1149414
1149414
المنوعات

مؤسسات الإعلام توقع على أول ميثاق شرف أخلاقي لمهنة الصحافة بالسلطنة

30 أكتوبر 2017
30 أكتوبر 2017

المجتمع العربي وشبكات التواصل الاجتماعي تحت أضواء البحث -

«عمان»: وقعت المؤسسات الصحفية والإعلامية العاملة في السلطنة أمس على «ميثاق الشرف الإعلامي في سلطنة عمان» وهو أول ميثاق أخلاقي لمهنة الصحافة والإعلام في السلطنة يوضح الحقوق والواجبات.

ويحتوي الميثاق على ديباجة ومبادئ عامة، وحقوق وواجبات مهنية. وتوقيع ممثلي وسائل الإعلام على الميثاق يعني التزام العاملين في تلك المؤسسات بالمبادئ الأخلاقية الواردة به والموافقة عليها ضمنيا.

وتم التوقيع خلال حفل افتتاح المؤتمر العلمي الدولي الثاني لقسم الإعلام بجامعة السلطان قابوس والذي حمل عنوان «المجتمع العربي وشبكات التواصل الاجتماعي في عالم متغير». الذي رعى حفل افتتاحه معالي الدكتور عبدالمنعم بن منصور الحسني وزير الإعلام.

واعتبر وزير الإعلام في حديثه للصحفيين إن التوقيع على ميثاق الشرف «إنجاز للمهنيين العاملين في الإعلام» مؤكدا أن الميثاق «يكرس المهنية ويعزز من قيمة مهنة الصحافة والإعلام».

وردا على سؤال حول القيمة القانونية للميثاق فيما إذا مثل الصحفي أمام القضاء في مسألة تتعلق بعمله الصحفي، قال معالي الوزير: «نحن نعول على زملاء المهنة.. ومواثيق الشرف الأخلاقية لمهنة الصحافة هي مواثيق استرشادية تساعد المهنيين في المؤسسات الإعلامية، وتساعد أيضا صناع القرار في المؤسسات الإعلامية في تعاملهم مع زملائهم في المهنة ومع مصادرهم.. وهناك دائما مواثيق شرف وهناك القوانين والتشريعات وما نحتكم له الآن في المحاكم العمانية القوانين والتشريعات وليس الميثاق» مضيفا: «المواثيق مساعدة ومعززة قبل أن يتم اللجوء للتشريعات والقوانين».

وقبل توقيع الميثاق الذي صاغه أكاديميون من قسم الإعلام بجامعة السلطان قابوس قبل أن يعرض للمناقشة عبر جمعية الصحفيين العمانية قدم عوض باقوير رئيس مجلس إدارة جمعية الصحفيين كلمة مرتجلة أكد فيها أن وجود تشريعات وقوانين تنظم المهنة سواء فيما يتعلق بالإعلام التقليدي، أو بظاهرة شبكات التواصل الاجتماعي يعتبر من الأمور الحيوية التي تحفظ للمجتمعات توازنها، وتجعلها تواصل مسيرتها التنموية في عالم يتسم بالصراعات والحروب.

وأضاف أن دراسات كثيرة نشرت في العديد من المجلات المحكمة تشير إلى أن منصات التواصل الاجتماعي لا تزال ضعيفة جدا فيما يتعلق بالمصداقية ومصادر الأخبار.

وأشار باقوير إلى أن الخطوة تكمن في المصداقية وصحة الخبر من عدمه نظرا لأن المتابع يلجأ لهذه المنصات إشباعا لفضوله في الحصول على المعرفة والذي لا يمكنه انتظار المعلومة من صحيفة حتى تصدر بعد 24 ساعة. وهنا أشار رئيس مجلس إدارة جمعية الصحفيين إلى أن زمن الخبر انتهى تماما.

وأضاف: «ليس هناك مهنة فيها انفلات عام، ونحن لا نؤمن بالحرية المطلقة، بل نؤمن بالحرية المسؤولة التي تحافظ على ركائز المجتمع ونواميسه وعاداته وتقاليده، وإننا في عمان لدينا تاريخ عريق وثوابت واضحة تهدف إلى بناء هذا الوطن العزيز بقيادة جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم».

ويضيف باقوير أن الإعلام في حقيقته ليس صراعا وليس سجالا بين السلطة والمهنة، وبالعكس يجب أن يكون هناك حوار حضاري وهو الآلية الحقيقية للوصول إلى قناعات مشتركة بين الدولة والمجتمع، بالتالي جاء الميثاق ليوضح مثل هذه القضايا كيف يستطيع الصحفي العماني أن يكون متحررا من ناحية وأن يكون لديه انضباطية عندما يطرح القضايا من ناحية أخرى.

107 أوراق و24 جلسة

ويهدف المؤتمر الذي يستمر أربعة أيام وتعرض خلاله 107 أوراق عمل على مدار 24 جلسة إلى التأصيل العلمي النظري لشبكات التواصل الاجتماعي وموقعها بين وسائل الإعلام الجديدة. كما يهدف المؤتمر إلى تحليل العلاقة بين شبكات التواصل الاجتماعي باعتبارها وسيلة من وسائل الإعلام الجديد. ويبحث المؤتمر واقع استخدام المجتمع العربي لشبكات التواصل الاجتماعي وتأثيرات هذا الاستخدام على حياتهم اليومية وعلى المجتمع.

ويناقش المؤتمر أهدافه من خلال عدة محاور يأتي في مقدمتها الأبعاد الفلسفية والنظرية لشبكات التواصل الاجتماعي وعلاقة شبكات التواصل الاجتماعي بوسائل الإعلام.

وقال الدكتور عبدالله بن خميس الكندي، رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر وعضو اللجنة التحضيرية، في كلمة له خلال الحفل: يسلط المؤتمر الأضواء على هذه الشبكات باعتبارها ظاهرة كونية تتجاوز في حضورها وتأثيراتها اليوم منطلق التقانة المجرد الذي انطلقت منه، حيث تفرض هذه الشبكات نفسها كظاهرة متشعبة ومتداخلة العلاقات والتأثيرات فندرسها من المنظور التقني والاتصالي والاجتماعي والثقافي واللغوي والقانوني والتربوي والنفسي، من خلال أوراق العمل المقدمة. وأضاف الكندي أن الاستخدام الجماهيري الواسع لهذه الشبكات عالميا وعربيا مثّل علامة فارقة في تاريخ الاتصال الجماهيري، فبعد أن كانت أرقام المليون قارئ للصحيفة الواحدة، وأرقام العشرة ملايين مشاهدة للقناة التلفزيونية الواحدة تمثل أرقاما قياسية يصعب كسرها، تتحدث الإحصاءات اليوم عن أكثر من نصف سكان الكرة الأرضية مرتبطين بالشبكة العالمية للمعلومات «الإنترنت»، أي ما يقرب أربعة مليارات نسمة، منهم ما يقرب 3 مليارات مستخدم لشبكات التواصل الاجتماعي بكل أنواعها. مشيرا أنه ينبغي علينا تجاوز الصدمة من هذه الأرقام إلى التفكير في التأثيرات التي تقودها هذه الشبكات، والتغييرات التي تؤدي إليها في مشهد العملية الاتصالية والدعوة إلى إنتاج محتوى إعلامي متطور وإبداعي وتنافسي.

وقدم الدكتور بسيوني حمادة، أستاذ الاتصال الجماهيري بجامعة القاهرة وجامعة قطر الورقة الرئيسية في المؤتمر .

ووضع الباحث عدة فرضيات في بداية ورقته كان بينها أن ثقافة المجتمع العربي وقفت حائلا في مواجهة الطاقات الكامنة لشبكات التواصل الاجتماعي، وأعاقت دورها وإنْ بدرجات مختلفة من مجتمع لآخر.

وناقش الباحث تلك الفرضيات متسائلا إذا ما كان لهذه الشبكات القدرة على إعادة تشكيل بناء المجتمع العربي؟ ناقش حماده بشكل أساسي تساؤلين فرعيين: إلى أي مدى يمكن القول بأن شبكات التواصل الاجتماعي مثلت خطوة للأمام في طريق تحرر النظام الإعلامي العربي التقليدي؟ وإلى أي مدى ساهم النظام الإعلامي الجديد في مكافحة الفساد المجتمعي ومواجهة هشاشة أو فشل الدولة؟ وبالاستناد للبيانات والدراسات خلص الأستاذ الدكتور بسيوني بالنفي القاطع لكلا السؤالين، مضيفا أن النظام الإعلامي العربي التقليدي لا يزال كما هو وكأنه لم يتأثر بثورة الانترنت، وفي الوقت الذي قفزت فيه الإنترنت إلى أكثر من 57% يتجه النظام الإعلامي العربي إلى المزيد من التدهور على مستوى الحريات. علاوة على ذلك، لم تمارس شبكات التواصل الاجتماعي تأثيرا يذكر في اتجاه مقاومة الفساد المجتمعي. ويذكر أ.د. بسيوني: لم نجد علاقة ذات مغزى تشير إلى أن شبكات التواصل الاجتماعي تعمل في اتجاه قوة الدولة بالمفهوم الذي تبنته الورقة، وأضاف من جانبه إذا كان لنا أن نشهد مجتمعا عربيا أقل فسادا وأكثر استقرارا وديمقراطية، وإذا كان لنا أن نشهد نظاما إعلاميا حرا قادرا على المساهمة الفاعلة في مستقبل أفضل لابد من دعم الحق في الوصول لشبكات التواصل الاجتماعي وإطلاقها من عقالها.

صحافة المواطن وأوراق عمل أخرى

وتقدم الأستاذ الدكتور محمّد نجيب الصرايرة من كلية الإعلام بجامعة البتراء بالأردن بورقة تحليليّة نقديّة عن صحافة المواطن وفصّل في أهم المفاهيم المرتبطة بها، وذكر أن مصطلح صحافة المواطن أصبح شديد الالتصاق بالتحولات السياسيّة بالتحولات السياسيّة في الوطن العربي، وتطرّق لبداية ظهوره إبّان اغتيال الرئيس جون كنيدي، حيث إن الأحداث التي قدّمها مواطن كان قد شهد الواقعة لم تواز في دقتها الأحداث التي كانت تقدمها الصحافة آنذاك، وذكر أن مواقع التواصل الاجتماعي معنيّة بتمكين الأفراد الذين ليس لديهم أي ارتباط بالمؤسسات الإعلامية ليحصلوا على كافة صلاحياتها ليتمكّنوا من الخروج بأصناف إعلامية عدة. ويؤكّد أن الآراء حول الظاهرة متباينة جدًا لكنها لا تستطيع أن تنفيها لوقت طويل وتتجاهل موقعها بجانب المؤسسات الإعلامية المعترف بها. كما تحدّث أيضًا عن خصائصها وذكر أن أهم ما يميزها يرتبط بوجودها إذ أنها كسرت احتكار الأخبار إلى جانب أنها أحدثت تحولا في وسائل الإعلام الجماهيرية لتتحول إلى وسائل إعلام الجماهير.

وفي إطار حديثه عن مفهوم التعددية ذكر أنه قبل وسائل الإعلام الحديثة كانت التعددية تمارس بسطحية كبيرة، كما أنها واقعة في أزمة الاحتكار ويظهر هذا بتحقق عدّة اندماجات ضخمة لشركات إعلامية وتشكّل ما يسمّى بالإمبراطوريات الإعلامية.

كما قدم الدكتور عبدالله الرفاعي عميد كلية الإعلام والاتصال بجامعة الإمام محمد بن سعود ورقة عمل ناقشت موضوع استخدام الشبكات الاجتماعية في التسويق السياسي ضمن الدبلوماسية العامة ذكر فيها أننا في بدايات فهمنا للإعلام الجديد بحكم أننا أخذنا ما يقارب الستين عامًا حتّى نفهم الإعلام التقليدي جيّدًا وننظر له، ويضيف أن التوسع الرقمي وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي قد اخترق التابوهات الموجودة والمؤسسات الإعلامية التي لم تعد تعمل لوحدها في حقل الإعلام، ونتيجة لذلك فإن الدولة الآن لا تستطيع حياكة قراراتها واعتمادها بشكلها النهائي دون التدخّل المباشر للجمهور الذي استطاع في الفترة الأخيرة أن يفرض رأيه على الحكومات بجانب نشاطاته الموازية في تسليط الضوء على بعض القضايا المهمّشة، ويقول إنه يصعب التحكم بالجماهير ولذا فإنه يصعب كذلك التحكم بمواقع التواصل.

كما قدم الدكتور حسني نصر رئيس قسم الإعلام بجامعة السلطان قابوس ورقة عمل ناقشت مستقبل الثقافة العربية في عصر الرقمية وشبكات التواصل الاجتماعي.

وقال حسني نصر: إن سقوط النخب الثقافية الذي نشهده حصريًا هو نتيجة لتطور الإعلام الحديث ومواقع التواصل الاجتماعي إلى جانب تطور التكنولوجيا التي سعت إلى توسيع حجم المشاركة الجماهيرية في إنتاج محتوى الانترنت. ويضيف أنه بوصول الانترنت لأيدي المواطن العادي سقطت النخب التي تحتكر الثقافة بدءًا بالسلطة الدينية وليس انتهاءً بملاك الصحف، كما أن زيادة الفرص الكامنة في الثورة الرقمية قد ساهمت في تعاظم فرص النشر. وفي إطار تشديده على أهمية الاستخدام الثقافي للشبكة يقول: إن العرب في ظل تأزمات عديدة نتيجة للترسبات التي حدثت خلال الفترة الماضية ولكنه لا يزال يملك الفرصة لو أحسن استغلال الوضع الراهن في توسيع فرصه للإنتاج الثقافي عبر شبكة الانترنت، إذ أنه في ضوء توفر البنى التحتية الرقمية وتزايد مستخدميها من العرب بإمكان الإنتاج الثقافي العربي أن يتضاعف، وكذا إسهامهم العلمي والفكري والأدبي، في حين أن زيادة حساسية الأنظمة والحكومات العربية وفرض مزيد من القيود القانونية والاقتصادية على استخدام المنصات الرقمية فإن الإنتاج الثقافي العربي سيبقى كما هو، وهي النتيجة ذاتها التي سوف تتحقق إذا ما توقفت مشروعات دعم المحتوى العربي الحكومية في ظل تأثير الأزمة الاقتصادية، ويوصي حسني بضرورة الاستخدام الرقمي في إعادة تقديم الثقافة العربية إلى العالم باعتبارها ثقافة ذات أفق مفتوح ورؤية شاملة، ولها قابلية للتفاعل مع الثقافات الأخرى.