1152695
1152695
المنوعات

جولة وراء كواليس مسرح البولشوي الروسي الصاخب المثير للجدل دوما

04 نوفمبر 2017
04 نوفمبر 2017

موسكو «د.ب.أ»:- يدق عاملٌ المسامير الأخيرة في مصعد المسرح قبل ساعات من تقديم أوبرا «بوريس جودونوف» لموديست موسورجسكي. تبدو الألواح الخشبية الرمادية مبتذلة على نحو غريب أمام الجص المذهب في صالة العرض. لكنها -الألواح- تبدو كأرضية جميلة للرقي الفني الذي يتمتع به مسرح البولشوي ذائع الصيت في العالم أجمع.

وقالت كاترينا نوفيكوفا المتحدثة باسم البولشوي: «إن المكان هنا خطير للغاية، بحق»، خلال جولة وراء الكواليس في المعلم الرئيسي قشدي اللون الواقع بموسكو قرب الميدان الأحمر والكرملين. يجري تعليق زخارف ثقيلة فوق خشية المسرح، ويهرول عمال المسرح جيئة وذهابا وهم يحملون سيوفا مزيفة من النوع المستخدم في المسرح.

يتدرب راقصو وراقصات الباليه في غرف جانبية. ويبلغ عدد الراقصين من بين فرقة المسرح التي يصل عدد موظفيها إلى 3000 فرد، أكثر من 200 راقص وراقصة.

يحلم العديد من الفتيات والفتيان الروس بالالتحاق بأكاديمية موسكو الحكومية للرقص، والتي توفر معظم راقصي الباليه للبولشوي. وإذا نجحوا، فسيمضون ما يقرب من 20 عاما من التدريب البدني الشاق.

وقالت نوفيكوفا: «يعتزل الراقصون البارعون في سن الـ 35 أو 38»، حيث لا يمكن أن تتحمل أجسادهم المزيد من المجهود المضني، ناهيك عن الضغط النفسي.

قالت داريا راقصة البالية البالغة من العمر 25 عاما: «أحيانا تؤلمني أصابع قدمي، وأحيانا يؤلمني جسدي كله. ولكن بإمكاني الرقص في البولشوي، لذا فالأمر يستحق». تتدرب داريا بجد كل يوم تقريبا على أمل الحصول على دور رئيسي أو رقصة منفردة. يكفي خطأ واحد أو زيادة في الوزن لإنهاء مسيرتها الناشئة قبل الأوان.

وأضافت: «يعتاد جسدك الألم».

عندما افتتح مسرح البولشوي موسمه رقم 242 في سبتمبر الماضي، جمع مديره العام، فلاديمير أورين، فرقتي الأوبرا والباليه مجددا، بالإضافة إلى الموظفين الآخرين، ليركزوا أذهانهم على المهام المقبلة. وفي حين استعاد المشهد الثقافي الروسي حيويته عقب الركود الصيفي السنوي، لم يحصل البولشوي على متنفس إذ لم ينقطع ذكره في عناوين الأخبار.

في يوليو، قرب نهاية الموسم الماضي، صدم أورين عالم الباليه بإلغائه العرض الأول لـ «نوريف» في اللحظة الآخيرة، ويروي العرض حياة الراقص الروسي الشهير رودولف نوريف.

وأعلن أورين أن عرض الباليه «ليس جاهزا». وفي وقت لاحق، اتهم كيريل سيربرينيكوف مدير العرض باختلاس أموال حكومية فى مسرح آخر وتم وضعه قيد الإقامة الجبرية. وخمن كثيرون في المشهد الثقافي في موسكو أنه تم اعتبار الموضوع الرئيسي لعرض الباليه غير مناسب لمسرح البولشوي المبجل، نظرا لأن نوريف كان مثليا وهرب إلى الغرب عام 1961.

وكان سيربرينيكوف، المعروف بإخراجه المسرحي الجريء الذي يصطدم بالخط المحافظ السائد في البلاد، ينتقد بشكل متزايد ضغوط الحكومة على الفنون. وفي خضم كل الجدل، لم تحظ الجولات الصيفية التي قامت بها فرق الأوبرا والباليه في البولشوي إلا باهتمام قليل.

يشار إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كثيرا ما يصطحب أعضاء هذه الفرق خلال الزيارات الأجنبية كوفد ثقافي مرافق.وشكا أحد موظفي البولشوي قائلا: «إن الأمر يتعلق دائما بسيربرينيكوف، وكأن ليس ثمة شيء آخر ذو صلة». وطالما كان للبولشوي، الذي يعني «كبير» بالروسية، باع طويل في المنافسات والمكائد.

في عام 2013، أدين راقص رئيسي بالترتيب لهجوم بالحمض ضد سيرجي فيلين المدير الفني لفرقة الباليه آنذاك، وصدر ضده حكم بالسجن لستة أعوام. وفي سبتمبر، أعلن أورين أنه سيتم تقديم عرض باليه «نوريف»، بدون سيربرينيكوف، في 9 و 10 ديسمبر. وقال إن المدير الفني وافق على أن يدير يوري بوسوخوف مصمم الرقصات بروفات الرقص الأخيرة.

وفي ذات الوقت، يسرع شاب وراء الكواليس البولشوي محضرا زوجا من التنانير البيضاء الفاخرة إلى إحدى غرف التدريب، وتهرع راقصة باليه متحمسة لمقابلته. وينبعث، صوت سوناتا للبيانو من مؤلفات بيتر تشايكوفسكي من غرفة مجاورة.

ويتصل المبنى الرئيسي لمسرح البولشوي بأربعة مبان ملحقة بواسطة جسور وممرات ملتوية تحت الأرض.

بالإضافة إلى الطوابق السبعة المرئية من الخارج هناك خمسة طوابق تحت الأرض. وهناك بعض المناطق المحظورة حتى على موظفي البولشوي. وذكرت نوفيكوفا أن «دخول غرف معينة لا يسمح به سوى لأعضاء الحكومة فحسب، وربما ضيوف البلاد المهمين».

ويقال إن أثاث هذه الغرف يضم طاولات أثرية وأثاثا منجدا بالمخمل يرجع تاريخه إلى عهد آخر القياصرة نيكولاس الثاني، الذي كان يشاهد الراقصين من المقصورة التي يجلس بوتين فيها في هذه الأيام مع ضيوفه.

وأسست الإمبراطورة كاثرين العظيمة عام 1776مسرح البولشوي، الذي ظل منارة ثقافية تحت حكم القياصرة وشاغلي منصب السكرتير العام للحزب الشيوعي السوفييتي. وتم افتتاح المبنى الحالي عام 1856 يوم تتويج القيصر ألكسندر الثاني.

وتم بناؤه على عجل، على أرض تغطيها المستنقعات، وظهرت به شقوق بمرور العقود. وكان يهدده خطر الانهيار عندما بدأ العمل في إصلاحات تأخر تنفيذها إلى عام 2005.

وكان من المفترض أن يعاد افتتاح المسرح عام 2008، لكن التأخيرات التي يمكن التنبؤ بها بالإضافة إلى تجاوزات في التكاليف يمكن التنبؤ بها أيضا ومزاعم حول فساد أجلت الانتهاء من إعادة الافتتاح إلى عام 2011، بتكلفة وصلت إلى ما يقرب من مليار دولار.

استعاد البولشوي بذخ ما قبل العهد السوفييتي وأنظمة الصوت، وتمت إزالة جميع شعارات المطرقة والمنجل الشيوعية. وأصبح المسرح منطقة شديدة التأمين، حيث يتعين على الموظفين والضيوف على حد سواء المرور عبر أجهزة الكشف عن المعادن، ويحرس أفراد الأمن المداخل.