الاقتصادية

تشيلي تواجه الصيد الجائر لإنقاذ نوع محلي محبب من المحار

03 نوفمبر 2017
03 نوفمبر 2017

لا سيرينا (تشيلي) (أ.ف.ب) - يواجه محار ماتشا المستخدم في تحضير أحد أشهر الأطباق في تشيلي وأكثرها شعبية خطرا بسبب الصيد المفرط مما أرغم السلطات على حصر أنشطة اصطياده في مناطق محددة سعيا لإنقاذ هذا النوع المهدد الذي تدهورت أعداده بشكل مقلق. من الحانات المتواضعة على شاطئ البحر إلى المطاعم الفاخرة في العاصمة سانتياغو، لطالما شكل محار ماتشا خيارا أساسيا في أي قائمة للمأكولات البحرية في تشيلي.

وينتشر هذا المحار عند الأرصفة الرملية على طول سواحل تشيلي وجنوب البيرو، ويتم اصطياده بالطريقة التقليدية من جانب رجال ونساء يتحدون الموج والجليد والتيارات البحرية العاتية بشجاعة لانتزاع هذا النوع من الحيوانات البحرية من مياه البحر.

لكن منذ أغسطس تم حظر صيد محار ماتشا في مناطق فالبارايسو وأوهيغينز وال ماولي في وسط البلاد بعد استنفاد كامل المخزونات فيها بسبب الصيد المفرط.

وبات مستقبل المحار رهنا بوضعها في المناطق الواقعة إلى الشمال، حيث ينظر إلى مجموعات الصيادين في لا سيرينا كمثال يحتذى به على صعيد استخدام أساليب صيد مستدامة بعد وضع خطط صارمة لإدارة مواقع صيد الأسماك للمساعدة في عودة المخزونات إلى مستوياتها الطبيعية.

وقال رئيس اتحاد سان بدرو للصيادين في لاسيرينا فرانكلين زيبادا «لقد اختفى محار ماتشا تقريبا في تشيلي، باستثناء منطقة الحفظ هذه، حيث نالت المخزونات عناية خاصة منذ سنوات».

وفي خليج كوكيمبو القريب، أوضح زيبادا أن برنامج الحفظ ونظام الصيد بناء على حصص قد وفرا سبلا لمعيشة 175 صيادا محليا من بينهم 50 امرأة.

وقد أدى نظام الحصص المحدد بحوالي ألف طن في الموسم إلى ارتفاع الأسعار، فيما يحرص مجتمع الصيادين على إعادة أي نوع من محار ماتشا يقل طوله عن ستة سنتيمترات إلى البحر حتى ينضج.

تقنية صيد معقدة

ويعود عامل الجذب لمحار ماتشا للمستهلكين بجزء منه إلى المسار المعقد لاصطياده من المياه الجليدية في فصل الشتاء الجنوبي.

هذه التقنية لا تستخدم فيها صنارات ولا شباك، وهي تقتصر على مجابهة باليد المجردة مع الرخويات في مواجهة التيارات البحرية.

في سان بدرو تتحدى مجموعات الصيادين من الرجال والنساء ممن يسمون «ماتشيراس» بأقدامهم الحافية الرياح والمد والجزر للغوص في مياه البحر الجليدية في الشتاء الجنوبي قبل الوصول إلى الأسفل والمصارعة تحت المياه بحثا عن المحار.

وتعتمد مهارة صياد محار ماتشا الجيد على الخبرة.

وقال زيبيدا «يجب أن يتمتع الصياد بلياقة بدنية للقيام بمهامه، فعليه أن يثبت نفسه على الرمال ويقاوم الأمواج حتى لا يتحرك البحر حوله».

وأوضح لويس كاستيو «أنا أبلغ من العمر 53 عاما، ومنذ سن العاشرة أصطاد محار ماتشا، التفاني هو الذي يجعل الجميع صيادا جيدا»، قبل أن يلقي بغلته على الشاطئ في خليج كوكيمبو.

وفور الخروج من الماء ترسل محار ماتشا إلى مركز إنتاج تديره تعاونية الصيادين، ليفرز تبعا للحجم وينقل إلى المطاعم والمتاجر.

محار بالجبن

من أطباق المأكولات البحرية الشعبية في تشيلي محار ماتشا المطهو مع جبن بارميزان المسال والقليل من عصير الليمون. واستحال هذا الطبق المسمى «ماتشاس الا بارميجانا» الذي ابتكره مهاجر إيطالي أحد أشهر الأطباق في المطبخ التشيلي.

ويحذر خبراء الحفظ من أن المخزونات يجب أن تحفظ بعناية إذا ما أريد لهذه الأطباق أن تستمر.

وكاد محار ماتشا الموجود على امتداد ساحل المحيط الهادئ من جنوب البيرو وصولا إلى جزيرة تشيلو التشيلية أن يزول بالكامل بفعل ظاهرة «إل نينيو» المناخية التي أدت إلى ارتفاع حرارة المحيط الهادئ عامي 1997 و1998.

وعادت هذه المخزونات إلى مستويات كافية في السنوات التالية لتلبية حاجات السوق المحلية وللتصدير، ولكن وفقا لعالم الأحياء البحرية خايمي أغوستو فإن الصيد الجائر يمثل عدوا أكثر خطرا واستمرارية من «إل نينيو».

وقال لوكالة فرانس برس «إذا كان نشاط الصيد كبيرا على الساحل، فلن نخسر محار ماتشا فحسب، بل ربما أنواعا أخرى أيضا». وأوضح اغوستو الذي يعمل على خطة إدارة سان بيدرو أن صيد محار ماتشا غير المنظم ما زال يمثل مشكلة لأن الحظر يصعب تنفيذه على طول هذا الخط الساحلي الطويل.