abdallah-75x75
abdallah-75x75
أعمدة

هوامش.. ومتون : «عيون المها» في «مسقط»

04 نوفمبر 2017
04 نوفمبر 2017

عبدالرزّاق الربيعي -

[email protected] -

لو حدّقنا في المنحوتات السومرية التي تعود إلى 6 آلاف سنة، للاحظنا أمرا لافتا هو تركيز السومري على نحت العيون، وقد يصل إلى حدّ المبالغة لدرجة أنّها تحتلّ مساحة كبيرة من وجه المنحوتة، قد تصل إلى الثلث، والمعروف عن العيون السومريّة أنّها مدورة تميل إلى الاستطالة، وهذه لا تقتصر على وجوه النساء، بل الرجال، والبقر، والجاموس، والغزلان، وقد أسماها مؤرخو الفنّ بـ «العيون السومرية» رغم أن هذه الظاهرة استمرت في العصور اللاحقة كالأكادي، والبابلي، أما في الآشوري، فكما تؤكد الباحثة أمل بورتر أن العيون «أخذت حجمها الطبيعى، ومكانتها الواقعية في مضمون الوجه، والتشريح إلا أنّها تشد الناظر إليها رغم الابتسامة الجميلة على الشفاه، وهذه العيون تتحدث بكبرياء وتحد، تنظر إلى المشاهد في عينيه، تواجهه بصراحة، وقوة  حميمية»، وظلّت العيون سمة بارزة في الفن العراقي إلى عصور متأخرة، حتى أنّ(علي بن الجهم) حين تمشى على نهر دجلة لم يشدّه منظر الماء الجاري، بل استحوذت على تفكيره العيون، فقال بيته الشهير:لو حدّقنا في المنحوتات السومرية التي تعود إلى 6 آلاف سنة، للاحظنا أمرا لافتا هو تركيز السومري على نحت العيون، وقد يصل إلى حدّ المبالغة لدرجة أنّها تحتلّ مساحة كبيرة من وجه المنحوتة، قد تصل إلى الثلث، والمعروف عن العيون السومريّة أنّها مدورة تميل إلى الاستطالة، وهذه لا تقتصر على وجوه النساء، بل الرجال، والبقر، والجاموس، والغزلان، وقد أسماها مؤرخو الفنّ بـ «العيون السومرية» رغم أن هذه الظاهرة استمرت في العصور اللاحقة كالأكادي، والبابلي، أما في الآشوري، فكما تؤكد الباحثة أمل بورتر أن العيون «أخذت حجمها الطبيعى، ومكانتها الواقعية في مضمون الوجه، والتشريح إلا أنّها تشد الناظر إليها رغم الابتسامة الجميلة على الشفاه، وهذه العيون تتحدث بكبرياء وتحد، تنظر إلى المشاهد في عينيه، تواجهه بصراحة، وقوة  حميمية»، وظلّت العيون سمة بارزة في الفن العراقي إلى عصور متأخرة، حتى أنّ(علي بن الجهم) حين تمشى على نهر دجلة لم يشدّه منظر الماء الجاري، بل استحوذت على تفكيره العيون، فقال بيته الشهير:عيون المها بين الرصافة والجسر          جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدريلهذا ليس من المستغرب أن يحمل المعرض الذي أقامه عدد من التشكيليين العراقيين في قاعة النادي الثقافي عنوان «عيون بغداد» اسما له، وجدنا العيون السومريّة تتكرّر في أعمال المشاركين الذين لو دقّقنا النظر في أسمائهم فإننا لا نجد بينهم  اسما واحدا محترفا، فكلّهم يمارسون مهنا مختلفة: أطباء، صيادلة، أطباء أسنان، محامين، مهندسين، مدرّسي فن، جمعهم حبّ الفنّ، وبغداد، ووضعوا نصب أعينهم هدفا مشتركا هو إحياء التراث العراقي، واستحضار أبرز الأماكن المستقرة في الذاكرة، كالحدباء، ونصب الحرية بساحة التحرير ببغداد، والقيثارة السومرية، ومسلة حمورابي، وتمثال كهرمانة، والأربعين حرامي، النصب المستلهم من حكايات ألف ليلة وليلة، ويعد علامة شاخصة في بغداد، وتحوّلت العيون السومرية إلى رقى تزين القلادات، وفضاء الأعمال، كما رأينا في أعمال المحامية أسماء سالم ، وظلال شاكر، ود.عمر المعمار، وراجحة الجبوري، وبسمة قاسم ، ورنا حكمت، وسارة لؤي، ود.ظلال الحوراني طبيبة الأسنان التي أشرفت على المعرض في دورته الثانية، بعد نجاح الدورة الأولى التي أقيمت العام الماضي بالمجموعة نفسها مع غياب أعمال د. جاسم الشيخ، وعادوا اليوم ليكرروا التجربة ، ففرشوا ألوانهم على جدران القاعة التي علّقوا ببوّابتها (بوسترا) حمل اسم المعرض، وإلى الأسفل منه البيت الشهير للشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري:حيّيتُ سفحك عن بعد فحييني                             يا دجلة الخير يا أمّ البساتينفكأنّ المعرض كلّه تحيّة متبادلة من أبناء دجلة، والفرات إلى أبناء عُمان. وعلى إيقاعات المقامات، والشاي المهيّل، والأطعمة العراقيّة التقليديّة، ووسط أجواء تحمل نكهة  المكان، والتراث العراقي، تجوّلنا في المعرض الذي استمرّ يومين، ولاحظنا أنّ المشاركن قد استخدموا عدة أساليب فنية، فالتربوية المتقاعدة راجحة الجبوري اشتركت بأعمال فنية من الفسيفساء، ومشغولات يدوية، وحياكة، وتنوعت أعمال معلمة الفنون التشكيلية بسمة قاسم، بين الواقعي، ورسم الوجوه، والطبيعة، والأزقّة، بينما عرض طبيب الأسنان د.عمر المعمار أعمالا من الفسيفساء تمثل جوانب من بغداد، وشوارعها، ومعالمها الشاخصة، والشيء نفسه فعلت طبيبة الأسنان د. ظلال الحوراني، مع وضع لمساتها في آلية التعبير عنها، منطلقة من انشدادها للموروثات، وقد تميزت أعمال المحامية أسماء سالم بالرسم بألوان الأكرليك، وعلى الزجاج، ومزجت عدّة تقنيات، تناولت خلالها العديد من الموضوعات التي تنطلق من ماضي بلاد مابين النهرين الزاهر، وحاضرها المكتوي بالألم، وكان عملها المستلهم من (مسلّة حمورابي) التي تشكل لها خلفية قانونية في عملها كمحامية، بالغ الدقّة كونها دوّنت القوانين المكتوبة بحروف مسمارية لتشمل ثلثي العمل، وجاءت لوحات المهندسة المعمارية رنا حكمت مرسومة بالألوان الزيتية، لتعبّر عن عوالمها المشدودة إلى المكان الأوّل، أما الصيدلانية سارة لؤي، فقد رسمت على الزجاج أشكالا عديدة، ومن بينها لوحة لخارطة العراق بالحروف، وحفرت الآيات القرانية عليه، لتخرج بأعمال لافتة للأنظار، وتنوعت أعمال معلمة الفنون التشكيلية ظلال شاكر الطائي بين الواقعي، والتجريدي، لتطرح عدّة موضوعات بمختلف الأساليب، مستفيدة من تجاربها السابقة، وخلفيّتها الأكاديميّة، فكانت الأعمال التي شاركت بها تصلح أن تكون معرضا مستقلّا، كما هو الحال مع عدد كبير من المشاركين لتنوّع الأعمال، واشتراكها بثيمة واحدة، هذه الثيمة تستقي ألقها من(عيون بغداد) التي أضاءت قاعة النادي الثقافي بمسقط.