mohammed
mohammed
أعمدة

الإفصاح والصفقات الكبرى وحقوق المساهمين

31 أكتوبر 2017
31 أكتوبر 2017

محمد بن أحمد الشيزاوي -

[email protected] -

قبل نحو 15 عامًا شهد قطاع سوق رأس المال قيام عدد من شركات المساهمة العامة بزيادة المكافآت السنوية التي تمنحها لمجالس إداراتها بشكل تدريجي حتى بلغت لدى إحدى الشركات 600 ألف ريال عماني؛ الأمر الذي دفع الهيئة العامة لسوق المال لإصدار قرار حددت بموجبه ألا تزيد المكافآت السنوية لمجالس الإدارة مع بدلات حضور اجتماعات المجلس على 200 ألف ريال عماني، وقد ساهم هذا الإجراء في الحد من استنزاف أموال المساهمين ووَضَعَ إطارا مقبولا لتنظيم المكافآت والحوافز وبدلات حضور الاجتماعات التي تدفعها الشركات سنويًا لأعضاء مجالس الإدارة، كما صدر أيضًا ميثاق تنظيم وإدارة شركات المساهمة العامة الذي نظّم كثيرًا من الجوانب المتعلقة بالشركات وواجبات الإدارات التنفيذية ومجالس الإدارة ومسؤوليات كل طرف تجاه الشركة والمساهمين.

واليوم إذ نجد بعض الشركات تقوم بعقد صفقات كبرى قد تؤثر مستقبلًا على المركز المالي للشركة فإننا نجد أنه من المناسب أن تدرس الهيئة العامة لسوق المال هذا الجانب بحيث تضع إطارًا تشريعيًا تحدد بموجبه ما هي الصفقات التي يستطيع مجلس الإدارة أو الإدارة التنفيذية إبرامها مع الغير بدون الرجوع للجمعية العمومية للشركة، وما هي الصفقات التي يجب على مجلس الإدارة أخذ موافقة المساهمين عليها قبل إبرامها، ونعتقد أن وجود هذا الإطار التشريعي أصبح ضروريًا لحماية الشركات من جهة والمحافظة على حقوق وأموال المساهمين من جهة أخرى.

صحيح أنه من غير المناسب التدخل المباشر في الشركات، إلا أننا ننظر إلى شركات المساهمة العامة على أنها أحد المكونات الرئيسية للاقتصاد الوطني خاصة الشركات الكبرى كالبنوك والاتصالات وشركات التأمين والشركات الرئيسية في قطاعي الخدمات والصناعة، وفي نظرنا أن المرحلة الحالية تتطلب دراسة التجارب السابقة لعدد من شركات المساهمة العامة التي قامت بضخ أموال كبيرة -مقارنة برؤوس أموالها- في استثمارات أو مشروعات خارجية وتكبدت على إثرها خسائر باهظة أو على الأقل لم تحقق النتائج التي يتطلع إليها المساهمون فيها.

ولعله من المناسب -ونحن نطرح هذا الموضوع- أن نتساءل: لماذا لا تقوم الشركات بتقوية كيانها الاقتصادي داخل السلطنة والتوسع في أعمالها وخدماتها التي تقدمها للجمهور، فالبنوك -على سبيل المثال- عليها أن تعمل على تحسين خدماتها داخل السلطنة قبل أن تفكر في افتتاح فروع خارجية وحتى عندما تتخذ مثل هذه الخطوة عليها أن تدرسها بعناية تامة، وشركات الاتصالات عليها أن ترفع كفاءة شبكتها وتستثمر أموالها بشكل يؤهلها لتصبح شركة عالمية وإذا فكرت في شراء حصة في شركة خارجية ينبغي ألا تكون مساهمتها كبيرة وأن تكون بفائض أموالها وليس باقتراض مبالغ كبيرة، والأمر نفسه ينطبق على شركات التأمين والشركات الصناعية والصناديق والشركات الحكومية التي تشتري حصصًا من الأسهم في شركات أخرى؛ فلماذا لا تقوم هذه الصناديق والشركات باستثمار أموالها في تأسيس شركات محلية كبرى قادرة على المنافسة عالميًا خاصة أن الوقت الحالي يتطلب زيادة عدد الشركات المحلية الكبرى التي تساهم في توفير فرص العمل أمام الباحثين عن عمل وتساهم أيضا في تحريك الاقتصاد الوطني؟. وفي هذا الإطار نجد أن قرار الحكومة “أن يكون مشروع المشغل الثالث للاتصالات المتنقلة في السلطنة عبر اختيار ائتلاف مكون من شركة محلية مملوكة للصناديق الاستثمارية بالشراكة مع شريك استراتيجي عالمي” يخدم هذا التوجه الذي يركز على تقوية الشركات المحلية، ونتطلع إلى أن تقوم الصناديق الاستثمارية قريبا بتأسيس شركة محلية /‏‏‏ عالمية قادرة على تحقيق هذا الهدف.

إن وجود تشريعات ملزمة لشركات المساهمة العامة بأخذ موافقة المساهمين قبل المضي قدما في عقد صفقات كبرى أصبح مطلبًا ضروريًا لحماية سوق رأس المال من جهة وتعظيم قيمة استثمارات المساهمين بالشركات المدرجة بسوق مسقط للأوراق المالية من جهة أخرى، كما أن الإفصاح ومشاركة المساهمين في اتخاذ القرارات الاستراتيجية الخاصة بالشركات وتطويرها وشراكاتها المحلية والخارجية خطوة مهمة لوضع أساس قوي وراسخ لهذه الشركات.