم المالي للإطعام والإسكان في التعليم العالي.

ـــــ حق العمل والتشغيل: لم يتوقف الجهد الحكومي في السلطنة لتوفير فرص العمل في القطاعين العام والخاص للقوى العاملة الوطنية فتجاوز عدد القوى العاملة الوطنية على نظام الخدمة المدنية في القطاع العام 200 ألف مواطن ومواطنة. وفي القطاع الخاص 232 ألفا و534 مواطنا ومواطنة حتى نهاية سبتمبر 2017.

ـــــ نظم رعاية المسنين وذوي الإعاقة: ومن بين المعايير الجديدة التي أضيفت لمعايير التصنيف (مدى رعاية المواطنين المسنين وذوي المعوقين)، فالسلطنة تكفل مستوى معيشيا وصحيا لائقا إنسانيا لهذه الفئة من مواطنيها.

فقد بلغ عدد مراكز رعاية المواطنين ذوي الإعاقة (23) مركزا في مختلف أنحاء السلطنة وقد بدأت هذه التجربة منذ عام 1989م وتعمل على تنفيذ برامجها من خلال العمل التطوعي في المجتمعات المحلية، ويبلغ عدد المستفيدين من خدماتها للعام التأهيلي الحالي حوالي (2173) معوقا ومعوقة وتقدم هذه المراكز خدماتها التأهيلية والرعائية من قبل كادر متطوع تم تأهيله بدورات تدريبية تخصصية. وأهم خدمات وأنشطة المراكز هي: تدريب الأطفال على مهارات الحياة اليومية والاعتماد على النفس. وتنمية وعي الطفل وتعديل السلوك الاجتماعي. وتهيئة الطفل للالتحاق بالمؤسسات التعليمية والتدريبية.

والعمل على دمج الأطفال ذوي الإعاقة في المجتمع المحلي. وتوجيه وإرشاد الأسر ونشر الوعي المجتمعي بقضايا الإعاقة.

كما كفلت نظم التقاعد والتأمينات الاجتماعية في القطاعين الحكومي والخاص للمواطنين ضمان حماية اجتماعية للفرد والأسرة والمجتمع في ظل نظام تأميني قائم على مبادئ العدالة والتكافل الاجتماعي، ويتسم بالشمولية والديمومة.