Untitled-3
Untitled-3
مرايا

نيكولا تسلا.. أبو الفيزياء ومخترع القرن العشرين

01 نوفمبر 2017
01 نوفمبر 2017

إعداد: مروة حسن -

«إنجاز» هو محاولة لتسليط الضوء على إيجابيات في حياتنا قد تكون أنت صانعها أو أنتِ أو شخص قرأت عنه أو سمعت عنه في محيطك، فلا تستهن بالأمر، وتقول ليس بحياتي شيء يذكر، فقد يكون إقلاعك عن التدخين إنجازا، وقد يكون نجاحكِ في تحمل مسؤولية أبنائك بمفردك إنجازا، فحياتنا مليئة بالكثير والكثير، ولكننا نادرا ما ننظر لذلك النور الذي يشع منها، بل إننا كثيرا ما نركز على تلك البقعة المظلمة فيها. الخلاصة أننا في هذا الباب لن نتحدث عن سلبيات أوعن أخطاء، وإن عرضناها ستكون حتما بداية لنجاح وإنجاز لصاحبها ودليلا لمن سيقرأها معنا، وتكون نورًا وبابًا جديدًا للأمل، لذلك اسمحوا لي أن نتعمق سويًا في نجاحاتنا، وتأكدوا أنها مهما كانت بسيطة في نظرنا فإنها قد تكون إنجازًا عند غيرنا، وقد تكون شعاع الأمل للكثير منا. ففي هذا الباب سنعرض إنجازات لمشاهير قد نكون سمعنا عنهم مع عدم إغفال محاولاتهم وإصرارهم على تحقيق النجاح، ولن نقصر الأمر علينا كمسلمين أو عرب، بل سنفتح الباب على مصراعيه ليسع الجميع، لذا سنعرض أحيانا إنجازات لغير العرب ولغير المسلمين كما سنعرض أيضا تجارب شخصية لأفراد بيننا، قد تكون أنت أو أنتِ أعزائي القراء بطلا لأحدها. لذا أتمنى أن تتواصلوا معي بإنجازاتكم سواء الشخصية لكم أو لمن يحيطون بكم أو حتى التي قرأتم عنها، وليس الأمر مقصورًا على عالمنا العربي ولكنه مفتوح على العالم أجمع، فقط ابحث وستجد حتما ولا تستهن بالأمر أبدا، فعمل بسيط تغلبت عليه أنت هو حتما إنجاز ونقطة أمل لغيرك، وكونوا أبطالاً في مقالاتنا القادمة في «إنجاز».

واليوم دعونا نبدأ بسرد قصة جديدة من قصص الإنجازات التي نرصدها في عالمنا الماضي والمعاصر، لذا تابعوا معنا السطور القادمة..

[email protected]

ولد نيكولا تسلا عام 1856 كواحد من خمسة أطفال. حفزت والدة تسلا اهتمامه في مجال الاختراعات الكهربائية، فقد كانت تعمل على الأجهزة المنزلية الصغيرة في وقت فراغها. والد تسلا كان كاهنًا صربيًا وكاتبا، حاول دفع ابنه للانضمام إلى جماعة الكهنة.

ولكن اهتمام نيكولا كمن بشكل مباشر في العلوم. بعد دراسته في النمسا؛ خلال سبعينات القرن التاسع عشر، انتقل تسلا إلى بودابست، حيث عمل لفترة طويلة في مكتب البرق المركزي. وهنالك أتت إليه فكرة المحرك بالحث. وبعد عدة سنوات من المحاولة كسب الاهتمام باختراعاته، قرر تسلا في سن 28 مغادرة أوروبا إلى أمريكا.

وبحسب ما جاء عنه في موقع “أراجيك” فإنه في عام 1884 وصل تسلا إلى الولايات المتحدة وليس معه أكثر من حقيبة ملابس ورسالة تعريف كتبها للمخترع الشهير ورجل الأعمال توماس إديسون، الذي كانت أعماله الكهربائية القائمة على التيار المستمر قد أصبحت منتشرة في البلاد.

وظف إديسون تسلا، وعمل الرجلان بلا كلل مع بعضهما البعض مما أدى للتحسينات على اختراعات إديسون. ومع ذلك وبعد عدة أشهر افترق الاثنان بسبب العلاقة التجارية العلمية المتضاربة، والتي نسبها المؤرخون إلى الاختلاف الشاسع في شخصياتهما. ففي حين أن إديسون شخصية سلطوية ركزت على التسويق والنجاح المالي، كان تسلا خارج السباق التجاري ومهتمًا في الجانب العلمي البحت.

بعد افتراق طريقهما، تلقى تسلا في عام 1885 تمويلًا لبدء شركة تسلا الكهربائية، وكلف من قبل مستثمريه بتطوير تحسين للإضاءة بالقوس الكهربائي.

بعد إتمام ذلك بنجاح، أجبر تسلا على الخروج من المشروع، فتوجب عليه العمل بالأعمال اليدوية من أجل كسب قوت يومه. تغير حظ تسلا في عام 1887، عندما حظي باهتمام في نظام تياره الكهربائي المتناوب وتلقى التمويل لشركه تسلا الكهربائية الجديدة. بحلول نهاية العام، قدم تسلا العديد من براءات الاختراع لاختراعات ناجحة قائمة على التيار المتناوب.

استحوذ نظام تسلا المتناوب في نهاية المطاف على اهتمام المهندس الأمريكي ورجل الأعمال جورج ويستنجهاوس، الذي كان يسعى إلى إيجاد حل لتزويد البلاد بطاقة بعيدة المدى. كان على قناعة أن اختراعات تسلا ستساعده في تحقيق ذلك، فاشترى في عام 1888 براءات اختراعه بمبلغ 60 ألف دولار وأسهم في شركة ويستنجهاوس.

ومع زيادة الاهتمام في نظام التيار المتناوب وضع تسلا وستنجهاوس في منافسة مباشرة مع توماس إديسون، الذي كان يعتزم بيع نظامه للدولة. سرعان ما شن إديسون حملة صحفية للذم بمنافسه في محاولة لتقويض الاهتمام بقوة التيار المتناوب. واصل تسلا عمله خلال تلك الفترة وأنجز العديد من الاختراعات، بما في ذلك “ملف تسلا”، الذي وضع الأساس للتكنولوجيات اللاسلكية المستمر استخدمها في تكنولوجيا الراديو حتى اليوم.

لسوء حظ توماس إديسون، تم اختيار شركة وستن-هاوس لتتكفل بإضاءة المعرض الكولومبي العالمي في شيكاغو عام 1893، وأجرى تسلا عروض وشروحات لنظامه هناك.

بعد عامين، وفي عام 1895، صمم تسلا ما كان من بين أول محطات توليد الطاقة الكهرومائية في الولايات المتحدة في شلالات نياجرا. والذي استخدم لتشغيل مدينة بافالو، نيويورك في العام التالي، وهو إنجاز حقق انتشار كبير في جميع أنحاء العالم.

إضافة إلى نظام التيار المتناوب، اكتشف تسلا وصمم وطور أفكارًا لعديد من الاختراعات الهامة الأخرى، معظمها حصل على براءة اختراع رسمية لكن من قبل مخترعين آخرين. منها الدينامو ومحرك الحث. كما كان رائدًا في اكتشاف تكنولوجيا الرادار، وتكنولوجيا الأشعة السينية، وجهاز التحكم عن بعد واكتشف الحقل المغناطيسي الدوار.

بعد أن أصبح هاجسه البث اللاسلكي للطاقة، بدأ نيكولا عام 1900 العمل على مشروعه الأكثر جرأة وهو: بناء نظام اتصالات لاسلكية عالمي ينتقل عبر أبراج كهربائية كبيرة لتبادل المعلومات وتوفير الكهرباء مجانًا في جميع أنحاء العالم. بتمويل من مجموعة من المستثمرين من بينهم الثري ج. ب مورجان، وفي عام 1901 بدأ تسلا العمل على المشروع بجدية وتصميم فبنى مختبر بمحطة توليد وبرج ناقل ضخم في موقع في لونج آيلاند، نيويورك، وهو ما صار يعرف باسم واردنكليف.

غير أنه عندما بدأت الشكوك بين مستثمريه حول معقولية نظام تسلا ومنافسه جولييلمو ماركوني- بدعم مالي من أندرو كارنيجي وتوماس إديسون – فإنه واصل تحقيق تقدم كبير في مجال تقنيات الراديو الخاصة به، لم يكن أمام تسلا خيار سوى التخلي عن المشروع. وقد تم تسريح الموظفين واردنكليف في عام 1906 وبحلول عام 1915 استثمر الموقع في أمر أخر. وبعد عامين أعلن تسلا إفلاسه وفكك البرج وباعه خردة ليقوم بسداد الديون المستحقة عليه.

كان نيكولا تسلا فقيرًا ووحيدًا عندما توفي بانسداد شرايين القلب عام 1943 في مدينة نيويورك وهو يناهز السادسة والثمانين، حيث عاش فيها ما يقرب من 60 عامًا.

إلا أن إرث أعماله ما يزال يعيش حتى يومنا هذا، وما زالت البشرية تدين له بالكثير.